خبراء: ضرب إيران يهدد بضياع المكاسب الاقتصادية الخليجية

خبراء: ضرب إيران يهدد بضياع المكاسب الاقتصادية الخليجية

خبراء: ضرب إيران يهدد بضياع المكاسب الاقتصادية الخليجية

"الاقتصادية" من دبي
حذر خبراء أمنيون واقتصاديون وسياسيون خليجيون في الندوة الرمضانية السنوية لـ " الاقتصادية " التي استضافها المجلس الرمضاني للفريق ضاحي خلفان تميم قائد عام شرطة دبي مساء الجمعة الماضي مما وصفوه بنتائج " كارثية " على الاقتصادات الخليجية في حال وجهت ضربة عسكرية أمريكية لإيران.
وأجمع المتحدثون الذين تقدمهم الفريق ضاحي خلفان وأحمد الطاير رئيس مجلس إدارة بنك الإمارات الدولي والمحامي الدكتور حبيب الملا وعلي إبراهيم نائب مدير دائرة التنمية الاقتصادية في دبي على أن الانعكاسات السلبية على الاقتصادات الخليجية من جراء فرض مقاطعة اقتصادية على طهران لن تكون أقل كارثية من الحرب على اعتبار أن إيران تعد الشريك التجاري الأول للعديد من دول الخليج خصوصا الإمارات، حيث من المتوقع أن تتوقف حركة الموانئ, وتدفقات التحويلات النقدية الإيرانية إلى الإمارات.

وفي مايلي مزيدا من التفاصيل:

حذر خبراء أمنيون واقتصاديون وساسة خليجيون في الندوة الرمضانية السنوية لجريدة " الاقتصادية " التي استضافها المجلس الرمضاني للفريق ضاحي خلفان تميم قائد عام شرطة دبي مساء الجمعة مما وصفوه بنتائج "كارثية" على الاقتصاديات الخليجية في حال وجهت ضربة عسكرية أمريكية لإيران.
وأجمعوا على أن الانعكاسات السلبية على الاقتصاديات الخليجية من جراء فرض مقاطعة اقتصادية على طهران لن تكون أقل كارثية من الحرب على اعتبار أن إيران تعتبر الشريك التجاري الأول للعديد من دول الخليج خصوصا الإمارات حيث من المتوقع أن تتوقف حركة الموانئ, وتدفقات التحويلات النقدية الإيرانية إلى الإمارات.
ودعوا مجلس التعاون الخليجي للتحرك من خلال إبراز خطورة اندلاع الحرب على الأوضاع الخليجية وحث الأطراف الأمريكية والغربية على اتباع النهج السلمي مع إيران كما حدث مع كوريا الشمالية بشأن ملفها النووي معتبرين أن حربا جديدة في الخليج سوف تبدد كامل المكاسب التي حققتها الاقتصاديات الخليجية طيلة السنوات الماضية وتهدد الأمن الاقتصادي للخليجيين.
كما دعا قائد عام شرطة دبي دول الخليج إلى إحياء مشروع المغفور له الشيخ راشد بن سعيد مؤسس دبي بشأن شق قناة مائية تمتد من رأس الخيمة إلى بحر العرب في عمان لتفادي تعرض ناقلات النفط لضربات إيرانية مقترحا أيضا على دول مجلس التعاون قبول إيران في عضوية المجلس قائلا " إنها جارة مسلمة وليس بينها وبين دول مجلس التعاون كراهية، علاوة على أنها سوق استهلاكية ضخمة للمنتجات والصادرات الخليجية " وهو الاقتراح الذي آثار جدلا واسعا بين الحضور، وشدد المشاركون بحضور عدد من الكتاب والسياسيين والإعلاميين على أهمية وضع حلول شاملة لمعالجة قضايا الغلاء وارتفاع الأسعار وإيجارات المساكن التي تتسبب في ارتفاع معدلات التضخم محذرين من تراجع مكانة الطبقة الوسطى في المجتمعات الخليجية بعدما تمكن الغلاء من رواتبها المحدودة.
وأكدوا على أهمية إنشاء مراكز بحثية متخصصة لدراسة التحديات التي تواجه المجتمعات الخليجية اقتصاديا وسياسيا على أن يتم تمويلها من القطاع الخاص إدراكا من الحكومات بدور القطاعين العام والخاص في تحقيق الأمن الاقتصادي على أن تتولى هذه المراكز وضع مرئياتها أمام صناع القرار.
وشارك بالنقاش في الندوة التي حملت عنوان "الأمن الاقتصادي في الخليج" وأدارها الزميل عبد العزيز التويجري مسؤول تحرير جريدة "الاقتصادية" في الإمارات إلى جانب قائد عام شرطة دبي كل من أحمد حميد الطاير رئيس مجلس إدارة بنك الإمارات الدولي, وعلي إبراهيم نائب مدير عام دائرة التنمية الاقتصادية بدبي, والمحامي المعروف د. حبيب الملا والعميد خميس مطر المزينة مدير الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية بشرطة دبي
وفيما يلي ما جاء في الندوة من مناقشات:-

نتائج اقتصادية كارثية

"الاقتصادية": هل هناك ارتباط بين الأمن العام والأمن الاقتصادي ؟ وهل أمن منطقة الخليج بشكل عام مهدد في ظل التوترات التي تواجهها ؟

الطاير:
الأمن بمفهومه الشامل كل لا يتجزأ, فالمنظومة الأمنية والاقتصادية تستهدف في النهاية خلق مجتمع مستقر يؤدي إلى إنعاش الحركة الاقتصادية والتجارية وفي الوقت ذاته تأمين الناس على أموالهم وممتلكاتهم ..والقطاع المصرفي والمالي صمام أمان في الحياة الاقتصادية, ولا يستطيع هذا القطاع الازدهار مالم تكن هناك منظومة أمنية متكاملة قادرة على خلق الأمن والاستقرار, وكما يقال فإن رأس المال جبان لن يأتي للاستثمار في مكان ما لم يجد فيه الاستقرار والشفافية.
وعلى الرغم من أن دول الخليج مرت خلال الـ 30 عاما الماضية من توترات وحروب إلا أنها استطاعت حفظ حقوق الناس وحافظت على البيئة الاقتصادية, ولعل ما نراه اليوم من تدفق للاستثمارات الأجنبية دليل على الثقة في القطاع المصرفي وعلى وجود أمن واستقرار في المنطقة رغم التوترات.
نعم منطقة الخليج دوما منطقة توترات سياسية, واستنزفت الحروب التي مرت بها منذ حرب الخليج الأولى الكثير من مواردها فالعراق قبل حربه مع إيران كانت احتياطياته تقدر بنحو 75 مليار دولار, كان بلدا غنيا بموارده, ولم تستنزف هذه الحرب العراق وحده بل استنزفت كثيرا كافة دول الخليج، فالكويت اضطرت لوضع أعلام أمريكية وسوفيتية لتأمين ناقلات النفط بل إن الكثير من السفن امتنعت عن دخول بعض دول الخليج، الأمر الذي دفع الشيخ محمد بن راشد إلى ضمان أية باخرة تدخل الموانئ الإماراتية، كما أنه لولا طيران الإمارات لانقطعنا عن العالم.
إذن الحرب العراقية وما تلاها من غزو العراق للكويت والحصار على العراق وما تبعه من غزو له استنزف موارد طائلة من دول الخليج, وصارت المنطقة معروفة بعدم الاستقرار وهو ما بدنا نشعر به هذه الأيام مع تصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة وصدور قرار من الكونجرس الأمريكي بتقسيم العراق ...وهنا أدعو مجلس التعاون الخليجي بالتحرك للأمام خصوصا أنه أصبح من منظور الخليجيين صمام أمان للمنطقة بالضغط للحيلولة دون وقوع حرب جديدة ستكون لها انعكاسات سلبية على الاقتصاديات الخليجية, وستكون نتائجها كارثية.
ويمكن أن يكون التحرك الخليجي عبر الدعوة نحو اتباع النهج الدبلوماسي مثلما اتبع مع كوريا الشمالية لأن ذلك هو الحل الأمثل بدلا من الحرب الكارثية ومن المقاطعة الاقتصادية لإيران التي لن تقل نتائجها عن الحرب ذلك أن دول الخليج خصوصا الإمارات تتمتع بتعاملات تجارية قوية مع إيران التي تعتبر الشريك التجاري الأول للإمارات إضافة إلى تراجع التدفقات النقدية الإيرانية إلى الاقتصاديات الخليجية.

