شركات الوساطة المالية ربما تلجأ للاندماج والاستحواذ مع تزايد أعدادها
توقع عبد الله سعود الرشود المدير التنفيذي لشركة كسب المالية في الرياض أن تلجأ شركات الوساطة المرخص لها في سوق الأسهم إلى الاندماج والاستحواذ فيما بينها بسبب تزايد عددها خلال الفترات المقبلة قائلا: "إن هيئة سوق المال السعودية أحسنت صنعا بوضع اشتراطات صارمة قبل منح التصريح بالعمل ومراقبتها لأدائها بعد ذلك".
وأوضح الرشود في حوار مع "الاقتصادية" أن شركات الوساطة في السعودية ستتزايد بشكل كبير خلال الفترات المقبلة وستكون الشركات التابعة للبنوك المنافسة الأكثر شراسة في السوق وستبقى مسيطرة على حصة جيدة من عمل الوساطة، وأشار إلى أن الشركات ذات الشريك الأجنبي ستعطي لعملها طابعا عالميا بيد أن ذلك سيخلق بطئا في اتخاذ القرار وحواجز أكبر لتمريره "وهذا يسبب ضعفا في الاستثمار ذاته مما قد يؤثر سلبا في العوائد المتوقعة".
وقال الرشود إنهم في شركة كسب المالية بصدد إطلاق ثلاثة صناديق اسثتمارية جديدة خلال الفترة القليلة المقبلة وينتظرون موافقة هيئة السوق المالية وتوقع أن تزيد أصول هذه الصناديق على المليار ريال.
ما العدد المحتمل الذي يمكن أن تصل إليه شركات الوساطة في السعودية في غضون الفترة المقبلة؟
لا يمكن تحديد عدد مثالي. فعلى الرغم من أن السوق السعودية كبيرة وضخمة وتستوعب لاعبين كثر، إلا أن ذلك يعتمد على عوامل أخرى كثيرة مثل ربحية العمليات والتي تعد متدنية جدا في السوق السعودية مقارنة بمثيلاتها أيضا طبيعة المتداولين وغيرها من العوامل.
ما الخدمات التي يمكن أن تقدمها شركات الوساطة بالنسبة لصغار المستثمرين في السوق وهم الأكثرية في سوق الأسهم السعودية حالياً.. خاصة فيما يختص بجانب الحماية؟
الخدمات التي تقدمها شركات الوساطة بشكل عام ليست جديدة، وكانت تقدم باستمرار من قبل إدارات متخصصة في البنوك، أما بالنسبة لصغار المساهمين فانكسار احتكار البنوك للخدمات المالية سيساعد على زيادة المنافسة والتي من شأنها أن تقلل التكلفة بشكل عام على المستثمر. أضف إلى ذلك أن هذه الشركات ستقدم خدمات أفضل بسبب حرصها الشديد على إبقاء العملاء. أيضا وجود متنافسين أكثر في السوق سيزيد من مراقبة المنافسين لبعضهم البعض مما يقلل التجاوزات.
صدرت في السعودية أخيرا وثيقة تأمينية جديدة لتغطية مخاطر عمل الوسطاء في السوق.. كيف تنظرون إلى هذه الوثيقة؟ وهل يمكن اعتبارها احترازا مبكرا لما يمكن أن تتسبب فيه شركات الوساطة الكثيرة من خسائر للمستثمرين؟.
هذه وثيقة تأمينية لتغطية المخاطر المهنية وهي وثيقة معروفة في دول كثيرة الغرض منها تغطية أي خسائر ناجمة من أخطاء في ممارسة المهنة وهي بلا شك لها أهمية كبيرة، حيث إنها من جهة تعطي الشركات المالية حماية من الأخطاء الناجمة عن ممارسة موظفيها عملهم من جهة، ومن جهة أخرى تحمي المستثمر من فقدان أو خسارة أمواله، لكن بلا شك هذه الوثيقة لها تكلفة والتكلفة في نهاية الأمر ستحمل على العميل مما يزيد من تكلفة الاستثمار.
