50 ألف طن من المبيدات الحشرية السامة تهدد إفريقيا
كان لسعي إفريقيا نحو تعزيز الأمن الغذائي ومحاربة أسراب الجراد وأمراض النبات التي تتلف المحاصيل عواقب غير مقصودة، تمثلت في تكدس مبيدات حشرية وكيماويات انتهى مفعولها وإن ظلت سامة.
ففي أنحاء إفريقيا، تكدس ما يقدر بنحو 50 ألف طن من المبيدات الحشرية وغيرها من المواد شديدة التلوث، وتفاقمت المشكلة بسبب نقص التشريعات وضعف الضوابط. والتخلص من تلك المبيدات يمكن أن يكون مكلفاً. ويقدر برنامج المخزونات في منطقة إفريقيا تكلفة التطهير والتخلص الآمن من المبيدات الحشرية الضارة في أنحاء القارة الإفريقية بأكثر من ربع مليار دولار.
وإدراكاً منه لخطورة الأمر، شن برنامج المخزونات في منطقة إفريقيا، وهو شراكة بين البنك الدولي، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني، حملة بطول القارة وعرضها للتخلص من هذه الكيماويات الضارة، ومنع تكدسها مستقبلاً، ونشر أساليب التعامل الآمن معها، من خلال العمل مباشرة مع المزارعين، وتعزيز القدرات المؤسسية الإفريقية على معالجة المسألة.
وقالت مونيك باربو كبيرة المسؤولين التنفيذيين في مرفق البيئة العالمية GEF التابع للبنك الدولي، وهو من أكبر المانحين في البرنامج" من دون هذا المشروع، فإن المبيدات الحشرية لن تلوث إمدادات المياه المحلية فحسب، بل وستزيد أيضا من شدة التلوث الكيماوي العالمي والتردي البيئي."
وأضافت باربو قولها "إن هذا التحدي هو تحد طويل المدى أيضا، ويتمثل في مساعدة المزارعين على السيطرة على الآفات، بحيث لا يقللون فقط مما تشكله المبيدات الحشرية الخطيرة من تهديد, بل ويقللون كذلك من احتمالات تكدس المخزونات مستقبلاً."
إن الأثر العكسي الذي تحدثه الملوثات العضوية ممتدة المفعول، أو POP كما يُطلق على الكثير من المبيدات، خطير على البيئة و الصحة معا، فهذه الملوثات لا تتحلل بسهولة، بل تبقى متماسكة في البيئة لفترات طويلة من الزمن.
وتنتشر الملوثات بسهولة عبر مناطق جغرافية واسعة، محتفظة بسمومها، وتميل للتراكم في الأنسجة الدهنية للكائنات العضوية. وهي ضارة بكل من البشر والحياة البرية، والنباتات، والبيئة بأسرها. لهذه الأسباب، يُعد استخدام وإساءة استخدام الملوثات العضوية مشكلة ملحة تواجه صانعي السياسة، خاصة بالنظر إلى الجمود الحالي في الإنتاج الغذائي في إفريقيا جنوب الصحراء.
وقالت مارجوري آن برومهيد مديرة القطاع في مكتب إدارة البيئة والموارد الطبيعية لمنطقة إفريقيا التابع للبنك الدولي،" إن المبيدات الحشرية منتهية الصلاحية تشكل خطراً واضحاً ووشيكاً على الأفارقة وبيئتهم." كما تمثل المشكلة تهديداً خبيثاً بشكل خاص للتنمية المستدامة في إفريقيا، بما تحدثه من أثر عكسي في قطاعات مهمة من اقتصاد المنطقة.
وتهيمن الزراعة على اقتصاد البلدان الإفريقية، إذ غالبا ما تشكل أكثر من 30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، والقطاع الزراعي في أغلب الأحوال هو أكثر القطاعات تشغيلاً للأيدي العاملة والأكثر إدراراً لعائدات التصدير.
ويشدد برنامج المخزونات في منطقة إفريقيا على إجراءات المنع وتوعية المزارعين والأسر والمجتمعات المحلية كعناصر رئيسية في مشاريعه، وحقق البرنامج بعض النجاحات المبكرة. ففي مرحلته الأولى، بدأت أنشطة التخلص والمنع في ستة بلدان هي مالي، المغرب، نيجيريا، جنوب إفريقيا، تنزانيا، وتونس.
وفي السابع من أيلول (سبتمبر)، انطلق البرنامج في إثيوبيا أيضا، وترافق مع ذلك بدء منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (وهي من شركاء برنامج المخزونات) أنشطتها في إريتريا وموزمبيق. وقال الدكتور أبيرا ديريسا وزير الدولة الإثيوبي للزراعة والتنمية الريفية في كلمته خلال الاحتفال بتدشين أنشطة البرنامج في أديس أبابا "لقد ظل إرث تكدس المبيدات طيلة العقود الأربعة الأخيرة أو نحو ذلك، يصيب بضرره صحة الإنسان والحيوان، والحياة النباتية والبيئة." وأشار إلى ضرورة شن حملة توعية عامة بمشاركة المجتمع المدني من أجل ضمان نجاح المشروع.
ومن أجل نشر الفكرة، بدأ شركاء برنامج المخزونات أخيرا في استخدام البرامج الإذاعية وعروض المسارح المحلية والسينما المتنقلة من أجل إيصال رسالتهم إلى المزارعين والمجتمعات المحلية في بعض أكثر المناطق بعدا في ريف إفريقيا. وسيُسترشَد بنتائج وتقييم أنشطة المرحلة الأولى، مثل تلك المشار إليها، في توجيه بدء المرحلة الثانية في عدد من البلدان الإفريقية الأخرى يراوح بين 10 و15 بلدا. وقال دنيس جوردي، وهو إخصائي زراعي كبير يعمل في منطقة إفريقيا في البنك الدولي "إننا سعداء بما تحقق من نتائج في المرحلة الأولى من عمليات برنامج المخزونات".