مراهقون.. بين حياة الرغبة ورغبة الموت!
مراهقون.. بين حياة الرغبة ورغبة الموت!
المشاهدة: شاب يقفز فرحا ويصفق لإحدى السيارات التي يطوح بها صاحبها يمينا ويسارا، ما يوحي بسعادة هذا الشاب من المنظر وقائد السيارة، يرفع يده، يصفق، يصرخ بأعلى صوته "ياهوووووووووو"، تقترب السيارة منه شيئا فشيئا بسرعتها وحركاتها نفسيهما، وهو يبادلها الاقتراب بشكل أسرع، ثم يحاول القفز على جانب السيارة بشكل متهور، ليقع على الأرض بشكل مؤذ، بعد دحرجة هوائية عنيفة وعشوائية، ينتهي المقطع، والمشاهدون يتساءلون: هل مات؟
التعليق: من اسم المقطع نستطيع فهم نظرة المجتمع لهذا المراهق، فقد وصموه بـ "الغبي"، رغم أن أغلبهم يتناقل المقطع على سبيل الضحك! شاب متهور قد يكون دفع حياته ثمنا لمغامرة لا تمت للمتعة بصلة، وحتى لو كانت كذلك فالأجدر أن نتساءل عن ثمن المتعة!
هذا المشهد يدفعنا إلى التساؤل: أين يذهب المراهقون في مجتمعنا بأفكارهم؟ هذه المرحلة الخطيرة هل جهزنا لها جيدا من خلال عملنا التربوي في المنزل والمدرسة؟ طاقاته الهائلة التي لا يخاف من الموت إلى أين توجه؟ أسئلة كثيرة نطرحها، هي من الأهمية بمكان، لأنهم ثروة بشرية لا يمكن الاستهانة بما يمكن أن تقدم لنا خلال مشوارنا كمجتمع يسعى إلى التطور والارتقاء، هل يمكن أن يهدم ذلك نزوة شيطانية بطلها الفراغ والمتعة فقط؟
اسم الملف أكبر غبي
الصيغة Video/3gpp
الدقة 170 X 140
المدة 18 ثانية
السرعة 60 كيلوبت/ ثانية
الحجم 311 ك.ب
لتحميل المقطع أو مشاهدته من مكتبة فيديو "الاقتصادية" www.aleqt.com
الأسرة هي المتهمة
شدد الدكتور وليد الزهراني إخصائي نفسي على أن هناك ضعفا كبيرا في الرقابة الأسرية على المراهقين فالمراهق يحاول أن يحاكي العاب البلاستيشن، والأفلام، ومقاطع البلوتوث حيث يتبرمج بداخله أن من يقوم بفعل هذه الأشياء الخارقة والعنيفة في غالبها هم أبطال وعليه أن يصبح مثلهم, فغياب الأسرة وابتعادها عن المراهق يقوده ذلك تلقائياً إلى التعبير عن الطاقة المكبوتة داخل الشاب بالطريقة التي تعلمها من الأفلام سواء بلوتوثيا أو سينمائيا والألعاب الإلكترونية، ولذلك يرى أنه من خلال محاكاته لها إفراغ للشحنات والطاقة المكبوتة بداخله، فهو بفعل ما يتأثر به وما يراه غير مبال بعواقبه أو ما ينتج عنه فهو يريد أن يفرغ ما بداخله بأي طريقه حتى لو كان على حساب حياته.
