الذكرى الـ 20 للإثنين الأسود تصبغ الجمعة بالسواد

[email protected]

يبدو أن الديون التي أعلن عدد من البنوك والبيوت الاستثمارية الأمريكية شطبها قد حفزت وزير الخزانة الأمريكية للتصرف حيال ذلك الأمر بدفع عدد من البنوك وعلى رأسها "سيتي بنك" لتأسيس صندوق يراوح رأسماله بين 80 100 مليار دولار، وذلك لأجل شراء السندات التي تملكها شركات الـSIV's التي تتولى عملية تصكيك القروض التي تقدمها البنوك ومن ثم بيعها في أسواق السندات. وهذه الشركات - والتي تعد أحد مظاهر التمويل المهيكل Structural Finance - تقوم بتأسيسها البنوك وبيوت الإقراض، وذلك لأجل أن تقوم هذه الأخيرة بعملية تصكيك القروض المتدنية الجودة وبيعها بمعدلات ائتمانية عالية AAA ومن ثم الحصول على عائد جيد لن يتم الحصول عليه فيما لو تم بيع هذه القروض من قبل البنوك بشكل مباشر. وقد يتساءل البعض عن السبب في قدرة هذه الشركات على بيع السندات والحصول على العائد الذي تحصل عليه سندات AAA التي تعد أعلى السندات جودة ائتمانية، والسر في ذلك أن هذه الشركات تقوم بوضع محافظ متعددة لمجموعة كبيرة من القروض بدرجات مختلفة من الجودة ومن ثم إصدار سندات مرتبطة بها، مما يساهم بشكل كبير في تخفيض المخاطر المتعلقة بالقروض ذات الجودة الائتمانية المنخفضة بتوزيع مخاطرها بين هذه المحافظ. وينتظر أن تساهم هذه الخطوة في الحد من إفلاسات هذه الشركات وتأثيرها في أسواق الائتمان وفي النظام المالي العالمي بشكل عام. وقد كانت خطوة مماثلة قام بها بنك الاحتياط لمدينة نيويورك خلال عام 1998 لشراء صندوق التحوط LTCM من قبل البنوك الدائنة له أدت إلى الحد من خسائر تقدر قيمتها بـ 1.25 تريليون دولار أمريكي عندما قام الصندوق بالمضاربة على أسعار الفائدة Interest Rate Swaps.
مؤشرات الاقتصاد الأمريكي
أوضح بيان صادر عن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أن مجموع الإنتاج الصناعي للمصانع وشركات المنافع العامة وشركات التعدين قد ارتفع بشكل طفيف بمعدل 0.1 في المائة خلال أيلول (سبتمبر)، حيث تأثر بشكل كبير بالتراجع الذي يشهده كل من قطاع الإسكان وقطاع صناعة السيارات. وكان المؤشر قد شهد ارتفاعا قوياً خلال تموز (يوليو) الماضي بارتفاع قدره 4 في المائة متجاوزاً ارتفاعا مقداره 3.5 في المائة خلال الربع الثالث من العام الحالي. وقد أشار التقرير إلى أن الطاقة المستغلة لم تتغير عن مستواها خلال شهر آب (أغسطس) الماضي حيث بلغت 82.1 في المائة خلال أيلول (سبتمبر).
من ناحية أظهر استبيان صادر عن "الاحتياطي الفيدرالي" تزايد تدهور مشكلات قطاع الإسكان، ولتدعم البيانات الحكومية الصادرة المتعلقة بتراجع عدد رخص البناء الممنوحة إضافة إلى عدد المباني الجديدة التي تم بناؤها خلال أيلول (سبتمبر). وعلى الجانب الإيجابي أظهرت بيانات المؤشر العام لأسعار المستهلكين ارتفاعا يبلغ 2.8 في المائة، بينما ارتفع المؤشر الذي يستثني أسعار الغذاء والطاقة والذي يعد المؤشر المفضل لدى "الاحتياطي الفيدرالي" بشكل طفيف يبلغ 2.1 في المائة. وعلى ذلك فإن على "الاحتياطي الفيدرالي" في اجتماعه المقبلة موازنة التباطؤ الذي يشهده الاقتصاد بمخاطر التضخم من أجل إعلان سياسته المقبلة بشأن سعر الفائدة. ولو أن التراجع الأخير في أسواق الأسهم يرجح أن يضع "الاحتياطي" وزناً أكبر لمسألة التباطؤ الاقتصادي، ومن ثم اتجاه آخر لخفض في سعر الفائدة. مؤشر إيجابي آخر هذا الأسبوع هو المتعلق بمقياس المؤشرات القيادية الذي ارتفع بمعدل 0.3 في المائة خلال أيلول (سبتمبر) كما تراجع مؤشر آب (أغسطس) المراجع إلى انخفاض بمعدل 0.8 في المائة. حيث ارتفع خلال أيلول (سبتمبر) سبعة من مؤشرات العشرة المشمولة في المؤشر القيادي. وفيما يتعلق بسوق العمل أشارت وزارة العمل الأمريكية إلى ارتفاع طلبات تعويضات البطالة خلال الأسبوع الماضي لتبلغ 29 ألف طلب تعويض.
