كيف تتعزز الثقة في الاقتصاد السعودي؟

كيف تتعزز الثقة في الاقتصاد السعودي؟

[email protected]

لقد تناولنا في المقالات الثلاثة الأخيرة من زاوية "اختلالات" واقع الاقتصاد السعودي وإشكالية عدم وجود استراتيجية واضحة المعالم لهذا الاقتصاد يمكن للمستثمر المحلي والأجنبي الاعتماد عليها والعمل من خلالها. إن الواقع هو على العكس من ذلك تمامًا، فقد رأينا نوعًا من العشوائية في القرارات المتعلقة بالاستثمار والتخطيط وتوظيف العمالة، مما أدى إلى حدوث اختلالات هيكلية واضحة. من ذلك عدم القدرة على تنويع مصادر الدخل والتحول من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد الإنتاجي. كما أن القطاع الخاص ما زال غير قادر على تحقيق المردود الإيجابي المطلوب منه. إلى جانب ذلك رأينا أيضًا انخفاضًا في مستوى الوعي الاستثماري لدى المواطن والمستثمر السعودي، وعدم إدراك لأهمية رأس المال البشري في تحقيق التنمية الحقيقية المبنية على قاعدة إنتاجية مدعمة ذاتيًا وبصفة مستمرة.
لقد أكدت دراسات ميدانية عديدة أن تعزيز البيئة الاستثمارية في المملكة يجب أن يأتي ضمن أولويات متخذ القرار بسبب أهمية ذلك في تعزيز معدلات النمو الاقتصادية وخلق المزيد من فرص العمل في جميع المجالات. هذه الدراسات ألقت الضوء على العديد من الموضوعات ونقاط الضعف التي تحيط بالبيئة الاستثمارية في المملكة وتعرقل النمو الاستثماري فيها، والتي يتعين التعامل معها بالسرعة والكفاءة المطلوبتين. إن المملكة العربية السعودية كما ذكرنا مرارا تتمتع بإمكانات اقتصادية كبيرة ومتنوعة وتمتلك سوقاً واسعة وقوةً شرائيةً كبيرةً جدًا، ومع ذلك فإن الواقع يشير إلى عدم الاطمئنان فيمـا يتعلق بالبيئـة الاسـتثمارية السائدة. إن لدى الاقتصاد السعودي مقومات عديدة للنجاح شريطة أن يتم توظيف تلك المقومات نحو معالجة الخلل ومواجهة التحديات التي تعترض مسيرة الاقتصاد . إنه لا يمكننا أن نقوم بدور فاعل وحقيقي في تنمية الاقتصاد السعودي وجعله اقتصادًا إنتاجيا ما لم نؤمن بوجود التحديات والاختلالات الهيكلية التي أشرنا إليها. إن قبولنا لهذه التحديات يشكل الخطوة الأولى والأساسية نحو تعزيز الثقة في الاقتصاد السعودي وفي رغبتنا في تحقيق صياغة جديدة لسياسة استثمارية ناجحة. إن محاولة الكثيرين من رجال الإعلام والسياسة إقناع المستثمر المحلي والأجنبي على حد سواء بأن الاقتصاد السعودي اقتصاد آمن وذو مناخ استثماري رائع محاولة خاطئة لا تساعد في حل المشكلة، بل تزيد الأمر سوءًا وتفقد الثقة بشكل أكبر لدى المستثمر المحلي قبل الأجنبي. إن الاستمرار على الحالة التي نحن عليها الآن المتمثلة في غياب استراتيجية اقتصادية بعيدة المدى وذات رؤية واضحة ومحددة للاقتصاد السعودي من شأنه أن يضعف من سمعة الدولة على الصعيد العالمي وأن يسجل تراجعاً واضحًا على الساحة الإقليمية والعالمية. من هنا فإن وجود مثل هذه الاستراتيجية التي من الضروري أن نحدد فيها الأهداف والآليات لكل طرف من الأطراف سواء كان قطاعًا عامًا أم قطاعًا خاصًا أم أفرادًا أمر غاية في الأهمية. هذه الاستراتيجية يجب أن تدعم بمجموعة من المتطلبات، سوف يتم الحديث عن أهمها في المقالات القليلة المقبلة إن شاء الله.

الأكثر قراءة