اقتراب فصل الشتاء يرجح بقاء النفط حول 80 دولارا
السؤال الذي يواجه الأسواق هذا الأسبوع إذا كان سعر البرميل سيواصل البقاء فوق معدل 80 دولارا بما يفتح الطريق لتصاعد أعلى في السعر، كما حدث الأسبوع الماضي، أم أنه سيتراجع إلى ما دون ذلك ليبقى متأرجحا بين 70 و80 دولارا, خاصة وفصل الشتاء على الأبواب ووضع المخزونات الأمريكية يعطي انطباعات مثيرة للقلق استنادا إلى تراجعاتها خلال الأسابيع الماضية، رغم أنها تظل في مستوى معقول وفق القياس التاريخي للسنوات الماضية.
فخلال فترة الأسابيع الأربعة الماضية تصاعد سعر البرميل من نحو 69 دولارا ليلامس 80 دولارا، وهو أعلى معدل يبلغه سعر البرميل منذ بدء العمل في بورصة نيويورك للتعامل في المبيعات النفطية. بل إن الأسبوع الماضي وحده انتهى بزيادة 2.40 دولار أو 3.1 في المائة، ومثل هذه الزيادة تقارب الربع منذ بداية العام. أسباب هذا التصاعد تتركز في ثلاثة: أولها انطباعي ويتعلق بتراجع معدلات المخزونات الأمريكية مصحوبة بانطلاق بعض الأعاصير مثل همبرتو، التي أدت إلى إغلاق بعض المصافي في تكساس. الثاني الإشارات الواضحة على حدوث نمو في الطلب، إلا أن السبب الثالث يبدو الدافع الرئيسي ويتعلق بالمضاربة. وتشير بعض الأرقام المتاحة إلى أنه خلال الأيام الأخيرة من الأسبوع الماضي تم التعامل وإبرام صفقات خاصة بالخام الأمريكي الخفيف الحلو وبحجم يصل إلى 600 مليون برميل، بينما الإنتاج اليومي من الخام ذاته لا يتجاوز 200 ألف برميل، الأمر الذي يشير إلى كبر حجم التداول المستند إلى المضاربة. وجاءت الأعاصير التي أسهمت في تعطيل ثلاث مصاف تقوم مجتمعة بتكرير 850 ألف برميل يوميا وتراجع حجم المخزون لإعطاء غطاء للمضاربين.
إلا أن منظمة الأقطار المصدرة للنفط (أوبك) ترى أن أساسيات السوق لن تسند هذا المعدل السعري المرتفع. وتضيف أن الزيادة التي قررتها في اجتماعها الأسبوع الماضي مصحوبة بتوقعات التراجع في الطلب على النفط خلال الربع الأخير من هذا العام والعام المقبل كذلك, كما ترى الوكالة الدولية للطاقة في تقريرها الشهري الأخير، ستسهم كلها في جعل الارتفاع الحالي أمرا مؤقتا، وبالتالي فإن اتجاه الأسعار لن يكون في وجهة 100 دولار للبرميل وإنما في الاتجاه المعاكس نحو 60 إلى 70 دولارا للبرميل.
فالوكالة في تقريرها الذي بثته بعد يوم من قرار "أوبك" زيادة إمداداتها للسوق توقعت أن يشهد الربع الأخير من العام أو ابتداء من الشهر المقبل ولفترة ثلاثة أشهر تقلصا في الطلب بنحو 100 ألف برميل يوميا، كما أن نمو الإمدادات من خارج "أوبك" سيكون في حدود 600 ألف برميل فقط خاصة وتطورات فصل الأعاصير والمتاعب التي تعانيها الصناعة النفطية في المكسيك ستسهم كلها في إضعاف معدلات النمو في الإمدادات من خارج المنظمة.
وضع العرض والطلب يبدو في أشد حالاته حراجة منذ شن الحرب على العراق منذ أكثر من أربع سنوات, خاصة ويعتقد أن الربع الثالث خسر أكثر من 650 ألف برميل من الإمدادات يوميا خلال هذه الفترة، فمع استمرار الطلب خاصة في السوق الآسيوية بقيادة الصين، إلا أن مؤشرات الضعف التي بدأت تترى من الاقتصاد الأمريكي ستعقد من الصورة قليلا. ويبقى السؤال إلى أي مدى ستلعب الانطباعات والحقائق الصلدة دورها في تحديد مسار السوق؟