الأسهم الأمريكية
الأسهم الأمريكية شهدت هذا الأسبوع هبوطاً مستمراً كان السبب الرئيسي فيه هو ارتفاع أسعار البترول التي تجاوزت هذا الأسبوع 87 دولاراً للبرميل، وذلك على أثر التدخل التركي في شمال العراق الذي أثار قلق المتداولين بشأن إمكانية نقص الإمدادات النفطية لأسواق العالم. إضافة إلى ذلك فقد أضاف القلق من أن يؤدي تزايد الخسائر بين البنوك والشركات الاستثمارية - التي كانت واضحة من خلال شطب الديون التي أقدم عليها عدد من البنوك كـ "سيتي بانك" و"ميريل لنش" وغيرهما – إلى تأثير ذلك على الأسواق المالية بعداً آخر للانخفاض. فقد تراجع "داو جونز" في بداية تعاملات الأسبوع لأعلى معدل له خلال شهر حيث انخفض بمعدل 190 نقطة خلال يوم الإثنين الماضي ثم عاود الارتفاع ليغلق ذلك اليوم على انخفاض بلغ معدله 108.28 نقطة وعند مستوى 13984.80 نقطة. وكان انخفاض أرباح "سيتي بنك" بمعدل 57 في المائة التي أعلنت ذلك اليوم هو الدافع الرئيسي وراء الانخفاض الحاد الذي استمر خلال بقية أيام الأسبوع، حيث انخفض "داو" خلال يوم الثلاثاء الماضي بمعدل 71.86 نقطة على أثر تراجع سهم "سيتي بانك" خلال ذلك اليوم بمعدل 3.1 في المائة أيضاً. وفي يوم الأربعاء استمر التراجع في مؤشر "داو جونز" ولكن على نطاق أضيق حيث تراجع في ذلك اليوم بمعدل 20.40 نقطة فقط وليبلغ مستوى 13892 نقطة وذلك على أثر تراجع طفيف في سعر برميل النفط بلغ 0.21 دولار. كما استمر التراجع وبشكل طفيف يوم الخميس وبانخفاض مقداره 3.58 نقطة، لكن هذا التراجع بلغ ذروته يوم الجمعة الماضي في الذكرى العشرين ليوم الإثنين الأسود حيث انخفض "داو جونز" بمعدل 366.94 نقطة ليبلغ مستوى 13522.02 نقطة وذلك بسبب موجة بيع حادة تحسباً لهذه الذكرى التي أصبحت نذير شؤم لدى المستثمرين التي تتوافق مع أوضاع سيئة تشهدها الأسواق المالية الأمريكية والعالمية على حد سواء.
مؤشر "ناسداك" تأثر أيضاً بنمط مشابه لـ "داو جونز" حيث تراجع خلال يومي الإثنين والثلاثاء بمعدل 25.63 و16.14 نقطة على التوالي بينما ارتفع خلال يوم الأربعاء والخميس بمعدل 28.76 نقطة و6.64 نقطة. لكن في يوم الجمعة تراجع "ناسداك" هو الآخر بشكل حاد بمعدل 74.15 نقطة ليبلغ مستوى 2735.16 نقطة.
الدولار الأمريكي
تراجع الدولار الأمريكي خلال بداية تعاملات الأسبوع إلى معدل 117.29 ين لكل دولار وإلى مستوى 1.4201 دولار لكل يورو. وفي يوم الثلاثاء استمر الدولار في انخفاضه أمام الين الياباني إلى مستوى 116.70 بينما أمام اليورو حيث ارتفع إلى مستوى 1.4164 دولار لكل يورو. وتبادل كل من الين واليورو المواقع أمام الدولار خلال يوم الأربعاء الماضي حيث انخفض الين بشكل طفيف إلى متسوى 116.71 ين لكل دولار بينما ارتفع اليورو إلى مستوى 1.4189 دولار لكل يورو. وفي يوم الخميس تراجع الدولار أمام العملة اليابانية ليبلغ مستوى 115.63 ين لكل دولار أمريكي. وفي نهاية الأسبوع انخفض الدولار بشكل حاد أمام كل من الين واليورو، حيث بلغ الدولار 114.60 ين لكل دولار بينما بلغ 1.429 دولار لكل يورو. ويعود هذا التراجع بشكل كبير إلى تزايد احتمالات خفض الفائدة الأمريكية على أثر الانخفاض الحاد في الأسواق الأمريكية.
أوروبا
أشار بنك إنجلترا إلى أن معدل التضخم في بريطانيا بلغ معدلاً مستقراً عند 1.8 في المائة وعند أقل معدل خلال 30 شهراً خلال أيلول (سبتمبر). ويظل المعدل أقل من المعدل الذي يستهدفه بنك إنجلترا وهو 2 في المائة. بينما بلغ معدل التضخم في منطقة اليورو معدلاً أعلى من ذلك، حيث بلغ 2.1 في المائة. وفي أسواق العمل ارتفعت معدلات الأجور في بريطانيا بمعدل 3.7 في المائة من سنة سابقة خلال آب (أغسطس)، كما انخفض عدد طلبات تعويض البطالة للشهر الـ 12 على التوالي خلال أيلول (سبتمبر) ولتبلغ 12800 طلب تعويض. وعلى ذلك يستقر معدل البطالة في بريطانيا عند معدل منخفض بلغ 2.6 في المائة. وفي ألمانيا تراجعت رؤية النمو الاقتصادي للعام المقبل إلى معدل 2.2 في المائة على أثر تراجع الطلب الخارجي بسبب ارتفاع سعر صرف اليورو، مما سيؤثر بشكل كبير في الصادرات الألمانية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي