6 بنوك تسيطر على سوق الصكوك في الخليج وتتوقع إصدارات بـ 17 مليار دولار بنهاية العام
لاحظ تشافان بوجايتا، رئيس قسم أبحاث الائتمان في بنك HSBC، عند حضوره لمؤتمر محلي حول الصكوك أن مدير التداول الجالس بجانبه أجرى ثلاث عمليات تداول على جهاز بلاكبري الذي يحمله في الوقت الذي كانا فيه ينصتان إلى لجنة المتحدثين في المؤتمر في دبي.
يقول بوجايتا: "هذا من الأمور المكروهة لدي، وهو الاعتقاد الخاطئ الشائع بأنه لا توجد سيولة في السوق الثانوية للسندات والصكوك في بلدان مجلس التعاون الخليجي".
"ولكن الحقائق هي خير دليل على عدم صحة ذلك. فإذا نظرت إلى السوق الثانوية للسندات الخليجية فإن بنك HSBC يتداول في أكثر من 100 صك من صكوك الدين في الشرق الأوسط، ونحن نعطي أسعاراً حول هذه الصكوك 24 ساعة في اليوم تقريباً، ونستطيع أن نعطيك في أي وقت، على سبيل المثال، سعر صك "الدار" القابل للتحويل، وسعر سندات نخيل، وما إلى ذلك".
يقول بوجايتا إن من الواضح أن السوق لم تصل بعد مرحلة النضج التي وصلت إليها أسواق السندات الأوروبية والأمريكية، ولكنها أبعد ما تكون عن كونها غير سائلة، رغم أن من الصعب التوصل إلى قياس دقيق لأرقام الحجم نظراً لطبيعة الصناعة.
وفي الوقت الحاضر فإن القطاع تسيطر عليه حفنة من البنوك والمؤسسات التي تصنع السوق، من قبيل بنك باركليز وبنك دبي الإسلامي ودويتشه بانك ومركز إدارة السيولة وشعاع، إلى جانب بنك HSBC.
وفي حديث مع Zawya قال أرول كانداسامي، رئيس قسم حلول التمويل الإسلامي في بنك باركليز كابيتال: "إن اللاعبين الرئيسيين في سوق الصكوك الثانوية هم الصناديق الأوروبية وإلى حد أقل الصناديق الآسيوية".
"وفي الشرق الأوسط نرى اهتماماً من خزائن البنوك، ولكن السوق يسيطر عليه المستثمرون الأوروبيون والآسيويون".
ويدعي بنك باركليز أنه البنك الرائد في صناعة السوق في سوق الصكوك الثانوية. "يبلغ متوسط التداولات اليومية في الصكوك في البنك نحو 15 إلى 20 مليون دولار، وهو أعلى بكثير من أية جهة أخرى". ويستند ذلك إلى خلفية "وضعنا القوي في السوق ونجاحنا في عمل أكبر الصكوك الصادرة حتى الآن، مثل صكوك شركة موانئ دبي العالمية، ومؤسسة الموانئ والجمارك والمنطقة الحرة، ونخيل، والدار".
ويدعي بنكHSBC أنه البنك الرائد في صناعة السوق في سوق الصكوك الثانوية، في حين أن المتوسط اليومي للتداولات في شعاع كابيتال يبلغ نحو 5 ملايين دولار. يقول البنك البريطاني "تشير تقديراتنا وتقديرات العالمين ببواطن السوق إلى أن قيمة المتوسط اليومي لتداولات الصكوك تراوح بين 80 إلى 100 مليون دولار".
مسار النمو
من المؤكد أن سوق الصكوك انطلقت وهي في حالة التقدم. وخلال العامين الأخيرين انهال سيل من الصكوك، وهذا الاتجاه العام يبدو أنه في سبيله للاستمرار، حيث من المتوقع إصدار نحو 50 صكاً تقدر قيمتها مجتمعة بنحو 17 مليار دولار قبل نهاية عام 2007.
فهل سيستمر هذا السيل في الانهمار خلال السنوات القليلة الماضية، أم ستعمل تبعات الاختناق في سوق الائتمان العالمية على تثبيط الجهود في هذا المقام؟
تقول وكالة موديز إن إصدار سندات الشركات وحدها في الخليج يمكن أن يصل إلى ثلاثين مليار دولار على الأقل لعام 2007، ويتوقع أن يمثل إصدار الصكوك حصة لا يستهان بها من المبلغ المذكور، بسبب القبول المتزايد لها من قبل المستثمرين خارج الأسواق الإسلامية وبسبب التوحيد المتزايد للمعايير.
يقول فيليب لوتر، نائب الرئيس وكبير التنفيذيين للائتمان وتمويل الشركات في وكالة موديز: "كان عام 2006 عاماً متميزاً توسعت فيه الآفاق بقوة بالنسبة للصناعة".
ويتابع "ما تشهدونه الآن هو ظهور سوق السندات الثانوية. فحتى الآن كانت المنطقة تعتمد اعتماداً مكثفاً على الأسهم، في حين أن تطور سوق الدين والصكوك هو أمر جديد، وهو يعثر على مستثمرين ليس فقط من داخل المنطقة، وإنما من خارجها كذلك".
وفي الوقت الحاضر فإن الشركات الموجودة في دولة الإمارات العربية المتحدة هي التي يبدو أنها الشركات الرائدة، ولكن الشركات السعودية والقطرية يبدو أنها تلحق بالركب بسرعة.
يقول أندرو كوتس، الشريك لدى المؤسسة القانونية الدولية كليفورد تشانس، ومقرها الحي المالي في لندن: "إن سوق الصكوك السعودية التي كانت في خطواتها الأولى هي الآن في مرحلة الانطلاق، من خلال صفقات متزايدة من حيث الحجم ومن حيث التطور والتمرس في تجميع الموجودات".
وما يساعد الصناعة كذلك الابتكارات التي تأتي بها المؤسسات المالية الدولية. ويتوقع بوجايتا أن العقود المعقدة الخاصة بالتقابل الائتماني في حالة العجز عن السداد، على سبيل المثال، ستعمل على إبقاء الصناعة في حالة ابتكار.
يقول بوجايتا: "لا يوجد هناك شك في أنه سيتم تطوير سوق لعقود "التقابل الائتماني" جنباً إلى جنب مع سندات النقد في بلدان مجلس التعاون الخليجي. ولكن في حين أن التداول في العقود المذكورة من قبل المستثمرين "التقليديين" يرجح له أن يكون على نحو مباشر بدون تعقيدات، إلا أن الجوانب العملية للتداول في العقود التي من هذا القبيل بين المستثمرين الإسلاميين هي أكثر تعقيداً إلى حد ما".
ولكن هناك بعض المحاذير على الطريق. فبيئة أسعار الفائدة، على سبيل المثال، يمكن أن تؤثر في تقدم سوق السندات والصكوك.
هل هناك قدر من التطور والتمرس في الصكوك؟
الأمر الذي يبعث على القلق أكثر من الأمور السابقة هو الافتقار الواضح إلى المعرفة المتقدمة والتمرس بين المستثمرين والمؤسسات المصدرة للصكوك. يقول لوتر: "هناك كثير من الناس الذين لا يعرفون ما يكفي حول الصكوك بصورة عامة، وهذا يحمل في طياته دائماً المخاطرة بوقوع أحداث ومفاجآت غير متوقعة".
من جانب آخر يتعين على الشركات المصدرة الخليجية للصكوك أن تغير عقليتها حينما تدخل أسواق الدين العالمية. يقول بوجايتا: "حين تعمد الشركات إلى الاستفادة من هذا المصدر الجديد للتمويل، فإنه يتعين عليها أن تصبح أكثر شفافية من ذي قبل بكثير، وذلك من حيث الإفصاح عن المعلومات، وأن تكون أكثر انفتاحاً من حيث قضايا الحكم الرشيد، على اعتبار أن المستثمرين على وعي كبير جداً بهذه الأمور".