حواجز روتينية أجهضت توصيات السلامة في "البطحاء".. وما حدث درس لا ينسى

حواجز روتينية أجهضت توصيات السلامة في "البطحاء".. وما حدث درس لا ينسى

طرح حريق حي البطحاء التجاري في الرياض أكثر من علامة استفهام، حول ملابساته وتفاصيله الفعلية من جهة، والآلية التي اتبعتها الجهات المعنية لتدارك الموقف مسبقا وحال وقوع الحريق. المشهد كان ينذر مسبقا بالكارثية، كون العشوائية هي ما يميز محال البطحاء وتلاصقها البدائي والشوارع الضيقة، كانت كلها شواهد تنذر بخطر داهم، فحدث الحريق وسرعان ما تحول الإيحاء إلى منظر مروع، ألحق الأضرار المادية بأصحاب المحال، ما جعل لسان حالهم يقول" عذرا..من المسؤول؟"، هل هو غياب وعي أم تقصير موظف أم رتابة روتين؟ "الاقتصادية" عايشت الواقعة والتقت اللواء سليمان بن عبدالله العمرو مساعد مدير عام الدفاع المدني لشؤون العمليات، والذي بادر بدوره وبشفافية عالية إلى الإجابة مشكورا..فإلى نص الحوار:

*هل المراكز التي احترقت في بطحاء الرياض، تخضع لاشتراطات ومواصفات السلامة التي يؤكد عليها الدفاع المدني بين الحين والآخر؟
ـ مما لا شك فيه أن الدفاع المدني يسعى جاهدا لتوفير جميع إجراءات ووسائل السلامة في جميع المجمعات السكنية والتجارية والصناعية سواء الجديد منها عن طريق دراسة ومراجعة المخططات الإنشائية والتأكد من تطبيق كل متطلبات السلامة الإنشائية والتركيبية من حيث مخارج الطوارئ ومسافات الانتقال وتقسيم المنشأة إلى مناطق حريق محمية ضد انتشار الحريق وتسرب الدخان وكذلك وجود وسائل الإطفاء الأولية من حيث نظام الرش الأتوماتيكي ولوحات مخارج الطوارئ والمولدات الاحتياطية ونظم التهوية وسلامة الأدوار الخدمية والأدوار تحت مستوى الأرض وكذلك نظام الإنذار المبكر.
وتلك المجمعات القديمة القائمة قبل صدور النظام تتم متابعتها بواسطة دوريات السلامة التي تعمل على مدار الساعة ومن خلال منح التراخيص أو تجديدها ومحاولة تطبيق أنظمة السلامة بالقدر المستطاع على جميع المنشآت التجارية والسكنية القائمة. وفي هذه الحالة نصطدم دوما بعدة حواجز تحول أحيانا دون تنفيذ وسائل السلامة بالشكل المطلوب منها:
طبيعة المنشأة وتلاصق المباني وقدم البعض منها وأحيانا تعدد الملكية وبخاصة في الأسواق الشعبية المملوكة بصفة فردية إلا أننا لا نقف أمام أيا من تلك الحواجز فنحن دائما نبحث عن البدائل ونخاطب جميع الجهات ذات العلاقة لتسهم معنا في توفير متطلبات السلامة. وهذا بلا شك يأخذ من الوقت الكثير بين تشكيل اللجان وعمل التوصيات وإقرارها وتحديد الجهة المسؤولة عن التنفيذ.
ومن خلال هذا السياق نعود لصلب السؤال ونقول إن بعض من المحال في سوق البطحاء المحترق ملتزم بتعليمات السلامة والبعض منها غير ملتزم. ومن أهم الملاحظات على هذه السوق بشكل عام قدم المباني وتلاصقها وسوء التخزين مع زيادة الحمل الحراري أعني بذلك شدة قابلية المواد المخزنة للاشتعال مثل الأقمشة والملابس والكراتين الورقية والأدوات الكهربائية وخلافه.
وقد بذل الدفاع المدني كل ما أمكن عمله في سبيل تلافي الخطر قبل وقوعه وتعديل وضع السوق بما يتلاءم مع خطورته ولكن كما أسلفت إجراءات تأخذ من الوقت الشيء الكثير لحيثيات تتعلق بطبيعة تشغيل وملكية السوق
وقد كان الدفاع المدني يحظى في جميع إجراءاته بدعم متواصل وتأييد من قبل سمو أمير منطقة الرياض