إخصائي نفسي للمدارس
وأكد الدكتور الزهراني، أنه لابد من وجود إخصائيين نفسيين في المدارس فلمعلم أو المرشد الطلابي غير متخصص في المجال النفسي فهو لا يعرف كيف يحل المشكلات النفسية للطلاب فالشاب يجد في المدرسة متنفساً واسعاً بعيداً عن رقابة البيت والأسرة له فيجد من أقرانه الكثير فربما يصاحب أصدقاء السوء، فهنا يكون المحك للانحدار إلى الهاوية وحياة مشبوهة. كم من شباب ضاعوا وهدمت أخلاقهم الحميدة عندما تعرفوا على أصدقاء السوء، وكانت المدرسة هي إحدى الطرق التي جمعتهم ببعض فغياب الحس التربوي في المدارس والاهتمام فقط بالتعليم دون التربية يقود الشاب المراهق إلى متاهات وطرق تؤدي إلى الانحراف مع أقران السوء، فكم سمعنا عن هروب الطلاب من المدارس وتجاههم إلى أعمال مخلة كالتفحيط، وإزعاج المواطنين، وارتكاب العديد من الحماقات غير الأخلاقية لذلك أدعو إلى وجوب الاهتمام بالشاب وتقوية العلاقة بين المدرسة والبيت وجعل المراهق يحس بالأمان من ناحية المدرسين وتفهم احتياجاته بخلاف ما يفعله بعض المعلمين من توبيخ واستحقار وطرد لبعض المراهقين حين يخطئون فلا ينبغي علينا أن نواجه الإساءة بالإساءة .
المجتمع والتوعية
وأضاف الدكتور الزهراني أن مجتمعاتنا من أحياء وقرى تحتاج إلى توعيه بكيفية العناية ومعايشة المراهقين فهم يمثلون مستقبل المجتمع فإهمالهم ينعكس سلباً على المجتمع ويحول دون تطوره ونجاحه وكذلك المساجد لها دور كبير فلماذا لا تخصص محاضرات نفسيه توعويه في كل المجالات؟ فلا نقتصر المساجد فقط على تعليم الدين فهنالك جوانب في حياتنا يجب أن نناقشها، وهذه المجتمعات يجب أن يخصص فيها المكان والوقت لطرحها ومناقشتها فشبابنا بالفعل يحتاج إلى من ينصت إليهم ويتفهم احتياجاتهم من قبل مجتمعهم.
مراهق ينتقم من عائلته
وختم الدكتور الزهراني كلامه بقصة أحد المرضى الذين يراجعونه في العيادة، شاب عشريني أصيب بحالة غضب داخلي واكتئاب هدفه الأول الانتقام من أسرته. عاش حياته منذ أن كان طفلاً بعيدا عن والديه هارباً من المشكلات اليومية بين الأب والأم مختبئاً من ضربات والده الموجهة إليه كل يوم خوف وهم وقلق واكتئاب فغضب داخلي خلاصة ما خرج به الشاب من حياته مع أسرته. انتقل إلى المدرسة فأصبح يقضي أغلب وقته مع أصدقائه في المدرسة بعيدا عن جحيم البيت اختلط بأصدقاء السوء فأشعره في البداية بالأمان فتحوا له صدورهم، أنس بهم فلقد وجد من يتفهمه ويشكي إليه، من هنا بدء استغلال الشاب من قبل أصدقاء السوء فطالما ظلوا يتربصون بمثل هذه الضحية, دخل إلى عالم المخدرات بصحبتهم فأصبح يتعاطاها إلى حد الإدمان، وتطورت الحالة إلى الأسوأ فاستغل الشاب جنسياً وهو لا يزال في 15 من العمر، وظل على هذه الحال أكثر من عامين إلى أن جاء من يمسك بيده لكن بعد متى؟ أصدقاء صالحون متدينين تعرف عليهم أعجب بحياتهم في البداية ففتحوا له صدورهم، وبدأ يصحو مما هو فيه من ضياع، لم يستوعب ما يحدث من حوله، فصدم مذهولاً حينما عرف أنه مستغل جنسياً فعيون أصدقاء السوء تلاحقه وتهدده بالصور ومقاطع البلوتوث إن تخلى عنهم أو فكر بتركهم حاول بعد ذلك الانتحار أكثر من مرة بقطع شرايين يديه فلما علم أقرباؤه بسوء حالته قرر أحد أقربائه أن يحضره إلى العيادة النفسية، والحمد لله إلى الآن قطع من مرحلة العلاج 30 في المائة والحالة في تحسن مستمر.
