تحديات تنفيذ برنامج 10X10الاستثماري والحلول
أطلقت الهيئة العامة للاستثمار برنامج عملي 10X10، في عام 2004، الذي يهدف إلى وصول المملكة لمصاف أفضل عشر دول في العالم بنهاية عام 2010، وتبعاً لذلك قامت الهيئة بتأسيس مركز التنافسية، بغرض دعم الهيئة في تنفيذ البرنامج، وتعاقدت مع شركة مونيتور لوضع السياسات والإجراءات اللازمة للمركز وتدريب الكفاءات السعودية التي ستعمل على تحقيق الهدف المنشود.
استلزم تنفيذ برنامج 10X10 قيام المركز المذكور خلال الفترة الماضية بدراسة الوضع التنافسي للمملكة في مجال جذب الاستثمار المحلي والأجنبي من مختلف الجوانب، إضافة إلى إصدار تقارير ربع سنوية لتقييم تنافسية المملكة وكيفية رفعها والعمل على رفع ترتيب المملكة بين دول العالم من حيث التنافسية وفقاً للمؤشرات الدولية المتبعة في هذا المجال، والتي قد حددتها الهيئة العامة للاستثمار بأكثر من 300 مؤشر تفصيلي، يتم بواسطتها قياس قدرة وقوة جاذبية المملكة للاستثمارات مقارنة بالدول الأخرى.
إدراكا من الهيئة العامة للاستثمار بأهمية نشر الوعي والتوعية ببرنامج 10X10، وبالتحديد تحقيق بلوغ ذلك الهدف في الوقت المحدد له، بما في ذلك التركيز على تحقيق مستوى من التنافسية الدولية، الذي يليق بالمستوى المرموق للاقتصاد السعودي على المستوى العالمي، وكذلك يليق بقوة جذب البيئة الاستثمارية المحلية للاستثمارات الأجنبية، نظمت الهيئة منتديين للتنافسية الدولية برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في الرياض، كان الأول في عام 2006، بعنوان "تقنية المعلومات كمحفز للتنافسية"، والثاني خلال الفترة من 20 إلى 22 كانون الثاني (يناير) 2008، تحت شعار "التنافسية كمحرك للنمو الاقتصادي".
الدكتور مايكل بورتر أستاذ الأعمال في جامعة هارفارد ومؤسس مفهوم التنافسية الدولية، شخص بالمنتدى الثاني عددا من التحديات المرتبطة بتحقيق السعودية مركزا تنافسيا متقدما على مستوى العالم، خلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى الثاني، التي لعل من بين أبرزها وأهمها: (1) ضرورة الرفع من مستوى دخل الفرد، من خلال التحسن الدائم لإجمالي الدخل القومي، ومن خلال كذلك رفع إنتاجية المؤسسات الوطنية في القطاعين العام والخاص، بما في ذلك الرفع من إنتاجية الفرد العامل. (2) ضرورة تنويع القاعدة الاقتصادية، من خلال الدخول في قطاعات صناعية وإنتاجية متعددة خلاف قطاع الطاقة، وبالتحديد النفط. (3) إعطاء الفرصة الأكبر للقطاع الخاص السعودي للقيام بدوره في العملية الإنتاجية الوطنية، بعد أن تقوم الحكومة بتوفير الأرضية الإنتاجية والاستثمارية الخصبة اللازمة والمناسبة لعمل القطاع الخاص. (4) التركيز على الرفع من إنتاجية وتدريب الأيدي العاملة الوطنية، وذلك عن طريق الاستثمار في مجالات التعليم والتدريب المهني، وتأهيل الأيدي العاملة على استخدام التقنيات الحديثة في خط سير الإنتاج. (5) توسيع نجاحات المملكة الاقتصادية والاستثمارية، ليشمل ذلك التوسع في مجالات التمويل، وتوفير الإمكانات التقنية، بما في ذلك وضع استراتيجية للتقدم في المجالات والاتجاهات كافة.
الدكتور بورتر أكد أن سعي السعودية، لأن تكون ضمن أقوى عشر دول على مستوى التنافسية الدولية، يتطلب منها إيجاد استراتيجية تحدد الأهداف وأن تسعى إلى القضاء على جميع الخطوات المعوقة للتنفيذ، التي تحول دوماً دون تحقيق الأهداف، ومن هذا المنطلق لربما الأمر يتطلب برأيي من الهيئة العامة للاستثمار، إعادة النظر في معطيات وفرضيات برنامج 10X10، وبالذات فيما يتعلق بالبرنامج الزمني المستهدف لبلوغ الهدف، ولاسيما أن تحقيق مركز متقدم في التنافسية الدولية، يتطلب أن تعمل جميع الجهات الحكومية باتجاه برنامج 10X10 نفسه، ولاسيما أن نجاح الهيئة في بلوغ ذلك الهدف وتحقيقه، يتوقف على القضاء على العديد من معوقات الاستثمار، التي لها ارتباط مباشر بأداء العديد من الأجهزة الحكومية، التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، على الجانب الصناعي صعوبة الحصول على التراخيص الصناعية، وعدم توافر المدن الصناعية، والمشكلات المتعلقة بتوفير الطاقة اللازمة لعمل المصانع.
وعلى الجانب التجاري فإن الأمر يتطلب كذلك، التعامل مع العديد من المعوقات، التي تعترض طريق تطوير ونمو التعاملات التجارية، التي لعل من أبرزها وأهمها، عدم احترام الشيك كأداة مالية لتسوية التعاملات المالية والتجارية، والصعوبات المتعلقة بالحصول على التأشيرات، بما في ذلك الصعوبات الإجرائية المتعلقة بأنظمة التقاضي وسرعة البت في القضايا الحقوقية، وخلاف ذلك.
وعلى جانب القطاع الخاص وجانب التمويل، فإن الحاجة أصبحت ماسة للتوسع في أسواق التمويل المرتبطة بأسواق الدين وإصدار السندات والصكوك، بالشكل الذي يمكن القطاع الخاص والمستثمرين من توفير بدائل للسيولة خلاف مصادر التمويل التقليدية، حيث إن ذلك سيسهم بشكل كبير في التخفيض من تكاليف الاقتراض، بما في ذلك الرفع من كفاءة التشغيل المرتبطة بتنفيذ المشاريع.
خلاصة القول، إن استهداف الهيئة العامة للاستثمار، لأن تتبوأ السعودية مركزا متقدما على مستوى التنافسية الدولية، يتطلب منها بذل المزيد من الجهد، بالذات المرتبط بإزالة المعوقات والعقبات والصعوبات، التي تعترض طريق المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء، وخصوصا المستثمرين المحليين الذين هم برأيي أساس ثقل ومحور التنمية الاقتصادية في بلادنا، ومن هذا المنطلق فإن الهيئة برأيي مطالبة باعتماد معايير محلية إلى جانب المعايير الدولية لقياس التنافسية، وبالتالي عدم الاعتماد الكلي فقط على المعايير الدولية في القياس، بما في ذلك عدم الاعتماد الكلي على التصنيفات الدولية لقياس سهولة ممارسة الأعمال في المملكة، حيث إن نجاح الاستثمار في بلادنا من وجهة نظري يعني في نهاية المطاف، القدرة على تحقيق التوازن العادل بين نمو الاستثمارات المحلية والاستثمارات الأجنبية، وكذلك الحد من هجرة الاستثمارات المحلية إلى خارج البلاد، وبالله التوفيق.