* هل خاطبتم بعضا من ملاك المراكز التي طالها الحريق وذلك فيما يختص بتحسين أوضاعها المعمارية؟
ـ هناك لجان من عدة جهات كما أسلفت وإجراءات تم تنفيذ البعض منها واستمرت المتابعة واللجان لتنفيذ التوصيات كافة لتحسين وضع السوق. وكانت الغرفة التجارية في الرياض تمثل التجار وتؤيد إجراء تحسين السوق وتشاركنا الرأي بخطورة وضعه القائم إلا أن تعدد الملكية وكبر حجم مشروع التحسين كان يتطلب الوقت الكافي من قبل اللجان المشكلة لاستكمال الحلول المقترحة كافة.

* هل هي مطابقة لمواصفات السلامة؟ وما عدد المحال المتضررة حتى الآن؟
ـ لم تكن جميع المحال مطابقة لمتطلبات السلامة وقد تم قفل البعض منها من قبل الدفاع المدني إلا أن الأمر كان يتطلب حلا جذريا لكامل السوق حيث في حالة اشتعال محل واحد فإنه يشكل خطورة بالغة على كل السوق وما زال الحصر جاريا لتحديد المحال المتضررة.

* ما عدد الوفيات والمصابين في الحريق؟
ـ فضلا من الله لم تكن هناك وفيات أو إصابات بليغة وقد انحصرت الأضرار في الأضرار المادية والتي سيتم تحديدها وحصرها من خلال اللجان المكلفة بذلك.

* ما العقوبات المترتبة بحق المحال والمراكز التجارية التي لا تلتزم باشتراطات السلامة؟
ـ من خلال التعقيب المستمر تمنح الإنذارات ويتم قفل المحال المخالفة وما أحب الإشارة إليه من خلال هذا المنبر الإعلامي المقروء إن لائحة العقوبات والمخالفات صدرت بموافقة سمو وزير الداخلية وسيتم تطبيقها والعمل بموجبها في القريب العاجل وقد نشرت في جريدة أم القرى والهدف من ذلك تلافي جميع المخاطر وحماية مقدرات الوطن وقبل ذلك كله سلامة الأرواح.

* إلى أي مدى وصلت التحقيقات الأولية حول أسباب الحريق؟
ـ ما زالت إجراءات التحقيق في أسباب الحادث جارية وأيا كانت فإننا نشاطر أخواننا أصحاب المحال المتضررة ما لحق بهم من خسائر مادية ونهيب بالجميع أن تكون الحوادث لنا بمثابة دروس نستفيد من شدة وطأتها وألا نستكثر ما يتم صرفه على تنفيذ إجراءات ومتطلبات السلامة فمهما بلغت فلن تصل إلى حجم الخسائر التي تتسبب فيها حوادث الحريق.
ولا تتوقف مسؤولية أصحاب المنشآت على توفير متطلبات السلامة فحسب ولكن تمتد المسؤولية إلى صيانتها وحسن استخدامها فقد تمر السنين دون أن نحتاج إليها ولكن تأتي لحظه تكون - بعد حفظ الله - الفيصل بين تلافي الخطر والتخفيف من وطأته أو امتداد الحادث وحدوث ما نخشاه جميعا من خسائر ما دية كبيرة وقد تتعدى - لا قدر الله - إلى الخسائر في الأرواح.

* ماذا بشأن المحال المتضررة؟ وما هي آخر التطورات؟
قد يكون الكلام في هذا الجانب سابقا لأوانه ولكن الشيء المؤكد أن إعادة السوق بوضعها السابق مخاطرة.

