جدل واسع حول "الثياب" الجديدة للبنوك الإسلامية
هل هناك حقاً أي فرق بين الاثنين؟
هل كل ما تنتجه المصرفية الإسلامية صحيح؟ هل تعمل البنوك حقاً وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية؟
هذه بعض الأسئلة المهمة التي تصعب الإجابة عنها وفقاً لما يراه خبراء الاقتصاد وكبار المصرفيين. البعض ينفى وجود فرق بين البنوك الحالية التي تتعامل بالفائدة وبين ما يدعى البنوك الإسلامية. ويجادل النقاد أن الأخيرة تعمل وفقاً لمبدأ الربا، ولكنها تقدم منتجات البنوك التقليدية نفسها بثوب إسلامي!!
يقول الدكتور شاهيد حسن صديقي رئيس معهد البحوث الخاصة بأعمال المصرفية والتمويل الإسلامية في باكستان Riibf, على الصعيد العملي لا يوجد في أي مكان في العالم نظام مصرفي إسلامي نموذجي, فهذه البنوك لا تطبق "روح" الشريعة". ويتابع المصرفي السابق قوله "ولو ألقيت نظرة على المنشورات الدولية حول المصرفية الإسلامية لوجدت أنها أصبحت محل سخرية واستهزاء".
استغلال أحداث سبتمبر
استحوذت المصرفية الإسلامية على اهتمام المؤسسات المالية العالمية الرائدة في أعقاب الطفرة النفطية العالمية التي حدثت عام 2003, وبدأت البنوك الكبرى في جميع أنحاء العالم ترى في أثرياء النفط العرب سوقاً مربحة غير مطروقة. وإذا أخذنا في الاعتبار أن جل همها يتمثل في جني الأرباح على أموالها عبر نماذج التمويل الإسلامية، لوجدنا أن البنوك الأجنبية اضطرت إلى تطوير منتجات جديدة تتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية. ورغم أن العديد من البلدان الإسلامية تبنت النظام المصرفي الإسلامي منذ عقود، إلا أن هذا النظام لم يزدهر إلا بعد هجمات 11 أيلول (سبتمبر).
يقول صديقي: " المشكلة أن معظم عملاء النظام المصرفي الإسلامي هم من غير المسلمين الذين يقولون "إننا غير معنيين بالشريعة، ما دمنا نحصل على أرباح مجزية".
انحسار خبرة العلماء
بسبب حظر الربا يقوم المبدعون من المصرفيين ببناء أدوات تمويل إسلامي مرادفة للإقراض التقليدي، والمنتجات الاستثمارية والتأمين التي تعتمد على العقود التي تتقاسم الربح والخسارة بالتساوي.
وهنالك جدل كبير يدور بين العلماء المسلمين حول المدى الذي يمكن من خلاله لبعض هذه الأدوات أن تبلغه من حيث تفادي تحريم الشريعة.
وتقوم المصارف الإسلامية بتأسيس مجالس مكونة من علماء في الشريعة الإسلامية من أجل تقديم النصح والمشورة والمصادقة على عمل منتجاتها وفق أحكام الشريعة. وهناك نقص في هذا النوع من العلماء، وقليل منهم لديه خبرة في الشؤون المصرفية. وبسبب محدودية عددهم, ألقى بعض المراقبين اللوم على هؤلاء العلماء لموافقة مجالس الشريعة الخاصة بهم على إجازة عقود إسلامية مثيرة للجدل كمنتج التورق, وهو نوع من أنواع القروض الشخصية.
وهنالك أيضاً مخاوف من أنه على الرغم من أن المجالس الشرعية لديها الصلاحية لأخذ الشريعة في الاعتبار من جميع النواحي، فإنها تركز عملياً على محظورات قليلة ضيقة وهواجس تعاقدية.
دعم كبير للصكوك
ولم تقدم جميع البلدان الإسلامية دعمها الكامل لهذه المنتجات الإسلامية الجديدة مقارنة بالسندات التي حظيت بدعم واسع في سائر أنحاء العالم، بما في ذلك دعم المسلمين. على أن السندات الإسلامية حظيت بحصة صغيرة من السوق الدولية مع ضخ بسيط من جانب البلدان الغربية مثل إنجلترا, ألمانيا, وأمريكا. ولم تبذل البلدان الإسلامية جهوداً كبيرة لبناء منتجات مالية إسلامية قوية وموحدة لتكون هي المهيمنة في السوق الإسلامية على أقل تقدير.
وبوجود أنظمة أفضل تظل تتطور باستمرار على أيدي خبراء الاقتصاد المسلمين، يمكن أن تستطيع السندات الإسلامية جذب المستثمرين لكي يضخوا مبالغ ضخمة من الأموال في سائر أرجاء العالم. على أن هناك شكوكاً حول وجود شركات مناسبة ذات سجل أداء جيد تعمل على تدفق الأموال على نحو يوجه النمو الاقتصادي لجميع الصناعات ويكون قادراً على إدامة النمو العالي للأرباح.
وكما قال أحد كبار المسؤولين في معهد الفهم الإسلامي في ماليزيا، وهو مازيلان موسى: "الاختلافات لا تعدو كونها خلافاً بسيطاً وليس جوهرياً. وقد سلكت ماليزيا طريقاً يقوم على مشروعية المنتجات الإسلامية ما لم يكن هناك دليل يثبت العكس".
أما والحال كذلك، فإن التوفيق بين الآراء الشرعية ليس تحدياً كبيراً فحسب، بل هو شيء ضروري لكي يصل النظام الإسلامي إلى مستويات أعلى. ويقول المراقبون إن ماليزيا تعد منذ مدة رائدة على الصعيد العالمي في مجال النظام المالي الإسلامي، ويمكن لها بعد أن أصبحت رئيسة منظمة المؤتمر الإسلامي أن تحاول استخدام هذه المكانة على المستوى السياسي للدفع بهذا النظام إلى الأمام.