تحرير التجارة وتزايد صادرات الصين والهند يختبر درجة تأثير "أبيك"

تحرير التجارة وتزايد صادرات الصين والهند يختبر درجة تأثير "أبيك"

تحرير التجارة وتزايد صادرات الصين والهند يختبر درجة تأثير "أبيك"

تجرى الاستعدادات على قدم وساق في أستراليا لاستضافة قمة دول منتدى آسيا والباسيفيك "إبيك" الـ 21 في الوقت الذي يدور فيه الحديث عن الصورة التي سيبدو عليها المشاركون في القمة عند التقاط صورة تذكارية لهم على درج دار الأوبرا في سيدني. ويتضمن جدول أعمال قمة "إبيك" ظاهرة الاحتباس الحراري والحاجة إلى إجراء مباحثات حول الموضوعات التي أثيرت في الدوحة حول تحرير التجارة ومواجهة الإرهاب فضلا عن الطلب المتزايد على الموارد من الهند والصين .
وما زال هناك الكثير الذي ينبغي على الدول المشاركة فى هذه القمة التطرق إليه خلال مباحثاتهم ، إلا أن النجاح في تجاوز المسائل السطحية في
البيان الختامي للقمة يبدو أمرا صعبا. ويتعين على منتدى "إبيك" النضال في مواجهة التجمعات التي تضم دولا على أساس أفضل من الأساس الجغرافي الذي يقوم على أساسه منتدى "إبيك".
ويعتقد ألان جينجل كبير مساعدي كيتنج عند إعلان تأسيس منتدى "إبيك" أنه يجب إلغاء اجتماع الزعماء ويجب أن تعود "إبيك" إلى نظام الاجتماعات على مستوى كبار المسؤولين لبحث قضايا التجارة والاستثمار . وعن اقتراحه إلغاء اجتماع "إبيك" الذي لا يبدي اهتماما بأمور خارج نطاق الدولة المضيفة قال جينجل "إنني لا أعتقد أن هذا يؤثر بالضرورة على عمل "إبيك". بل إنه قد يشجع الوزراء على بذل جهود أكبر".
ويذهب لايل برينارد مستشار اقتصادي للرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، إلى أبعد من ذلك ويقول "إنه يمكن التخلي عن منتدى "إبيك" إذا استطعنا أن ننشئ كيانا أصغر حجما". ويعتقد لايل أن المهمة التي اعتاد أن يقوم بها منتدى "إبيك" بشأن المشكلات التجارية الصعبة تؤديها الآن منظمة التجارة العالمية. وتناوب الدول الأعضاء على استضافة اجتماعات "إبيك" هو الذي يحافظ على وجوده. ويمنح ذلك زعماء دول صغيرة مثل بروناي وسنغافورة فرصتهم الوحيدة للجلوس على المائدة مع الولايات المتحدة والصين.
ومثل أي تجمع فإن اجتماع "إبيك" يجذب أنظار الدول الأخرى غير الأعضاء في وقت تريد فيه الهند والبرازيل الانضمام إليه، وسوف تتم مناقشة قضية توسيع نطاق "إبيك" في قمة سيدنى. ويقول رئيس الوزراء الأسترالي جون هوارد الذي يستضيف اجتماع "إبيك" في سيدنى إن سبب استمرار بقاء "إبيك" يعود إلى قدرته على التطور والتكيف مع التحديات المؤقتة التي تظهر من حين لآخر". ويشير هوارد إلى عام 1999 واجتماع "إبيك" في نيوزيلندا عندما تم إقناع إندونيسيا بالسماح بانتشار قوات حفظ السلام في تيمور الشرقية. ورشح هوارد ظاهرة تغير المناخ لصدارة جدول أعمال قمة سيدني. ولكنه لا يتوقع أي شيء أكثر من إدراج "هدف طموح طويل الأمد" في الإعلان الختامي.
وأشاد بوش، الذي سوف يعقد اجتماعا نهاية الشهر الجاري لبحث ظاهرة الاحتباس الحرارى بهوارد، وقال إن ذلك الاجتماع سوف يكون الاجتماع الرئيسي قبل اجتماع عام تعقده الأمم المتحدة في بالي في إندونيسيا في شهر كانون الأول (ديسمبر) المقبل. ونجحت مجموعة الدول الصناعية الثماني الكبرى في إقامة تكتل من الاقتصادات الكبرى فيما تضم منظمة التجارة العالمية مجموعة أوسع نطاقا من الدول تشمل كل من يتطلعون إلى تحرير التجارة.
وفى بعض الأحيان يلبي البيان الختامي طموحات المشاركين في قمة المنتدى، ففي قمة عام 1994، حيث استضاف الرئيس الإندونيسي سوهارتو قمة "إبيك" في منتجع بوجور تم التوصل إلى التزام بتحرير التجارة لدول "إبيك" بحلول عام 2020 مع احتمالات بتحقيق الاقتصادات الأوفر ثراء هذا الهدف بحلول عام 2010. ولعله ما زال عالقا بالأذهان ما حدث في قمة أوكلاند في نيوزيلندا عام 1999 من جهود لتجنب حدوث كارثة في تيمور الشرقية المجاورة التي كانت في ذلك الوقت مقاطعة إندونيسية ثم شقت طريقها بعد ذلك لتصبح دولة مستقلة.