*هل هناك خطة وقائية لتلافي حوادث الحريق في المراكز التجارية مستقبلا؟
ـ ليس العيب أن يقع الحادث فالحوادث تقع في أحدث مدن العالم المتقدمة ولكل حادث أسبابه وملابساته ولكن ما يعاب هو عدم الاستفادة من وقوع الحوادث وتلافي مسبباتها ليس فقط في موقع الحادث ولكن في جميع المواقع المماثلة وهذا ما أتمناه وما سنسعى إلى تحقيقه من خلال أصحاب السمو أمراء المناطق والجهات ذات العلاقة أن يتم بحث أوضاع جميع الأسواق التي تحتل قلوب كبار المدن بالمملكة وكذلك الأسواق الشعبية الكبيرة.
ووفقا للنظم العالمية في حماية الأسواق ذات الحمل الحراري العالي فإن إعادة تصميمها بما يتوافق مع هذه النظم أصبح أمرا ضروريا وتوفير صنابير الحريق ونظام الرش الأتوماتيكي مطلب رئيس وتقسيمها إلى مناطق حريق يصعب من خلالها انتشار الحريق لمساحات كبيرة وكذلك دعم هذه الأسواق بمناطق تخزين تكون قريبة منها ومنشأة وفقا لنظام الكود العالمي لحماية المباني من الحريق وبخاصة تلك المحال المخصصة للبيع بالجملة وما تتميز به من كثرة التخزين.

* هلا حدثتمونا عن اللجنة التي أمر بتشكيلها الأمير سلمان أمير منطقة الرياض؟
ـ في حقيقة الأمر لا يفوتني أن أشيد بجهود أمير منطقة الرياض ونائبه وما يقدمانه من جهود وتوجيهات تدعم تنفيذ أعمال الدفاع المدني في جميع مجالاته. وقد كان لمتابعة سموه الأثر الكبير في أنفس رجال الدفاع المدني وقد وجه سمو أمير منطقة الرياض بتشكيل لجنة لحصر الأضرار وتقصي أسباب الحريق وقد باشرت أعمالها

* كلمة أخيرة؟
ـ ما أحب قوله إن السلامة مسؤولية الجميع ولا تقف على متابعة من الدفاع المدني واعتبر رب البيت وربة البيت وملاك المنشآت السكنية والتجارية والصناعية يمثلون الصمام الأول لتوفير متطلبات السلامة كلا في موقعه وما لم تكن هناك قناعه ذاتية واهتمام شخصي من كل منا بهذا الجانب كان تحقيقه ناقصا كون الدفاع المدني لن يوجد في كل مكان على مدار الساعة والحوادث تقع في ساعات متأخرة أو في أوقات لا يوجد فيها العنصر البشري ومن هنا يأتي دور إجراءات ونظم السلامة تبدءا من تلافي الخطر وعدم القيام بأي عمل يشكل خطرا على المنشأة وما جاورها من سوء تخزين وزيادة أحمال كهربائية وعدم صيانة المعدات أو عدم الاهتمام بوسائل الإطفاء والإنذار الأولية.
فلو تضافرت الجهود وأصبح لدينا وعيا ثقافيا لاستطعنا - بعد حفظ الله - أن نتلافى كثير من الأخطار والتقليل من تأثيراتها لو وقعت.
وأختم بأن هناك لائحة صدرت بموافقة سمو وزير الداخلية تحدد مسؤولية وواجبات مسؤول السلامة في المنشآت العامة والخاصة كافة وهذه اللائحة بمثابة إشارة واضحة إلى أننا جميعا مسؤولون عن السلامة وأهيب بالجميع بتفعيل هذه اللائحة وتخصيص أشخاص مسؤولين عن السلامة في كل المنشآت العامة والخاصة ويمكنهم التواصل مع الدفاع المدني وطلب الاستشارة حول تحسين السلامة في مواقعهم وبهذا يكون قد اكتمل عقد السلامة بيننا جميعا وأصبحنا نشكل حلقة واحدة لا يتخللنا الخطر بإذن الله.

الأكثر قراءة