إلى المتعاملين في سوق الأسهم: المضاربة ليست سلبية دائماً

إلى المتعاملين في سوق الأسهم: المضاربة ليست سلبية دائماً

يدور الجدل حاليا في السوق بين دخول السيولة في السوق السعودية بهدف المضاربة أو هدف الاستثمار وهناك بالتالي مفاهيم خاطئة يجب أن تصحح حول ما يطلق عليه مضاربة واستثمار. فالمضاربة أيضا يجب أن تبنى على أساس سليم حتى يكون لها صفة الاستمرارية ولا تختفي كما هو حادث في سوقنا من رفع أسعار غير منطقي أو مقبول وبالتالي يمكن أن نطلق عليه لقب مضاربة سعرية وليست مضاربة استثمارية. ويجب بالتالي أن نميز بين الاستثمار والمضاربة الاستثمارية والمضاربة السعرية، وكلا الأولين صحي ومقبول والثالث ليس له سوى التأثير السلبي في السوق وعلى الاقتصاد السعودي. وحتى يكون تعريفنا كاملا ثم نظهر انعكاساته على السوق لا بد من تحديد الأدوات وتبيانها التي تساعدنا على إيضاح الرؤيا وسلوكيات السوق.
البعد الاستثماري عادة ما يستند إلى أداء الشركات الحاضر والمستقبلي بمعني أن الأخبار التي تنشرها الشركات والبيانات المالية يمكن من خلالها استقراء الطريق المستقبلي للشركات وقدرتها على التحسن أو الاستمرار. وبالتالي يتم النظر للربحية المستقبلية للشركة وحجم النمو فيها وبالتالي انعكاساتها السعرية من خلال مكرر الأرباح وفي الوقت نفسه هناك مؤشرات حالية تعكس فرصا استثمارية كمكررات الأرباح المنخفضة ومع كون الربح المتحقق يمكن استمراره ولا توجد منغصات تؤثر في مستواه يمكن أن نحمل القرار عليه. في حين نجد أن المضاربة السعرية عادة تتم في شركات لا توجد لها مؤشرات أو أخبار توحي بالتحسن الربحي وتتصف بانخفاض أسعارها أو قلة عدد أسمهما المطروحة للتداول ويكون الاتجاه فيها رفع السعر ثم يعود للانخفاض بعكس الأولى والتي من المفترض أن يرتفع السعر فيها ويستمر في الحفاظ على مستواه. الخلفية السابقة يمكن أن نعكسها على القطاعات بصورة أكبر ومن ثم نراجع اتجاهات السوق خلال الفترة السابقة لتحديد اتجاهات زخم السيولة ودرجة استقرارها وخاصة للمضارب الاستثماري.
ولعل عدم توافر بيانات متخصصة من المحللين حول شركات السوق للتعرف على اتجاهات الربحية فيه بسبب عدم توافر من يقوم بالدور حتى تقوم بذلك شركات الوساطة كنوع من الخدمة للسوق يمكن أن نركز على البيانات الحالية والتي تعكس واقع السوق مع التثبت من إمكانية استمرار الوضع حتى نحدد الشركات التي يمكن اعتبارها مضاربة استثمارية. فالنظرية تقول إن السوق لا بد في النهاية أن تتجه للتوازن بمعني أن الشركات ذات المكررات المنخفضة لا بد أن يرتفع سعرها والعكس صحيح.

قطاعات السوق:
حسب الجدول رقم (1) نجد أنه خلال النصف الأول حققت السوق 79.769 مليار ريال في حين كانت القيمة السوقية لكل الشركات 1345.524 مليار ريال وحقق مكرر أرباح 16.87 مرة وكان السعر للقيمة الدفترية للشركات هو 3.1 مرة كمؤشرات عامة للسوق ككل. القطاعات السوقية عكست مكررات ربحية أقل من السوق لكل من البنوك، الصناعة، الأسمنت، والاتصالات وفي المقابل كانت أعلى من السوق في الكهرباء والتأمين والزراعة (يمكن أن نعمم الموضوع على الشركات ونقارنها بمؤشر السوق). وفي الوقت نفسه نجد أن السعر للقيمة الدفترية كمؤشر يعكس لنا التوقعات حول نمو القيمة الدفترية المتوقع مقارنة بالوضع السعري وهو مؤشر مهم لمعرفة الاتجاهات السعرية مستقبلا. حيث نجده مرتفعا في قطاع البنوك، التأمين، الاتصالات، الأسمنت، والصناعة ومنخفضا في الزراعة والخدمات والكهرباء. سوقيا وبسبب وجود عدد كبير من الشركات الحديثة التكوين (green field) نجد أن المؤشرات أخذت اتجاهات متضاربة ولو نظرنا لشركات في البنوك مثل الجزيرة والاستثمار (مكرراتها 10.89 و13.49 والمؤشر الخاص بالسعر للدفتري 2.86 و2.42 لوضحت الصورة لنا) وغيرهم كثير في القطاعات المختلفة (كالتصنيع والكيميائية مثلا). وهنا يمكن أن نصنف القطاعات إلى مضاربة سعرية ومضاربة استثمارية واستثمارية فالنوع الأول يشمل الكهرباء والتأمين والزراعة والخدمات والنوع الثاني يشمل القطاعات الباقية وفي الوقت نفسه نجد أن قطاعات كالصناعة والبنوك والأسمنت تعتبر استثمارية مستقبلية (الفرق بين الأولى والثانية هو الدخول والخروج بعد ارتفاع السعر أو الاستمرار لفترة طويلة بغض النظر عن اتجاه السعر). ومن خلال التحديد السابق يمكن أن نصل لتصنيف للقطاعات، كما أشرنا وبالتالي من خلال نظرتنا لاتجاهات السيولة وفي غياب التحليل المالي المستقبلي يمكن أن تتولد لنا قناعات حولها.