القلق من وقوع حرب جديدة

الفريق ضاحي خلفان:

هناك حالة من القلق تعم منطقة الخليج, فالخوف من وقوع حرب جديدة مع إيران بات هاجس الجميع في ظل الأصوات المرتفعة من أمريكا إلى الغرب باحتمال توجيه ضربة إلى إيران التي تهدد بضرب مهاجمة السفن التي تنقل النفط عبر مضيق هرمز، الأمر الذي سيخلف نتائج وخيمة على دول الخليج صحيح أن أسعار النفط سوف تصل إلى أرقام خيالية لكن السؤال: ماذا عن النفط الخليجي ؟ هل سيعبر مضيق هرمز بسلام في ضوء التجارب الإيرانية السابقة عندما هاجمت طهران منتصف الثمانينات أثناء حربها مع العراق ناقلات النفط بطرادات صغيرة في حين أنها اليوم تمتلك إمكانيات صاروخية بعيدة المدى؟
نعم نحن نشعر بقلق يزداد يوميا مع ظهور الرئيس الأمريكي جورج بوش كل يوم معلنا أنه سيواجه إيران إما بضربة عسكرية أو بشكل أو بآخر, فهناك صناع للحروب وصناع أزمات في الولايات المتحدة وفي الغرب أيضا، كما أن احتمالات وقوع الضربة باتت قوية جدا في ظل انخفاض شعبية بوش والحزب الجمهوري والنتائج السلبية في العراق وأفغانستان إضافة إلى قرب الانتخابات الرئاسية التي قد تدفع القادة الأمريكيين لاتخاذ قرار ضرب إيران لتحسين موقف المرشح الجمهوري في الانتخابات. ..والسؤال هنا: ما تأثير ذلك على الأمن الاقتصادي الخليجي ؟ ماذا لو تمادت إيران وأحكمت قبضتها على مضيق هرمز ومنعت عبور النفط ؟

إغلاق مضيق هرمز

"الاقتصادية": ماذا سيحدث ؟ وما الحل خليجيا ؟

يتعين على دول الخليج التحرك للعب دور لمنع اندلاع الحرب, وأن ترفع صوتها محذرة من التهور ودفع المنطقة إلى حروب جديدة وأن تظهر كافة دول مجلس التعاون موقفا خليجيا موحدا وألا يظهر من يغرد خارج السرب خصوصا أن علاقتنا متميزة مع كافة الدول ذلك أن خسائر الحرب ستكون خطيرة على الاقتصاديات الخليجية.
النقطة الثانية تمكن في الإجابة عن السؤال التالي: لماذا أمن اقتصادنا الخليجي مرهون دوما بمضيق هرمز بحيث لو وقعت إشكالية بين إيران والغرب أو بين إيران وجيرانها تعرضت مصالحنا للضرر ؟ هنا أدعو دول الخليج إلى إحياء فكرة المغفور له الشيخ راشد بن سعيد مؤسس دبي أواسط الثمانينيات بشق قناة من رأس الخيمة حتى بحر العرب بحيث تبتعد ناقلات النفط عن المخاطر وهي الفكرة التي طرحها الشيخ راشد وقتها ردا على مهاجمة إيران لناقلات النفط.

الملا :
نعم إغلاق مضيق هرمز ستكون له انعكاسات خطيرة على الاقتصاديات الخليجية فإلى جانب توقف صادرات النفط فإن الواردات الخليجية من السلع والبضائع سوف تتوقف هي الأخرى، كما أن السعي الأمريكي لاستصدار قرار من مجلس الأمن بفرض مقاطعة اقتصادية على إيران التي هي أكبر شريك تجاري للإمارات سيخلق وضعا اقتصاديا سيئا سواء على الأفراد أو البنوك أو الموانئ.

إنصاف الطبقة الوسطى

"الاقتصادية": هل تضمن التشريعات والقوانين الخليجية للأفراد الإحساس بالأمن الاقتصادي ؟

