"الجسر المعلق" مشهد لتصميم عالمي في الرياض أهمله المستثمرون
كثيرة هي المشاريع والمعالم المتميزة والعملاقة التي تزدان بها العاصمة السعودية، مشاريع طرق وأنفاق ومبان، والجميل أنها جميعها حكومية وخاصة تشكل إضافة مهمة لاقتصاد المدينة، نتيجة للمشاريع الاستثمارية الكبيرة والمتوسطة وحتى الصغيرة التي أقيمت في أو حول تلك المشاريع.
"الجسر المعلق" أحد أهم تلك المشاريع العملاقة التي نفذتها أمانة منطقة الرياض ليربط بين شطري العاصمة الجنوبي والغربي، ووفق أحدث السمات والمواصفات الأوروبية، والتي كانت صاحبة الفكرة في إنشاء الجسور المعلقة، ورغم مرور أكثر من 6 سنوات على الانتهاء من أعمال الإنشاء التي استغرقت أيضا 6 سنوات، لا يزال محيط هذا المعلم الذي يتوسط صحراء نجد ويفصل بين جبال طويق يعيش في حالة كساد استثماري غير مبرر.
لقد كان الهدف من تنفيذ المشروع هو إنجاز نقلة نوعية في خدمة سكان الرياض، وتحقيق دفعة قوية للقطاعات الزراعية والصناعية والتجاريا والسياحية وفك الاختناقات المرورية وتقليل حوادث الطرق، بالإضافة إلى كونه معلما حضاريا شامخا يجسد اهتمام الدولة وسخاءها في بناء الطرق والجسور بأحدث ما توصلت إليه التقنية العالمية في هذا الجانب.
الجسر فنيا وماليا
يعد الجسر المعلق المنفذ فوق وادي لبن في الجهة الجنوبية الغربية من مدينة الرياض واحداً من أكبر الجسور المعلقة في العالم والأول من نوعه في المملكة وذلك من حيث التصميم والبناء وأسلوب التنفيذ وهو إضاءة فريدة في سلسلة المشاريع المميزة التي تفخر بها الدولة ممثلة في وزارة النقل باعتباره جوهرة في عقد مشاريع الطرق وقد جاء تصميم هذا الجسر وبناؤه استجابة طبيعية للعوامل البيئية المحيطة حيث حافظ على طبيعة الوادي دون المساس بأية خدمات أو عناصر طبيعية متواجدة فيه بل أضاف بعداً جمالياً للنهضة العمرانية التي تشهدها مدينة الرياض.
ويعتبر هذا المشروع أحد أجزاء الضلع الغربي لطريق الرياض الدائري وبدون هذا الجسر لا يمكن الاتصال بطريق جدة السريع أو الوصول إلى غرب وجنوب الرياض للقادمين من الدائري الشمالي.
واعتمد في تصميم الجسر على دراسة تحليلية مكثفة لمعرفة تأثير الأحمال الثابتة والمتحركة بما في ذلك أحمال الرياح والزلازل كما أكدت الاختبارات التحليلية كفاية التصميم ومقاومته لعناصر السحب واللي وانسيابه الكافي لمقاومة الرياح. وجاء التصميم طبقاً للمواصفات القياسية العالمية والتي تم تطويعها لتلائم بيئة الموقع الذي نفذ فيه الجسر ومن ذلك تعديل حمولات العربة التصميمية لتصبح 65 طناً مع استخدام سرعة تصميمية للرياح مقدارها 33 مترا لكل ثانية المتوقع حدوثها خلال 50 عاماً كما أخذ في الاعتبار مقاومة الزلازل على أساس معامل تسارع الجاذبية (0.0005) ج وتم تحليل المنشأ للأحمال المتحركة الديناميكية باستخدام التحليل ثلاثي الأبعاد ذي الترددات متعددة الأطوار.
ويبلغ طول الجسر (763) متراً ويتكون من ثلاث فتحات، ويبلغ عرض الجسر (35) متراً ويتكون من اتجاهين تفصل بينهما جزيرة وسطية بعرض 5.40أمتار ويتكون جسم الجسر (بلاطة الجسر) من كمرة صندوقية بعمق 5أمتار أما أعمدة الجسر فتتكون من عمودين شمالي ارتفاعه (72.5) متراً وجنوبي (80.5) متراً أما برج الجسر، فهو بارتفاع (90) متراً.
وبلغت التكلفة الإجمالية لمشروع الجسر نحو 98.1مليون ريال، وقد استغرق العمل بالمشروع حتى تاريخ إنجازه ست سنوات وستة أشهر من بدء العمل في تنفيذه في 13/9/1993 .
والجديد في هذا الجسر طريقة التحميل حيث تتم بواسطة كوابل التعليق من وسط الجسر وليس من الجوانب كما هو الحال في معظم الجسور المعلقة بالإضافة إلى أن المعدات والأدوات الخاصة بتجهيز كوابل التعليق ومعدات الشد الخاصة بهذا المشروع قد صممت خصيصاً لهذا الجسر وكذلك توفير معدات خاصة مثل رافات وحدات بلاطة الجسر المسبقة الصب والتي يصل وزن القطعة الواحدة منها ما بين (581- 235) طناً. يما بلغ حجم الخرسانات المستخدمة لبناء الجسر 47.500م 3ووزن حديد التسليح العادي (5900) طن وحديد الشد مسبق الاجهاد (585) طناً وحديد كوابل التعليق (1700) طن وبلغ الطول الإجمالي لجدائل كوابل الشد والتعليق ما يعادل (1824) كيلاً طولياً واشترك في تنفيذ هذا المشروع العملاق أكثر من 300عامل ومهندس وفني.
