مراهقون "ملاقيف".. هل يصلح "الآباء" ما أفسده أبناؤهم؟
المشاهدة: مراهقان يقومان بالتحرش بأحد العمال، يهوشون عليه بعصا يمسكها أحدهما، يدور حديث لا يصل إلى مشاهد المقطع ولكنه يعرفه من خلال حركات الوجه، في بادئ الأمر يتمالك العامل نفسه لكن مع إصرار المراهقين على التهويش بالعصا والتحدث بطريقة متهكمة من خلال نظراتهما إلى بعضهما والضحك، العامل يوجه صفعة إلى أحدهما فيقع، ويتجه إلى الآخر الذي يمسك بالعصا فيهرب، يلحق به العامل على طريقة "ماسكك ماسكك"، يقع الشاب في زاوية ضيقة، ليكيل الأخ "العامل" الركل لظهره ومؤخرته وهو لا يفعل شيئا سوى وضع رأسه بين يديه في وضعية الاستسلام!
التعليق: الفعل ورد الفعل سيئان لا محالة، إلا أن رد الفعل لا يمكن أن يلام في هذه الحالة، فمن حقه الدفاع عن نفسه بالطريقة التي يراها مناسبة! التعليق يجب أن يكون على الفعل، والفعل هنا يدخل ضمن "قلة التربية" إن جاز لنا التعبير، وهو ما ينتج عن ممارسات تربوية خاطئة، ويتحول الأمر إلى ظاهرة لم يكن سببها صغارنا أو مراهقونا أبدا، إذ إن احترام الآخر يبدأ من المنزل، ولعل الجميع يعلمون أن نسبة كبيرة من المراهقين تدفعهم قلة الوعي إلى "التحرش" بالآخرين بقصد التسلية، وكأن هذا الآخر مجرد من الآدمية وحق الدفاع عن النفس! ما هو السبب الحقيقي لهذا الأمر، وما هو دور المجتمع في علاج هذه الظاهرة؟ ومن هو المسؤول؟ كل هذه التساؤلات ستناقشها "الاقتصادية" مع عدد من المختصين من خلال هذه الصفحة.
اسم الملف : اثنين راحو فيها
الصيغة : Video/3gpp
الدقة : 176 X 144
المدة : 56 ثانية
السرعة 152 كيلوبت/ ثانية
الحجم 100 ك.ب
<a href="http://ittionline.com/eqt/4134234456563.3gp" target="_blank"> لتحميل المقطع</a>
سبب سوء معاملة الآخر
الدكتور وليد الزهراني إخصائي نفسي أكد أن السبب الرئيسي الذي يدفع الشباب إلى إساءة معاملة الأجنبي وخاصة ذا الطبقة الفقيرة منهم هو سوء التنشئة الاجتماعية، والتي يكون مصدرها الرئيس الأسرة، فالأسرة تقوم بتربية الطفل ولا تنبهه إلى أنه لا يجب أن ينظر إلى الآخر بنظرة قاصرة، بسبب شكله أو مهنته، مشيرا إلى وجود مصطلحات سيئة كثيرة يتربى عليها الطفل وتترسخ في ذهنه وتنمو معه مستقبلا، فتظهر جلية في تصرفاته مع الآخرين بشكل سلبي, وشدد الزهراني على ضرورة إصلاح أساسات الأسرة فهي البيئة الأولى التي يتعلم منها الطفل المبادئ الأساسية في الحياة.
وذكر الدكتور الزهراني قصة يرويها له أحد الآباء يشكو من سوء تعامل أحد أبنائه مع العمالة الذين يعملون في منزله فهو يستقدم السائق من بلده فيعمل لديه فترة بسيطة ثم يطلب العودة بسبب سوء المعاملة التي يلقاها من هذا الابن، وطلب الأب أن أجلس مع ولده وأدرس حالته النفسية وأعالجها من هذه التصرفات السيئة مع العمالة، وعند لقائي الابن وتحليل شخصيته اكتشفت أن هذه التصرفات السيئة التي تعوّد أن يمارسها الابن مع الأجانب ناتجة من سوء في التربية، فهو تعود منذ صغره على أن الأجانب سواء شغالات (عاملات منزليات) أو سائقين لا يتم التعامل معهم إلا بالقوة وأسلوب الاستعباد, كما أوضح الدكتور الزهراني أن سوء التعامل لدى مثل هذا الابن ناتج عن سوء التربية والتوجيهات التي يحصل عليها من أسرته.
