"المملكة القابضة" بعد الريادة في الصناعة الفندقية غربا..الوجهة اليوم شرقا
إن أفضل ترجمة لسياسة السعودية المتمثلة في "التطلع إلى الشرق" هي الأنشطة العملية الخاصة بالأمير الوليد بن طلال الذي تصدرت شركته، شركة المملكة القابضة التي تتخذ من الرياض مقراً لها قائمة أكبر 100 شركة في السنوات الأربع الماضية.
ورغم تعدد المجالات الاستثمارية لشركة المملكة القابضة لدرجة يصعب حصرها، ينصب التركيز على بضعة قطاعات من بينها قطاع الصيرفة وقطاع الإعلام. بيد أن القطاع الذي ينخرط فيه الأمير الوليد بن طلال بنشاط هو قطاع تملك الفنادق الذي يستثمر فيه بشكل مباشر عبر شركته، شركة المملكة للاستثمارات الفندقية المدرجة في بورصة دبي. وتنخرط شركة المملكة القابضة أيضاً في هذا القطاع بشكل مكثف من خلال الحصص التي تملكها في سلسلتي فنادق فورسيزونز وفيرمونت/رافيلز.
وعلى صعيد الاستثمار في الفنادق، يتسم الأمير الوليد بالحذر وبُعد النظر إذا أنه يستطيع أن يرى الوجهة التي تسير فيها السوق وأين سيكون المردود- ومن الواضح أنه يعتبر آسيا والشرق الأقصى بشكل خاص منطقة نمو. وعلى هذا الصعيد، أخبر سموه صحيفة "عرب نيوز" في وقت سابق من هذا الشهر أن العوائد التي يجنيها من آسيا "ممتازة". ولكن قبل سنتين، لم يكن للشرق الأقصى مكان في حقيبة شركة المملكة للاستثمارات الفندقية، إلا أن الوضع أصبح مختلفاً جداً في أيامنا هذه. فوفقاً للبيانات الصادرة عن الشركة، فإن ثلث استثماراتها الإجمالية موجود في الشرق الأقصى.
إن الأمير يظل في حالة ترقب وبحث دائم عن الفرص الجديدة، ويحرص دائماً على الاطلاع على الكيفية التي تدار بها الاستثمارات القائمة. فمنذ الربيع، وسموه يقوم بزيارات متتالية لبلدان منطقة الشرق الأقصى للتعرف على الفرص الاستثمارية لشركتي المملكة القابضة والمملكة للاستثمارات الفندقية، والتوقيع على عقود جديدة، وتفقد الأعمال الجديدة وتقديم التبرعات الخيرية. وفي شهري آذار (مارس) ونيسان (أبريل)، زار كلاً من إندونيسيا، وسنغافورة، وماليزيا، والفلبين، والصين بما فيها هونج كونج ومكاو. وفي نهاية أيار (مايو) قام برحلة جوية إلى كل من كمبوديا، وفيتنام، وتايوان. وفي آب (أغسطس) زار بابوا غينيا الجديدة واليابان، ومنغوليا.
يقول الأمير: "ما من شك في ذلك. آسيا منطقة مهمة نركز عليها في أعمالنا. إنها تشهد طفرة كبيرة. وأريد أن استكشف الفرص المتوافرة في جميع بلدان الشرق الأقصى تقريباً. إننا نقوم بالكثير في آسيا، سواء بصورة مباشرة (عبر شركة المملكة للاستثمارات الفندقية) أو غير مباشرة (من خلال شركة المملكة القابضة). لقد اجتمعت بزعماء تلك البلدان وبرجال الأعمال فيها ووقعنا على العديد من المشاريع. إن لدينا استثمارات ومشاريع مباشرة وغير مباشرة. لدينا 20 فندقا فورسيزونز في الشرق الأقصى، وخمسة فنادق رافيلز، وخمسة فنادق سويسرية - والأعمال في توسع".
وفيما يتعلق بالأعمال الفندقية، ينبغي أن ينظر إلى الصين باعتبارها النجمة بسبب ما تشهده من نمو. ففي الصين، وهونج كونج ومكاو، تم افتتاح ما يزيد على عشرة فنادق مملوكة بصورة مباشرة أو غير مباشرة إما لشركة المملكة للاستثمارات الفندقية أو لشركة المملكة القابضة، أو أنها تحت الإنشاء - على أن تكون جاهزة لدورة الألعاب الأولومبية التي ستقام في بكين. وهذه الفنادق هي: في بكين فندق رافيلز، وسويسوتيل، وفندق فورسيزونز، وفي شنغهاي فندقان من فنادق فورسيزونز، وواحد في مدينة هانج زهو وآخر في مدينة جوانزهو، وفندق رافيلز في تانجين، وسويسوتيل في شنغهاي ومثله في فوشان وآخر في كونشان، وفندق فورسيزونز وفندق فيرمونت/رافيلز في مكاو وفندق فورسيزونز في هونج كونج.
