ملاك المدرس الأهلية يلاحقون المتهربين من السداد قضائيا
يعاني الكثير من المستثمرين في التعليم الأهلي من معوقات تحد من تطوير توجههم الاستثماري بما يخدم التعليم في المملكة، ولعل أهم ما يعانونه أخيرا يكمن في تهرب عدد كبير من الطلاب عن سداد الرسوم الأهلية آخر العام، وقدرتهم على التنقل بين المدارس الحكومية كيفما يشاؤون، حتى وإن لم يحضروا مخالصات مالية من مدارسهم الأهلية السابقة وقد وصلت هذه المبالغ إلى أرقام عالية جدا ومحبطة لملاك المدارس الذين طالبوا بوضع ضوابط تكفل حقوقهم، نظرا لأن هذه المشكلة أثرت سلبا في جميع طلاب التعليم الأهلي بمن فيهم المسددين للرسوم نظرا لأن المبالغ المعدومة من المتهربين تحد من توفير الكثير من الأجهزة والبرامج المطورة للتعليم، وبالتالي يتأثر نمو التعليم الأهلي ودعمه للتعليم العام في المملكة.
أكد عبد السلام الشويعر مستثمر في التعليم الأهلي أن تهرب الطلاب من السداد يعد مشكلة سنوية تواجهه شخصيا في المدارس التي يمتلكها، وكذا الكثير من زملائه ملاك المدارس الأخرى، ما يكبدهم آخر العام عند مراجعة الحسابات تبقى مبالغ معدومة تصل إلى مبالغ ضخمة تصل إلى مئات الألوف لم تسدد.
وأضاف: المشكلة التي نعاني منها هي أن المجتمع بمن فيه لا يقبل أن يجلس الطالب في منزله مهما كان، لذا نلزم بمنح الطالب غير المسدد للرسوم الدراسية صورة من شهادته، التي نظاما تجيز له القبول المبدئي عند انتقاله لمدرسة حكومية، مع إلزامه بإحضار مخالصة مالية مع مدرسته الأهلية وإحضار المؤهل الأصلي.
واسترسل الشويعر: هنا يبقى دور المدارس الحكومية غير مفعل لإعادة حقوقنا فهم يقبلونه على أساس أنه مبدئي، ومن ثم ينسى الملف بما فيه
ويستمر الطالب في المدرسة، وهنا لابد أن توضع ضوابط لمنع هذا التسيب تبدأ بأمرين: عدم قبول الطالب ما لم يكتمل ملفه، وثانيا: كتابة تعهد خطي يضمن ملفه مدته لا تتجاوز الأسبوع بإلزامه بالسداد.
وشدد على خطورة الوضع وأهمية وضع ضوابط ملزمة له، وإلا فإن التعليم الأهلي في خطر ومهدد بالتراجع للوراء كثيرا، فعدم سداد الكثير من الطلاب وعدم إلزاميتهم بالسداد ينعكس سلبا حتى على الطلاب المسددين، فالنقص المادي يضعف إمكانات المدرسة وقدرتها على توفير الأجهزة والمعدات، خاصة في ظل عدم تسلم المدارس الأهلية للدعم المادي من وزارة التربية والتعليم من ثلاث سنوات، وكذا استمرارية مبالغ الدعم كما هي منذ أمد بعيد رغم زيادة أعباء المدارس الأهلية، وكل هذه الأمور إذا لم يتم تداركها فإن الخطة المرسومة لإيصال نسبة التعليم الأهلي لـ 30 في المائة، ستظل كما هي 7 في المائة إن لم تتقلص.
وأبان: نتابع حاليا قضايا تحصيل رسوم أعداد من الطلاب تهربوا من السداد في المحاكم، ونسعى إلى كسبها قضائيا وإعادة حقوقنا.
من جهته، حمل بندر الصالح شريك في عدد من المدارس الأهلية وزارة التربية والتعليم مسؤولية عدم سداد أولياء الأمور لرسوم المدارس الأهلية، بسبب ما تقوم به من السماح للبعض بفتح مدارس أهلية غير مؤهلة بتاتا للدراسة، وبالتالي لا تقدم ما يذكر للطالب.
وأضاف: لعل للطالب وولي الأمر في كثير من الأحيان الحق في عدم السداد، نظرا لعدم إيفاء بعض المدارس بوعودها من ناحية الخدمات المقدمة، فلو وجدوا الوعود على أرض الواقع وشاهد ولي أمر الطالب خدمات متميزة في المدرسة فإنه بكل تأكيد سيسدد الرسوم، ولو اضطر للاستدانة، فهو بالتأكيد سيتمسك بالمدرسة، ذات الخدمات التعليمية العالية ولن يجعل ابنه يخرج منها لأجل الرسوم.
وشدد الصالح على أن قضية عدم سداد الطلاب للمدارس الأهلية هي قضية متراكمة تبدأ بمواصفات المدارس والسماح للبعض منها بفتح أبوابها رغم عدم صلاحيتها، وهذه بالدرجة الأولى مسؤولية التربية، والتي يجب أن تتحول إلى جهة إشرافية رقابية، وأن يتحول التعليم الأهلي إلى التخصيص المطلق للنهوض بخدماته.
