جورجيا تغري السياح بالصوف الذهبي

جورجيا تغري السياح بالصوف الذهبي

عندما تبطئ المياه الناجمة عن ذوبان الجليد تدفقها في جبال الذهب، لتصل إلى قطرات هينة في الخريف يغلق القرويون في منطقة سفانيتي شمال غربي جورجيا الأبواب على أبقارهم ويتوجهون إلى النهر للتنقيب عن الذهب.
ويمد مدرس القرية رولاند خفيبلياني قطعة من القماش في وعاء خشبي صغير ويضعه في مياه نهر أنجوري، ليمسك بما يمكنه الإمساك به من رقائق الذهب الدقيقة التي تطفو في المجرى.
وتجاوزت أسعار الذهب ثلاثة أمثالها تقريبا منذ عام 2001 ، لكن ذلك ليس له أهمية تذكر بالنسبة له حيث إنه يقوم بطقس كان يزاوله أسلافه على مدى قرون. ويعتقد مؤرخون من جورجيا أيضا أن الأسطورة اليونانية التي تحمل اسم "الصوف الذهبي" استلهمت من هذا الطقس.
وتقول الأسطورة.. يبحر جيسون والمغامرون عبر البحر الأسود إلى مملكة كولخيس وهي اليوم ساحل غربي جورجيا.
والصوف الذهبي ذي القوة الملكية هو المعادل لقطعة القماش لدى خفيبلياني فمنذ قرون كان الناس يضعون صوف الأغنام في النهر لاصطياد دقائق الذهب العالقة ثم يعلقوه بعد ذلك ليجف.
يتذكر سكان قرية يلي كيف أن الديكتاتور السوفياتي جوزيف ستالين، وهو نفسه من أصل جورجي كان اسم أسرته دوجوجافيلي أرسل مهندسين وجيولوجيين روسا إلى المنطقة لتعدين الذهب بكميات على المستوى الصناعي.
غير أن الخطة لم تدم طويلا فقد كانت المنطقة نائية للغاية كما أن عروق الذهب تحت الأرض كانت مراوغة بحيث جعلت من الصعب دوام الخطة.
وأصبح التنقيب عن الذهب مرة أخرى مهنة لبعض الوقت للسكان المحليين، رغم أنه لم يعد هناك الكثير الذي يمكن العثور عليه بعد وقوع انهيار أرضي في منطقة أعلى مصب النهر في وقت سابق من العام الحالي جعلت منحدرا صخريا يهوي في نهر أنجوري مما عاق النهر وحد من تدفق الذهب.
وكل أسر يلي التي يبلغ عددها 22 أسرة تعمل بالتنقيب عن الذهب في النهر.
وقال خفيبلياني الذي يبيع ما يعثر عليه من ذهب لتجار الذهب
المحليين "أحيانا لا أعثر على أي شيء وأحيانا جرامين".
وجماعة سفاني العرقية المحلية معروفة من قرون بذهبها وبأن رجالها من المحاربين الشجعان.
وسفاني معروفة بأنها "أرض الألف برج" بسبب الأبراج الصخرية التي ترقش التلال.
وهذه الأبراج التي بنيت بين القرنين التاسع والثالث عشر الميلاديين كانت تهدف إلى الدفاع ضد الغزاة الأجانب أو أبناء القبائل الذين كانوا يهاجمون لتنفيذ أعمال ثأرية اشتهر بها أبناء سفاني.
وكل عشيرة تملك برجا. وعندما يكون هناك هجوم كانوا يخرجون من منازلهم ويصعدون الدرج الصخري إلى البرج. والآن تستخدم أسر هذه الملاجئ لإيوائها من انهيارات الثلوج من جوانب الجبال فيما تشجع حكومة جورجيا الإصلاحية غزوا آخر هو غزو السياح.
وسفاني منطقة لم يشهدها كثيرون من العالم الخارجي. وفي ظل الحكم السوفياتي لم يكن الأجانب موضع ترحيب ومنذ الاستقلال تعاني جورجيا من الحروب الأهلية والجريمة مما يجعل السياح لا يغامرون بالذهاب إلى المنطقة إلا أكثرهم جرأة.
ويريد الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي أن يغير هذا وقد اتخذ بالفعل إجراءات صارمة ضد الجريمة والفساد, ويدفع السياحة كوسيلة لرفع البلاد من وهدة الفقر.
وتحتل سفاني التي يوجد فيها خمسة من أعلى قمم جبال القوقاز العشرة موقعا بارزا في جدول أعمال التنمية لدى ساكاشفيلي. وتراود آمال بأن يجتذب الجليد الموجود طوال العام والثقافة الفريدة المتحمسين للتزلج والسياحة.
وقال نينو جباريدزه رئيس منطقة مستيا "في عام 2006 استضفنا ما بين 1800 إلى ألفي سائح وفي عام 2007 عشرة آلاف. والآن لدينا نقص في الأماكن المتاحة لإقامة السياح في بيوت الضيافة".
وللتغلب على نقص الفنادق في مستيا بدأ السكان المحليون في استضافة السياح في منازلهم.
وتعد أوشجولي على نحو خاص موضع جذب لمتسلقي الجبال حيث ترتفع 2400 متر عن مستوى سطح البحر, وتزعم أنها واحدة من أكثر القرى المأهولة في أوروبا.
كذلك تزعم قرية يوف في سويسرا الشيء نفسه، لكنها ترتفع فحسب 2126 مترا عن مستوى سطح البحر وفقا لما تذكره هيئة السياحة السويسرية.
وقال فرانك فان ريين وهو سائح من هولندا عمره 59 عاما "أنا أقيم مع أسرة ولا أحتاج إلى فندق إنتركونتننتال. أنا أسافر بخيمة ويمكنني أن أضعها في أي مكان".

الأكثر قراءة