هل النفط العراقي الشاغل الرئيس لأمريكا؟
هل النفط العراقي الشاغل الرئيس لأمريكا؟
ظل الرئيس الأمريكي جورج بوش يضغط على الحكومة العراقية طيلة الأعوام الماضية لكي تنتهي من إعداد قانون اقتسام عائدات النفط والغاز الوطنية بوصف ذلك حجر الزاوية لإحلال الديمقراطية وتنمية أهم مورد للبلاد.
وفي تقرير بعث به إلى الكونجرس الجمعة الماضي قال البيت الأبيض إن التوزيع المتساوي للنفط بين العرب السنة والعرب الشيعة والأكراد والمواطنين العراقيين الآخرين يعد مهما من أجل تحديد معالم النظام الاتحادي في العراق، لكن التقرير توصل إلى أن العراق "لم يحرز تقدما مرضيا" على صعيد هذه المسألة الحيوية.
هذا التصنيف السلبي ترسخ هذا الأسبوع مع انهيار المفاوضات المتعلقة بالقانون في بغداد في الوقت الذي كان فيه سفير بوش وأرفع قائد عسكري في العراق يحاولان في واشنطن إقناع الكونجرس بأن الأمور آخذة في التحسن.
وفي هذا الصدد يقول المراقبون إن الأمر الذي ربما يكون ذا مغزى هنا يتمثل في أن الصفقة التي تم إبرامها في مطلع الشهر الحالي بين الحكومة المحلية في منطقة الأكراد في شمال العراق وراي هنت أحد مليارديرات النفط الأمريكيين والذي يعد من أكبر أنصار بوش يمكن أن ينبئ بدرجة أكبر عن فرص التوصل إلى توافق وطني بشأن قانون النفط. هذه الصفقة يمكن أن تعزز من التصور الماثل في ذهن الكثير من المنتقدين في العراق والخارج وهو أن الحرب الأمريكية في العراق كان الهدف منها، رغم كل ما قيل، الاستيلاء على احتياطيات الطاقة الضخمة للعراق بحسب المراقبين.
ومن أجل محو هذا التصور من الأذهان قامت لجنة عراقية مكونة من شخصيات سنية وشيعية بإعداد تقرير في كانون الأول (ديسمبر) عام 2006 حثت فيه بوش على التوضيح للعالم أن واشنطن لا تسعى للسيطرة على الثروة النفطية للعراق.
وقال التقرير إن نفي واشنطن وجود أي مصالح نفطية لها في العراق سيعد أمرا حيويا لتفادي حدوث فوضى سياسية واقتصادية في البلاد.
وأضاف التقرير "في وسع الولايات المتحدة البدء في تهيئة مناخ إيجابي لجهودها الدبلوماسية على الصعيد الدولي وداخل العراق من خلال تصريحات لبوش يضمنها رفضه لفكرة أن الولايات المتحدة تسعى للسيطرة على نفط العراق أو أنها تسعى لإنشاء قواعد عسكرية دائمة في العراق.
لكن العديد من المحللين في واشنطن يقولون إنه لم يحدث فيما هو واضح أن واشنطن وضعت عينيها على نفط العراق. إذ يعتقد دانيل سيروير نائب رئيس المعهد الأمريكي لعمليات السلام والاستقرار الذي تموله الحكومة أن الثروة النفطية للعراق ليست هي "الدافع الرئيسي" للتورط الأمريكي في العراق لأن الولايات المتحدة تشتري نفطها من السوق العالمية وأن كميات النفط التي تستوردها من إفريقيا تزيد على ما تستورده من هذه السلعة من الشرق الأوسط.
وقال سيروير لـ "د. ب. أ" لكن من الواضح يعتقد الكثير من العراقيين وكذلك الكثير من الأجانب أن هذا الأمر صحيح.
وأشار إلى أن الإدارة الأمريكية لم تعمل على دحض هذه الفكرة لكون أن بوش يخاطب في الأساس جمهوره الداخلي عندما يتحدث عن العراق.
في غضون ذلك وبعد أن نفد صبره حيال بطء المفاوضات الوطنية في بغداد قام شمال العراق الغني بالنفط بتمرير قانونه الخاص لإتاحة الفرصة أمام الاستثمارات الأجنبية.
فقد ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن شمال العراق أبرم في أواخر الأسبوع الماضي صفقة مع شركة هنت للنفط ومقرها تكساس تقضي بالتنقيب عن النفط كما اتفقا على قيام شركة "دانه غاز" ومقرها الإمارات بتنمية احتياطيات الغاز.
وفي معرض ردها على سؤال في الأسبوع الماضي حول هذه المسألة قالت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندو ليزا رايس إن صفقة شركة هنت للنفط أظهرت "مساوئ" فشل العراق في الاتفاق على القانون الوطني لتقاسم النفط.
يذكر أن راي هنت لم يكن فقط أحد المتبرعين الرئيسيين بالأموال لبوش حيث دفع 100 ألف دولار أو أكثر أثناء الحملات الرئاسية لبوش بل وأثناء الحملات التي قام بها بوش في إطار محاولته تولي منصب حاكم ولاية قبل أن يصبح رئيسا لكنه صار الآن يشترك في عضوية المجلس الاستشاري للاستخبارات الخارجية للرئيس والذي يعد من الجهات الرفيعة وحسنة الاطلاع على خبايا الأمور.
والجمعة الماضي كتب بول كروجمان في عموده في صحيفة "نيويورك تايمز" يقول إن صفقة شركة هنت للنفط تعد مؤشرا على الاعتقاد السائد بين المسؤولين المقربين من بوش وهو "أن الحكومة العراقية.. لن تصل إلى توافق" بشأن قانون النفط أو القضايا الأخرى.
ومضى كروجمان يقول "لقد أعرب بعض المعلقين عن دهشتهم إزاء حقيقة أن رجل الأعمال الذي تربطه صلات قريبة للغاية بالبيت الأبيض يعمل الآن على تقويض السياسة الأمريكية. إذ يدرك رجل الأعمال أن أمريكا خسرت الحرب وأن العراق في سبيله لأن يصبح يوغوسلافيا أخرى.
من ناحية أخرى يعتقد يحيى سيد وهو مسؤول في منظمة ريفنيو ووتش ميدل إيست المعنية بالدفاع عن فكرة استخدام الموارد الطبيعية من أجل الصالح العام، أن مشروع قانون النفط العراقي يعد "أقوى قانون نفط في المنطقة اتساما بالشفافية وهو يصب في المصلحة الحقيقية للشعب العراقي".
وقال إن المشكلة الرئيسية تتمثل في العمل على تمريره وإنه قد "بات ساحة للمعارك السياسية.. وإن الزعماء السياسيين يعتبرونه بمثابة اختبار على من سيحكم في المستقبل وكيف".