مع أن الفترة التي بدأت فيها شركات الوساطة في السعودية عملها قاربت السنة إلا أن تأثيرها لم يظهر بعد في سوق الأسهم، حيث تسود التذبذبات الحادة حتى الآن.. أم نحن متفائلون أكثر من اللازم بالنسبة لتأثير هذه الشركات في السوق؟.
أجيب على هذا السؤال من عدة زوايا. الأمر الأول هو إن ترخيص هيئة السوق المالية لشركة ما والإعلان عن هذا الترخيص من قبل الهيئة لا يعني السماح لها ببدء أنشطتها مباشرة، وإنما هو ترخيص مبدئي يخول الشركة المضي في إجراءات تأسيس شركة مالية وضخ رأس المال وإنهاء المستندات القانونية واستخراج السجل التجاري والعمل على استكمال الأنظمة والمعدات وتعيين الكفاءات الإدارية والمالية والفنية ووضع الأنظمة والإجراءات وهي عملية طويلة تأخذ الكثير من الوقت تمتد أحيانا إلى سنوات، الأمر الثاني هو خصوصية السوق السعودية والظروف الراهنة حيث إن بدء ترخيص الهيئة للشركات المالية الجديدة تزامن مع بداية الانخفاض الحاد في سوق الأسهم في بداية عام 2006 وهذا الانخفاض بعثر كثيرا من الأوراق وأعاد حسابات كثير من المؤسسين في تلك الشركات، وأنا أعرف كثيرا من الشركات التي إما قررت عدم الاستمرار في عملية التأسيس أو أرجأت العملية إلى أجل غير مسمى. الأمر الثالث في الحقيقة إن هناك شركات بدأت في العمل فعلا وهناك شركات أطلقت منتجاتها لكن تلك الشركات واجهت منافسة شرسة من البنوك ولذلك لم تستطع الحصول على حصة جيدة من السوق أو أن تضع لها بصمة واضحة في السوق.
ما مدى إقبال المقيمين في السعودية على شركات الوساطة المالية؟
هناك إقبال جيد حقيقة وهذا الإقبال مدعوم بالسماح للأجانب بالاستثمار في السوق مباشرة لكن وضع السوق ربما كان له أثر في إضعاف الإقبال بشكل عام، وفي نظري فإن السوق السعودية كغيرها من الأسواق الناشئة هي سوق ديناميكية تتحرك بسرعة، ومن الممكن أن يحقق المستثمر فيها أرباحا بشكل سريع نسبيا مقارنة بمثيلاتها الأسواق الأوروبية والأمريكية ولذا فهي مناسبة حتى للإخوة المقيمين الذين ربما تكون فترة إقامتهم مؤقتة.
من يشكل منافسة أكبر لكم في السوق، هل شركات الوساطة ذات الشريك الأجنبي أم الشركات التي كونتها البنوك المحلية في السعودية؟.
وجود شريك أجنبي يعطي بعدا عالميا ويضيف خبرة مختلفة لكنه يخلق بطئا في اتخاذ القرار وحواجز أكبر لتمريره وهذا يسبب ضعفا في الاستثمار ذاته مما قد يؤثر سلبا في العوائد المتوقعة.
في نظري فإن الشركات التابعة للبنوك هي منافس شرس وستبقى مسيطرة على حصة جيدة من السوق وخاصة بسبب دعم البنوك الشقيقة لها لكن هذه الحصة هي في الأصل حصتها الأصلية من السوق. لكن يجب أن نعلم أولا أن هيئة السوق المالية فرضت على جميع البنوك فصل الأنشطة الاستثمارية عن الأنشطة البنكية وتكوين شركات مستقلة لتمارس النشاطات المرخص بها. وعلى الرغم من أن أثر الفصل سيكون محدودا في البداية نظرا لأن البنوك تمتلك تلك الشركات بالكامل إلا أن ذلك الأثر سيتضح أكثر مع مرور الوقت لا سيما أن إدارات تلك الشركات هي إدارات مستقلة عن إدارات البنوك وستعمل كل جهة بشكل براجماتي في سبيل الحصول على أداء ونتائج أفضل. أضف إلى ذلك أن هيئة السوق المالية احتفظت بالحق في طرح أسهم تلك الشركات أو جزء منها للاكتتاب العام، وأتصور أن تعمد الهيئة إلى ذلك مما سيغير في هيكل ملكية تلك الشركات ويضعف من علاقتها مع البنوك الشقيقة.
يبقى القول أن سوق البنوك الاستثمارية ليست سوقا محدودة بمعنى أنها سوق تنمو وتتسع بازدياد عدد اللاعبين فيها ولذلك هناك فرصة لخلق صناعات جديدة داخل هذه الصناعة.
عدم وجود سوق ثانوية للصكوك في السعودية ألا يحد من عمل شركات الوساطة؟.
الصكوك هي البديل الإسلامي للسندات، وحقيقة يمثل تداول السندات في الأسواق العالمية نسبة كبيرة تتعدى تداول الأسهم أو البضائع، ولذلك فانعدم وجود سوق لتداول الصكوك يفقد شركات الوساطة فرصة حقيقية وكبيرة ويحد من عملها بشكل كبير. أهم من ذلك إنه يفقد البلد والاقتصاد بشكل عام فرصة كبيرة جدا للنمو ويجعل كثيرا من الأموال تهاجر إلى الخارج للبحث عن بدائل أخرى.
ما توقعاتكم لعمل شركات الوساطة خلال المرحلة المقبلة؟
هناك قناعة لدى الكثير أن شركات الوساطة ستزيد بشكل كبير جدا، ومن ثم ستدخل في مرحلة الإفلاس والاندماجات والاستحواذات. في نظري فإن هيئة السوق المالية استبقت هذه الخطوة بشكل رائع جدا عن طريق فرض الكثير من الرقابة على الشركات المالية لمنع الترخيص لشركات ليس لديها إمكانية البقاء وفي أحيان أخرى سحبت رخص شركات لهذا السبب.
هل صحيح أن الشركات المرخص لها تعاني شحا في الكوادر القادرة على عمل الوساطة؟
في الحقيقة هناك شح في الكفاءات المالية والاستثمارية العاملة في الأنشطة السابق ذكرها، وتعاني الشركات المرخصة حديثا صعوبة إيجاد الأشخاص المؤهلين لعدة أسباب منها أن هذه الشركات رخصت في أوقات متقاربة مما يعني وجود طلب آن ولحظي على تخصصات متشابهة، ومنها وجود طفرة في دول العالم النامية من الهند إلى الصين إلى العالم العربي في مجال الشركات والبنوك الاستثمارية مما يصعب حتى استيراد الخبرات الأجنبية.
بعض الشركات عمدت إلى الحصول على خبرات من صناعات مقاربة مثل صناعة التمويل البنكي وعمدت شركات أخرى إلى تدريب الطلبة حديثي التخرج. وهناك شركات أخرى عمدت إلى الحل الأسهل وهو استقطاب موظفي الاستثمار في البنوك عن طريق دفع رواتب كبيرة أو مكافأة انضمام ضخمة.
أنتم في شركة كسب هل استطعتم تأمين كوادر قادرة على القيام بعمل الوساطة على وجهه الأكمل في السعودية؟.
حقيقة نحن في "كسب" لم نبدأ من الصفر وإنما بنينا عملنا على خبرة طويلة في الاستثمارات وصناديق الاستحواذ والاستثمار المباشر لكننا بلا شك عانينا في تعيين الكفاءات الجيدة والتي يصعب إيجادها في السوق لكن لدينا قناعة تامة أنه من الأفضل أن يبقى المكان شاغرا بدلا من أن يملأ بالشخص غير المناسب.
إلى أين وصل عملكم في "كسب"؟ وهل بدأتم العمل الفعلي في الوساطة وفتح حسابات للعملاء؟.
لدينا في "كسب" ثلاثة صناديق خاضعة للإجراءات النهائية أو تحت إجراءات موافقة هيئة السوق المالية من المتوقع أن تزيد أصولها على المليار ريال، كما أننا طرحنا عدة شركات وغطيناها منها شركة الشرقية للبتروكيماويات برأسمال قدره 400 مليون ريال وشركة أسمنت الجوف برأسمال قدره مليار و200 مليون ريال، إضافة إلى عدة شركات أخرى يجري العمل على طرحها، أيضا نتفاوض مع شركة كندية لشراء 40 في المائة منها وذلك كخطة استراتيجية طويلة الأجل.