الأرواح.. إلى أين؟
ومن جهته, ذكر البروفيسور سعود الضحيان أستاذ علم الاجتماع في جامعة الملك سعود, أن ما يقوم به المراهق من أعمال قد تصل إلى حد المخاطرة بالأرواح يعد نوعا من إبراز المهارات لديهم، وأوضح البروفيسور أن الشاب بإبراز مثل هذه المهارات لا يقيس المخاطرة التي تنتج عنها لأنه في بداية حياته لا يتحمل أي مسؤولية أو يتعود على تحملها كشرائه للسيارة فتعد حياة المراهق مثل دخوله عالم التفحيط والتجمهر حول المفحط والقيام بأعمال جنونيه نوع من إبراز المهارة لدى الشاب فهو في بداية الأمر غير مبالٍ بعواقبه التي قد تنجم عنه.
المجتمع مهمل!
ومن وجهة نظر البروفيسور الضحيان أن المجتمع أهمل، إما أن يكون قد تناسى فئة الشباب واتجه إلى أمور أخرى، فهنا ينبغي على المجتمع أن يهتم بهم ويكثف من وجود الأندية الاجتماعية الرياضية وكذلك فتح مضامير لسباق السيارات، فما المانع من أن ينظم له ميادين خاصة فيعمل للشباب حلقات للسباق فبالتالي نستطيع أن نمتص ما لدى الشباب من طاقات كبيرة قد يضيعونها دونما فائدة فيجب على المجتمع أن يوظفها بالطريقة الصحيحة خلاف ما يفعلونه اليوم من مغامرات قد تؤدي ربما إلى ضياع وإزهاق للأرواح، وإهدار للطاقات القوية التي يمتلكها الشباب دون أية مبالاة من الجهات المسؤولة.
الرقابة الأسرية
أكد البروفيسور أن للأسرة دورا وتأثيرا كبيرا على الشاب منذ نعومة أظافره فضعف الرقابة الأسرية وانشغال الأسرة والفراغ النفسي الذي يولده ابتعاد الأسرة عن الشاب، جعلت باب الحرية مفتوحا على مصراعيه للمراهق فبالتالي يستغل المراهق من قبل أصدقاء السوء في أمور كثيرة لا يعلم مدى عقباها إلا الله سبحانه.
أوضح البروفسور أن نظرة المجتمع إلى ممارسة الشباب المراهقين هي في الغالب نظرة سلبية لكن لا ينبغي على المجتمع فقط أن ينظر إليها نظرة سلبية فقط فهو بهذه الطريقة يزيد من "الطين بلة" فكوني أنظر إلى المشكلة بمنظار واحد لا يجوز فينبغي على المجتمع أن يتعامل مع المشكلة بطريقة جيده، ويحاول أن يمتص هذا الطاقات الشابة وينميها ويوجهها إلى فائدة الفرد والمجتمع عندها أعتقد أنه سيكون هنالك قبول بل على العكس سيكون هنالك تجاوب.
الحلول
أفاد البروفيسور أنه ينبغي للشاب أن يجد له ولطاقته متنفساً، وذلك من خلال الأندية الاجتماعية والرياضية وأندية السباق كما أوضحت سابقا، وتعلم المهارات، وغيرها فالشاب لدينا للأسف في الغالب يفرغ الطاقات المكبوتة لديه، إما في ممارسة تؤدي إلى الهلاك أو للخروج إلى المقاهي التي تقتلهم كالسيارات لكن ببطء، لا يوجد أحد يوجههم في الأساس، كما ينبغي على المدارس أن تنتبه إلى تنمية المهارات، فالمدرسة تعد المؤثر الأكبر ولها تأثير كبير في الشاب منذ طفولته.