دعوات للاستفادة من مخلفات النخيل في الصناعات الخشبية
استحوذ موضوع إكثار النخيل وتقييم أصناف التمور على اهتمام عدد من الباحثين خلال ندوة النخيل الرابعة التي نظمها مركز أبحاث النخيل والتمور في جامعة الملك فيصل في الأحساء، وناقش الباحثون عددا من البحوث والدراسات في هذا المجال من خلال ثلاثة محاور, هي: تقييم النبات، الصفات الطبيعية, والمكون الكيماوي.
ففي محور تقييم النبات أشار الباحث حسام غالب من الإمارات من خلال بحثه التميز المورفولوجي لأصناف نخيل التمر في الإمارات إلى أن عدد أصناف نخيل التمر في العالم يقدر بأكثر من 2500 صنف, وتحتل الإمارات المركز الرابع في العالم من حيث أعداد نخيل التمر المزروعة في الدولة. وقال إنه نظرا لوجود تباين في أعداد الأصناف بسبب إدخال العديد من الأصناف الجديدة المعروفة وغير المعروفة بجانب مواصفات الأصناف وفق تكييف كل صنف للظروف البيئية السائدة في مناطق زراعتها ما جعل كل صنف يتميز بصفات تختلف عن الصنف نفسه الآتي من بلد المنشأ، وعليه أصبح لزاما الاعتماد على ما يسمى مفتاح تميز الأصناف وفق الأسس العلمية والعملية المعتمدة عالميا التي تشمل الصفات والخصائص الخضرية (رأس وجذع النخلة والسعفة وأجزاءها، مناطق الأشواك والخوص) والصفات والخصائص الزهرية (طول وعرض الطلعة وطول وعدد الشماريخ الزهرية وإزهارها) والصفات والخصائص الثمرية (لون وشكل وفترة نضوج الثمار), إضافة إلى صفات البذرة (موقع النقير وشكل وحجم شق أو أخدود البذرة).
ووفق الباحث اتضح من خلال هذا البحث إمكانية اللجوء أو الاعتماد على صفات الخصائص الخضرية للتفريق بين أصناف نخيل التمر من خلال صفتي النظام (ترتيب) الأشواك والخوص على كلا الجانبين، الظهري والبطني من جريدة السعفة, خصوصا في المواسم التي لا تحمل أشجار الصنف الثمار أو في حالة غياب صفات الخصائص الثمرية.
أما غسان عبد الله من كلية الزراعة في جامعة حلب في سورية فأكد خلال دراسته حول واقع زراعة نخيل التمر في سورية ودور التقييم وانتخاب السلالات البذرية المحلية في تطوير هذه الزراعة, أن واحات النخيل في تدمر شاهدة على تأصل هذه الشجرة في المنطقة منذ ما قبل الميلاد, فكلمة تدمر هي تحريف لكلمة (تاد مو) أي بلد النخيل باللغة التدمرية القديمة وكذلك بالميرا بالإنجليزية، وأشار إلى أن سورية تسعى إلى تطوير هذه الشجرة من خلال دائرة متخصصة بالنخيل تتبع لها ثلاثة مراكز في تدمر وسبخة الموح والبوكمال التي تعنى بإدخال الأصناف وجمع السلالات المحلية الجيدة وإكثارها ونشرها ضمن الحزام البيئي للنخيل في سورية.
وبين أنه يزرع النخيل في تدمر ودير الزور والبوكمال والرقة وارتفع عدد أشجار نخيل التمر من 50 ألفا عام 1986 إلى 187 ألفا عام 2004 والإنتاج من 500 طن إلى 3500 طن وكذلك المساحة من 60 هكتارا إلى 1037 هكتارا عام 2004, وتعتبر كل من حمص ودير الزور رائدتين في زراعة النخيل، يوجد في بادية تدمر نحو 60 ألف شجرة نخيل من مجموعات قديمة بذرية مستأنسة وهي ذات تنوع وراثي كبير منها نحو 20 ألف مؤنثة، أما الأصناف المزروعة فهي مدخلة مثل الخستاوي والزاهدي والدقل بإنتاجية 50 - 60 كجم/نخلة ، وأسهمت عمليات التقييم والانتخاب في المجمعات الوراثية البذرية في المحافظات المعنية في حصر وتوصيف بعض السلالات ذات المواصفات المميزة في الإنتاج ونوعية الثمار ووصل عددها إلى أكثر من 120 سلالة جديدة وسيتم اعتماد بعضها كأصناف سورية بعد استكمال دراستها وثبات صفاتها, حيث تعد النتائج التي تم الحصول عليها في هذا المجال وحتى الآن واعدة في تطوير هذه الزراعة وتحديد أهم الأصناف الناجحة ضمن الحزام البيئي الملائم لزراعة النخيل في سورية.
فيما أشار حمزة الغلمان من قسم الهندسة الميكانيكية في كلية الهندسة والعمارة الإسلامية في جامعة أم القرى في بحثه "الاستفادة من مخلفات النخيل في المملكة في تطوير الصناعات الخشبية غير التقليدية" إلى أن التجارب في مصر أكدت أن جريد النخيل يمتاز بصفات وخصائص فيزيائية وحرارية وميكانيكية عالية، حيث تم طرح اقتراح بالاستفادة من جريد النخيل للحصول على مورد أخشاب خام محلي بعد تخفيفها ومعالجتها بطرق التجفيف المختلفة، خصوصا أن بلادنا تعد غير مستفيدة من جريد النخيل مقارنة بالتجربة المصرية والممثلة في تجربة كلية الهندسة في جامعة عين شمس في القاهرة التي بدأت من عام 1991 حتى وقتنا الحاضر بنجاح، حيث تم أخذ عينات مختلفة من أنواع مختلفة من النخيل وتمت معالجتها وذلك يشمل تشذيبها وتجفيفها وإجراء التجارب الهندسية المختلفة عليها. وأفادت الدراسة العملية الحالية لجريد النخيل المحلي المجفف أن الأخشاب الناتجة تمتاز بصفات ميكانيكية عالية ممثلة في مقاومة الكبس القصوى التي تعادل 3 - 4 كيلو نيوتن/متر مربع وتعد قريبة في النتائج من التجربة المصرية الفريدة على جريد النخيل المجفف المحلي، أيضا تم في النهاية مقارنة التكلفة الإجمالية للأخشاب المنتجة ويشمل جميع التكاليف (مثل التشذيب والتقليم والتجفيف)، لوحظ الفرق الكبير في التكلفة بين هذا النوع من الأخشاب مع مثيله الذي يتم استيراده من الخارج.
من جهته, أكد الدكتور عبد الله الغامدي من قسم التقنية الحيوية الزراعية في كلية العلوم الزراعية والأغذية في جامعة الملك فيصل من خلال دراسة حول بقاء وتكيّف أصناف نخيل التمر الخارجية في بنك الأصول الوراثية لنخيل التمر في جامعة الملكِ فيصل, أن أكثر من 600 فسيلة لنخيل التمرِ تُمثّلُ 26 صنفا مختلفا، حُصِلَ عليه مِنْ الولايات المتحدة ومِنْ العراق، هذه الفسائل تمت زراعتها في حقلِ بنك الأصول الوراثية لنخيل التمر في مركز بحوث النخيل والتمور في جامعة الملك فيصل في الأحساء عام 1984 للأصناف الأمريكية وفي عام 1985 للأصناف العراقية، الممارسات الزراعية الطبيعية نفذت قَبلَ وَبَعد زِراعَة الفسائل في الحقلِ، تم تسجيل نسبة البقاءِ المئوية السنويةِ لكُلّ صنف، التركيب الوراثي والبيئي دُرِسَ لتَقييم تأثيراتِها في البقاءِ وتكيّفِ فسائل نخلةِ التمر الخارجية والمُقَدَّمةِ للمملكة. أظهرت النَتائِجُ اختلافاتَ مهمة في نسبة البقاءِ بين الأصناف هذه الاختلافاتِ يُمْكِنُ أَنْ تكون بسبب الاختلافاتِ الوراثيةِ بين الأصناف بشكل رئيسي، وعلى أي حال نسبة بقاء الأصناف الأمريكية كَانَ مماثلا لنسبة بقاء الأصناف العراقية.
