تجربة المصرفية الإسلامية في التعاملات المالية في السعودية وسعت انتشارها عالميا

تجربة المصرفية الإسلامية في التعاملات المالية في السعودية وسعت انتشارها عالميا

تجربة المصرفية الإسلامية في التعاملات المالية في السعودية وسعت انتشارها عالميا

اتفق الشيخ عبد الله المنيع، الشيخ عبد الله المطلق، والشيخ الدكتور محمد القرى على أن صناعة المصرفية الإسلامية تشهد نموا كبيرا عالميا بعد أن نجحت في تلبية احتياج العملاء من أفراد وشركات.
واجمع المشايخ في ندوة بنك الرياض حول المصرفية الإسلامية والالتزام الفعلي بتطبيقها في فندق هيلتون في جدة على أن المؤسسات التعليمية العليا أدركت أهمية تخريج كوادر مصرفية إسلامية لتخريج المؤهلين الذين بالإمكان عملهم في المصرفية وعلى وجه الخصوص الرقابة الشرعية، وتقديم الخدمات المصرفية وتطوير المنتجات التي تحتاج إلى إلمام كامل بالعمل المصرفي والفني والعلم الشرعي، مما يضع خيار المصرفية الإسلامية أحد أبرز الخيارات المطروحة في التعاملات المالية البنكية. وأشاد العلماء الذين تحدثوا عن مزايا المصرفية الإسلامية بقرار مجلس إدارة بنك الرياض بتحويل 80 فرعاً إلى فروع إسلامية، ثم تلاه قرار آخر بتحويل 20 فرعاً أخرى في رمضان الماضي، وهناك قرار مقبل لديهم بتحويل 20 فرعاً أخرى، علماً بأن عدد فروع بنك الرياض بشكل كامل يصل إلى 180 فرعاً، لن تنتهي هذه السنة الميلادية إلا وقد تم تحويل 120 فرعاً إلى المصرفية الإسلامية، أي أن التحول في بنك الرياض بلغ 70 في المائة.
وقال الشيخ عبد الله المنيع إن المصرفية الإسلامية حققت نجاحات طيبة، مما أسهم في اتجاه العديد من المصارف الأخرى للنظام المصرفي الإسلامي.
وأضاف المنيع "لقد تمت المقارنة في الكثير من المصرفيات الإسلامية بين العائد من المصرفية الإسلامية والعائد من المصرفية التقليدية، وقد وجد أن المصرفية الإسلامية فيها من الخير الشيء الكثير".
مضيفاً أن من أهم فوائد المصرفية الإسلامية أن أبناءنا اتجهوا للعمل في هذه المصرفيات، وابتعدوا عن اللعنات التي أكدها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله (لعن الله آكل الربا وموكله وشاهده وكاتبه)، فالكثير من الذين يعملون في المصرفية التقليدية يتعرضون للكثير من المواقف سواء بكتابة عقود الربا أو الشهادة عليها، ولهذا فإن عمل أبنائنا في المصرفيات الإسلامية جنبهم الوقوع في كل هذه الأمور المحرمة.
وأشاد الشيخ المنيع بالتحول الكبير الذي أحدثه بنك الرياض في نظامه المصرفي الإسلامي، حيث قام بقرار من مجلس الإدارة بتحويل 80 فرعاً، ثم تلاه قرار آخر بتحويل 20 فرعاً أخرى في رمضان الفائت، وهناك قرار قادم لديهم بتحويل 20 فرعاً أخرى، علماً بأن عدد فروع بنك الرياض بشكل كامل يصل إلى 180 فرعاً، لن تنتهي هذه السنة الميلادية إلا وقد تم تحويل 120 فرعاً إلى المصرفية الإسلامية، أي أن التحول في بنك الرياض بلغ 70 في المائة.
وتحدث الشيخ المنيع عن التورق وما صاحبه من لغط وسوء فهم من قبل بعض الناس والتساؤلات التي نشر بعضها في الصحافة، مؤكداً أن الله سبحانه وتعالى لم يحرم على عباده شيئاً إلا وفتح لهم أبواباً أخرى يغدق عليهم من عملهم وكسبهم، ولا شك في أن كل واحد يعمل لتأمين متطلبات شؤون حياته اليومية هو وعائلته، أو يعمل في حرفة من الحرف الأخرى مثل رجل الأعمال أو نحوه من الأعمال التجارية، لا شك أن كلا منا يحتاج إلى السيولة، ولكن السؤال هو: كيف يتم الحصول على السيولة، في الحقيقة هناك أربع طرق للحصول عليها، إما أن يوجد من يعطيه هذا المبلغ (كهدية) وهذا من باب المستحيل، أو أن يأتيك من يعطيك هذا المبلغ على سبيل القرض الحسن من دون فوائد، وهذا ليس بعيداً عن الوجه الأول أي نادر الحدوث، ويتبقى أمران، إما أن يذهب إلى البنك ويبحث عن تمويل بفائدة ربوية وعندها البنك يرحب بالطلب ويصرف التمويل، وهذا حرام (يمحق الله الربا ويربي الصدقات) (وأحل الله البيع وحرم الربا)، إذاً بقي أمامه التورق ولا بد أن نعرف ما هو التورق، وهو أن تكون محتاجاً إلى مال فتأتي لمن عنده سلع فيبيع لك سلعة بثمن مؤجل على قدر استطاعتك في السداد، ثم تبيع هذه السلعة ومن ثمنها تقضي حاجتك إلى المال الذي أنت في حاجته، وهذا بيع وشراء ولا يوجد فيه أي لبس، وهو ميسر لأمور العباد، فإذا لم يكن التورق موجوداً كيف يمكن أن يحصل الإنسان على مبلغ هو في حاجته.
وأضاف الشيخ المنيع التورق عمل به مجموعة كبيرة من أهل العلم من عهد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليوم، والكتب الفقهية مملوءة بما يؤيد جواز التورق، ولكن ما صدر من إنكار عن مجموعة من طلبة العلم وبعض الهيئات المصرفية والمجمعات الفقهية حول التورق المصرفي المنظم، فهذا ما يتعلق بأن يأتي العميل إلى البنك، ويقول أنا محتاج إلى مبلغ من المال، فيلبي البنك طلبه، ويطلب منه توكيلا لبيع السلعة دون أن يراها العميل أو يعرف عنها شيئاً، ويقول له البنك غداً ستجد المبلغ المطلوب في حسابك، وهذا لا يجوز شرعاً، أنت اشتريت سلعة، هل رأيتها، هل قمت ببيعها أنت، ما هذه البضاعة وما قيمتها، وبناء عليه فإن الذين قالوا بعدم جواز التورق المصرفي المنظم هم في الأصل يقصدون هذا النوع من التورق، أما التورق المصرفي الذي نقصده وهو أن يأتي العميل إلى البنك ويطلب تمويلاً فيقوم بشراء سلعة من البنك، ويطلع عليها ويعاينها أو أن توصف له صفة واضحة، ثم يشتريها، وبعد إبرام عقد البيع بينه وبين البنك، يأخذ تفويضاً ويذهب ويتصرف في بضاعته إما أن يبيعها وإما يوكل أحداً ببيعها بحسب ما يرغب، هذا هو التورق الصحيح، لأن من شروط البيع أن يكون المبيع معلوماً للمشتري برؤية أو صفة، وأن يكون المبيع مملوكاً لبائعه قبل بيعه، وهذان أهم شرطان في التورق المصرفي الإسلامي الصحيح.
وطالب المنيع بأن يكون هناك مزيد من الشفافية والإفصاح لدى البنوك للعملاء، وألا تكون العملية مجرد توقيع على مجموعة من الأوراق بيعا وشراء دون توافر الشروط الأساسية لمثل هذه العمليات، مشيراً إلى أن التورق أجازه معظم العلماء والصحابة رضي الله عنهم، فعلي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول "لن أترك الحج ولو كان ذلك عن طريق التورق".

الشيخ عبد الله المطلق: الدين ملك للجميع وليس ملكا للشيوخ
من جهته تحدث الشيخ عبد الله المطلق عن التزام البنوك بتطبيق المصرفية الإسلامية، وقال إن الدين ليس ملكا للشيوخ، الدين ملك للجميع، ونحن نمثل الناس بأن نقوم بتوجيه البنك للعمل بما أنزل الله، ولا نستطيع النجاح في مهمتنا ما لم نتكاتف جميعاً، فنقوم بعمليات التخطيط والمراقبة على البنوك، ولكنني أعتبر جل المراقبة على عملاء البنوك، لأنهم يتعاملون مع الموظفين ويلمسون جديتهم وحسن أدائهم، ويشاهدون عن قرب التطبيق الفعلي للمنتجات التي وقع عليها أعضاء الهيئة الشرعية.
وأوضح الشيخ المطلق أن المستقبل للمصرفية الإسلامية، والحلال أوسع وأيسر وأقرب وأبرك من الحرام، وهذا الأمر يعلمه كل مسلم، يقول تعالى (طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) ويقول تعالى (وما جعل عليكم في الدين من حرج)، وبالنسبة للهيئات الشرعية في البنوك عملها الأساسي يتمثل في دراسة المنتجات، ومثل ما هو معروف أن البنك مهمته التجارة، وميدانه الجمهور، والبنوك تتسابق لاقتسام ما في جيوب الناس، وهم في حاجة إلى وضع الخطة المناسبة لما يرضي هؤلاء الناس، وبما أن الجمهور ـ ولله الحمد ـ مسلم ويسأل عن الحلال، فإن معظم البنوك اليوم تحاول أن تكون خططها ملتزمة بالمنهج الشرعي.
وأضاف الشيخ المطلق أن البنوك تقوم بالبحث عن العلماء وتطلب منهم وضع الخطط التي تتوافق مع الدين ولا يكون عليها اعتراض، إضافة إلى دراسة هذه المنتجات، فإن الهيئات الشرعية تقوم بدور رقابي، ونطمع في المزيد من هذا الدور الرقابي، وللهيئة رقابة عشوائية على بعض المعاملات في جميع المنتجات، بمعنى أنه تؤخذ معاملات من المرابحة، ومعاملات من الاستصناع، وأخرى من المضاربة، وفتح الاعتماد، حيث تؤخذ أرقام عشوائية وتدرس ليرى هل هناك التزام بقرارات الهيئة أم لا، ونحن نعول على العملاء كثيراً في الدور الرقابي، ونحن نصيخ آذاننا ونفتح هواتفنا وصدرونا وبيوتنا لسماع ملاحظاتهم على التطبيق الشرعي للمعاملات الإسلامية في المصرفية الإسلامية في البنوك.

