البنك الدولي: الإنفاق والضرائب يهددان النمو في شرق أوروبا وآسيا الوسطى
حذرت دراسة جديدة صدرت عن البنك الدولي من أن المستويات المرتفعة للإنفاق العام ومعدلات الضرائب العالية على الأجور والمرتبات تشكلان تهديداً وخطراً على مسيرة النمو الاقتصادي الطويلة في العديد من بلدان شرق أوروبا وآسيا الوسطى.
وتقول الدراسة إن بلدان المنطقة الـ27 التي تمتد من نهر "إلبي" إلى بحر "بيرينج" ـ بشكل عام ـ شهدت تحقيق معدلات نمو قوية كان من شأنها انتشال نحو 60 مليوناً من سكانها من براثن الفقر خلال العقد الماضي من السنين. لكن وفقاً لهذه الدراسة، بات لزاماً على هذه المنطقة الشاسعة والمتنوعة تطبيق إصلاحات صارمة في ماليتها العامة للحفاظ على سلامة اقتصاداتها. ووفقا للدراسة بلغ الإنفاق العام في أوروبا الوسطى وجنوب شرق أوروبا في المتوسط 45 في المائة، وهي نسبة أعلى من المعدل السائد في البلدان المتوسطة الدخل السريعة النمو في آسيا وأمريكا اللاتينية، مثل: شيلي، كوريا، وتايلند. وخلصت إلى أن الضرائب العالية الخاصة بالعمالة ـ التي يدفعها كل من أصحاب العمل والعاملين ـ أدت إلى خلق "فروق بين المعدلات الضريبية" تصل إلى 45 في المائة، وهي نسبة تفوق بواقع ثلاثة أمثال معدلات الضرائب السارية في البلدان السريعة النمو المماثلة التي تقع خارج هذه المنطقة، علماً بأن فروق المعدلات الضريبية تمثل الفرق بين إجمالي تكلفة الأيدي العاملة وصافي المرتب. ووفقاً لهذه الدراسة، فإن تلك الفروق الكبيرة تؤدي إلى إبطاء معدلات النمو حيث تسفر عن تثبيط خلق فرص العمل الجديدة والاشتراك في القوة العاملة.
تقول تشيريل جراي مدير قسم تخفيض أعداد الفقراء وإدارة الاقتصاد في مكتب منطقة أوروبا وآسيا الوسطى في البنك الدولي، وأحد محرري هذه الدراسة ، إن الأوضاع الديموغرافية غير الملائمة ـ ممثلة في زيادة أعداد السكان المسنين وانخفاض معدلات المواليد، تسببت في تفاقم مشكلات المالية العامة، وأن "معظم بلدان تلك المنطقة المتوسطة الدخل لا تستطيع تحمل مزيدٍ من الإنفاق. بل إنها على العكس في حاجة إلى مزيدٍ من الكفاءة في الإنفاق، وتقول إن بلدان جنوب وشرق أوروبا "تواجه أشدّ المشكلات في ماليتها العامة" بالنظر إلى أنها ترزح تحت العبء الناجم عن مزيج من تضخم الجهاز الإداري للدولة وضعف نظام إدارة الحكم. "ويمكن لذلك بكل تأكيد تقويض النمو". وترى أن المعاشات التقاعدية هي أحد أكبر المجالات التي تكون فيها "قضايا الإنفاق حادة"، وهو أمر ينبغي النظر فيه.
وبينما تقول هذه الدراسة إن بلدان منطقة أوروبا وآسيا الوسطى تواجه تحديات كبيرة في ماليتها العامة، فإن Gray تشير إلى أن هناك الكثير من المؤشرات المشجعة، وأن هذه المنطقة جاءت في المرتبة الثانية بعد آسيا على صعيد معدلات النمو الاقتصادي على مدى السنوات القليلة الماضية، وأن ثمة بلدان، مثل جورجيا وأرمينيا وبلغاريا، تحقق حالياً تقدماً حقيقياً في إصلاح ماليتها العامة، وأن معظم بلدان المنطقة مستمرة في تحقيق نتائج جيدة إلى حد ما في مجالي الرعاية الصحية والتعليم، وأنه في إطار المقارنة بباقي بلدان العالم، هناك توزيع منصف إلى حد ما في الدخل.
الجدير بالذكر أن للبنك الدولي عدداً من البرامج تساعد بلدان منطقة أوروبا وآسيا الوسطى في مجالات التعليم والرعاية الصحية، والبنية الأساسية، وإصلاح السياسات وبناء القدرات، من بين برامج أخرى. ويبلغ إقراض البنك لتنفيذ برامج المساعدة في تلك المنطقة نحو أربعة مليارات دولار أمريكي سنوياً.