د. حبيب الملا:
لا بد من أن تلعب التشريعات والقوانين ثلاثة أدوار مهمة لضمان الأمن الاقتصادي الأول فرص متساوية لجميع أفراد المجتمع في كافة المناحي الاقتصادية, والثاني منع السيطرة أو تغول فئة أو طبقة أو مجموعة أفراد من المجتمع على فئة أو طبقة أخرى في المجتمع, والثالث في حال وقعت خروقات للقوانين الضامنة للأمن الاقتصادي لابد أن تكون هناك وسائل فعالة يلجأ إليها الأفراد ( القضاء ) لتحقيق الإنصاف.
وفي رأيي أن القضية ليست في التشريعات والقوانين, فهناك قوانين حماية المستهلك وقوانين مكافحة الاحتكار إنما السؤال الأهم: كيف يستطيع المجتمع حماية الأمن الاقتصادي بمفهومه الشامل إذا كان هناك أفراد محرومون من أبسط حقوق الحياة مثل التعليم وفرص العمل ؟
مثل هذه القضايا مهمة لأن عدم مواجهتها يؤدي إلى نشوء طبقات حاقدة على غيرها من أفراد المجتمع خصوصا ونحن في كافة المجتمعات الخليجية نمر بطفرة اقتصادية ونمو عمراني غير مسبوق, وتعيش بيننا طبقات محرومة من السكن، الأمر الذي يهدد سلامة المجتمعات، لذلك أدعو إلى مواجهة مثل هذه الأمور حتى لو تطلب الأمر سن تشريعات وقوانين لإنصاف هذه الشرائح أو الطبقات المحرومة.
الحل إذن يكمن في معالجة سياسية شاملة وليس في وضع حلول جزئية كما تفعل وزارة الاقتصاد والتجارة في مواجهة غلاء الأسعار, فعلى الرغم من حديث المسؤولين عن رقابة الأسواق والتصدي لرفع الأسعار إلا أننا يوميا نشهد ارتفاعات جديدة فالوزارة بكل سلطاتها لن تستطيع وقف الغلاء، فالأمر يحتاج إلى معالجة شاملة.

علي إبراهيم:
الأمن الاقتصادي يعرف بأنه توفير الاحتياجات الأساسية للإنسان من مسكن ومأكل وصحة وتعليم وهذا يتطلب توفير دخل ثابت له وهنا تأتي أهمية توفير فرص العمل أمام أفراد المجتمع لأن الفرد بدون عمل يعيش في فراغ وبالتالي لا يتوفر له الدخل الثابت الذي يمكنه من العيش وإن تسبب ارتفاع تكاليف المعيشة ومعدلات التخضم, وزيادة الأسعار في السنوات الأخيرة في انعكاسات سلبية خصوصا على أصحاب الدخول الثابتة وهو ما يؤثر في حياة الأفراد ويهدد أمنهم الاقتصادي.

وهنا يتعين على الحكومات التدخل لإيجاد آليات للحد من هذه الانعكاسات السلبية لأنها ستقود في النهاية إلى وقوع انحرافات سلوكية بين أفراد المجتمع, ويمكن أن يكون التدخل الحكومي عن طريق تخصيص نسب معينة من أسهم شركات المساهمة العامة الجديدة لأصحاب الدخول الثابتة, وتخصيص أسهم لموظفي الشركات, وطرح مشاريع صغيرة ومتوسطة لتشجيع أفراد المجتمع على توفير مصادر دخل أخرى إلى جانب الدخل الثابت، كما يمكن مواجهة التضخم والذي يسهم في ارتفاع غلاء المعيشة عن طريق اتخاذ إجراءات كما فعلت الإمارات بوضع سقف لارتفاع إيجارات المساكن التي تعتبر سببا رئيسيا في ارتفاع الأسعار، لكن في المقابل هناك جزء من مسببات التضخم يعتبر مستوردا ناتجا عن ارتفاع أسعار السلع والبضائع في بلد المنشأ وباعتبارنا دولا مستوردة للحصة الأكبر من احتياجاتها السلعية ستظل أسعار السلع تسجل ارتفاعا طالما ترتفع في بلد الصنع إضافة إلى النتائج السلبية لارتباط الدرهم بالدولار الذي يسجل انخفاضا كبيرا.