الدكتور القري: المؤسسات التعليمية أدركت حاجة البنوك لتأمين كوادر مصرفية إسلامية
بين الدكتور محمد القري أن المجتمعات القديمة عرفت عملية الاقتراض منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بوسائل وترتيبات الغرض منها نقل الفوائض إلى ذوي العجز عن طريق المضاربة والمشاركة لغرض الاستثمار وكانت معتمدة على القرض الحسن من أجل الإنفاق والتكافل، وعندما سيطر الأوروبيون على العالم الإسلامي نقلوا إليه فكرة البنوك الذي تقوم على الاقتراض والإقراض، ولذلك نلاحظ تزامن المصرفية الإسلامية مع الاستقلال من الاستعمار الأوروبي.
وأردف الشيخ محمد أن المسلمين بعد ذلك بدأوا بتأسيس البنك الإسلامي الذي يأخذ الأموال من الناس مضاربة ويعطيها لغرض الاستثمار مضاربة، بمعنى أنه يتوسط بين الفئتين لا على أساس الزيادة وإنما على أساس المضاربة والمشاركة، ثم تطورت المصرفية الإسلامية واتجهت إلى البيوع المؤجلة، بادئة بتطوير الأشياء التي تفي بحاجات الناس المشروعة.
وفي سؤال طرح في الندوة حول أن من أهم العوائق التي تواجه المصرفية الإسلامية الموارد البشرية، أي قلة علماء الشريعة المؤهلين حول العالم لتقييم المنتجات التمويلية الجديدة، وكيف يمكن التغلب على هذه المعضلة؟ اعترف الشيخ محمد القري بأن هذه المسألة أصبحت مثل عنق الزجاجة فيما يخص تطور المصرفية الإسلامية، وأرجع السبب في ذلك إلى أن المصرفية الإسلامية تضاعفت كثيراً في السنوات العشر الأخيرة، ولم يكن بالإمكان تخريج المؤهلين الذين بالإمكان عملهم في المصرفية وعلى وجه الخصوص الرقابة الشرعية وتقديم الخدمات المصرفية وتطوير المنتجات التي تحتاج إلى إلمام كامل بالعمل المصرفي والفني والعلم الشرعي.
وأضاف الشيخ القري أننا نأمل أن هذا الطلب الشديد على هؤلاء القلة من المؤهلين حافز للكثير من الجامعات والكليات لإيجاد برامج متخصصة في هذا المجال، وقد وفرت جامعة الإمام في كلية الشريعة قسما متخصصا في المصارف الإسلامية، وكذلك الحال لدى مؤسسة النقد في معهد التدريب أوجد عددا لا بأس به من البرامج المتخصصة ومنها بعض البرامج التي تعطي شهادة الدبلوم في الرقابة الشرعية، ويعد هذا تطوراً جيداً في الاتجاه الصحيح، ولكنه لا يواكب التطور الكبير الذي تشهده المصرفية الإسلامية.

الأكثر قراءة