نحو نصٍ فادح وقصيدة أكثر استبداداً!!

نحو نصٍ فادح وقصيدة أكثر استبداداً!!

[email protected]

محاولتنا إنصاف المنجز الأدبي أياً كانت حيثياته تحتم علينا كذلك إدراك أن النص موقف لا ينفصل عن الذائقة بالضرورة ولا يتصل بالإبداع دائماً، وعليه ففاقد الشعر لا يعطيه كما أن كل نص يعرف مساره مسبقاً هو بالضرورة لا يستحق الكتابة.
ولكي نكون أكثر واقعية فإنني أقترح تصنيف النصوص بفئات تبعاً لمدى ما تقترحه هي من إضافة أدبية، هناك نص يكتب على طريقة "الغاية تبرر الوسيلة" فلا يجد صاحبه حرجاً في أن يرتكب الكتابة بمنتهى الأنانية فقط لمجرد رغبته في أن يكرس نفسه كشاعر – طبعا التسمية هنا لا تعبر عن واقعها إطلاقاً – بينما الأنانية تمثل صوت الذات الذي يعلو حتى على النص فيخرج صامتاً إلا من خطاب "الأنا" الصارخة بفجاجة حيث لا جمال ولا شعر، وحيث ليس كل ذاتية هي من قبيل ما فعل المتنبي ذات شعر، وبالتالي يفقد صاحبنا أجمل ما في نصه بمجرد أن يعطل قدرته على التمرد عليه.
في حين هناك نص يرتكب ذاته بأنانية على الشاعر الذي يحاول بكل ما يملك من إبداع أن يحتوي فداحة نصه ولا يقيدها، فهو يخلق الدهشة بقدر ما يحيد نفسه تجاه نزوات نصه، وبالتالي فهو حتماً سيكون إزاء قصيدة لا منتمية بالكامل له، بل انه في لحظة ما قد يتحول متلقياً لنصه الخاص!!
بين الشاعرين فارق نوعي ومسافة باتساع الذائقة التي تفهم جيداً متلازمة الشاعر والكتابة ومن يكتب الآخر، وبينهما كذلك جمهور يحكم وتاريخ لا يجامل، أما الأول فسيكسب نفسه وسيخسر الشعر، لمجرد مراهنته على جمال ذاتي يفترضه دون أن يكون موجوداً به أصلا، وبالتالي فهو لن يخرج حتماً بنص جديد من تلقاء أنانيته طالما أنه يستعلي بها على القصيدة وعلى الجمال، وأما الآخر فسيكسبهما معاً فقط لأنه لم ينتصر لذاته بقدر أتاح للجمال فرصة الانتصار عليه في معركة اللاوعي، ليستيقظ بعدها على قصيدة جميلة تتصالح معه وتمنحه في مقابل تضحيته بذاته فرصة جديدة في أن يراها بشكل أكثر روعة.

الأكثر قراءة