الزراعة العضوية في السعودية .. ماذا بعد الجمعية؟
شكل قرار إنشاء جمعية سعودية للزراعة العضوية (الزراعة دون مواد كيماوية) الذي أقره مجلس الوزراء الأسبوع الماضي نقلة نوعية لهذا النشاط الزراعي الذي بدأ يلقى اهتماما عالميا، لكن مصادر زراعية قالت إن القرار يحتاج إلى جهد كبير يؤسس للزراعة العضوية التي تواجه معوقات كبيرة.
ووفق عاملون في القطاع فإن المنتجات الزراعية العضوية تواجه مشكلات تسويقية تتعلق بعدم إدراك كثير من المستهلكين أهميتها من النواحي الصحية والغذائية، والمنافسة مع المنتجات التقليدية على الرغم من انخفاض كمية الإنتاج لوحدة المساحة بالنسبة للعضوية مما يؤدي إلى إحجام المزارعين والشركات عن التوسع في الزراعات العضوية، وعدم توافر المستلزمات الزراعية "البذور، الأسمدة والمبيدات العضوية بطريقة سهلة وميسرة لدى المزارع.
وتنضم إلى تلك العوامل، عوامل أخرى مثل عدم توافر الخبرة الكافية بالزراعة العضوية من قبل المهندسين الزراعيين والعمالة، ضعف خصوبة التربة في معظم مناطق المملكة مما يؤدي إلى زيادة التكاليف للحصول على إنتاج مرض، تباين الالتزام بين المزارع العضوية من حيث تطبيق البرامج العضوية "الوعي الزراعي العضوي" خاصة برنامج مكافحة الآفات والأمراض حيث إن تهاون أي مزارع في برنامج المكافحة يؤدي إلى ضياع مجهود كبير لمزارعين آخرين ملتزمين " حيث تعد مزرعة غير الملتزم بؤرة للعدوى بالآفات والحشرات"، حدوث خلط وراثي للمنتج العضوي للمحاصيل خلطية التلقيح بالرياح كما في الذرة، والحشرات كما في البرسيم، عندما لا يكون هناك عزل كاف بين المزارع العضوية والتقليدية.
لكن رغم هذه المعوقات فإن المهتمين بالنشاط في السعودية متفائلون بالجمعية التي ستتولى النهوض بمهنة الزراعة العضوية ومنتجاتها وكل ما من شأنه تطوير هذا النشاط، خاصة أن لها في سبيل ذلك إعداد الاشتراطات والمعايير اللازمة التي تطبق على الزراعة العضوية ومنتجاتها على أن تعتمدها جهة الاختصاص، وكذلك دراسة الأنظمة واللوائح والمعايير الخاصة بالزراعة العضوية ومنتجاتها والتوصية بإجراء أي تعديل عليها.
في هذا الشان يقول المهندس إبراهيم بن محمد أبو عباة مدير عام الشركة "الوطنية الزراعية" – وهي الشركة الرائدة في هذا المجال والأولى التي أدخلت الزراعة العضوية - إن القرار جاء في الوقت المناسب في ظل ارتفاع وعي المستهلك حاليا حيث ارتفاع المستوى التعليمي، لافتا إلى الزراعة العضوية تهدف إلى تقديم منتجات صحية خالية من الملوثات والإضافات الكيماوية.
ولفت إلى أن قرار الموافقة على إنشاء الجمعية السعودية للزراعية العضوية"، سيدعم التوجه الذي قامت به وكافحت من أجل استمرارها في تقديم منتج صحي، وهو ما سيسهم في رفع مستوى الوعي لدى المستهلكين نحو المنتجات العضوية.
ويتفق المهندس محمد بن عبد الله الرشيد مدير عام مجموعة الرشيد للبيوت المحمية مع أبو عباة لكنه يشدد على أهمية رفع مستوى الوعي لدى المستهك، فضلا عن العمل على جودة المنتج. وبين المهندس الرشيد أن مجموعته تعمل على الزراعة العضوية منذ خمسة أعوام، خاصة في مجال المبيدات، مشددا على أن الزراعة العضوية تهم المستهلك، خاصة أن الزراعة النظيفة مطلب ملح، ومن هنا فإن المنتجين يراعون هذه المنتجات الصحية كونها خيارا لا بديل له، وتحقق حاليا نجاحات في العالم.
من جانبه, قال المهندس سالم الشاوي مدير عام الزراعة في الشركة الوطنية للتنمية الزراعية "نادك" إن القرار يمثل نقطة انطلاق لهذا النشاط، ويحفز الشركات التي تعمل فيه على رفع مستوى الجودة والمنافسة بقوة من خلال أطر ستحددها الجمعية. وبين الشاوي إن القرار سيدفع إلى استثمار مخلفات الماشية والتخلص منها بطريقة أفضل من خلال أستغلالها في الزراعة العضوية.
من جانبه، يقول خالد الباتع رئيس جميعة مزارعي حائل إن الزراعة العضوية هي الحل المقبل لضمان غذاء صحي للإنسان، خاصة في ظل تنامي تناول المواد الحافظة أو تلك التي تعتمد على الكيماويات في تسميدها. وشدد الباتع على أن الجميعة ستولي هذا الجانب أهمية وستحث المزارعين على الدخول في النشاط، فضلا عن أنها ستعمل على مد يد التعاون للجمعية الجديدة لتأدية دورها.
وعن النشاط محليا، يعود المهندس أبو عباة ليشير إلى أن "الوطنية الزراعية" قد حققت سبقا زراعيا بحصولها على شهادة الإنتاج العضوي ECOCERT ، المعترف بها في الاتحاد الأوربي، حيث تعنى الشهادة بنظافة المنتجات من الأسمدة والمبيدات، وهو ما يطلق عليه الزراعة العضوية، معلنة بذلك ريادتها في مجال الزراعة العضوية.
وقال المهندس أبو عباة إن خطوة الشركة هي نتاج قناعة الشيخ سليمان الراجحي رئيس مجلس إدارتها، وإن خطوتها جاءت في الوقت الذي قام لعديد من الشركات والمزارع الخاصة مطلع السبعينيات وتزامناً مع بداية التنمية في المملكة في الإسراف في استخدام الأسمدة غير العضوية سعياً لزيادة الإنتاج على أساس انخفاض خصوبة معظم الأراضي الزراعية في المملكة مما ترتب عليه زيادة التلوث البيئي إضافة إلى زيادة تكاليف وحدة الإنتاج.
وبين أنه رغم أن الأسمدة غير العضوية (الكيماويات) تزيد الإنتاج إلا أنها لا يمكن أن تعوض الأسمدة العضوية في التربة التي لها فوائد كثيرة مثل الحفاظ على بناء التربة، وتحسين تهويتها، وتقليل الرقم الهيدروجيني مما يحسن من امتصاص وتيسر العناصر الغذائية للنباتات ، علاوة على أنها تعد مصدراً مهما لإمداد الكائنات الحية في التربة بالطاقة اللازمة للنشاط والتحلل.