فن التحايل على الزكاة

فن التحايل على الزكاة

فن التحايل على الزكاة

[email protected]

ثبت عن عثمان, رضي الله عنه, أنه قال في شهر رمضان: "هذا شهر زكاتكم، فمن كان عليه دين فليؤده حتى تخرجوا زكاة أموالكم".
ومما تعارف عليه كثير من المسلمين أنهم كانوا يخرجون زكاتهم في هذا الشهر المبارك، ولهذا دأب العلماء وطلبة العلم والخطباء على تخصيص هذا الشهر ببيان أحكام ومسائل الزكاة.
ومن الموضوعات التي ينبغي التنبيه عليها موضوع "التحايل على الزكاة". وسوف نبين في هذه المقالة بعض الأحكام المتعلقة بهذا الموضوع من خلال مسائل. وليعلم أن جميع صور التحايل التي سنذكرها لا تجوز ولا تبرئ ذمة صاحب المال بهذه الحيل.
المسألة الأولى: الاحتيال لإسقاط الزكاة قبل وجوبها.
والاحتيال على إسقاط الزكاة له صور عديدة، منها على سبيل المثال:
الصورة الأولى: التصرف في المال الزكوي قبل تمام الحول.
والتصرف هنا قد يكون بيعاً أو استبدالاً بغير جنس النصاب، أو هبة أو إتلافاً، أو غير ذلك من التصرفات، والقصد من كل هذه التصرفات الفرار من الزكاة.
أمثلة:
أن يكون في رصيده البنكي مليون ريال مثلاً، ومن ثم قبل تمام الحول، يشتري به أرضاً عقارية، أو داراً سكنية.
أن تكون للمرأة حلي معدة للاستعمال، وقبل تمام الحول تهبها لابنتها مثلاً، ومن ثم تسترجع الحلي بعد ذلك لتستأنف به حولاً.
وهذا تفعله بعض الشركات المساهمة إذ تستبدل المال الاستثماري المباح، بمال حرام كالسندات مثلاً قبل تمام الحول، لأنه لا تؤخذ عليها الزكاة من قبل الدولة، ولأن بعض الفقهاء لم يوجبوا فيها الزكاة لأنها مال حرام، فتخلف فيها شرط الملك.
الصورة الثانية: تغيير النية في النصاب الزكوي قبل تمام الحول.
والفرق بين هذه الصورة والتي قبلها: أن النصاب لم يتغير لكن التغير في النية فقط، والقصد من تغيير النية الفرار من الزكاة.
أمثلة:
أن يكون لديه نصاب ماشية ينوي بها التجارة، وقبل تمام الحول نوى بها القنية.
وهذا في الأسهم: أن يكون قصده في الأسهم المضاربة وقبل تمام الحول ينوي الاستثمار.
أن يكون لديه أرض ينوي بها التجارة، وقبل تمام الحول نوى بها البناء والسكن.
المسألة الثانية: الاحتيال لإسقاط الزكاة بعد وجوبها.
ونقصد بهذه الفقرة أن المُزكي قد ثبتت في ذمته الزكاة وهو مقر بها، ولكنه يحرص ألا يدفعها من خلال بعض التصرفات. ولهذه التصرفات صور، منها:
الصورة الأولى: إسقاط الديون عن المعسرين واحتسابها من الزكاة.
أمثله:
أن يسقط دينه على معسر قائلاً: الدينُ الذي لي عليك هو لك، ويحسبه من الزكاة.
أن يكون له على رجل مال، وقد أفلس غريمه وأيس من أخذه منه، وأراد أن يحسبه من الزكاة، فيعطيه من الزكاة بقدر ما عليه، ومن ثم يطالبه بالوفاء، فإذا أوفاه برئ وسقطت الزكاة عن الدافع.
أن يكون له على رجل مال، وهذا الرجل معسر، فيأمره الدائن أن يقترض ويسدد دينه الأول، ومن ثم يعطيه الدائن الأول من الزكاة ليسدد دينه الثاني.
الصورة الثانية: الإنفاق وقضاء الواجبات واحتسابها من الزكاة.
أمثله:
أن يعطي من تلزمه نفقته مالاً، ويحسبه من الزكاة.
أن يكون على من تلزمه نفقته دين بسبب التقصير في النفقة، فيقضي دينه، ويحسبه من زكاته.
أما إذا كان الدين لسبب غير النفقة فإنه يجوز قضاء الدين واحتسابه من الزكاة.
الاكتفاء بدفع الضريبة عن الزكاة.
المسألة الثالثة: الاحتيال لإنقاص وعاء الزكاة.
وما سأذكره في هذه المسألة هو غالب ما تفعله الشركات المساهمة، لأجل إنقاص وعاء الزكاة.
ومن المعلوم أن احتساب الزكاة محاسبياً يكون بالمعادلة الآتية:
حقوق الملكية – عروض القنية وما في حكمها × 2.5 في المائة.
ومن خلال هذه المعادلة تقوم الشركات بصورتين تستطيع منهما تخفيض الوعاء الزكوي, هما:
الصورة الأولى: تخفيض حقوق الملكية.
أمثلة:
تخفيض المبيعات من أجل تخفيض الأرباح، فتقدم أوراقاً مزورة لأجل تخفيض الوعاء الزكوي.
الصورة الثانية: تضخيم عروض القنية وما في حكمها.
أمثلة:
تضخيم الأصول، فتقدم أوراقاً مزورة تظهر أسعاراً مرتفعة للأصول الثابتة في الشركة.
زيادة قيمة المصروفات.
زيادة خسائر الشركة.
المبالغة في اسم الشهرة.
وهذه الصور إن كان القصد منها التحايل على النظام، وكان النظام يتبع الشرع في صرف الزكاة فلا يجوز هذا التحايل، ولا تبرأ ذمة أصحاب الشركة في إخراج الزكاة، ولهذا يلزمهم إخراج الزكاة المتبقية والثابتة في ذمتهم.
وهنا مسألة ينبغي التنبيه عليها وهو أن بعض المتاجرين في الأسهم يقصدون الاستثمار، ومن المعلوم أن المستثمر لا يخرج الزكاة اكتفاء بأن الشركة تزكي، ولهذا يجب على الشركات أن تتقي الله في المستثمرين، وتبين لهم حقيقة الأمر، وما هو الواجب في أموالهم من الزكاة، كي يخرجوها إذا كانت أنقصت الوعاء الزكوي قصداً.
وعلى المساهم أن يتحرى في ذلك فإذا غلب على ظنه أن ما أخرجته الشركة أقل من الزكاة المفروضة، فإنه يجب عليه إخراج الزيادة.
المسألة الرابعة: الاحتيال لأخذ الزكاة.
ولهذا التحايل صور منها:
الصورة الأولى: شغل الذمة بالديون لأعمال خيرية.
أمثلة:
أن يستدين الرجل لشراء سيارات لمؤسسة دعوية، أو مواد بناء لمسجد، فيكون مستحقاً للزكاة ظاهراً لأنه مدين.
ومنها: أن يشتري رب الأسرة بيتاً، وتشتغل ذمته بالديون، فيطلب من الزكاة لسداد دينه.
الصورة الثانية: التواطؤ مع مستحق الزكاة في صرفها لأعمال خيرية.
مثال:
أن يعطي زكاته فقيراً ويتفق معه أن يدفعها في بناء مسجد ونحوه.

الأكثر قراءة