نقص حاد في أعداد أطباء الأسنان في بريطانيا
أجبر العجز الكبير في أطباء الأسنان في بريطانيا – بعض الناس إلى خلع أسنانهم بأنفسهم، وإلى محاولة ترميم الجسور الداعمة لأسنانهم بجهودهم الذاتية، حسب المعلومات التي أوردتها دراسة حديثة في هذا الخصوص. وهجر كثير من أطباء الأسنان العيادات الممولة بالأموال الحكومية الخاضعة لخدمات الصحة الوطنية. بعد أن أدت الإصلاحات في هذا القطاع إلى آثار عكسية، مما جعل كثيراً من البريطانيين عاجزين عن خدمة علاج أسنانهم بتكاليف يستطيعون دفعها.
وقالت كليستين برجمان، السيدة اللندنية البالغة 41 عاماً من عمرها "لم أفاجأ بسماع تلك القصص المروعة، حيث إن محاولة الحصول على رعاية سنية جيدة، أشبه ما تكون بمحاولة ربح اليانصيب، بسبب تدني المخصصات المالية لعيادات القطاع العام". وتقدم الخدمات الصحية الوطنية الرعاية الصحية لمعظم البريطانيين، حيث يتم ذلك مجاناً في معظم الأحوال. ويستطيع أطباء الأسنان في هذه الخدمات مغادرتها حين يريدون ذلك، على عكس بقية الاختصاصات الطبية.
وعلى الرغم من أن عيادات المعالجة الخاصة للأسنان متوافرة، فإن الاعتماد الأساسي الذي اعتاد الناس عليه هو العيادات العامة. وتولت الحكومة في نيسان(إبريل) من عام 2006، إصلاح قطاع علاج الأسنان ضمن الخدمات الصحية الوطنية في محاولة منها لزيادة إمكانية حصول المرضى على الرعاية المطلوبة. واعترض أطباء الأسنان على ذلك، حيث قالوا إن ذلك يعمل على تقليص دخولهم. وقلص بعض الأطباء عدد المرضى الذين يعالجونهم، كما توقف عدد من أولئك الأطباء عن العلاج بصورة كاملة. وأفاد 45 في المائة من الأطباء الذين تم استطلاع آرائهم أنهم لم يعودوا يستقبلون المرضى وفقاً لنظام الخدمات الصحية الوطنية.
وتبرز هذا الدراسة، كما تقول سوزي أندرسون، الرئيسة التنفيذية لجمعية أطباء الأسنان البريطانية "أهمية المشكلات التي تثيرها العقود الجديدة لكل من أطباء الأسنان والمرضى. وتضم هذه الجمعية عدة آلاف من أطباء الأسنان. وتتلخص الصورة العامة في عدد من المرضى الذين لا يستطيعون الحصول على الرعاية الصحية الملائمة، حيث هنالك الكثير من القلق فيما يتعلق بنظام الأتعاب الجديد.وأفادت الدراسة التي تم الكشف عن مضمونها من قبل لجنة مختصة أن المشكلة عامة، وإن لم تتضمن تفاصيل محددة حول عدد الأشخاص المعنيين بذلك. غير أنه سبق لوزيرة الصحة البريطانية السابقة، روزي ونترتون، أن أخبرت البرلمان أن مليوني بريطاني لا يستطيعون الحصول على العلاج السني من جانب الجهات التابعة للخدمات الصحية الوطنية.
ولجأ 6 في المائة من المرضى الذين جرى استطلاع آرائهم إلى معالجة أنفسهم بأنفسهم، بمن فيهم أحد الأشخاص الذين انتزع سنه باستخدام أدوات بدائية. ولجأ كثيرون منهم إلى استخدام أنواع معينة من اللواصق لتثبيت الجسور الداعمة لأسنانهم. وقال شارون جرانت رئيس لجنة الشؤون الصحية للعناية بالمرض وضمان المشاركة العامة" إن هذه النتائج تشير إلى أن نظام الخدمات الصحية يعمل على خذلان الكثير من البريطانيين".
ووجدت الدارسة أن نحو 20 في المائة من مرضى الأسنان لم يستفيدوا من خدمات العلاج بسبب عدم قدرتهم على تحمل التكاليف: وأفاد 35 في المائة من المرضى المستطلعة آراؤهم أنهم لا يجدون طبيب أسنان تابعا للخدمات الصحية الوطنية على مسافة معقولة من أماكن سكنهم. وقال أحد المرضى إنه "شعر بأنه ترك في الشارع، حين قرر طبيب الأسنان الذي يعالجه التحول من القطاع العام إلى القطاع الخاص". وتقول مصادر أمريكية إن مرضى الأسنان في الولايات المتحدة يمكن ألا يستطيعوا الحصول على خدمات طبية، ولكن لأسباب مختلفة.
وقالت سالي كرام، الناطقة باسم جمعية أطباء الأسنان الأمريكيين، إن 30 في المائة من المرضى المستطلعة آراؤهم في أمريكا لم يراجعوا طبيباً للأسنان لفترة امتدت لأكثر من عام. وأضافت أن الأسباب تراوح بين الخوف، وبين عدم النظر إلى مشكلات الأسنان والمشكلات الصحية كأولوية، وانعدام توافر المال اللازم لذلك، إضافة إلى أسباب تتعلق بطول المسافة بين سكنهم والعيادات السنية. وقال دافيد ألبرت، طبيب الأسنان الذي يدير مركزاً لعلاج الأسنان في جامعة كولومبيا، إن نحو نصف الأمريكيين لا يملكون تأميناً بخصوص علاج الأسنان. وهو يرى أن إمكانية الوصول إلى طبيب الأسنان تمثل قضية كبرى في الولايات المتحدة. وأنك حتى إذا كان لديك تغطية تأمينية، فإن قليلين من أطباء الأسنان هم الذين يقبلون بها. ويرى المختصون أن علاج البعض لأسنانهم بأنفسهم يمكن أن يؤدي إلى الكثير من الإصابات، وإلى تشوهات في الفك.
ومن اللواصق التي يستخدمها أولئك المرضى ما هو قابل للذوبان في الماء، مما يجعله سريع الزوال، بحيث يسقط الجسر، أو يتعرض للكسر والتلف. وأفادت الدراسة البريطانية أن 78 في المائة من مرضى الأسنان الذين كانوا يعالجون في عيادات القطاع العام، تخلوا عن ذلك لأنهم لم يعودوا يجدون هذه الخدمة.وأفاد 15 في المائة منهم فقط أنهم تحولوا إلى القطاع الخاص سعياً وراء الحصول على علاج أفضل.
ويرى إدوارد ليخ، مستشار تكنولوجيا المعلومات في لندن، أن على الحكومة أن تعيد النظر في إصلاحاتها الخاصة بقطاع علاج الأسنان، حيث قال إن القصص البشعة في هذا القطاع ليست نمطاً سائداً. ولكن هنالك مشكلة واضحة فيما يتعلق بالعقود الخاصة بأطباء الأسنان.