الغياب عن العمل.. للوظيفة وجه مادي وآخر أخلاقي

الغياب عن العمل.. للوظيفة وجه مادي وآخر أخلاقي

يتأثر انتظام الموظف في الحضور إلى العمل بعدد من العوامل الذاتية والعوامل الموضوعية، وتشمل العوامل الذاتية عدداً من الجوانب مثل مستوى تأهيله ودوافعه واتجاهاته ورضاه عن العمل ومستوى وعيه وسماته الشخصية إلى جانب أوضاعه الصحية والاجتماعية والأسرية والاقتصادية. أما العوامل الموضوعية فهي المتعلقة ببيئة العمل النفسية والمادية ونمط القيادة ونظام الأجور والحوافز وغيرها من الجوانب التنظيمية.
وتعد ظاهرة الغياب عن العمل دون عذر أو دون إذن مسبق في اليوم السابق، أو الذي يلي الإجازات من الظواهر السلبية التي نلحظها في المنشآت النسائية والرجالية على حد سواء، وهدفها رغبة الموظف في إطالة مدة الإجازة واستثمارها في الحصول على قسط من الراحة أو السفر، أو زيارة الأهل والأقارب، وإقامة المناسبات العائلية والاجتماعية الخاصة. وأرى أن هذه السلوكيات اللامسؤولة هي نتيجة لوجود بعض المفاهيم الخاطئة في أذهان من يتغيبون عن العمل في مثل هذه الأوقات. فالغياب بالنسبة لهم هو أمر شخصي مشروع لن يضر الآخرين في العمل أو يعطل العمل، وإن المتضرر الوحيد من الغياب هو الموظف نفسه الذي تحسم عليه أيام الغياب من راتبه الشهري.
ما يحتاج أن يدركه هؤلاء الموظفون هو أن الغياب عن العمل الذي يسبق أو يلي الإجازات موضوع شخصي، ولكن هناك عدد من الآثار والأضرار الناجمة عنه، والتي تقع على المنظمة، وعلى الزملاء المواظبين على الحضور ومنها: تعطل عمل الموظف وما يتطلبه ذلك من قيام الإدارة بالبحث عن البديل المناسب الذي تسند إليه مهام الموظف الغائب. وتكليف المنظمة خسائر مادية خصوصا بسبب نقص جودة الخدمة والإنتاج لنقص خبرة الموظف البديل بطبيعة عمل الموظف الغائب. وتدني مستوى جودة خدمة العملاء، ما يؤدي إلى تسربهم إلى منظمات منافسة، ومعاناة الزملاء من ضغط العمل بسبب قيامهم بسد العجز في العمل، فضلاً عما يصاحب ذلك من شعورهم بالإحباط، وانتقال عدوى الغياب إلى الزملاء المواظبين على الحضور ورغبتهم في تقليد الزميل الغائب.
كما تحتاج هذه الفئة إلى أن تعدل من مفهومها للوظيفة، وأن تتقبل المفهوم الصحيح للوظيفة، كونها عملة لها وجهان: وجه مادي ووجه أخلاقي، فهي من جهة فرصة للعمل والكسب المادي واكتساب الخبرات وتكوين العلاقات مع الآخرين، ومن جهة أخرى انتظام ومسؤولية وأمانة والتزام وإخلاص وتفان. وفي ذلك يقول الحق، سبحانه وتعالي، في سورة النحل آيه (97) " (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).
وعلى الرغم من أن العديد من المنشآت العامة والخاصة وضعت أنظمة وسياسات للتعامل مع مثل هذا النوع من الغياب، لكن الظاهرة شائعة وتتكرر باستمرار من عام لآخر. لذلك وتطبيقاً لمبدأ الوقاية خير من العلاج، اقترح على القيادات الإدارية الاستعداد للظاهرة قبل بدء الإجازات بوقت قصير بعقد جلسات مناقشة وحوار مع جميع الموظفين لتوجيههم لأهمية الانتظام والالتزام بالعمل من منظور ديني وإداري، وتوضيح الآثار السلبية الناجمة على المنظمة والزملاء بسبب الغياب قبل الإجازة وبعدها. ما قد يفيد في الحد من تغيبهم ولو بنسبة ضئيلة.
[email protected]

الأكثر قراءة