هل قرار "أوبك" لم يكن كافيا... أم أن الأسعار تخضع لعوامل غير الإمدادات

هل قرار "أوبك" لم يكن كافيا... أم أن الأسعار تخضع لعوامل غير الإمدادات

قامت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" ببادرة حسن نية تجاه الدول المستهلكة في فينا أمس بقرارها زيادة إمداداتها النفطية للسوق بمقدار نصف مليون برميل في اليوم، غير أن ذلك لن يكون على الأرجح كافيا لتهدئة القلق بشأن الإمدادات خلال الشتاء.
ورفعت "أوبك" سقف إنتاجها الرسمي بـ 1.4 مليون برميل في اليوم، ما يعود عمليا إلى زيادة صادراتها بـ 500 ألف برميل في اليوم إذ كانت تتجاوز السقف عمليا بنحو مليون برميل.
غير أن قرار "أوبك" لم يكن كافيا لتهدئة التوتر في سوق النفط فسجلت الأسعار مستوى قياسيا عند إقفال السوق أمس الأول، بعد بضعة ساعات على الإعلان وبقيت أمس ما فوق 78 دولارا للبرميل بفارق بضع سنتات عن السعر القياسي المسجل في الأول من تموز (يوليو) وقدره 78.77 دولار.
ورأى هاري تشيلينغيريان المحلل في مصرف بي ان بي- باريبا "إنها بادرة، لكنها غير كافية ولا شك أنها جاءت متأخرة". والواقع أن رفع "أوبك" سقفها 1،4 مليون برميل في اليوم، يعود في الواقع إلى إلغاء شبه تام للتخفيضات التي قررتها في نهاية 2006 وحجمها الإجمالي 1،7 مليون برميل.
وقال لورنس ايغلز رئيس محللي وكالة الطاقة الدولية التي تمثل مصالح دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية "إنها إشارة مهمة لكننا نأمل أن تقوم "أوبك" بالمزيد".
وتطالب وكالة الطاقة الدولية منذ أشهر بزيادة عرض "أوبك" لتلبية ارتفاع الطلب العالمي وعلى الأخص مع اقتراب موسم الشتاء وينبغي بحسب آخر تقرير نفطي شهري، رفع الإنتاج بمقدار 1.5 مليون برميل إضافي بحلول نهاية العام حتى يكون العرض متكافئا مع الطلب.
كما صدر القرار في وقت متأخر نظرا إلى الوقت الذي يستغرقه نقل النفط، الذي يقدر بأشهر عدة ما سيجعل كميات النفط الإضافية المقررة اعتبارا من الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) تتأخر في الوصول إلى المستوردين.
وهذا القرار يتيح لـ"أوبك" مهلة من الوقت من أجل تقويم وطأة الأزمة المالية الحالية على الاقتصاد العالمي قبل البحث في زيادة اكبر للإنتاج. وأعلنت المنظمة الثلاثاء "سنعيد تقويم الوضع" خلال الاجتماع الاستثنائي المقبل المقرر عقده في الخامس من كانون الأول (ديسمبر) في أبو ظبي. وما زالت كارثة الأزمة الآسيوية عام 1999 ماثلة في ذهن "أوبك" حين انهار سعر البرميل إلى عشرة دولارات بعدما رفعت إنتاجها بنسبة 10 في المائة.
وتخشى الدول المصدرة أن يتأثر الطلب العالمي على النفط بتباطؤ في الاقتصاد العالمي قد ينجم عن الأزمة المالية الحالية وقد أقرت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها بأنه "ما زال يجب تقويم" انعكاسات هذه الأزمة.
ورجحت "تشديد شروط منح القروض في الولايات المتحدة وغيرها من الدول المتطورة" مشيرة إلى انها "قد تراجع في وقت لاحق توقعاتها للعام 2008". ولقرار "أوبك" أيضا أبعاد دبلوماسية إذ أثبتت السعودية من خلاله بقاءها في موقع الزعامة للدول المصدرة للنفط بنجاحها في الحصول على تأييد الدول الأشد رفضا لرفع الإنتاج وبينها فنزويلا وإيران اللتان تخوضان صراعا مفتوحا مع الولايات المتحدة. وقد أصابت الرياض بذلك أكثر من هدف، إذ يساعدها هذا القرار أيضا على توطيد علاقتها مع واشنطن التي تعدها بين حلفائها التاريخيين. واضطرت فنزويلا إلى تخطي خيبتها وأعلن وزير الطاقة والنفط رافاييل راميريز في ختام المؤتمر عن "ارتياحه" الشديد للقرار.

الأكثر قراءة