المزاحمية..عشق متنزهي العاصمة ومحطة أولى للحجاج والمعتمرين
مقدمة
بلدة المزاحمية الصغيرة بكل ما تحتويه من طراز عمراني قديم، أضحت المحطة الأساس لوقوف مراكب وقافلات المسافرين للحج والعمرة، وكذلك قاصدي المنطقة الغربية، إذ تعد الوجهة الأولى للمسافرين من شرق المملكة ودول الخليج إلى المشاعر المقدسة انطلاقا من العاصمة الرياض.
وبجانب مركزها الجغرافي كبداية نقطة العبور لقاصدي المشاعر المقدسة، فهي تعد المتنفس الأول لأهالي العاصمة، لقضاء إجازاتهم القصيرة، لتميزها بالهدوء، والبعد عن صخب المدينة، فضلا عن أجوائها التي جعلت منها منتزها ترفيهيا فائق الروعة.
تقع محافظة المزاحمية غربي الرياض، وتبعد 45 كيلو مترا من منطقة قصر الحكم و15 كيلو مترا عن آخر مخطط معتمد في العاصمة، حيث لم يعد يفصل بينها وبين الرياض سوى جبال طويق من الشرق، وهي عبارة عن سهل يعرف في السابق بوادي ثمامة، في جنوب وادي "قرقري" الممتد من جبل طويق شرقا حتى نفود قنيفذه "الوركة" غربا ومن الجنوب وادي الحا وجبال الصقورية حتى رغبة شمالا، وتسمى المنطقة الحمادة أو البطين ومن بلدانها المزاحمية. وورد ذكر هذا الوادي في العديد من أشعار العرب.
في حين تعتبر حجلة مورد ماء قديم يقع على يمين النازل من طريق القدية باتجاه الغرب، وتحتل المزاحمية جنوب وادي "قرقري"، غير أنها تمتد غربا إلى تبراك، وتحدها محافظة القويعية من جهة الغرب، ومن الجنوب محافظتا الحوطة والحريق، وشمالا الضلع الشمالي ومحافظة ضرماء، وشرقا جبال طويق ويمتد جنوبا إلى شرق وادي نساح وهو حدودها مع محافظة الخرج.
ويعد نفود "قنيفذه" من التضاريس المميزة في المزاحمية، ولرمال هذا النفود نضرة أخاذة وسحر جميل لا يحس به إلا من سار في دروبه، وبين جوانبه حيث يمتد جزء من هذه الرمال إلى الجنوب والجنوب الشرقي، ويحيط بروضة الخرارة، وروضة المحلية، وتحتضن رمال قنيفذة المشهورة بعذوبة مياهها التي تفوقت على المياه المحلاة، العديد من المزارع الكبيرة والمنتجة.
كما يتوسط المزاحمية جبال المعانيق، وسميت بهذا الاسم لمعانقتها السماء، ولكونها علامة مميزة يستدل بها، وكذلك الجبال الشامخة مثل جبال "الصقورية" التي تطل على روضة المحلية شمالا، وعلى محافظة المزاحمية جنوبا، والمساحات الشاسعة من الأراضي المنبسطة الصالحة للزراعة.
وتعتبر المزاحمية البوابة الغربية للعاصمة، مما أسهم في نموها السريع في ظل الدعم الحكومي، المتمثل في إنشاء الجهات الحكومية والهيئات والمؤسسات التي يعمل فيها آلاف الموظفين من أبناء المحافظة، فضلا عن كونها منطقة زراعيه ذات مياه وفيرة، وقريبة ومتنوعة التضاريس من السهل إلى الهضاب إلى الجبال الخلابة، الأمر الذي جعلها المتنفس الأول لسكان العاصمة، إذ تضم آلاف الاستراحات المنتشرة، في الوسط والأطراف، وتعد أكبر محافظات "البطين"، حاليا حيث بلغ عدد سكانها 35 ألف نسمة حسب آخر الإحصائيات، كما أسهم قدوم الكثيرين من أنحاء المملكة للسكن بها لقربها من العاصمة، ولما تتميز به من هدوء وتوافر للخدمات التي توالت بفضل من الله ثم بفضل حكوماتنا.
