البنك الدولي: ارتفاع النفط يعوق الإصلاحات الاقتصادية في الخليج

البنك الدولي: ارتفاع النفط يعوق الإصلاحات الاقتصادية في الخليج

حذر تقرير صادر عن البنك الدولي, دول مجلس التعاون الخليجي من تباطؤ جهود الإصلاح الاقتصادي بعد تعزز المؤشرات ببقاء أسعار النفط عند مستويات مرتفعة في المدى المتوسط، مما سيؤدي إلى تأجيل اتخاذ القرارات الصعبة بشأن الإصلاحات الهيكلية وإعادة تنظيم العقد الاجتماعي.
وقال التقرير إن زيادة أسعار النفط خلال السنوات السابقة تزامنت معها جهود واضحة من قبل دول مجلس التعاون من أجل تنويع مصادر الدخل وتحديث البنية التحتية، وتوجيه المزيد من الاتفاق نحو التنمية البشرية، إلا أن آثار هذه الإصلاحات عادة ما تكون بطيئة ويخشى أن يكون ذلك أحد المؤثرات في التباطؤ في تنفيذها، خصوصا بعد أن شهد عدد من فترات العام الجاري بلوغ أسعار النفط مستويات تاريخية جديدة.

في مايلي مزيداً من التفاصيل:

حذر تقرير صادر عن البنك الدولي دول مجلس التعاون الخليجي من تباطؤ جهود الإصلاح الاقتصادي بعد تعزز المؤشرات ببقاء أسعار النفط عند مستويات مرتفعة في المدى المتوسط، مما سيؤدي إلى تأجيل اتخاذ القرارات الصعبة بشأن الإصلاحات الهيكلية وإعادة تنظيم العقد الاجتماعي.
وقال التقرير إن زيادة أسعار النفط خلال السنوات السابقة تزامنت معها جهود واضحة من قبل دول مجلس التعاون من أجل تنويع مصادر الدخل وتحديث البنية التحتية، وتوجيه المزيد من الاتفاق نحو التنمية البشرية، إلا أن آثار هذه الإصلاحات عادة ما تكون بطيئة ويخشى أن يكون ذلك أحد المؤثرات في التباطؤ في تنفيذها، خصوصا بعد أن شهدت عدد من فترات العام الجاري بلوغ أسعار النفط مستويات تاريخية جديدة.
ويؤكد التقرير أنه خلافا لما توحي به زيادة أسعار النفط الراهنة، فإن هناك العديد من العوامل التي تضغط للجعل من الإصلاح ضرورة ملحة، وفي مقدمة هذه العوامل تنامي الضغوط على أسواق العمل وتوقعات الناس بحدوث تحسينات كيرة في مستوى العيش والخدمات، علاوة على تصاعد الضغوط التنافسية في الأسواق العالمية.
ففيما يخص أولى هذه العوامل يلاحظ التقرير أن ما خلفته المرحلة الممتدة من 1950 إلى 1990 من ارتفاع معدل نمو السكان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذي يبلغ 3,4 في المائة عام 1985، ينعكس الآن بشكل أكبر في ضغوط سجلتها أسواق العمل في أي منطقة من العالم في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية. وبالرغم من انحسار معدل النمو السكاني في التسعينيات من القرن العشرين إلى 2,2 في المائة وتوقع ليصل إلى نسبة 2 في المائة فقط خلال العقد الحالي، يتوقع أن تزداد اليد العاملة بنسبة 3,5 في المائة سنويا خلال العقد المقبل. سيدخل نحو 42 مليون عامل جديد سوق العمل خلال العقد المقبل، مما يؤدي إلى رفع نسبة القوة العاملة بأكثر من 40 في المائة ولا يتوقع انخفاض معدلات نمو القوة العاملة المرتفعة هذه قبل عام 2020.
كما أن تكلفة تدني مشاركة المرأة العاملة مرتفعة للغاية، وتدل على ذلك معدلات الدخل العائلي المنخفضة ومعدلات نمو الدخل الإجمالي الضائعة. وعلى سبيل المثال، تشير تقديرات حذرة إلى أن عدم التوازن في مشاركة الجنسين في القوة العاملة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تسبب في خفض معدل النمو الاقتصادي بنسبة 0,4 في المائة على الأقل خلال تسعينيات القرن العشرين.
ويؤكد التقرير أن على دول المنطقة أن تسجل نموا في الناتج المحلي الإجمالي ضعف معدله الحالي أي من 3 في المائة خلال تسعينيات القرن العشرين حتى 6 إلى 7 في المائة سنويا ولفترة مستدامة, وذلك لضمان نمو الأجور الفعلية عبر تحسينات في الإنتاجية، واستيعاب 80 مليونا إلى 100 مليون وافد جديد إلى أسواق العمل خلال فترة العشرين سنة المقبلة.
وثانيا، فيما يخص توقعات الناس، يقول التقرير: يعيش رجال ونساء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عصر يتميز بتنامي التوقعات وتزايد الإحباطات. ولم تعد هذه التوقعات تتماشى مع الواقع الاقتصادي الذي تسبب به النموذج التنموي القديم، حيث لا يزال نمو معدل الدخل الحقيقي للفرد الواحد ضعيفا رغم الإصلاحات ونمو العوائد النفطية. وقد ساهم ذلك في تدني مستوى الحياة، حيث ارتقعت نسبة الذين يعيشون من أقل من دولارين في اليوم من 21 في المائة سنة 1990 إلى 23,3 في المائة في نهاية العقد في تلك المنطقة.
ويرسل تدهور هذه المؤشرات الدالة على عافية أسواق العمل والاقتصاد عامة إشارات واضحة وخطيرة إلى الأجيال المقبلة، أن اقتصاديات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بحاجة إلى خلق فرص منتجة تؤمن دخلا لأولئك الشباب والشابات من خلال النمو الاقتصادي، وعلى الحكومات أن تؤمن الخدمات التي تجعل ذلك ممكنا، من تعليم ومناخ أعمال ملائم.
وعلى الرغم من الجهود والنفقات الهائلة في كل دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تقريبا لتوسيع الخدمات الاجتماعية الأساسية، يشكل توصيل الخدمات الأساسية مثلا لعدم التناسق بين التوقعات الواقع على الأرض، أن الهوة في الأداء بين منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والدول المقارنة بها في اتساع مستمر من حيث فعالية وكفاءة توصيل الخدمات الاجتماعية السياسية.
وفيما يتعلق بالتعليم العام، ومع أن الإنفاق على المدارس الابتدائية مرتفع نسبيا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تشير المقاييس الأخرى كمعدلات الأمية إلى تخلف المنطقة النسبية إلى المناطق المقارنة بها. وفي الكثير من الخدمات الاجتماعية الرئيسية، تبقى دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا متخلفة عن سواها: فإن برامج شبكات الأمن الاجتماعية تشكو من ثغرات واسعة وهوات كبيرة في التغطية كما أنها في أغلب الأحيان لا تشمل الشرائح الأكثر عوزا. ومع أن المنطقة تنفق مبالغ طائلة على دعم الأغذية لضمان أدنى حد من الاستهلاك الغذائي، لأن سوء تغذية الأطفال لا يزال واسع الانتشار في الكثير من دولها.
ويسجل التقرير عددا من الثغرات في خدمات البنية التحتية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فعلى الرغم من الاستثمارات العامة الضخمة في مجال الاتصالات السلكية واللاسلكية، تشكل نسبة الاتصالات الهاتفية غير الناجحة 35 في المائة من مجمل الاتصالات في تونس، 50 في المائة في لبنان، 75 في المائة في المغرب، 60 في المائة في الأردن. أما الاستثمارات العامة الكبيرة المتعلقة بالبنية التحتية الكهربائية فلم تقض على خسائر نظام توزيع الكهرباء البالغة 13 في المائة من مجمل الإنتاج ، وهي نسبة أعلى بثلاث مرات تقريبا من نسبة 5 في المائة الموجودة في شرق آسيا.
ثالثا، فيما يخص ضغوط البيئة العالمية والعولمة، يؤكد التقرير أن سياسات الانتظار والترقب أصبحت مكلفة بخصوص الاندماج في التجارة العالمية. وتواجه المنطقة منافسة شديدة في الأسواق على صعيدي المهارات واليد العاملة، مما يؤثر في الصناعات والأنشطة الرئيسية كالنسيج والألبسة والهندسة الخفيفة، والصناعة التحويلية. ومع تأجيل الإصلاحات التجارية والإصلاحات المتعلقة بها تتزايد الصعوبات التي يواجهها المصدرون في مجابهة هذه الضغوط التنافسية.
وفيما يختص بكثافة المهارات، تواجه المنطقة تهديدين يتمثلان بانضمام دول أوروبا الشرقية في الاتحاد الأوروبي، والوحدة الجمركية بين تركيا والاتحاد الأوروبي، وهو أضخم سوق لصادرات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتمثل الكتلات الإقليمية واتفاقات التجارة الحرة تحديات أخرى. واستفادت منطقتا أوروبا وآسيا الوسطى وأمريكا اللاتينية والكاريبي وكلتاهما منطقتان ذات دخل متوسط ومواصفات مشابهة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من حيث مهارة اليد العاملة، من إصلاحات تجارية واندماج في الأسواق العالمية على نمط متسارع في السنوات الأخيرة، مما جعلها تكسب حصة سوق بسرعة في حين ما زالت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تتراخى. وما يعمق مشكلة التنافس هو عدم التناسق بين المهارات المطلوبة من الشركات وتلك التي ينتجها نظام تعليمي لا يزال مرتكزا على تخريج دفعات من موظفي القطاع العام.
من جهة كثافة العمالة، تواجه المنتوجات والسلع ذات التركيز على العمالة تحديا جديدا من جهة الاقتصادات ذات الأجور المتدنية والإنتاجية العالية مثل بنغلادش، الصين، الهند، إندونيسيا، وفيتنام. وقد ازدادت حدة المنافسة بعد إلغاء الكوتة التفضيلية على الأقمشة والألبسة سنة 2005، التي كانت ذات أهمية للعمالة في الصناعة التحويلية وأرباح الصادرات في المنطقة، أن هذه القطاعات المعتمدة على اليد العاملة التي تشغل أكثر من مليون عامل، هي من القطاعات القليلة التي تشهد المنطقة من خلالها زيادة في حصة السوق ويعود ذلك جزئيا إلى أسواق الاتحاد الأوروبي المحمية. وإذا أخذنا بعين الاعتبار إنتاجية العمالة نرى أن تكلفة العمالة في قطاع الألبسة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أعلى بكثير مما هي عليه في دول آسيا الكثيرة السكان، لكنها أدنى من التكلفة ذاتها في دول أوروبا الشرقية.

الأكثر قراءة