الجرائم الاقتصادية...والأمن
"الاقتصادية": هل الجرائم الاقتصادية مثل غسل الأموال, والغش والتزوير من القضايا التي تهدد الأمن الاقتصادي ؟

العميد بالمزينة:

منظومة الأمن عامة مرتبطة بالاقتصاد, ورؤوس الأموال عادة ذكية وليست جبانة كما توصف دوما فهي تلجأ إلى أماكن ومواقع الاستثمار المستقرة أمنيا كي تستقر فيها, ومن منظور الأمن تعتبر جرائم مثل غسيل الأموال والغش أو التزوير من الجرائم التي تؤثر سلبا في الاقتصاد خصوصا في دول الخليج التي نجحت في السنوات الأخيرة في خلق بيئة استثمارية استقطبت رؤوس أموال أجنبية وتوفر فرصا استثمارية عديدة.
وطبيعيا يصاحب هذا النشاط الاستثماري الجذاب جوانب سلبية مثل وقوع نوعية من الجرائم الاقتصادية، غير أن التشريعات والقوانين مثل قانون مكافحة غسيل الأموال تساعدنا في الحد من مثل هذه الجرائم حيث تمكنا من خلال التسيق مع الأجهزة الأمنية في دول الخليج من ضبط جرائم عدة, والحقيقة أن تبادل المعلومات الأمنية بين دول مجلس التعاون يسهم في الحد من وقوع مثل هذه الجرائم.
لكن في الفترة الأخيرة برزت قضية غسيل الأموال في صدارة الجرائم الاقتصادية التي يتم متابعتها من خلال الأجهزة الأمنية سواء في الإمارات أو في بقية دول الخليج أو مع بقية دول العالم إذا كان لها تبعات أو امتدادات وتشعبات وذلك من خلال التعاون مع الأجهزة الأمنية ...وهنا بوسعي القول إننا نجحنا في شرطة دبي من الإمساك بعصابة كانت تخطط لاختلاس ما لايقل عن 750 مليون دولار شهريا من مؤسسات مالية ومصرفية عبر تقديم مستندات غير صحيحة, وهذه العصابة كانت تدار من قبل تنظيم مشترك بعضه في الإمارات والآخر من الخارج.

القروض والغلاء

"الاقتصادية": البنوك تسببت في توريط العديد من الأسر الخليجية محدودة الدخل في الاقتراض ..ألا يؤثر ذلك في الأمن الاقتصادي ؟ وكيف يمكن لهذه الأسر مواجهة تكاليف المعيشة الآخذة في الارتفاع ؟

الطاير

هناك بالطبع سوء استخدام للقروض لكن لا تزال نسبة الديون المشكوك في تحصيلها ضعيفة للغاية, وهناك ضوابط وضعها البنك المركزي بشأن الإقراض الشخصي بحث لا يزيد القسط المستحق لسداد القرض عن نسبة محددة من الراتب, والإقراض بات ضرورة ملحة للكثير من فئات المجتمع لمواجهة تكاليف المعيشة والاحتياجات المتزايدة للأفراد, وقديما كان المشتغلون بالغوص يقترضون من النوخذة لمواجهة احتياجاتهم, وهو ما يعني أن الاقتراض سيظل موجودا لكن بشروط وضوابط وهنا تأتي أهمية التوعية خصوصا للشباب حديث التخرج المقبل على الحياة والذي يتورط في قروض بهدف المباهاة ليس أكثر.

الملا:

المؤكد أن التضخم والغلاء يطحنان الطبقة الوسطى التي تضطر إلى الاقتراض من البنوك فمعدلات التضخم في الإمارات تقدر بنحو 18 في المائة ومرشحة للزيادة خلال الفترة المقبلة مع انخفاض الدولار واتخاذ قرار مصرف الإمارات المركزي بخفض سعر الفائدة، وهذا يعني أن المجتمع سيظل يعاني وجود طبقة ثرية بسبب الطفرة الاقتصادية وطبقة لا أقول معدومة بل قريبة من العدم, فقبل 20 عاما كانت الإمارات تتسم بوجود طبقتين الأولى ميسورة والأخرى قريبة من اليسر, بعكس اليوم أصبح الكثير من أفراد المجتمع لا يجدون المسكن الخاص وهذا معناه نمو فاحش في ثروة البعض, وتدني في الدخل الحقيقي لمعظم طبقات المجتمع, وهذا يخلق مشاكل اجتماعية عديدة ويهدد الأمن الاقتصادي لشريحة كبيرة من المجتمع.