ولكن حضور هاتين الشركتين الكبير في أماكن أخرى في الشرق الأقصى يثير الإعجاب بالقدر نفسه. ففي كمبوديا يوجد فندقان (يقال إنهما الأفضل في البلد). وهذان الفندقان هما فندق رافيلز رويال، الذي يعتبر تحفة فنية في مدينة بنوم بين، وفندق رافلز جراند هوتيل الذي يعود لعقد الثلاثينيات من القرن الماضي ويضاهيه في البذخ عند معبد انكور وات الشهير. وفي تايوان، يوجد فندق جراند فرموزا التابع لسلسلة فنادق فورسيزونز في تايبيه. وفي تايلاند، يوجد منتجع كارون بيتش في فوكيت، وكان قد تم شراء هذا الفندق في عام 2006 وجرى تحويل علامته التجارية إلى منتجع موفنبيك، بينما توجد فنادق فورسيزونز في كل من بانكوك، وتشيانج ماي، وكوه سومي، والمكتب الذهبي، إضافة إلى فندقي سويسوتيل في العاصمة. وفي سنغافورة يوجد فندق رافيلز الأصلي بالطبع علاوة على فندق رافيلز بلازا، وفندقان من فنادق فورسيزونز وفندقان من فنادق سويسوتيل. وهناك اثنان من فنادق فورسيزونز في جزيرة بالي، وفندق في جاكرتا واثنان في طوكيو التي يوجد فيها أيضاً فندق سويسوتيل.وفي ماليزيا، يوجد ثلاثة فنادق من بينها فندق فورسيزونز في كوالالمبور.
وتشكل هذه الفنادق استثماراً هائلاً من جانب شركتي المملكة القابضة والمملكة للاستثمارات الفندقية.
وقد تم شراء عدد كبير من هذه الفنادق هذا العام. فقد اشترت مجموعة فورسيزونز فندق تايوان جراند في بداية الربيع. وتم شراء تريدرز هوتيل كونشان الذي يعتبر فندق الخمس نجوم الوحيد في مدينة كونشان، وقد اشترته شركة المملكة للاستثمارات الفندقية بعد شراء الفندق السابق بقليل مقابل 600 مليون دولار وتم تغيير علامته التجارية إلى سويسوتيل. وخلال زيارة الأمير الوليد لماليزيا في الربيع، وقع صفقة بقيمة 114 مليون دولار استحوذت بموجبها شركة المملكة للاستثمارات الفندقية على فندق فورسيزونز في مدينة لانجكاوي الذي اعتبر أخيرا أفضل منتجع في العالم. وهناك خطة لإنفاق 35 مليون دولار أخرى لتوسعة هذا المنتجع عبر إضافة عدد آخر من الفلل والأجنحة الفارهة.
أما منتجات رافيلز فهي قيد الانشاء في دانانج في فيتنام (وسيتم افتتاحه في عام 2010)، وفي فانج نا بالقرب من فوكيت في تايلاند (2009)، وفي جزر المالديف (2008)، وفي جزيرة بالي (2009)، وفي مانيلا (2011). ويعتبر هذا الأخير "مشروعاً ضخماً" كما يقول سموه بحماس "فندقان ومساكن في قلب الحي التجاري".
وهناك مشاريع أخرى في الطريق. إذ كشف الأمير: "إننا نريد إقامة مزيد من الفنادق في الصين. لقد ذهبنا إلى الشرق الأقصى للاطلاع على جميع الفرص المتوافرة، وليس الفنادق وحدها. نعم بالتأكيد سنستثمر في فيتنام. سيكون لدينا فندقان هناك. ولم يتقرر بعد ما إذا كانا سيكونان من سلسلة فيرمونت أو سويسوتيل، ولكنهما لن يكونا من فنادق فورسيزونز". وواصل الأمير حديثه قائلاً: "يجري التفاوض حالياً على إقامة فندق كبير آخر في تايلند". وبالنسبة للهند "إننا ندرس العديد من الفرص فيها وفي باكستان - في مجال الفنادق والبنية التحتية". يُشار إلى أنه تم افتتاح فندق فورسيزونز أخيراً في حي وورلي التجاري في مدينة مومبي. وهناك خطط أيضاً لإنشاء فندق في جووا.