وقال إن الحقوق المدنية تمر عليها كثيرا من مطالبات ملاك المدارس الأهلية لمبالغ لم تسدد، وهذا بالتأكيد سينفر المستثمر في الداخل من مواصلة فتح المدارس ودعمها بالخدمات، ناهيك عن توجه الكثير من المستثمرين في الخارج على المملكة للاستثمار في التعليم الأهلي، ولكنهم عندما يعلمون بحاله فلن يخطوا للدخول في مغامرة تنتهي بعدم سداد الطلاب مستحقات المدارس.
من جهته، أكد خالد بن ضاحي الضاحي مدير مدرسة أهلية أنهم يعانون كثيرا من عدم سداد أولياء الأمور رسوم تسجيل أبنائهم، وقد تستمر المعاناة مع الطالب من الابتدائي وحتى الثالث الثانوي، فولي الأمر لا يريد السداد حتى يضطر لتسلم شهادة الثانوية العامة التي تخوله القبول في الجامعات والمعاهد، والمدرسة لا تريد فصل الطالب وعليه مبالغ متأخرة، وبالتالي تضطر للتريث حتى اللحظة الأخيرة.
وأضاف: إننا حاولنا بقدر المستطاع تيسير السداد سواء بالتقسيط، والتخفيض أحيانا من الرسوم المفروضة، ومع ذلك وجدنا عدم مبالاة من كثير من أولياء الأمور، ما يعقد الأمور ويوصلها للشكاوى سواء لإدارة التعليم، أو حتى الجهات المختصة الأخرى.
واستشهد الضاحي من ناحية حجم المعاناة بثلاثة أشقاء يدرسون وعليهم رسوم متراكمة تصل إلى 20 ألف ريال لكل طالب منهم، رسوم بدأت من المرحلة الابتدائية واستمرت حتى المرحلة الثانوية مع الأسف الشديد، وذلك بسبب مماطلة الأب عن السداد، وهذه مشكلة كبرى فأولياء الأمور ليسوا مجبرين على إلحاق أبنائهم بمدارس أهلية وهم غير قادرين على تسديد رسومها.
وكشف أن مالك المدرسة وجه العاملين فيها من إداريين إلى التفاوض بكل ما يستطيعون مع أولياء الأمور غير المسددين، ومن يستطيع تحصيل الرسوم ينال مكافأة، وفعلا كانت نتيجة جيدة نوعا ما، مع أنه من المفترض عدم الوصول إلى هذه المرحلة لتحصيل حقوق هي في الأساس يفترض أن تكون مدفوعة قبل الانتظام في الفصل.
ونبه إلى ضرورة انعكاس عدم السداد على نفسية الطلاب أنفسهم والذين لا يتحملون المسؤولية، بقدر أولياء أمورهم، فالطالب غير المسدد يستشعر النقص عن زملائه والإحساس بالحرج الكبير عند مطالبة بالمبالغ المتأخرة عليه، وكذا تتولد لديه مشاعر الإهمال واللامبالاة من والده المماطل في التسديد.
ولتقصي أسباب عدم سداد الطلاب، تحدث خالد السعيد طالب في مدرسة أهلية لم يسدد رسومها، مؤكدا أن السبب في ذلك عائد على أنه كان في الثالث الثانوي واجتاز اختبارات وزارة التربية والتعليم بجدارة، ولكن المدرسة الأهلية على حد تعبيره جعلته راسبا في مادة المكتبات التي هي تقويمية ودرجتها من قبل معلم المادة في المدرسة، وللأسف أنهم طلبوا من إحضار بحث جديد يتعلق بالمادة ليرفعوا درجة نجاحي.
وأضاف: أيضا ليس هذا فحسب فالمدرسة التي كنت فيها قامت برفع الرسوم سنويا كل عام 2000 ريال، وهنا أتساءل إذا كان معي ثلاثة إخوة في المدرسة فهذا يعني أننا سندفع ما قيمته من 60 إلى 70 ألف ريال سنوي وهذا مبلغ كبير جدا.
كما أكد الطالب عبد الله عبد العزيز أنه لم يسدد رسوم المدرسة الأهلية لأنها وللأسف تقدم تدريسا ليس جيدا ـ على حد قوله، مبينا: انتقلت من مدرسة حكومية إلى أهلية بحثا عن تعليم متميز ولكني فوجئت بأنها ليست أفضل من مدرستي الحكومية التي قدمت منها.
وأبان: أيضا للأسف لم أحصل على النسبة التي كنت أطمح إليها في مدرستي الأهلية.
من جهته، شدد عبد الرحمن السعد طالب في مدرسة أهلية أن السبب وراء عدم سداده الرسوم هو أن المدرسة أضاعت ملفه، وهو حتى الآن منتقل إلى مدرسة أخرى بملف مؤقت ولابد من إحضار ملفه الأصلي من مدرسته السابقة، وتساءل: كيف أسدد رسوم المدرسة وهم أضاعوا ملفي بالكامل وسط إهمال كبير منهم؟