المراهقة غير المسؤولة
بين الدكتور الزهراني أن الشاب يتنقل في حياته بين عدد من المراحل، ومن أهمها وأكثرها خطورة ما تسمى في علم النفس "مرحلة المراهقة غير المسؤولة"، فتجد من يمر بها أخلاقياتهم منافية للمجتمع ومضادة له وخير مثال مقطع البلوتوث هذا الذي نناقش قضيته، فتجد الشباب ما زالوا يعيشون أجواء المراهقة غير المسؤولة، فهم لا يهتمون أو غير مدركين ولا مبالين بمسؤولية تصرفاتهم هذه تجاه العامل الأجنبي، ومن الواضح من تصرفاتهم أن لديهم نقصا وفراغا داخليا يحاولون تعويضه بهذه الطريقة، وكذلك تجد لديهم دافعا لحب التقليد، فالبلوتوث من أسهل الطرق لترويج مثل هذه التصرفات غير المسؤولة، ولا توجد عليهم أي رقابة فهم يستغلون مثل هذه الطرق للتعبير عن أنفسهم بهدف السعي في الأساس إلى صنع شيء لافت وإكساب أنفسهم الشهرة من خلال هذه الوسيلة، فتشعر أنت من خلال مشاهدتك مثل هذه المقاطع أنها خلاصة مراهقة غير مسؤولة وكذلك كما ذكرت سابقاً أن من أهم الدوافع وراء تصوير مثل هذه السلوكيات ونشرها من خلال مقاطع هو دافع حب التقليد والإثارة فهم يستغلون هذه الطريقة كما ذكرت للتسلية والتنفيس عما بداخلهم, وأشار الدكتور الزهراني إلى أن كل هذا سببه عدم الوعي عند الشباب وعدم الإدراك وانعدام الأخلاق والمبادئ عند المراهق وهذا نتيجة عن عدم التوعية الأسرية الصحيحة من البداية.
المجتمع و"نظرة الطبقية"
بين الدكتور الزهراني أن النظرة العظمى لمجتمعنا للأسف نظرة سلبية من ناحية التعامل، فالعامل الأجنبي الفقير ينظر إليه كونه خادما وهذه تسمى "نظرة الطبقية" فنحن ندفع إليه أجرا ونصرف عليه وعلينا أن نتحكم فيه كيفما نشاء دون مراعاة لحقه كإنسان لذلك أصف هذه النظرة بأنها نظرة نقص ونظرة سيطرة وقوة مما يؤثر سلباً في نفسية العامل الأجنبي المسكين بإحساسه بالنقص وكونه إنسانا منبوذا وغير مرغوب فيه, ورجح الدكتور الزهراني أن سبب سوء التعامل عند كثير من فئات المجتمع يعود إلى عدم الإحساس بقيمة النعمة التي نحن نعيش فيها فعلى هذه الفئات من المجتمع أن تحمد الله على النعمة وأن يضعوا أنفسهم مكان هؤلاء المساكين فماذا سيصنعون إذا عوملوا بهذه الطريقة فلابد من التفكير والتصرف بحكمة وتحسين المعاملة مع هذه العمالة التي يستقدمونها لمساعدتهم لا للإساءة إليهم.
دور التربية والتهذيب
أكد الدكتور الزهراني أن للتربية دورا كبيرا جداً في تنشئة الطفل منذ صغره على كيفية احترام الآخرين وحبهم وطريقة التعامل بكل أدب مع الأشخاص سواء أجانب أو غيرهم وذلك من خلال زرع حسن الخلق في نفوس أجيال المستقبل والذي وصّانا به الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعلينا أن نعلمهم ونربيهم على أنه ليس هنالك فرق بين الناس لا من ناحية اللون أو الطبقة أو الجنس فكلهم سواسية في ديننا, وشدد الدكتور الزهراني على أهمية المدرسة ودورها التربوي في تنشئة الطفل فلماذا لا يتم وضع مواد خاصة تهتم بتدريس حسن الأخلاق؟ وخاصةً في المراحل الأولى من تعليم الطفل.
نظرة الأجنبي للشباب
أفاد الدكتور الزهراني أن النظرة التي يخلقها الشباب من خلال التصرفات السيئة التي يتعاملون بها مع الأجنبي هي نظرة "الاستحقار الفكري" أي أن الأجنبي سيحقر هذه التصرفات التي يقوم بها المراهقون تجاههم فهم يرون أنفسهم قدموا من بيئة فيها احترام الإنسان شيء أساسي ومهم لديهم فعندما يأتون إلى هنا ويواجهون تصرفات سيئة من قبل مثل هؤلاء الشباب سينطبع في ذهنهم أن هذا المجتمع لا يحترم الآخرين وينقلون بذلك صورة سيئة عن مجتمعنا إلى بلادهم عند عودتهم.
عامل باكستاني يبكي
وختم الدكتور وليد حديثه بقصة إحدى الحالات المؤثرة التي مرت عليه وهو رجل من جنسية باكستانية مر بحالة نفسية سيئة جدا أوصلته إلى الاكتئاب لدرجة أنه يجلس ساعات طويلة في غرفته يبكي وعند جلوسه معه عرف أن سبب اكتئابه النفسي والحالة التي وصل إليها بسبب سوء المعاملة من قبل كفيله والأسرة التي يعمل لديها، فالأطفال في عمر التاسعة والعاشرة يتعاملون معه كأنه حيوان ويتلفظون عليه بألفاظ سيئة، ووصل بهم سوء المعاملة إلى ضربه وإهانته مما ولّد لديه الرغبة في الانتقام من الأولاد والعائلة ككل لكن وازعه الديني كونه مسلما يمنعه من ذلك فكل ما يريده هو السفر والعودة إلى بلاده.