ضاحي خلفان:

واحدة من دعائم الأمن الاقتصادي الخليجي اندماج الشركات الخليجية بعضها البعض, فليس من المتصور أن يتخذ القادة الخليجيون قرارات بالوحدة الخليجية ويتم عرقلة التنفيذ ..على سبيل المثال اتخذ القادة قرارا بفتح فروع للبنوك الخليجية في دول المجلس ومع ذلك يعرقل أصحاب المصالح والمنافع الشخصية ذلك لسبب أنهم قد يجدون في البنك الخليجي القادم منافسا لبنك يتولاه شخص ما, والأمر ذاته ينطبق على المصانع الخليجية التي تجد صعوبة في إدخال منتجاتها وسلعها أسواق خليجية أخرى في حين يسمح للبضائع والسلع الأجنبية بالدخول دون قيود أو مشاكل ..من هنا أقول إن الاندماج بين الشركات الخليجية سيكون أفضل بكثير للاقتصاديات الخليجية.

دور الدوائر الاقتصادية ومراكز البحوث

"الاقتصادية": هل يمكن أن تلعب الدوائر الاقتصادية دورا في تحقيق الأمن الاقتصادي ؟

علي إبراهيم:

من المؤكد أن للدوائر الاقتصادية دورا كبيرا في تحقيق التنمية الاقتصادية التي تكفل بالتالي تحقيق الأمن الاقتصادي لكافة فئات المجتمع، ومن هذه الأدوار إعداد الخطط التنموية, ورسم السياسات الاقتصادية ورعاية القطاعات الاقتصادية, وتطوير قطاعات الأعمال وتنظيم وإقامة الفعاليات الترويجية مثل المهرجانات التسويقية, وطرح المبادرات وتنمية المشاريع الاقتصادية.
كما لابد أن تكون المؤسسات والدوائر الاقتصادية المعنية قادرة على التخطيط للمستقبل لمواجهة التحديات التي يمكن أن تهدد الأمن الاقتصادي, وأن تحدد ماهية هذه التحديات وانعكاساتها على الاقتصاد المحلي وعلى المنطقة، وهنا تأتي أهمية الخطة الاستراتيجية لحكومة دبي للعام 2015 والتي تؤكد على رفع معدل دخل الفرد سنويا وإن اعتبرت من المعدلات العليا وهو ما يحقق الأمن الاقتصادي للفرد ذلك أن ارتفاع الدخول تمكن الأفراد من إشباع احتياجاتهم الأساسية.

"الاقتصادية": هذا يجرنا إلى قضية شكوى القطاع الخاص من عدم توافر المراكز البحثية المتخصصة في دول الخليج التي يمكن أن تتنبأ بالأزمات قبل وقوعها وكيفية التعامل معها ؟

الطاير:
دول الخليج تفتقد بالفعل للمراكز البحثية المتخصصة وإن كنا نعتبر مبادرة شرطة دبي بتأسيس مركز لدعم اتخاذ القرار خطوة في الاتجاه الصحيح، لكن يتعين على دول الخليج أن تسعى نحو تأسيس مثل هذه المراكز التي يمكن أن يتوفر تمويلها من القطاع الخاص على أن تتولى هذه المراكز دراسة كافة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية بهدف استشراف المستقبل، كما تتولى أيضا بحث الأزمات التي يمكن أن تواجه المجتمعات ووضع الخطط والبدائل المناسبة لمواجهتها.
الحكومات مطالبة بأن ترسل إشارات للقطاع الخاص بأنه شريك معها في هذا المجال وأن تؤمن بأن القطاع الخاص يلعب دورا مهما في تنمية الطبقة الوسطى التي أعتبرها صمام أمان للمجتمع ذلك أن هذه الطبقة قادرة على النمو والتوسع ورفد المجتمع بالكوادر المؤهلة من كافة التخصصات بدلا من حالة التهميش التي تعانيها في كافة المجتمعات الخليجية.

الدكتور محمد مراد مدير مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية في شرطة دبي:
العديد من الدول المتقدمة لديها مراكز متخصصة للإنذار المبكر وتعطي لصانع القرار مؤشرات أولية وترسم له سيناريوهات عدة للتعامل مع الحدث قبل وقوعه, وعلى سبيل المثال في حال اندلعت الحرب على إيران لدى هذه الدول البعيدة عن المنطقة دراسات عدة تكشف تبعات وانعكاسات الحرب عليها في حين أننا نقع في بؤرة التوتر ولا نعرف ماذا سيحدث ؟!
هنا لابد من دراسة كافة التجارب سواء المحلية أو الإقليمية أو الدولية للتعامل مع المستجدات, ويمكن أن تكون التجربة الماليزية في التعامل مع ما عرف بأزمة النمور الآسيوية مفيدة لدول المنطقة الخليجية حيث تعاملت ماليزيا بشكل مختلف مع الأزمة عن بقية دول جنوب شرق آسيا ونجحت في حماية عملتها في حين انهارت بقيمة العملات الآسيوية, وهذا لن يتحقق بدون إنشاء مراكز بحثية متخصصة تتولى وضع المؤشرات الاقتصادية للتعامل مع الأزمات الاقتصادية, واقتراح الحلول والبدائل لحل المشكلات.