اتجاهات السيولة في رمضان:
الملاحظ وخلال أول أسبوعين من رمضان وللسوق السعودية تم تداول 1.3 مليون صفقة وبقيمة متداولة 47.885 مليار ريال ولنحو 1.026 مليار سهم. وبلغ متوسط قيمة الصفقة الواحدة في السوق 36.838 ألف ريال ولنحو 789 سهم في الصفقة الواحدة. وكان أكبر عدد الصفقات في قطاع التأمين 31.11 في المائة ثم القطاع الصناعي 28.78 في المائة تلاه القطاع الخدمي 25.85 في المائة بينما جاء أخيرا قطاع الكهرباء والاتصالات والأسمنت. وبالتالي نجد أن جزء كبير من الصفقات كانت في قطاعات تعد مضاربة سعرية مقارنة بالاستثمارية هنا. ومن زاوية القيمة اختلف الترتيب، حيث حازت الصناعة على الترتيب الأول ثم الخدمات وكان التأمين ثالثا وفي ترتيب القطاعات الأخيرة نفسها. وحسب عدد الأسهم نجد أن الصناعة ثم الخدمات ثم التأمين. ولمعرفة أدق داخل القطاعات تم النظر إلى قيمة السهم في الصفقة ومتوسط الأسعار حسب سعر الإغلاق، حيث نجد دوما أن سعر الصفقة أقل هنا مما يعكس اتجاه مضاربة سعري داخل القطاعات أكثر من كونه استثماريا (البحث عن الشركات منخفضة السعر وعدد الأسهم لتحقيق أرباح من مضاربات سعرية).

اتجاهات السيولة في شعبان:
خلال آخر أسبوعين من شعبان كان عدد الصفقات أعلى من رمضان، حيث بلغت 2.834 مليون صفقة وبقيمة بلغت 90.925 مليار ريال ولعدد أسهم بلغ 1.87 مليار سهم وبمعني أدق كانت السيولة ضعف ما تم في أول أسبوعين من رمضان. وكان اتجاهها من زاوية عدد الصفقات في قطاع الخدمات ثم التأمين ثم الصناعة وفي الأخير كانت الكهرباء والأسمنت والاتصالات كالسابق وحسب القيمة نجد أيضا الخدمات ثم الصناعة فالتأمين والعدد شهد استمرار الخدمات والصناعة ودخلت الزراعة بدلا من التأمين. واستمر متوسط قيمة السهم في الصفقة أقل من سعر الإغلاق فيما عدا الكهرباء وكانت قريبة في الاتصالات. وبالتالي نجد أن شهر شعبان كان أكبر من زاوية المضاربة عنه في رمضان الذي شهد نوعا ما مضاربة استثمارية ولكن مع انخفاض السيولة الداخلة في السوق.

الربع الثاني من عام 2007:
حسب البيانات وكون الفترة كبيرة تعكس ستة أضعاف الزخم في الفترتين الماضية نجد أن السوق شهدت 17.505 مليون صفقة (أكثر من ستة أضعاف) كما شهد السوق قيما بلغت 633.834 مليار ريال (أكثر من ستة أضعاف) والأسهم المتداولة 14.874 مليار سهم (أكثر من ستة أضعاف). مع ملاحظة أن قيمة الصفقة وعدد الأسهم كانت متقاربة بين رمضان والربع الثاني من حيث الحجم ربما تعكس النمط نفسه ونوعية المستثمرين وهناك اختلاف بسيط مع أسبوعي شعبان. احتل المرتبة الأولى من حيث عدد الصفقات الصناعة ثم الخدمات فالزراعة والترتيب نفسه للقيمة ولكن اختلاف ترتيب الصناعة والخدمات من حيث عدد الأسهم. متوسط قيمة السهم في الصفقة كان أعلى في الكهرباء والزراعة والخدمات والصناعة لتعكس لنا حجم المضاربة السعرية التي تمت خلال تلك الفترة من شد وجذب.

مسك الختام:
يبدو أن غياب المعلومات الكاملة وعدم انتشار الثقافة الاستثمارية في ظل غياب مديري الاستثمار المحترفين وشيوع التوجه السلبي في دفع السعر دون وجود أسس قوية لدعم السعر أدت إلى دفع السوق في الاتجاه السلبي ومن المفترض أن تصحح السوق مسارها وتبني تحركاتها على أسس صحيحة ولكن عند توافر المعلومة الكاملة التي توضح الطريق الصحيح للاستثمار في السعودية.

الأكثر قراءة