المضاربات تسيطر على أسواق النفط .. المتداولون يبيعون الدولار لشراء السلع
المضاربات تسيطر على أسواق النفط .. المتداولون يبيعون الدولار لشراء السلع
مرت أسواق الأسهم العالمية بأسبوع آخر من التذبذب، حيث كانت الأسواق تترقب خفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، وقد قام البنك الاحتياطي الفيدرالي بخفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس لتصل إلى 4.50 في المائة. ومن بين الأسواق التي شملها هذا التقرير، الأسواق البريطانية والأمريكية التي شهدت انخفاضاً باستثناء مؤشر ناسداك الذي استطاع الارتفاع مدعوماً بالأرقام الجيدة للربع الثالث التي أعلنتها شركات التقنية الرئيسة. وسجلت أسواق الهند والصين ارتفاعاً تجاوزت نسبته 3 في المائة لكل منهما، بينما أغلقت أسواق اليابان وهونج كونج دون تغيير. الجدير بالذكر هنا أن سوقي الهند وهونج كونج سجلا مستويات قياسية جديدة هذا الأسبوع.
الولايات المتحدة
رغماً عن خفض أسعار الفائدة بربع نقطة مئوية، التي أخذت بالحسبان مسبقاً، ونمو الاقتصاد الأمريكي خلال الربع الماضي بأكثر مما كان متوقعاَ 3.9 في المائة، وكذلك المستويات الجيدة للطلبات على سلع المصانع، لم تفلح تلك العوامل مجتمعة في بث الحماس والحيوية في السوق، حيث تركزت الأنظار على إعلانات أهم البنوك والشركات العاملة في السندات العقارية المضمونة ذات العلاقة بعمليات الشطب الكبيرة للقروض المتعثرة، فقد أدت كارثة أسواق الرهن العقاري إلى طلب شركة ميريل لنش من رئيسها التنفيذي ستانلي أونيل الاستقالة من منصبه عقب تعاظم الديون المشكوك في تحصيلها والمرتبطة بالسندات العقارية المضمونة. وفي سياق ذي صلة، يعقد مجلس إدارة "سيتي جروب" اجتماعاً طارئاً في نهاية الأسبوع ولربما يؤدي إلى نتيجة مماثلة بفقدان رئيسها شارلزبرنس منصبه.
كشفت وزارة العمل الأمريكية يوم الجمعة أن أعداد توظيف العمالة ارتفعت بنحو 166 ألف وظيفة مقارنة بارتفاعها بنحو 96 ألف وظيفة في أيلول (سبتمبر). وربما لن تهتم الأسواق المضطربة كثيراً بالأرقام الخاصة "بالإنتاجية والتكاليف والتجارة الخارجية" التي سيتم نشرها خلال الأسبوع المقبل، بل سينصب الاهتمام على آثار أزمة الرهن العقاري على الشركات بشكل خاص والاقتصاد ككل بشكل عام. ومن المتوقع أن يستمر تزايد تذبذب الأسواق حتى تتضح الرؤية حول أبعاد تأثيرات أزمة الرهن العقاري في الاقتصاد. وقد لوحظ أن أكثر القطاعات تضرراً من هذه الأزمة القطاعات المالية، بينما بدأت قطاعات الطاقة والتقنية في استرداد بعض عافيتها.
انخفضت مؤشرات داو جونز وستاندرآند بورز 500 خلال الأسبوع بنسبة 1.53 في المائة و1.67 في المائة ليغلقا الأسبوع عند مستوى 13,595 نقطة و1509 نقاط على التوالي. أما مؤشر ناسداك الذي تغلب عليه شركات التقنية فقد كان المؤشر الوحيد الذي سجل ارتفاعاً إذ أغلق على ارتفاع طفيف عند مستوى 2.810 نقطة.
أسيا
كان أداء الأسواق الآسيوية أفضل مقارنة بنظيراتها الغربية. فقد ارتفع سوقا الصين والهند بشكل كبير، بينما قضى مؤشر هونج كونج على معظم المكاسب التي حققها خلال الأسبوع ليغلق على استقرار، كما أغلقت الأسواق اليابانية دون تغيير يذكر.
في اليابان أصبح الدولار المنخفض مصدر قلق لأسواق الأسهم، بيد أن مؤشر نيكاي 225 استطاع المحافظة على استقراره دون انخفاض، إذ أغلق الأسبوع تقريباً دون تغيير يذكر عند مستوى 16.517 نقطة.
وفي الصين عاود مؤشر شنغهاي المركب ارتفاعه بعد الانخفاض الذي تعرض له الأسبوع الماضي ليغلق عند مستوى 5.777 نقطة، مرتفعاً بنسبة 3.37 في المائة. وظلت السوق الصينية تشهد مستويات متزايدة من التذبذب على خلفيةً محاولة الحكومة خفض مستويات السيولة دون التأثير سلبياً في النمو الاقتصادي. ومن أهم الأنباء الاقتصادية، قامت شركة بترو الصين أكبر الشركات المنتجة للنفط والغاز في البلاد بجمع 66.34 مليار يوان (8.9 مليار دولار) عن طريق اكتتاب أولي عام جرى في الصين الأم ويتوقع أن يتم تسجيل هذه الشركة في البورصة يوم الإثنين.
