مجمع الفقه: مناقشة 7 بحوث لإيجاد بدائل شرعية للودائع البنكية
يناقش أعضاء مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة صباح اليوم، بدائل شرعية للوديعة بأجل في البنوك من خلال سبعة بحوث قدمها عدد من أعضاء المجلس. ويتوقع أن يصدر المجمع في ختام اجتماعاته توصيات في هذا الشأن, كما جرت العادة.
ودعا الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مفتي عام المملكة العربية السعودية في كلمته أمام الاجتماع أمس، إلى ضرورة إنشاء هيئة علمية إسلامية متخصصة تضم فيها من العلماء الشرعيين والخبراء الماليين, وتكون مهمتها إعداد نظام مالي إسلامي متكامل يمكن تطبيقه على أرض الواقع مستقى من الشريعة الإسلامية السمحة.
في مايلي مزيداً من التفاصيل:
يناقش أعضاء مجلس المجمع الفقهي الإسلامي في رابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة صباح اليوم خلال جلسات العمل المنعقدة منذ السبت الماضي بدائل الوديعة بأجل من خلال سبعة بحوث قدمها عدد من أعضاء المجلس.
وأكد الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ المفتي العام للسعودية رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء ورئيس المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامية، أن ديننا الحنيف وكتب الفقه الإسلامي تزخر بمعاملات مالية مباحة كثيرة لو طبقت في أرض الواقع لخلصت العالم من آثار الربا الوخيمة، ولأسست نظاماً قوياً متكاملاً متماسكاً يستطيع النهوض بنفسه، من غير تبعية للبنوك التجارية، مؤملاً في المسيرة المالية والإسلامية أن تؤصل معاملات مالية مستقلة.
وأشار آل الشيخ إلى أن المسيرة المصرفية الإسلامية قامت ابتداءً بهدف إيجاد بدائل شرعية بدل المعاملات الربوية. وأوضح آل الشيخ أن التخلص من الربا إضافة إلى كونه مطلبا شرعيا إلا أنه أيضا مطلب اقتصادي واجتماعي، فإن أضرار الربا في العالم على الأفراد والمجتمعات خطيرة، حيث بلغت خطورتها إلى أن اعترف كبار خبراء الاقتصاد بعدم قدرتهم على حل المشكلات التي أنتجتها المعاملات الربوية.
وأضاف آل الشيخ إن الأضرار من التعاملات الربوية تتسبب في التضخم والمقامرة بالأموال ونقل أموال المسلمين إلى أيدي أعدائهم الذين هم في الحقيقة المسيطرون على البنوك في العالم.
وأبان آل الشيخ أن الودائع المصرفية للبنوك تعد مورداً رئيسياً لتمويل البنوك لكنه أوضح أنها بعيدة كل البعد عن الوديعة الشرعية حيث إن عقد الوديعة المصرفية ينص على أن البنك هو المودع وأن البنك لا يتعين عليه رد عين المال وأن البنك أيضا له حق التصرف في المال، وهذا العقد يخالف كونه وديعة وأقرب ما يكون هذا العقد إلى القرض، إذن فإن الفائدة المأخوذة عليه في الحقيقية هي ربا وهي معاملة ربوية محرمة وكون اسمها وديعة لا تخرجها عن كونها قرضاً، فإن العبرة بالمعاني لا بالألفاظ.
وكشف آل الشيخ أن بعض المصارف الإسلامية تلجأ إلى حيلة تستبيح بها الوديعة وذلك عن طريق بيع سلعة والالتزام بشرائها بعد مدة متفق عليها بربح متفق عليه، وهذه حيلة على الربا فإنما هي مال بمال بينهما حريرة، مطالباً بضرورة ضبط المصطلحات واختيار الألفاظ الشرعية التي تنطبق على أحكام ما يسمى بالمصرفية الإسلامية، فتسميتها بهذا الاسم يعني أن عملها سيكون دائرا حول الصرف والمصارف وهذا نوع واحد من أنواع كثيرة من المعاملات المالية الواسعة في الشريعة الإسلامية، التي ينبغي أن تكون داخلة في إطار عمل هذه المصارف.
وأردف أنه من الملاحظ لمسيرة المصرفية الإسلامية يجد إنها قامت ابتداءً لمحاربة الربا الذي فشا في الأمة من خلال البنوك التجارية، ثم طورت مسيرتها حتى دخلت في المعاملات البنكية التقليدية لتصحيح مسارها وتنقيتها من الربا وتوقفت عند هذا الحد. ونبًه إلى إن هذا التوجه الذي دأبت عليه المصرفية الإسلامية كان يجب أن يكون طارئاً ومؤقتاً، لا أصيلاً، ولا أن تنشغل الهمم بتصحيح معاملات لم يدر بخلد من أنشأها أن تكون شرعية، بل مبناها على الربا الخالص وغاية همها كسب المال، كما أن هذا الطريق مزلة قدم قد يجر إلى صبغ بعض المعاملات الربوية بالصبغة الإسلامية أو الشرعية، وأن هذه الطريقة في التعاملات ستعود على النهضة الاقتصادية الإسلامية المباركة بنتائج سيئة وقد تذوب في خضم البنوك التجارية من حيث لا تشعر تحت غطاء الأسلمة، وخاصة أننا نعلم قوة البنوك الربوية عالمياً وتأثيرها وانتشارها وتبني معظم الدول لها في سياساتها المالية، وإن هذا التوجه أيضاً جعلنا أتباعا لمنتجات البنوك التجارية، ننتظر ماذا يقدمون ثم نبحث عن بديل إسلامي له، قد يحمل البعض على التساهل في تحليل ما حرم الله من المعاملات الربوية.
وأوصى آل الشيخ بضرورة إنشاء هيئة علمية إسلامية متخصصة يكون فيها من العلماء الشرعيين والخبراء الماليين تكون مهمتها إعداد نظام مالي إسلامي متكامل يمكن تطبيقه على أرض الواقع مستقى من الشريعة الإسلامية السمحة غير متكئ على ما يمكن تسميته بفقه البدائل بل له أصالته واعتزازه ويكون هذا النظام تهيئة لقيام بنك أو بيت مال إسلامي عالمي.