ولا يقتصر الشرق الأوسط على المجال الفندقي بالنسبة للأمير الوليد. إذ يقول: "لدينا مدينة ديزني في طوكيو، وأخرى في هونج كونج". ومن الأشياء التي هدفت إليها رحلاته إلى الشرق الأقصى الاطلاع على سير أمور استثمار شركة المملكة القابضة في سيتي جروب في المنطقة، خاصة في الصين، حيث إن الأمير الوليد أكبر مستثمر فرد في هذه المجموعة المصرفية. "لدينا كذلك بنك سيتي جروب الذي توجد له فروع في سائر بلدان الشرق الأقصى. ففي الصين لديه موجودات قيمتها نحو ثمانية مليارات دولار، وأربعة آلاف موظف. وقد اشترى البنك حصصاً في بنكي بودونج وجودونج هناك. وهذا يعني أن له وجوداً كبيراً هناك".
إن فرص الصيرفة المتاحة في الصين تكتسب أهمية لدى سمو الأمير. ففي وقت سابق من هذا العام، كان سموه ومجموعة من رجال الأعمال السعوديين يأملون في الحصول على حصة بملياري دولار في البنك. ولكنهم حصلوا على حصة أقل بكثير. "لقد حصلنا على حصة قيمتها 380 مليون دولار". ولدى سؤاله عما إذا كان يخطط أن يحاول ثانية أن يستثمر في بنوك أخرى في الشرق الأقصى، كان الجواب"ولِمَ لا؟"، موضحاً أن "ذلك سيتم بصورة مباشرة وغير مباشرة ولكن "سيتي جروب" موجود في جميع بلدان الشرق الأقصى".
ولكن ماذا عن استثمارات سموه في قطاعي الإعلام والاتصالات في الشرق الأقصى؟ إنها تعتبر إلى جانب الفنادق والبنوك عموداً آخر من عمليات شركة المملكة القابضة. "نعم" يقول الأمير. سنستثمر في هذين القطاعين. ولكن مرة أخرى، بشكل غير مباشر. فكما تعلم، لدينا تحالف مع شركة روبرت مردوخ الإخبارية. ولدينا معاً شبكة ستار (لمحطات التلفزة الفضائية). وهي توجه برامجها للهند والصين ولبلدان في الشرق الأقصى. إذن نعم سنستثمر، ولكن بشكل غير مباشر لأن تكلفة الاستثمار فيها وحدنا باهظة".
يستدل من هذه الإجابة أنه حتى بالنسبة لواحد من أغنى أغنياء العالم، فإن الاستثمار يتطلب توافر الأموال اللازمة والعثور على الفرص المناسبة. وفي وقت سابق من هذا الشهر، ذكرت شركة المملكة للاستثمارات الفندقية أنها ستقوم بجمع 500 مليون دولار من أموال المشاريع للمساعدة على سداد الديون وتحرير الأموال النقدية من أجل الاستحواذات. وقبل أسبوعين، وبعد أيام من إعلانها عن بيع فندق فورسيزونز الذي يضم 219 غرفة في لندن بمبلغ 550 مليون ريال، أعلنت شركة المملكة القابضة عن بيع سويسوتيل في سيدني بمبلغ 281 مليون ريال (75 مليون دولار). ولكن رغم ما يقال من أن سلسلة فورسيزونز هي أكبر سلسلة فندقية في العالم، فإن عمل الأمير ليس الفنادق. إن عمله هو العمل. فالبيع في أهمية الشراء ومعرفة الوقت المناسب للبيع هي بقدر مهارة معرفة متى تشتري. وبينما يبيع سموه ويشتري الفنادق والمنتجعات المشيدة حديثاً في الصين أو في أماكن أخرى في العالم، فليس من الصعب مع ذلك أن تراه يترك فندقاً أيقونياً كفندق الرافيلز الأصلي في سنغافورة أو فندق رويال في بنوم بين، أكثر مما يتخلى عن فندق سافوي في لندن أو نيويورك بلازا. إن امتلاك أفضل الفنادق في العالم هو من الأشياء التي يعشقها الامير الوليد. وسيكون مفاجئاً حقاً إذا لم تظهر فنادق مشهورة أخرى في حقيبته في السنوات القليلة الماضية.