المزاحمية منطقة خصبة الأرض ومياهها وفيرة وقريبة من سطح الأرض، وعلى أثرها عاشت فيها أقوام عديدة مثل بنو نمير، وبنو ظالم وبنو تميم وغيرهم، حيث سكنت أماكن معروفة وقريبة من المزاحمية مثل جو والغزيز وتبراك، وفيها آثار قديمة تدل على أنها سكنت في الفترة الزمنية التي عاشت فيها تلك الأقوام في جو وتبراك والغزيز وقبل تلك الفترة، ودليل ذلك الآثار القديمة من كتابات "سبئية" في شعيب عجل وأبراج المراقبة مثل برج المراقبة الموجود أعالي جبال "الفهدات"، وقطع الفخار التي كانت تشاهد بكثرة إلى عهد قريب في البلدة التي سكنها بنو هلال قوم زرقاء اليمامة.
هذا بالنسبة للفترة الأولى أما الفترة الثانية فيحددها العلامة عبد الله بن خميس في كتابه المجاز بين اليمامة والحجاز، أنها أنشئت قبل قرن من الزمان، ولكن المعروف أنها بدأت من القرن العاشر الهجري تقريبا، وذلك عندما انتقل إليها أحمد بن فواز بن راشد التمامي العبدلي الدارمي الحنظلي التميمي من حوطة بني تميم، حيث بنى قصره في العودة، وأنشأ أبناؤه قصورا أخرى مثل قصر عبد الله المعروف، ثم انتقل إليها قبائل وأسر مختلفة من الحريق وضرماء وسدير. وهذه القبائل والأسر أنشأت لها قصورا زراعية متناثرة عرفت باسم قصور "المزاحميات".
وفيما يتعلق بالتسمية، فيذكر أن أحمد التمامي سماها على اسم قصره السابق في حوطة بني تميم، والذي بقيت آثاره إلى وقت قريب، وهذا هو الأرجح، حيث إن القصر معروف في حوطة بني تميم بهذا الاسم.
ويعود تاريخ منطقة المزاحمية إلى ما قبل القرن العاشر الهجري، حيث كانت البداية، على شكل جماعات صغيرة زحفت من مناطق عديدة أغلبها من حوطة بني تميم والحريق واستوطنت في بقعة صغيرة في وادي ثمامة، تبني قصورها المتناثرة والمتزاحمة، مستغلة ما تحمله تلك البقعة من خيرات وفيرة من ماء وأمطار وزرع، ولكثرة هذه القصور وتزاحمها أطلق عليها قصور "المزاحمية"، ويعتبر أقدم نص تاريخي يبين لنا تسمية المزاحمية بهذا الاسم هو ما ذكره ابن بشر في كتابه "عنوان المجد في تاريخ نجد"، من أن الاسم كان يدعى باسم "قصور المزاحميات"، نتيجة لكثرة قصورها المتزاحمة، وذكر عبد الله بن خميس سببا لهذه التسمية وهو أنها زاحمت المدن والقرى الموجودة في وادي البطين، بعد أن كانت عبارة عن قصور متناثرة، كما أن هناك اعتقادا عن أن سبب تسميتها بهذا الاسم يعود إلى الجبال الصغيرة الموجودة في وادي البطين، حيث إنها منتشرة في الوادي بكثرة وقريبة من بعضها البعض ومتزاحمة، ويؤكد ذلك وجود جبل اسمه أبو زاحم في نفس الوادي غرب مدينة المزاحمية.
ويعتبر مناخ محافظة المزاحمية مناخ قاري، وتتمتع بمعدل هطول أمطار 100 ملم، بينما يصل معدل الرطوبة النسبية فيها إلى 33 في المائة، وترتفع محافظة المزاحمية عن سطح البحر بنحو 400 متر.
وعرفت المزاحمية بالمنطقة السياحية بالنسبة لسكان مدينة الرياض العاصمة، لقربها وتوافر المياه والمناظر الطبيعية الساحرة وكثرة البساتين والأشجار فيها، وتوجد فيها متنزهات طبيعية ساحرة منها متنزه الخرارة الطبيعي وهو عبارة عن مستودع للمياه فيه الأودية والشعاب، إلى جانب متنزه المحلية الطبيعي حيث الماء الوفير، والأشجار الكثيفة، وتشكل الجبال والرمال مناظر نادرة وجميلة، إضافة إلى متنزه "الفريشة" وهي متنزهات طبيعية تكثر فيها الأشجار المتنوعة، ومتنزه "مسيعط" تحت جبال طويق، وشعيب البليدة حيث يوجد جبل مرتفع يقال إن زرقاء اليمامة كانت تستعين به في الرؤيا .