28 مليون شخص في العالم الافتراضي
28 مليون شخص في العالم الافتراضي
أطلق فيليب ليندن عام 2003 عالمه الافتراضي الثلاثي الأبعاد على شبكة الإنترنت، وذلك من مختبره الذي اتخذ من مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية مقرا له، حيث بلغ عدد سكان هذا العالم الافتراضي حاليا ما يربو على 28 مليون شخصية افتراضية.
وتبدأ حياة المشترك في "الحياة الثانية" بالتسجيل في خدمتها ليصبح بما يطلق عليه avatar، وهي كلمة تعني باللغة الهندية "التجسد"، وبعد التسجيل يصبح شخصية افتراضية يمكنه التفاعل والتعايش مع أمثاله بالصوت، كما يمكنه ممارسة مختلف أنواع الأنشطة الحياتية المختلفة.
وليتمكن الشخص من الدخول إلى هذا العالم الافتراضي، فإنه من المفترض تحميل البرنامج الخاص بهذا العالم، الذي تم توفيره على موقع "الحياة الثانية" www. secondlife.com، وبعد التحميل يلزمك البرنامج بالتسجيل عبر خطوات محددة، لتصبح بذلك مواطنا افتراضيا بحياة "ثانية" إلكترونية مختلفة تماما عن الحياة الطبيعية، ضمن هذا العام العجيب.
وبعد التسجيل ستمر بمرحلة تحديد شخصيتك التي تود أن تكون عليها في هذا العالم. بحيث تكون طالبا أو مهندسا أو رجل أعمال ... إلخ، وأيضا تحديد مظهرك الشخصي الذي تود أن تكون عليه من حيث الطول والوزن والشكل العام للبنية الجسدية، وتحديد النوع ذكر أو أنثى.
العيش في الحياة الافتراضية ليس سهلا كما يعتقد الكثير، حيث إن الشخص الذي يندمج في هذا العالم سوف يتعرض للكثير من المشاكل، والتي تحاكي الواقع الحقيقي. فأنت في هذا العالم تعتبر وحيدا وليس لك أقارب أو أصدقاء يساعدونك على العيش. لذلك فإنك تعتبر في هذا العالم الجديد وحيدا، ولا بد لك من صنع الصداقات والتفكير في كيفية الحصول على المال للعيش والامتلاك والبناء في عالم الحياة الافتراضية أو ما أطلق عليها في الموقع بالحياة "الثانية"، حسب الترجمة للغة العربية.
العجيب في هذا العالم أنك فعلا تستطيع شراء أرض وبناءها، وأن تكون ثروة من الاستثمارات سواء في العقارات أو الزراعة أو الصناعة، كما أن بإمكان المعايشين لهذه الحياة الذهاب إليك في مصنعك وطلب منتجك أو طلب محاصيل من مزرعتك، وذلك بدفع مبالغ مالية لك مقابل الحصول على منتجاتك.
ولم يفوت الموقع الافتراضي إصدار عملة يتعامل بها سكانه، فقد اعتبرت العملة الرئيسية المتعامل بها في هذا الواقع الافتراضي هي "الليندن"، ويمكنك شراء العملة لبدء الحياة في الواقع الافتراضي عن طريق الموقع، وذلك باستخدام البطاقة الائتمانية، حيث إن كل واحد دولار أمريكي تعادل قيمته 275 "دولار ليندن" تقريبا، ولكن مبلغ 275 دولار لندن من الممكن أن تشتري بها سيارة أجرة، وتقوم بتوصيل زبائنك فيها بمقابل، كما أنه بإمكانك استرجاع نقودك التي تكسبها مرة أخرى لتودعها في حساب بطاقتك الائتمانية.
لقد تسابق العديد من المشاهير، سواء مؤسسات أو أفراد، نحو الاستثمار في هذا العالم الافتراضي، وأن يكون لهم مكان هناك، ولعل من أبرزهم وكالة «رويترز» للأنباء، حيث افتتحت مكتباً افتراضياً لها في الموقع، وعينت مراسلها آدم باسيك مسؤولاً عنه.
أيضا مصممة الأزياء فيرونيكا براون، تجني الآن ثروة طائلة عن طريق صنع الملابس الداخلية والأزياء الرسمية «الافتراضية» التي يطلبها «سكان» الموقع، وتتوقع براون أن تكسب نحو 60 ألف دولار خلال السنة من هذا النشاط الافتراضي. ولكن ممّ تتكوّن تلك الملابس؟ وكيف تُستخدم؟ ولماذا يشتريها الناس الذين يعتبرون أنفسهم «مقيمين» في موقع «سكند لايف»؟ في الحقيقة أنهم يشترون صوراً للملابس التي يرتدونها لتتلاءم بسهولة مع صورهم الشخصية في ذلك الموقع، الذي يعطيهم فرصة لممارسة أنشطتهم المختلفة، وهم يشترون من براون لشهرتها في الولايات المتحدة بتصاميمها المختلفة والتي تروق للكثير من المقيمين في الموقع.
ونظرا لاختلاف توجهات سكان الموقع، فمنهم من يعشق لعب الرياضة والحفلات والتسوّق وغيرها، وهذا يفرض عليهم «اختيار» ملابس تناسب تلك الأنشطة. ولا تمثل الثياب سوى نموذج بسيط من اهتمام جمهور «سكند لايف» في السلع الافتراضية. لكن براون شعرت بهشاشة عالمها «الثاني» الذي تكسب عيشها منه حينما تمكن أحد محترفي اختراق المواقع من خطف برنامجها واستخدامه في استنساخ الصور المعروضة لملابسها في «الحياة الثانية»، وشرع في بيعها على طريقة بائعي "البسطات" في العالم الحقيقي.
وأوضحت الإحصائيات أن الناتج القومي للحياة الثانية قد بلغ عام 2006 نحو 64 مليون دولار أمريكي، وهناك العديد من كبريات الشركات العالمية تمارس نشاطها في الحياة الثانية، مثل آي بي ام، وتويوتا، وكوكاكولا، وسوني، وأديداس وغيرها. وتزدهر السياحة هناك، لذلك أنشأت شركة "ستار وود" للفنادق نسخة افتراضية من سلسلة فنادق لوفت التي تعتزم افتتاحها عام 2008. فهل تخيلتم أنفسكم أنكم تعيشون ضمن هذا العالم، وإلى أي حد سيقود هذا الخيال الإلكتروني حياتنا ويؤثر فيها؟