ثمن البيتزا في حرب العراق .. عين وساق ومأساة

ثمن البيتزا في حرب العراق .. عين وساق ومأساة

كان كونستانتين رودريجيز قد أحضر لتوه الفلفل، ويستعد للخروج لإحضار البصل عندما سمع صافرة تنذر بقدوم صاروخ. كل ما يذكره بعد ذلك أن الباب انفتح وسمع دوي انفجار هائل.
كان رودريجيز رجل هادئ من مستعمرة جوا البرتغالية
السابقة في جنوب غربي الهند، يعمل عندما وقع الهجوم في أحد مطاعم بيتزا هت في منطقة التاجي حيث توجد إحدى القواعد الجوية الأمريكية الرئيسية في العراق.
ويقول اللفتنانت كولونيل ماثيو مارتن الجرّاح الذي عالجه في
وقت سابق هذا الشهر في مستشفى عسكري أمريكي في بغداد "إنه محظوظ لمجرد أنه بقي على قيد الحياة".
ولم يكن رودريجيز وهو راقد في المستشفى يفكر سوى في عروسه التي تركها في الهند، عندما ذهب إلى العراق العام الماضي، وطفله البالغ من العمر سبعة أشهر ونصف الشهر الذي لم يره.
وقال رودريجيز لـ "رويترز" في المستشفى "كنت قد أحضرت الفلفل وكنت ذاهبا لإحضار البصل.. سمعت الصافرة... لا أعرف ما حدث بعد ذلك"؟
وتابع "لا ألوم أحدا. فلتوفروا فقط الرعاية لي ولأسرتي. ساق
واحدة.. عين واحدة.. ماذا يمكنني أن أفعل مع أسرتي الآن؟".
وقال جو بتروسيتش الذي يدير مطاعم شركة الحميضي للمواد الغذائية وهي الشركة الكويتية التي يعمل فيها رودريجيز في العراق، إن الشركة تدير 11 فرعا لبيتزا هت و13 فرعا لبرجر كينج وخمسة أفرع لتاكو بلز في قواعد أمريكية في العراق.
ويعمل في الشركة نحو 300 عامل تم تعيينهم في الكويت لكن كلهم
تقريبا من دول فقيرة في آسيا مثل: الهند، بنجلادش، سريلانكا، نيبال، والفلبين.
إنهم جزء صغير من الجيش الكبير الذي يقف وراء الجيش وهم عشرات الألوف من مواطني دول أخرى، عينوا لإطعام القوات الأمريكية وغسل ملابسهم وبناء مجمعاتهم السكنية وتنظيف دورات مياههم مقابل بضع مئات من الدولارات شهريا على أقصى تقدير.
ويقول الجيش الأمريكي إنه بالتعاقد على مهام مثل الطهي والتنظيف يمكن أن يوفر لجنوده بيئة أفضل بتكلفة أقل.
وبالنسبة للدول الفقيرة فإن السماح لمواطنيها بالعمل في العراق،
كان مثار جدل ومن القضايا الحساسة سياسيا.
فقد طلبت الهند من مواطنيها عدم الذهاب للعمل في العراق منذ
عام 2004، عندما اختطف ثلاثة هنود وخرجت المظاهرات في الشوارع تشكو من أن الحكومة الهندية لم تفعل شيئا يذكر لحمايتهم.
لكن ليس بإمكان دولة منع مواطنيها، عن عمل يدفع أجورا أكثر
بكثير مما توفرها لهم الوظائف في الداخل. وتضع الفلبين حاليا أختاما على جوازات السفر الجديدة تشير إلى أن الجوازات غير سارية فيما يتعلق بالسفر للعراق.
وقال بتروسيتش إن شركة الحميضي مازالت تشغل فلبينيين في العراق ماداموا يحملون جوازات سفر قديمة، لا تحمل مثل هذه الأختام.
وتعرض شركة الحميضي ضعف المرتب على موظفيها الذين يقبلون العمل في العراق.
وبالنسبة لرودريجيز كان ذلك يعادل نحو 450 دولارا في الشهر وهو ما يكفيه أخيرا للعثور على زوجة وبدء أسرة في الهند بعد عشر سنوات من العمل في الكويت. ومتوسط دخل الفرد في جوا يبلغ نحو 1100 دولار سنويا.
وقال بتروسيتش إن رودريجيز سيتلقى رعاية طبية مجانية في الكويت، تشمل العلاج الطبيعي وساقا صناعية وقد يحصل على 18333 دينارا كويتيا (أي نحو 55 ألف دولار) إذا ثبت أنه أصبح غير قادر على العمل.
وأبلغ "رويترز" في اتصال هاتفي من الكويت "أنا قريب جدا من هؤلاء الناس. أعرفهم جميعا. وأعلم أننا نبذل ما في وسعنا... ما حدث له أمر مؤسف".

الأكثر قراءة