الملا:
بالتأكيد المراكز البحثية المتخصصة مهمة في التنبؤ بالأزمات قبل وقوعها وكيفية التعامل معها, وهنا أسوق تجربة لو كانت دول الخليج مهتمة باطلاع مراكز البحث لما أقدمت عليها وهي المتعلقة بمفاوضات التجارة الحرة مع الولايات المتحدة. فللأسف لم تدخل دول الخليج المفاوضات ككتلة اقتصادية لها وزنها وثقلها بل سارعت كل دولة للدخول في الاتفاقية وكأنها "مغنم ما بعده مغنم" وكنت في البداية من المؤيدين لتوقيع اتفاقية تجارة حرة مع أمريكا لاعتبارات اقتصادية وتجارية، لكن بعد دراسة الشروط الواردة في الاتفاقية اتخذت موقفا رافضا لها لأنها تتضمن بنودا وشروطا تنعكس سلبا على اقتصادياتنا الخليجية وتصب في النهاية لمصلحة الشركات الأمريكية في حين لن تحصل الشركات الخليجية على الفائدة منها، والدليل أن كلا من عمان والبحرين اللتين دخلتا منفردتين في الاتفاق مع الولايات المتحدة يعانيان مشاكل صعبة, وحاولت عمان بكل الوسائل تفادي موضوع السماح بتشكيل نقابات عمالية إلا أن الجانب الأمريكي أصر على ذلك, فالنتائج من الدخول في الاتفاق يشكل منفرد سلبية تماما.

"الاقتصادية": وماذا عن الإمارات ؟

الطاير:
الإمارات حتى الآن لم تدخل الاتفاق والمفاوضات يمكن القول بأنها " مجمدة " لكن في الإمارات جرى إشراك القطاع الخاص عبر غرف التجارة في استطلاع آراء التجار ورجال الأعمال بشأن الفوائد والسلبيات التي يمكن أن تنجم عن توقيع اتفاقية تجارة حرة مع أمريكا.

التسيق الأمني الخليجي

"الاقتصادية": هل هناك إدارات أمنية متخصصة في ضبط الجرائم الاقتصادية ؟ وماذا عن التنسيق الأمني الخليجي ؟

العميد بالمزينة:
القيادة العامة لشرطة دبي أدركت منذ عام 1997 أهمية إنشاء إدارة متخصصة للجرائم الاقتصادية حيث تولي هذه الإدارة اهتماما بكل ما يتعلق بالاقتصاد, وتدرس دوما تأثيرات الجريمة على الحالة الاقتصادية والحركة التجارية في الأسواق وخلال الفترة الماضية ضبطت الإدارة جرائم اقتصادية خطيرة مرتبطة بمؤسسات اقتصادية في دول أخرى ليس لديها إمكانيات اكتشاف هذه النوعية من الجرائم التي نجحنا نحن في ضبطها.
وهناك في بعض دول الخليج إدارات مشابهة بشأن مكافحة الجرائم الاقتصادية، ولعل حماية الملكية الفكرية واحدة من هذه الإدارات، فالكثير من أجهزة الأمن في الخليج أوجدت هذه الإدارة لمواجهة جرائم التعدي على حقوق الغير.
نحن في الإمارات ننظر في تعاملنا مع هذه النوعية من الجرائم للسمعة التجارية للدولة والتي يمكن أن تتلوث أو تتضرر بوقوع مثل هذه الجرائم كما أن ترك مثل هؤلاء المجرمين يمارسون أنشطتهم ينعكس سلبا على سمعة الدولة في الخارج, ولهذا السبب نحن حريصون على محاربة هذه الجرائم ولدينا علاقات تعاون مع الدوائر الاقتصادية في الدولة إلى جانب التنسيق الخليجي المشترك خصوصا فيما يتعلق بتبادل المعلومات حول التحويلات المالية بين البنوك.

الأكثر قراءة