أمريكا ترخص لقلب صناعي جديد يتيح للمريض مزيدا من حرية التحرك
لطالما كانت القلوب الصناعية مادة لأفلام الخيال العلمي، ففي فيلم الشرطي الآلي Robocop، قام كل من ياماها وجنسن بعمل أجهزة قلبية أنيقة، بينما في أحد أفلام حرب الكواكب Star Trek تم زرع قلب صناعي لجان لوك بيكارد كابتن السفينة Enterprise في عام 2328. ولكن في عصرنا الراهن، كان التاريخ أكثر تقلبا. فأول محاولة جادة لتصميم قلب صناعي كانت في الثمانينيات عندما قام د. روبرت جارفيك الجراح في جامعة أوتاه بإنشاء القلب الصناعي Jarvik-7 الذي جذب انتباه العالم. لكن Jarvik-7 كان جهازا معقدا، بحيث احتاج إلى توصيله بآلات خارج الجسد. ولم يكن المريض قادرا على الذهاب إلى بيته، ولا حتى تغيير الجهة التي ينام عليها في الفراش. ومن حينها ظهرت عدة تصاميم وتم تجريبها، ولكنها جميعاً قد اعتبرت بمثابة تجارب مؤقتة تهدف إلى المحافظة على المريض حتى يتوافر القلب الحقيقي من أحد المتبرعين.
ولكن هذا الأمر يبدو على وشك التغيير. فبحسب دورية Science and Technology Quarterly منحت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، أخيرا، موافقتها لنوع جديد من القلوب الصناعية تم تصنيعه من قبل شركة Abiomed، التي تتخذ من بوسطن مقرا لها. منحت الوكالة " براءة اختراع لجهاز بشري"، وهو شكل محدود من الموافقة التي ستسمح للأطباء بزراعة الجهاز الجديد في أشخاص تكون قلوبهم على وشك أن تعاني الفشل ولكنهم لا يتمكنون من إجراء عملية الزرع، لأسباب منها عدم تحمل الأدوية الكابتة لجهاز المناعة. ويمتد متوسط عمر هؤلاء الأشخاص لأقل من شهر واحد، ولكن عشرات المرضى الميؤوس منهم على نحو مماثل ممن زرعوا قلب Abiomed بقوا على قيد الحياة لمدة تقرب من الخمسة أشهر.
فعلى النقيض من جهاز الدكتور جارفيك، فإن هذا الجهاز الجديد المتكون من التيتانيوم titanium ومادة البولي يوريثان Polyurethane يهدف إلى تحرير المريض. فالمحرك الكهربائي الذي يدور 10 آلاف مرة في الدقيقة يقوم بدفع سائل غير قابل للضغط حول القلب الذي تنتجه شركة Abiomed، ويقوم هذا السائل بدوره بدفع الدم إلى الرئتين أولا للتزود بالأوكسجين ثم إلى جميع أجزاء الجسم. وتؤدي هذه العملية إلى إحداث تيار في المحرك داخل القلب. وتم إجراء كل الفحوص التشخيصية عن بعد باستخدام الإشارات اللاسلكية. ولا تخرج من المريض أي أنابيب أو أسلاك خارجية. وعادة ما يتم توصيل شاحن الجهاز بخط الطاقة الرئيسي، ولكن إن كان مزودا ببطارية فيمكن حمله والتجول لساعات. وبهذا يتمكن المريض من الحركة بحرية.
والأكثر إثارة في الموضوع أن البطارية الداخلية للجهاز يمكن أن تعمل مدة نصف ساعة قبل أن تحتاج إلى إعادة التعبئة. وهذا يتيح للمرء بعض الوقت للاستحمام أو حتى القيام بسباحة سريعة من دون الحاجة إلى ارتداء الشاحن. لا يزعم مايكل مينوج، مدير شركة Abiomed، أن الجهاز الذي أنتجته الشركة سيحل محل عمليات زراعة القلب. ومع ذلك، فإن الشركة تمتلك طموحات كبيرة. فهي تقوم الآن بتطوير نسخة جديدة ستكون أصغر بنسبة 30 في المائة (مما يعني أن المزيد من النساء سيتمكنّ من استخدامه) وسيبقى لمدة تصل إلى خمسة أعوام. وسوف يكون الجهاز متاحا بحلول عام 2008، أي قبل 320 عاما من توقعات كاتب فيلم Star Trek.