"كده رضا".. نقلة السينما المصرية على يد شبابها

"كده رضا".. نقلة السينما المصرية على يد شبابها

لم يستطع الممثل أحمد حلمي مقاومة رغبته في وجود اسمه ضمن قائمة الأفلام المصرية لصيف هذا العام، فجاء متأخرا إلا أنه تأخير محمود يحسب له، فأكمل التميز الذي ظهر المواسم الماضية ابتداء من عام 1999م وهو العام الذي بدأ مشواره فيه بطلا ثانويا ثم بطلا مطلقا.
"كده رضا" الفيلم رقم 14 في مسيرة الفنان الشاب أحمد حلمي، وقبل الخوض في تفاصيل الفيلم وما جلب من جديد للسينما العربية والمصرية خاصة لنتعرف أولا على "بلدياتنا" العربي "أحمد حلمي".
هو أحمد محمد حلمي عواد المعروف باسم "أحمد حلمي"، ولد في 18 تشرين الثاني (نوفمبر) 1975م في منطقة بنها في مصر، لديه من الأخوة اثنين خالد وسالي، متزوج من الفنانة منى زكي، ولديه طفلة أسماها ليلى، وهو خريج معهد الفنون المسرحية قسم الديكور.
كانت بدايات حلمي متواضعة في التلفزيون المصري وتنقل بين عدة أعمال في التلفزيون منها مخرج دعايات ثم مقدم برامج هي: لعب عيال، والدربكة، ومن سيربح البونبون، وقبل ذلك شارك في دور بسيط في مسلسل "أولاد ناس" وكان دوره بسيطا في ذلك المسلسل الذي كان من تأليف بهجت قمر وإخراج عادل صادق، ومن بطولة الراحل كرم مطاوع ونادية لطفي وعبد المنعم مدبولي.
وبعد النجاح البسيط الذي حققه في التلفزيون وجد المخرج شريف عرفة الموهبة المتميزة في أحمد للمشاركة الأفلام السينمائية، فتم الاتصال بينهما وعرض عليه دورا في فيلم "عبود على الحدود" مع علاء ولي الدين وكريم عبد العزيز، ومن هنا جاءت نقطة التحول في حياة أحمد من التلفزيون إلى السينما. وبعدها توالت الأفلام عليه، منها: "الناظر"' مع علاء أيضا، "عمر 2000" مع مني زكي وخالد النبوي، ثم "ليه خلتني أحبك'" مع كريم عبد العزيز وخلال ذلك جاء المسرح في مسرحية "حكيم عيون".
وفي عام 2003 مثل أحمد فلميه "ميدو مشاكل" مع الفنانة شيرين ففتح له أبواب الشهرة على مصراعيها، ولم يصبح نجم الشباك لدى الجماهير المصرية فقط بل في العالم العربي ككل. وأكمل مسيرته بأفلامه الكوميدية الرائعة مثل: زكي شان، ظرف طارئ، وجعلتني مجرما. أحمد لم يشوه نفسه كما فعل بعض الممثلين العرب من خلال كوميديا مفتعلة، بل استخدم الطاقة الكوميدية المختزلة عنده، فاستحوذ على قلوب الكثيرين من عشاق الفن السابع العربي، كما أن أحد الصفات التي أعجبت الجمهور في أحمد حلمي أنه ارتقى سلم الشهرة بهدوء وحذر ودخل قلوب الكثيرين ولم يكن ثقيلا أو مفروضا على ذائقة المشاهدين.
بعد سلسة الأعمال الناجحة التي سجلت في تاريخ أحمد حلمي، أكملها بفيلم "كده رضا"، حيث الفكرة الجديدة على الروايات السينمائية، والابتعاد عن تقليد أفكار الأفلام الأجنبية، والضحكة البكر.
العمل قدم قصة جديدة في عالم السينما العالمية وليست العربية فقط، وقصة الفيلم تدور حول ثلاثة توائم مختلفين في الطباع لكن الأب أسماهم جميعا باسم واحد وهو "رضا"! وذلك لأن الأب كان مجرما سابقا وأراد الاستفادة من تشابه توائمه، يعشق أولهم مشاهدة أفلام الأكشن، أما الثاني فيفضل مشاهدة مباريات كرة القدم، والثالث ليس لديه هوايات، ويعاني دائما الاكتئاب، والأخوة الثلاثة يقعون في حب "منة شلبي" جملة، دون أن تعلم أنهم توائم.
فكرة القصة بحد ذاتها تعد إنجازا في تاريخ السينما المصرية، لأن هذه السينما وللأسف رغم أولويتها عربيا، إلا أنها كرست للتكرار كثيرا، وهو أمر يشكر عليه المؤلف أحمد فهمي الذي تفوق على نفسه وابتكر قصة فيلم لم يشاهد المشاهد العربي مثلها قط، وهو أمر بالمناسبة يحدث نادرا مع محبي مشاهدة الأفلام العربية! أكمل هذا النجاح الباهر إبداع المخرج أحمد جلال في إخراج الفيلم بصورة سليمة وسلسة للغاية، لم يتكلف كثيرا في إخراجه مما حافظ على جمالية القصة. والعمل يشهد إبداع المخرج أيضا في استخدام الخدع البصرية، التي كانت تظهر في الأفلام المصرية بشكل سيئ مما يفسد جمالية العمل ككل.
ومن ناحية الممثلين، أحمد حلمي كان دوره صعبا جدا في الفيلم بما أنه كان يقدم ثلاث شخصيات مختلفة فكريا رغم الشبه الشكلي، فكان يؤدي كل شخصية على حدة بتعابير مختلفة بما يتوافق مع الشخصية التي يقدمها، وهذا الدور بالذات كان شهادة مرور لأحمد من خلال قدرته الفذة على التقمص، ويكفي أن الأمر بحد ذاته كان صعبا في المشاهد التي تتطلب وجود الشخصيات الثلاثة التي يمثلها، حيث يعيد نفسه باختلاف الشخصية لاكتمال تركيبة المشهد، وهو أمر شاق ذهنيا وبدنيا، ولكن في كل مرة يتفوق حلمي على نفسه ويكسب التحدي، ويذهل الناس بروعة أدائه الماتع والعذب على القلب. منة شلبي ممثلة واعدة ومملوءة بالمواهب المتعددة، سحرت القلوب بأدائها في الفيلم وأكملت نجاح العمل، وأثبتت للجميع أن تأخير اختيار المخرج لها أتى بنتيجته. الممثل خالد الصاوي كذلك أثبت أنه ماكينة كوميدية تستطيع تقديم المزيد وتضيف شيئا إلى عالم السينما المصرية والعربية، إلى جانب موهبته في الأدوار التراجيدية التي عرف بها.
بصراحة كان فيلم "كده رضا" خير ختام لموسم الصيف المحموم بالأفلام السينمائية، واستطاع أن يحقق خلال ستة أيام فقط من بداية عرضه في دور السينما المصرية 3.5 مليون جنيه مصري، محتلا بذلك المركز الأول في شباك التذاكر المصري، ومطيحا بفيلم عملاق السينما العربية عادل إمام (مرجان أحمد مرجان) بعد تصدره القائمة عدة أشهر.

الأكثر قراءة