قمة (أوبك) تدخل التاريخ مرتين

[email protected]

أيضا ودائما.. هو (ملك) يضع قلبه في كل خطوة، وفي كل كلمة..
في افتتاح قمة (أوبك)، كان الحضور على موعد مع موقف إنساني نبيل، لقد وقف الحضور فجأة وانطلقوا في موجة من التصفيق الحار، وكان المشهد مهيبا يستحق هذه الاستجابة التلقائية من العرفان والتقدير.
بعدما أعلن اسمه، كأحد المكرمين في هذه القمة، وقف وليد خدوري، الصحافي العراقي العملاق في تاريخه وسمعته المهنية، ليستجمع قوى جسمه التي هدها المرض، تقدم بخطوات بطيئة إلى المنصة.. هنا انطلق الفارس النبيل عبد الله بن عبد العزيز إليه وعانقه وأبقاه في مكانه وقدم إليه شهادة التقدير، وكانت لمسة إنسانية ليست مستغربة من ملك كريم نبيل تقوده نفسه الأصيلة إلى مثل هذه المواقف.
هذا الموقف أضاف إلى قمة (أوبك) رصيدا إنسانيا هو امتداد للموقف السياسي الكبير الداعم الذي تقدمه المملكة لهذه المنظمة ولشعوب الدول الأعضاء، والمملكة ولعقود طويلة صارعت كثيرا في سبيل الحفاظ على المنظمة كمؤسسة دولية مسؤولة عن الاستقرار الاقتصادي العالمي، منظمة تقودها الحكمة والموضوعية في مواجهة تيارات وأعاصير الصراعات الدولية.. وكان إنجازا كبيرا للمنظمة أن تهرب من المواجهات الرهيبة التي صاحبت مرحلة الاستقطاب الثنائي عندما كان العالم مقسوما إلى معسكرين.
الآن المملكة وهي تقود مرحلة جديدة لهذه المنظمة، وبعد الخطوة الرئيسية والكبيرة التي قدمتها لدعم الأبحاث والمشاريع العلمية التي تستهدف المحافظة على البيئة عبر التبرع بـ 300 مليون دولار، هذه الخطوة ستقود المملكة إلى مواجهة لن تكون سهلة مع مراكز المصالح في الدول الغربية ونذر هذه المواجهة بدأت منذ الإعلان عن هذا التبرع.. ولكن المملكة تعودت على تحمل المسؤولية ومواجهتها بالحكمة والموضوعية، لأن الهدف الأسمى هو بقاء النفط سلعة تخدم مصالح الشعوب وتسهم في الاستقرار العالمي.
وهذا ما سنعمل عليه، ففي السنوات المقبلة نحن إزاء مسؤولية جديدة لقيادة المنظمة في مرحلة حساسة للاقتصاد العالمي بعد وصول أسعار النفط إلى معدلاتها الحالية، تتطلب الانتقال إلى ذهنية جديدة للتعامل مع قضايا الطاقة وكل ما يحيط بها من تطورات سياسية وعلمية وبيئية، وانطلاقة "أوبك" بهذه الروح الإيجابية التي خرجت بها القمة، هي دون شك إضافة مهمة لما بدأناه منذ بضع سنوات لاستكمال المكونات الضرورية لإطلاق حقبة جديدة للتعامل مع النفط.
فالمملكة تبنت الاتفاق المكثف على تطوير قدراتنا الإنتاجية لتكون مواكبة لارتفاع الطلب على النفط، وأيضا سعينا إلى إنشاء المنتدى العالمي للطاقة في الرياض الذي يؤسس لمرحلة جديدة من الحوار البناء بين الدول المنتجة والمستهلكة.. وأيضا نسعى الآن إلى تأسيس مركز متقدم لدراسات وأبحاث الطاقة، وأضفنا الآن تبني جهود عالمية للاهتمام بقضايا البيئة والتغيرات المناخية.
إننا إزاء حقبة جديدة أطلقتها هذه القمة.. وبعد أن انتهت نستطيع أن نقول إننا نجحنا في إعداد مناسبة تاريخية تليق ببلادنا ومكانتها، وتليق بمكانة "أوبك" ونجاحنا هذا جاء بعد مرحلة طويلة من الاستعداد الذي تصدت له فرق عمل من عدة جهات حكومية، وتفرغت له قيادات وطنية سهرت الليالي لإنجاح هذه المناسبة، وبما أنهم يعملون لأجل بلادهم، فلن أذكر الأسماء حتى لا نفسد عليهم "لذة" الإنجاز.
بقي أن نقول إن خادم الحرمين أدخل هذه القمة (التاريخ) مرتين، مرة بموقفه الإنساني الرائع، ومرة عبر تجنيد إمكانات بلادنا لإنجاح مناسبة ينتظرها ويترقبها العالم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي