إنشاء مراكز متخصصة لحفظ سلالات..هل ينقذ الأغنام النجدية؟
يحظى الخروف النعيمي بالإقبال الأكبر بين أنواع الخراف الأخرى وأهمها الخروف النجدي، وإن كان الخروف النعيمي المسيطر القديم والحديث على أسواق الشمال السعودي بحكم قربها ومخالطتها رعوياً مع بلاد الشام مسقط رأس النعيمي إلا أن السيطرة في أسواق الأغنام في كل مناطق المملكة خلال السنوات الخمس الماضية أعطت قيادتها الخروف النعيمي على حساب النجدي وغيره من الماشية.
ويفضل الكثير من السعوديين النوع النعيمي على نظيره النجدي في عملية التربية والاقتناء وذلك لقلة استهلاكها في الأعلاف وزيادة الطلب عليها في الأسواق، إضافة إلى قلة أمراضها على عكس الأغنام النجدية والتي تعد الأغلى إلا أنه أمراضها تنتشر بسرعة وبشكل كبير.
وتوجه الكثير من المربين خلال السنوات العشر الماضية إلى استبدال الأغنام النجدية بما يسمى بنظيرتها النعيمي، مرجعين ذلك بسبب كثرة أمراضها والتي تنتشر بسرعة كبيرة.
يشير عدد من المهتمين والمربين للماشية إلى أن الأغنام النجدية أيسر وأسهل في التربية ورغم أنها تحتاج إلى متابعة لإرضاع صغارها، إضافة إلى الاهتمام بها من قبل جهات متخصصة في إقامة مسابقات سنوية للسلالات النجدية الشهيرة إلا أنها تعد الأقل لدى المربين في ظل انتشار النعيمي.
ويبين خلف داثان أحد مربي الماشية من النوعين، أن الأغنام النجدية تعيش بشكل أفضل بعيدا عن المزارع في الصحراء خصوصا في الأراضي الرملية حيث تخلوا دائما من الأمراض في تلك المواقع، بينما تكثر فيها "الطلوع" وهو مرض الخراج خصوصا في المزارع المغلقة، ورغم أن النجدية تنتج مرتين في السنة الواحدة إلا أنها أصبحت غير مرغوب فيها لدى بعض المربين لتحل النعيمي بديلا مريحا للمربي.
وغالبا يتم تقسيم الأغنام النجدية بالنسبة للفحول, فحل واحد لكل 50 رأسا، بينما يصل عدد الفحول في النعيمي إلى خمسة فحول في الـ 50 رأسا.
وأشار الداثان إلى أن النجدية تصل إلى أسعار كبيرة جدا خصوصا المعدة للأضاحي حيث تصل إلى 1500 ريال للرأس الواحدة بينما لا تتجاوز النعيمي الـ 900 ريال بكل الأحوال.
وحول المميزات لكل نوع أشار الداثان إلى أن النعيمي تعد مفضلة من قبل المستهلكين ومطلوبة بشكل كبير لسلامتها في الغالب من أمراض تكثر في النجدية وهو أمر لا يرغب فيه المستهلكون دوما.
من جهته، طالب الدكتور خالد النقيدان متخصص في الطب البيطري في وزارة الزراعة، بالمحافظة على سلالات الأغنام النجدية باعتبارها الأغنام السعودية والتي بدأت تقل لدى المستهلكين، من خلال مركز متخصص يعنى بحفظ سلالات الأغنام النجدية والعمل على تنميتها.
كما طالب الجامعات المتخصصة في الطب البيطري بتفعيل البحوث في مجال الأغنام النجدية والتي بدأت تقل بشكل واضح، وإيجاد لقاح لمشكلة "الخراريج" والطلوع التي تظهر في الأغنام النجدية وتلقيحها بلقاحات فاعلة، وتنفيذ بعض الدراسات التي أجريت على الأغنام النجدية، ومحاولة إعادة المربين لمثل هذه النوعية والتي يعدها الدكتور النقيدان هوية الأغنام السعودية وهي ما تتميز به السعودية على مستوى العالم بالأغنام النجدية.
وأشار النقيدان إلى أن غالبية ملاك النجدي هم الهواة والتي يقام لها سباقات سنوية في مواقع متعددة.
وبين الدكتور النقيدان الفروق بين الأغنام النجدية والنعيمي أنها تصب لصالح النجدية سواء في الوزن أو في مذاق اللحم وحتى في الإنتاجية، بينما هناك ميزة واحدة في النعيمي أنها تحن كثيرا على صغارها عكس الأغنام النجدية والتي لا تهتم بصغارها كثيرا مما يعطل نموه بشكل سريع.
على الجانب الآخر يظهر التقسيم الجغرافي في السعودية لتنوع الأغنام فيها حيث يوجد النعيمي في شمال السعودية ولا يظهر هناك أي أعداد من الأغنام النجدية بينما تظهر الأغنام النجدية في النفود ووسط نجد بشكل كبير رغم اتجاه الكثير من الملاك والمربين إلى تربية الأغنام النعيمي في تلك المواقع.
ويبين محمد ناصر العتيبي أحد تجار الماشية في شمال المملكة، أن ارتفاع حجم المبيعات للخروف النعيمي يعود أولاً لمناسبة سعره المستهلك حيث لا يتجاوز سعره في أسوأ الظروف بالنسبة للمستهلك عن 850 ريالا، في حين لا يمكن أن يقل سعر الخروف النجدي عن هذا السعر بل إنه يصل في سوق الماشية في المنطقة الوسطى إلى 1400ريال.
وعن سبب تفاوت الأسعار بين النوعين يوضح العتيبي أن الخروف النجدي يستهلك طعاما أكثر من النعيمي، إضافة إلى بطء نموه في حين أن الخروف النعيمي يستهلك كميات أقل من الأعلاف وينمو بسرعة لذلك تكون تكلفته على المربي أقل وبالتالي ينعكس ذلك على سعره للمستهلك.
ويقول حمود فرحان الشمري أحد مربي الماشية، إن توجه المستهلك لشراء النعيمي عوضا عن النجدي يعود لأسباب كثيرة غير السعر فالخروف النعيمي قليل الإصابة بالخراج وهو ما يسميه البدو (الطالوع) وحتى لو قدر وأصيب النعيمي بالخراج فإنه يظهر بوضوح للمربي أو للمستهلك وبالتالي يمكن معالجته، في حين أن الخروف النجدي دائما ما يكون معرضا للإصابة بالخراج ومن نوعين بعضها لا يمكن معاينته إلا بعد الذبح إلا أن الميزة الوحيدة في الخروف النجدي أنه أكثر في كمية اللحم من النعيمي وأكثر وزناً وحجماً.
فيما يرى نبيل نزال الصلهام أحد تجار الماشية، أن من الأسباب التي أدت إلى ارتفاع نسب البيع للخروف النعيمي على غيره أنه الأفضل للولائم (المفطح) من حيث الشكل على سفرة الطعام إذ يملك النعيمي رونقا خاصا في حجم الظهر المغطى بكتلة من الشحوم.
وأما عن أنواع المراعي فيتفق الجميع على أن النعيمي يعد الأقوى في المراعي ذات الأماكن الوعرة في حين أن الخروف النجدي أفضل من غيره في المراعي الرملية، كما أن الخروف النجدي يمتلك مميزات الجمل في المرعى حيث يتجول دون راع ويبيت ليلة أو ليلتين بعيدا عن موقع الراعي ويمتلك ذاكرة فريدة تمكنه من العودة لحظيرته عندما يشعر بالعطش وبالتالي سهولة تربيته في المناطق الرعوية على عكس النعيمي الذي يلزم وجود راع ملازم له طوال فترة رعيه وحتى عودته للحظيرة مقتادا من قبل الراعي.