وقال تيم هاركورت كبير الاقتصاديين في مفوضية التجارة الأسترالية، إن التصور العام الذي كان سائدا عند إطلاق منتدى دول آسيا والباسيفيك في عام 1989 كان يتمثل في أن القاعدة الحاكمة به سوف تكون على أساس "الإجماع وليس كمنتدى يفرض إرادته على أعضائه من خلال اتفاقيات وقرارات ملزمة" وهو بذلك يتناقض مع منظمة التجارة العالمية التي تقوم على أساس لوائح ثابتة وتتطلب الالتزام بالتعهدات.
ومن جانبه قلل مارك جونسون رئيس المجلس الاستشاري التجاري لمنتدى "إبيك" من أهمية ما ستسفر عنه قمة المنتدى على الصعيد التجاري قائلا إن مسألة إقامة منطقة تجارة حرة لدول "إبيك" لن تكون أوفر حظا في المباحثات عما كان عليه الحال في مباحثات منظمة التجارة العالمية. وقال جونسون:"إننا نريد رؤية سياسات تهتم بشكل أكبر بقضايا البيئة".
وربما أصاب جون هوارد رئيس وزراء أستراليا الفكرة الجوهرية عندما قال إن قمة "إبيك" يمكنها رسم خطة عمل بشأن ظاهرة الاحتباس الحراري لتحل محل بروتوكول كيوتو، مشيرا إلى أن قمة الدول الصناعية الثماني الكبرى في ألمانيا طالبت بضرورة بذل الأمم المتحدة قصارى جهدها لرسم الطريق لمرحلة ما بعد بروتوكول كيوتو.
ومن المقرر أن يجمع الرئيس الأمريكي جورج بوش ممثلين عن أكبر 15 دولة اقتصادية كبرى فى العالم من بينها تسع دول من أعضاء منتدى "إبيك" لاجتماع يومي 27 و 28 أيلول (سبتمبر) الجاري لبحث هذه المسالة ووضع التصورات التي يرى إمكانية عرضها على الاجتماع الذي تنظمه الأمم المتحدة في بالي في إندونيسيا في كانون الثاني (ديسمبر) المقبل.
ولا يفرط هوارد في الآمال المعلقة على قمة منتدى "إبيك" في سيدني، ولكنه سوف يطالب فقط بمعالجة ظاهرة الاحتباس الحراري باعتبارها" هدفا طموحا يمكن تحقيقه على مدى بعيد" بالنسبة لدول الباسيفيك. وقال هوارد " إن المهمة الأساسية في سيدني تتمثل في إعطاء توجيه سياسي بهدف وضع صيغة عالمية مستقبلية لمواجهة ظاهرة التغيرات المناخية".
وتتكون "إبيك" من أستراليا، بروناي، كندا، شيلي، الصين، هونج كونج، إندونيسيا، اليابان، كوريا الجنوبية، ماليزيا، المكسيك، نيوزيلندا، بابوا غينيا الجديدة، بيرو، الفلبين، روسيا، سنغافورة، تايلاند، الولايات المتحدة وفيتنام. وهي تمثل نصف التجارة العالمية، وتحتوي على ثلث سكان العالم وتنتج 60 في المائة من البضائع والخدمات العالمية.
ويعتقد بول كيتنج رئيس الوزراء الأسترالي السابق، الذي كان بمثابة القوة الدافعة وراء إقامة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي (إبيك) في عام 1989 أن التطلعات الإقليمية الصينية يجب أن تتصد ر جدول أعمال اجتماع زعماء المنتدى.
وقال كيتنج " حان الوقت للتركيز على هذه الأشياء ومواصلة محادثات حقيقية للتوصل إلى تسويات سياسية واستراتيجية في شمال آسيا" ولكن مواصلة إجراء محادثات حقيقية عن الطموحات الصينية يتعارض مع المبدأ العام لمنتدى "إبيك" المتعلق بأنه يمكن معالجة القضايا الأمنية الإقليمية بشكل أفضل في المنتديات الأصغر مثل تلك التي تعقدها رابطة جنوب شرق آسيا (آسيان) مع القوى الإقليمية الكبرى بعد اجتماعها السنوي أثناء وعلى هامش قمة دول شرق آسيا التي تقودها "آسيان".
ولا يعد منتدى "إبيك" المكان النموذجي للمساعدة على دمج الصين في المنطقة لأن العضوية فيها تضم دولا متفاوتة في أهدافها ولا يعد منتدى "إبيك" تجمعا إقليميا حاليا بعد وصول عدد الدول الأعضاء فيه إلى 21 دولة.
ويحدد ميثاق "إبيك" طبيعة المنتدى على أنه يهدف في المقام الأول إلى تسهيل النمو الاقتصادي والتعاون والتجارة والاستثمارات في منطقة آسيا والمحيط الهادي".

الأكثر قراءة