وفي هونج كونج سجل مؤشر السوق مرة أخرى أعلى مستوى له على الإطلاق إذ تخطى حاجز 31 ألف نقطة خلال الأسبوع ثم تراجع على أثر الانخفاض الكبير الذي شهدته السوق يوم الجمعة ليغلق الأسبوع على ارتفاع طفيف عند مستوى 30.468 نقطة، وتتوقع أوساط السوق أن يظل أداؤه جيداً أو على الأقل فوق مستوى 30 ألف نقطة مدعوماً بالسيولة العالية.
استمر مؤشر مومباي للأسواق الهندية في تسجيل مستويات قياسية جديدة إذ تخطى حاجز 20 ألف نقطة للمرة الأولى، وأغلق منخفضاً قليلاً عن مستواه القياسي عند 19.976 نقطة مسجلاً ارتفاعاً جيداً بلغ 3.8 في المائة. ورغماً عن الاضطرابات التي تجتاح الأسواق العالمية مازالت تدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الهندية دون انخفاض، مما يشير إلى ضعف الارتباط بين الأسواق الناشئة كالهند وتلك الأسواق في الدول المتقدمة.
أوروبا
انخفضت الأسواق البريطانية هذا الأسبوع في دلالة واضحة على ارتباطها الوثيق بالأسواق الأمريكية. حيث كانت القطاعات المالية في السوق البريطانية الأكثر تأثراً وفي مقدمتها بنك باركليز وبنك رويال من اسكتلندا. كما تأثرت البنوك وشركات الأسهم اللندنية بأعلى مستوى من مخاطر السندات العقارية المضمونة بعد الشركات الأمريكية، حيث كانت أزمة الرهن العقاري في ذروتها هناك.
أسواق النفط
أدى انخفاض مخزونات النفط الاحتياطية الأمريكية، والمضاربات، واستمرار التوترات في الشرق الأوسط إلى ارتفاع أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق هذا الأسبوع. حيث بلغ سعر النفط 96.24 دولار للبرميل (أعلى سعر على الإطلاق) خلال الأسبوع، وأغلق الأسبوع منخفضاً عن أعلى مستوياته عند 95.94 دولار للبرميل (الأسعار الفورية في بورصة نايمكس للخام)، ومرتفعاً بواقع أربعة دولارات أو بنسبة 4.4 في المائة. وخلال الأسبوع الماضي انخفضت مخزونات النفط الخام الاحتياطية بمقدار 3.89 مليون برميل لتصل إلى 213.7 مليون برميل، وهو أدنى مستوى تم تسجيله منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2005.
ولا تزال المضاربات سائدة في سوق النفط حيث يقوم المتداولون ببيع الدولار المنخفض لشراء السلع مما أدى لارتفاع الذهب لأعلى مستوياته على الإطلاق خلال الأسبوع، كما أسهم الخوف المتزايد من قيام تركيا بغارات داخل العراق للقضاء على المتمردين الأكراد في استمرار ارتفاع أسعار النفط في الفترة الماضية.
ولم تساعد الأرقام الإيجابية التي نشرت أخيرا عن الوظائف في الولايات المتحدة أسواق الأسهم، إلا أنها أدت إلى ارتفاع أسوق النفط. ومع استمرار أسعار النفط في هذه المستويات المرتفعة جداً، فإنه على الأرجح أن نرى خلال الأسابيع المقبلة مستويات عالية من التذبذب في مختلف الاتجاهات.
أسعار العملات
لقد أدى خفض أسعار الفائدة بمقدار25 نقطة أساس واقتران ذلك بتزايد المخاوف من انتشار أزمة المساكن الأمريكية، إلى انحدار الدولار إلى مستوى قياسي جديد مقابل العملات العالمية الرئيسية. باستثناء الين الياباني الذي انخفض بنسبة 0.6 في المائة مقابل الدولار إلى 114.85 ين لكل دولار، فقد ارتفعت جميع العملات الأخرى مقابل الدولار، حيث سجل الدولار انخفاضاً بنسبة 0.76 في المائة مقابل اليورو ليصل إلى 1.45 دولار لكل يورو.
أدت أسعار النفط المرتفعة إلى بروز الدولار الكندي في قائمة العملات المرتفعة هذا الأسبوع، إذ ارتفع مقابل جميع العملات العالمية الرئيسة بنسبة راوحت بين 1 في المائة و3.5 في المائة . فقد ارتفع الدولار الكندي بنسبة 3 في المائة مقابل الدولار الأمريكي ليصل إلى 1.069 لكل دولار أمريكي مسجلاً بذلك أعلى ارتفاع له منذ طرحه للتداول في عام 1950. كما ارتفع كذلك الجنية الاسترليني مقابل جميع العملات الرئيسية باستثناء الدولار الكندي إذ انخفض الدولار الأمريكي بنسبة 1.8 في المائة مقابل الجنية الاسترليني ليصل سعره إلى 2.089 دولار للجنية الواحد. ومع تبني صناع السياسة النقدية الأمريكية سياسة خفض أسعار الفائدة، فإن المتعاملين الرئيسيين في السوق يراهنون على انخفاضات قادمة للدولار، ويتضح ذلك من سلوك الدولار خلال الأشهر القليلة الماضية.