قنوات الأطفال العربية.. ثقافة مقتحمة لا بديل متاحا لها

قنوات الأطفال العربية.. ثقافة مقتحمة لا بديل متاحا لها

قنوات الأطفال العربية.. ثقافة مقتحمة لا بديل متاحا لها

الطفل رجل وامرأة المستقبل، ومن هذا المنطلق كان بناء فكره وأخلاقياته بشكل سليم يؤدي إلى بناء أمم أكثر رقيا، وهذه مسؤولية تكون في المقام الأول على المنزل ومسؤوليه، إلا أن هناك الآن من يتدخل في كل شؤون تربية الطفل ويؤثر فيه بكل سهولة دون علم والديه أو رغما عنهما أحيانا، وفي بعض الأحيان يكون التأثير أقوى من تأثير الوالدين.
التلفزيون الذي يمضي أمامه الأطفال جل وقتهم، ينهلون منه الجيد والرديء على حد سواء، وأحيانا في غياب الآباء والأمهات، وربما في بعض الأوقات في حضورهم، الآن الكل يتهم الآباء والأمهات بإهمال أطفالهم، وعدم اختيار ما يناسب الطفل من برامج تليق بسنه الصغير، وتركه يتعلم سلوكيات خاطئة وعادات وتقاليد دخيلة، في وقت يكون فيه مستعدا لتعلم أي شيء يستقبله.
السؤال هنا هل الآباء والأمهات هم المسؤولون فعليا عن هذه المسألة؟ إذا علمنا أن الآباء والأمهات لا يصنعون الإعلام، ولا يختارون البرامج التي تعرض على الشاشة الفضية أمام أبنائهم. إذن هل من متهم هنا كصناع الإعلام وخاصة المتخصصين في إعلام الطفل، الذين ادعوا مرارا أنهم يعملون ما في جهدهم لصالح بناء الطفل في العالم العربي.
إعلام الطفل يدرس في أغلب الجامعات العربية، ولكن الذي يبدو أن الاستفادة منه قليلة جدا، والدليل قنواتنا العربية المخصصة للأطفال مثل سبيس تون، mbc3 ، وarts التي لا تقدم إلا القليل مما تستطيع فعليا أن تقدمه للاستفادة وبناء أطفال اليوم.
قناة سبيس تون تبث على شاشتها من أكثر من عام تقريبا إعلان عن مسلسل رسوم متحركة يباع على أقراص سي دي يتحدث عن حياة النبي صلى الله عليه وسلم وحياة أصحابه رضوان الله عليهم، ولم تتكرم بعرضه على قناتها لكي يستفيد منه الطفل، وهي تؤكد ضمن إعلانها أن المسلسل مليء بالعبر والفوائد، بل اكتفت بعرض الإعلان وتجهت إلى عرض ما يغذي الطفل من ثقافة مسلسلات الكرتون الأجنبية.
أما mbc3 فخرجت عن حدود المعقول، وبدأت عرض مسلسلات كرتونية يوجد في بعضها مشاهد لا يجوز عرضها للكبار فما بالك بالصغار؟! تعرض لقطات للفتيات على شاطئ غير محتشمات، كما تعرض أفكارا غربية لا تناسب عاداتنا وتقاليدنا العربية وآدابنا الإسلامية لا من قريب ولا من بعيد. أما قناة arts، فالحديث يطول عنها وعما تقدمه من مسلسلات كرتونية أجنبية كلفت القناة أضعاف ما يمكن تكلفه مسلسلات عملت في العالم العربي ضمن توجهات آبائه وأمهاته.
يجمع الآباء والأمهات أن كل القنوات السابقة للأسف تبني لدى الطفل أفكارا وثقافات لا تجدي نفعا مع ما يفعلونه ، بل تساعد على هدم ما يغرسونه في أبنائهم من أخلاقيات معينة تتوافق مع التنشئة الإسلامية السليمة.
يذكر أن أحد الكتاب المختصين في إعلام الطفل كتب مقالا تحت اسم "الإعلام وثقافة الطفل العربي.. الأسباب والحلول" ذكر فيه أن أحد الأطفال لما سئل عما يريد فعله عندما يكبر أجاب قائلا: "عندما أكبر سأبحث عن صديقة مثل ببَّاي" (يقصد البطل المسلسل الكرتوني المعروف)، وعندما قالوا له: لكن هذا لا يجوز، قال: "لو كان لا يجوز ما تم عرضه في التلفزيون"، هذه هي الثقافة والتربية التي ينشأ عليها أطفالنا هذه الأيام، في كل يوم، ساعة، ودقيقة للأسف!
المسلسلات والبرامج التي تعرضها القنوات التي تم ذكرها عملت لأطفال الغرب ولثقافة أخرى وليست لأطفالنا.
في المقابل, هناك قنوات للطفل تحاول أن تبني فكرا سليما وثقافة محترمة لأطفال اليوم، مثل قناة المجد للأطفال التي تقدم برامج من إنتاجها، وتعمل دائما على بناء جيل لا يخرج عن عاداتنا وتقاليدنا، وتعلمه أصول الأخلاق، كذلك قناة الجزيرة للأطفال التي تبث برامج من إنتاجها وتهتم بالطفل العربي وبفكره، ولكن في النهاية يظل الإقبال عليها ضعيفا ومحدود العدة أسباب، منها أسلوب جذب المشاهد الصغير، وعدم تعود الطفل عليها الذي نشأ منذ صغره على عروض كرتونية ذات طبيعة معينة، لم تستطع القنوات المحترمة أن تجاريها لتحريك مشاعر الطفل تجاهها بشكل عام.

الأكثر قراءة