الكشف عن طائرات إسعاف جديدة لإنقاذ الجنود
قوات أمريكية محاصرة في مركز مدينة مزدحم بشدة، وكثير منهم مصابون وفي حاجة ماسة إلى نقلهم فورًا بعيدًا عن أرض المعركة. وفي الأفق أميال وأميال من الطرق المتقاطعة ، وآلاف من رشاشات العدو تفصل بين هؤلاء الجنود وأقرب قاعدة عسكرية لهم. ولقد حاصر خطر القنابل اليدوية المدفوعة الطائرات الهليكوبتر الضخمة الناقلة للجنود.
ولكن، مازال هناك بصيص من الأمل لهؤلاء الجنود، ألا وهو الطائرة التي تعرف باسم Mule: وهي عبارة عن طائرة إخلاء صغيرة الحجم، مؤتمتة تمامًا تعمل بمراوح أنبوبية – وهي شفرات دوارة محاطة إحاطة السوار بالمعصم أصغر حجمًا وأكثر فعالية من دوارات الطائرات الهليكوبتر التقليدية. وبحسب مجلة "Popular Science"، فإن هذه الفكرة التي ابتكرتها هيئة علم الطيران المدني الإسرائيلية من شأنها إحداث ثورة في مجال الرعاية الطبية الطارئة العسكرية والمدنية. ففي غضون دقائق من بث الجنود إحداثياتهم عبر نظام تحديد المواقع العالمي، تنطلق طائرتان بسرعة 100 ميل في الساعة وتهبطان بسلاسة أعلى أسقف المباني الصغيرة. ويتم نقل المصابين إلى حجرات صغيرة على جانبي طائرة الاستشعار دون طيار UAV – تستطيع كل طائرة أن تحمل مصابيْن – وبعدها تنطلق مراوح الرفع الطولية والخلفية للإقلاع الرأسي. وما أإن تقلع الطائرة في الهواء، يصدر صوتًا مواسيًا يهدئ من روع المصابين عبر أجهزة الراديو ويصرف انتباههم عن إطلاق النيران الجاري بالخارج على أرض المعركة، والفكرة المزعجة أن منقذيهم ما هم سوى أناس آليين.
إن المفهوم الأساسي بحسب تصريحات مصمم الطائرة رافي يويلي البالغ من العمر 56 عامًا هو بناء طائرة لها القدرة على اختراق الغابات الكثيفة، ومراكز المدن، وميادين القتال التي لا قبل لطائرات الهليكوبتر بدوراتها الضعيفة باختراقها. ويعكف يويلي الذي أسس علم الطيران المدني وعمل لدى شركات مثل بوينج على بناء نموذج أولي على أن يُختبر في أول معركة له عام 2009. ومن منطلق كونها طائرة بلا طيار، فهي خفيفة الوزن وقادرة في الوقت نفسه على مجابهة نيران العدو. ويبذل يويلي قصارى جهده أيضًا ليحد من تكلفة الطائرة. هذا وقد أبدت السلطات المدنية والعسكرية في الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول اهتمامها بفكرته التي يتكلف تنفيذها 1.5 مليون دولار أمريكي. جدير بالذكر أن تصميم المروحة ثنائية الأنابيب للطائرة طراز Mule مستوحى من تجارب "الجيب الطائرة" التي أجريت في خمسينيات القرن الماضي وباءت بالفشل. وشاء القدر أن تشوب هذه النماذج الأولية مشكلات ديناميكية هوائية، ووزن زائد، ومراوح أنبوبية ضعيفة جدًا. ويعتمد يويلي على مواد مركبة جديدة تتسم بخفة الوزن، وبرمجيات طيران مستقل متطورة، وتصميم أنبوبي حاصل على براءة اختراع ينهض بفعالية وكفاءة المراوح.
والسر وراء كفاءة هذه الطائرة يكمن في سلسلة من ريش المراوح التوجيهية بأعلى (مدخل) وأسفل (مخرج) المراوح. وهذا النوع من "الدفع الموجه" يوجه الطائرة باستخدام تدفق هوائي موجه بدلا من أسطح التحكم. وتعلق جانينا فرانكل يويلي زوجة رافي ومديرة التسويق للمشروع على إمكانات الطائرة قائلة "إنها تمنحك ست درجات كاملة من الحركة".ويواجه علم الطيران المدني العديد من المعوقات، ويقول بوب بيهلر، وهو جنرال متقاعد من القوات الجوية سبق له أن قاد طائرة إخلاء طبية ويعمل حاليًا لصالح شركة MITRE التي تجري أبحاثًا فنية للحكومة الأمريكية، :"لقد شاع استخدام المراوح الأنبوبية لسنوات عديدة. فهي شديدة الفعالية، بيد أن هناك بعض الشكوك التي تكتنف الثقة في أسلوب الدفع الموجه". ومع ذلك، يزعم بيهلر أن الطائرات التي تعمل بالمراوح الأنبوبية رائعة للعمليات المدنية.
يفسر بيهلر ذلك قائلا: "يجب أن يكون لدينا مركبة لديها القدرة على التنقل ببطء، وتفادي المعوقات التي تعترض طريقها". وعلى الرغم من رأيه هذا، إلا أنه مازال قلقًا بشأن عدم وجود رعاية صحية بشرية على الطائرة تقدم للمصابين. وتوافقه فرانكل يويلي الرأي إلى حد ما، فتقول تعقيبًا على ما قاله "بالنسبة لعمليات الإخلاء العادية، لا شك أن هذه الطائرة ليست الوسيلة المفضلة. ولكن إذا كان المصاب في حالة خطرة، وما من سبيل آخر لتقديم يد المساعدة له، فالأمر لا يحتمل التردد". وتزعم فرانكل أن أخطر مشكلة تواجه المشروع نفسية بحتة في المقام الأول "فالمشكلة تكمن في التغلب على الخوف الطبيعي الذي ينتاب من يستقل طائرة دون طيار".
تعتمد الطائرات طراز Mule على مراوح أنبوبية فائقة الكفاءة – وهي في الأساس عبارة عن ريش هليكوبتر مغطاة بالكامل – للإقلاع الرأسي. وتوجه أنظمة ريش المراوح الاندفاع في أي اتجاه بحيث تسمح للطائرة بالتحرك جانبيًا وللأمام وللخلف دون التحرك على الأرض. وإذا غير أي من الدوارين الأمامي والخلفي من سرعتهما، تتحرك الطائرة حركة متعرجة إما جهة اليسار أو جهة اليمين. يمد محرك هليكوبتر رولز رويس 250-سي30 توربيني المراوح عكسية الحركة ثلاثية الشفرات في الأمام والخلف بالطاقة. ويخرج المحرك طاقته عبر قمة جسم الطائرة.
تجعل الدوارات المحاطة إحاطة السوار بالمعصم بداخل المراوح الأنبوبية الطائرة طراز Mule أقل عرضة لنيران العدو، وتسمح لها بالهبوط في أماكن ضيقة. وعند الطيران الأمامي، تفتح شقوق التهوية في الأمام والخلف لتقليص ممانعة الهواء. وتضيف المراوح المركبة قوة إضافية. كما أن أدوات التحكم المؤتمتة في تقنية الطيران السلكي الكهربي محل ثقة وشديدة الدقة حيث تسمح بالمراوغة برشاقة وخفة وسط المعوقات، والهبوط على أراض وعرة.