المشاريع المقترحة
يرى مراقبون أن هناك تناسيا كبيرا من قبل كبار وصغار المستثمرين لأهمية تفعيل هذا المشروع، إذ يعتقدون أن هناك إمكانية وفرصا واسعة لإقامة حدائق وملاه، وعدد من المراكز التجارية على أطراف المشروع، بغية دمجه في الحركة العمرانية والتجارية التي تتسع يوما بعد يوم في وسط وعلى أطراف الرياض.
يقول محمد البليش، تاجر، يمكن فعلا أن يكون الجسر في حد ذاته عامل جذب وترويج سياحي للعاصمة، متى توافرت الخدمات اللازمة، والتي وجدت حول الجسر ولكن بصورة عشوائية، ومنها مثلا تواجد عدد من المواقع التي يتم فيها تأجير الدبابات، أو سيارات البيع المتنقلة.
ويضيف" يمكن بشيء من التخطيط والتحفيز أن تنتشر الكثير من الأعمال التجارية والسياحية المربحة، والتي سيكون لها كبير الأثر في الترويج لهذا المعلم المهم في العاصمة الرياض".
من جهته، يقول فيصل العتيبي أحد سكان وادي لبن "توقعنا أنه ومع الانتهاء من تنفيذ المشروع، سوف يكون هناك تزاحم من قبل المستثمرين لتنفيذ مشاريع تعزز من دور الجسر في تطوير مدينة الرياض، كأن يتم تنفيذ مشاريع ترفيهية عملاقة على غرار "ديزني لاند" أو حدائق عالمية، وذلك نظرا للطبيعة المتميزة للمكان جغرافيا وبيئيا واستثماريا، إذ إنه يقع على أهم مداخل العاصمة، وهو طريق مكة - الرياض".
وزاد" إن اقتصار دور الجسر على ربط الحركة المرورية بين جنوب وغرب الرياض، يشكل هدرا حقيقا للقيمة المعنوية والمادية التي يمكن أن تتحقق من خلال المشروع".
أهمية الجسور
للجسور أهميتها في ربط الأجزاء المنعزلة مثل ضفاف الأنهار والجزر المنعزلة، كما أن للجسور أهمية خاصة في الحروب، حيث إن الجسر هو هدف استراتيجي يجب حمايته مهما كلف الأمر، وأحياناً يتطلب الأمر تفجير الجسور حتى لا تمر عليها القوات الغازية.
استخدامات الجسور
تستخدم الجسور في عبور المجاري المائية بشكل عام، وبذلك تستخدم الجسور لوصل الجزر المنعزلة ببعضها البعض، كما تستخدم الجسور في مد السكك الحديدية في المناطق التي تعوقها المجاري المائية أو المناطق الجبلية الوعرة.
كما أن الجسور تستخدم في الوقت نفسه في خمل وتمرير كابلات الكهرباء وأنابيب المياه العذبة وخطوط النفط والغاز.
تاريخ الجسور
بدأ البشر في إنشاء الجسور منذ القدم، وبدأت بالجسور الخشبية التي تتكون من جذع شجرة، ثم تدرج الأمر لاستخدام الأحجار كما في أيام الرومان.
الجسور الحجرية: الجسور الرومانية هي المثال الأبرز على الجسور الحجرية، وتتميز بالأقواس التي تشكل الأساس الذي يحمل متن الجسر.
الجسور العائمة
تكون الجسور العائمة على المجاري المائية الضيقة مثل الترع والبحيرات والنهيرات الهادئة، وهي تتميز ببنيتها البسيطة والتي يقام هيكل الجسر على عائمات أو عومات مثل البراميل الفارغة وخلافه والتي تعالج ضد الصدأ، والجسور المعدنية.
الجسور المعلقة
تعتبر الجسور المعلقة من منجزات العصر الحديث حيث إن إنشاء جسر معلق يعتبر من المنجزات الهندسية والانشائية المتقدمة، وفي الغالب تكون الجسور المعلقة فوق المجاري المائية الواسعة كما هو جسر جولدن جيت -أو البوابة الذهبية - في سان فرانسيسكو أو فوق المناطق السكنية المزدحمة كما هو الجسر المعلق بمصر والذي يمر في أشد مناطق القاهرة ازدحاماً وهو كوبري 6 أكتوبر
الجسور المغطاة، جسر العارضات، الجسور الصندوقة كالجسر ذي الطابقين في بغداد.
جسر الملك فهد: وهو جسر من أكبر الجسور في العالم، يصل بين السعودية وبين البحرين طوله 25 كيلومترا، وهو يتكون من خمسة جسور عرضها يراوح بين 5 إلى 9، تكاليف صنع هذا الجسر بلغت أكثر من مليار دولار أمريكي.
جسر المحبة: وهو عبارة عن مشروع لبناء جسر يربط بين قطر والبحرين حيث قامت الحكومتان بعرض طلب للشركات العالمية بالتقدم بعطاءات لأعمال الاستشارة وبناء جسر يربطهما.
جسر فكتوريا : أطول جسر معلق موجود في إنجلترا فوق نهر همبر، طوله 1410 أمتار.
جسر عبدون : في الأردن
ولعل أشهر الأفلام العالمية التي تناولت الجسور هو الفيلم الأمريكي "جسر على نهر كواي" والذي تدور أحداثه خلال الحرب العالمية الثانية.