أما بخصوص بقاء وتكيّف أصناف نخيل التمر السعودي في بنك الأصول فأشار الغامدي إلى أن أكثر من 1400 فسيلة من نخيل التمر قُيّمتْ في حقلِ بنك الأصول الوراثية لنخيل التمر في مركزِ أبحاث نخيل التمر في جامعة الملك فيصل الزِراعَة نُفّذتْ أثناء فصولِ النمو للأعوام 1982, 1983, 1984، و1985. تَعُودُ الفسائل إلى 29 صنفا مختلفا حَصلتْ عليها مِنْ سبع مناطقِ مختلفةِ من السعودية (الأحساء، المدينة المنورة، بيشة، نجران، القصيم، القطيف، والجوف)، الممارسات الزراعية الطبيعية اتبعت قَبلَ وَبَعد زِراعَة الفسائل في الحقلِ, كما سجلت نسبة البقاءِ المئوية السنويةِ لكُلّ صنف من الأصناف المزروعة التركيب الوراثي للأصناف والاختلاف البيئيةِ مثل درجةِ الحرارة الجويةِ القصوى والدنياِ، البخر ، مستوى الماء الأرضي أخذت في الاعتبار عند التقييمِ لتَقْرير تأثيراتِها على البقاءِ وتكيّفِ فسائل نخيل التمر المَزْرُوعةِ حديثاً. أظهرت النَتائِجُ اختلافات مهمة في نِسَب البقاءِ المئويةِ بين الأصناف وبين المناطقِ، هذه الاختلافاتِ يُمْكِنُ أَنْ تكون بسبب الاختلافاتِ الوراثيةِ بين الأصناف، لكن الاختلاف المهم في نسبةِ البقاءِ للمناطقِ المختلفةِ يُمْكِنُ أَنْ تكون بسبب مناخِ خصائص الأصناف المناخية، وشروط نمو النباتِات الأخرى.
أما في المحور الثاني والمتمثل في الصفات الطبيعية فقد أكدت دراسة أعدها عدد من الباحثين في متحف باكستان للتاريخ الطبيعي بعنوان "الحاجة إلى تطبيق التقنيات الحديثة في إنتاج التمور في باكستان" أن هناك ثلاثة أنواع من التمور يعرف بـ: Phoenix dactylifeza وP.hunilis وP.sylvestris، وباكستان هي خامس أكبر منتج للتمور في العالم، بمساحة تقدر بـ 74 ألف هكتار وكمية أكثر من 426 ألف طن، وتنتج منطقة بالوشستان الفقيرة في جنوب غرب باكستان 200 ألف طن من التمر وهي تضم نحو 42 ألف هكتار تمثل 53 في المائة من الإنتاج الكلي للبلاد، وبين البحث أن مزارع النخيل تشمل ليس فقط زرع النخيل بل العناية الدائمة والمعالجة اللازمة على مدار السنة، وعلى المزارعين اتخاذ القرار فيما إذا يستمرون في الاستثمار في هذه الزراعة أو الاستثمار في مجال آخر، كما أن هناك نقصا في المعلومات حول الجدوى المالية من الاستثمار في التمور على المدى البعيد، كما أن هناك حاجة ملحة إلى استخدام التكنولوجيا والبيوتكنولوجيا والهندسة الجينية لتحسين الإنتاج والنوعية لهذا الثمر الثمين ذي القيمة الغذائية العالية ويمكن لهذا المنتج أن يستخدم في شتى مناطق الباكستان ويحدث تحولاً في دخل المزارعين, وكذلك يمكن له جلب العملة الصعبة إلى البلاد.
أما الدراسة التي أعدها مجموعة من الباحثين من وزارة الزراعة والثروة السمكية في الإمارات حول دراسة مدى ثبات مواصفات الجيل الثاني لأصناف النخيل المكثرة بالطريقة النسيجية فكشفت أن الدراسة التي أجريت في محطة الحمرانية للأبحاث الزراعية خلال المواسم (2001، 2002، 2003، 2004) بهدف التأكد من سلامة تقنية الإكثار النسيجي للنخيل في الأجيال المتقدمة، من خلال دراسة المقارنة بين الصفات الطبيعية والكيماوية والموروفولوجية للأمهات من أصل نسيجي والأبناء الفسائل (الجيل الثاني)، نفذت التجربة وفق تصميم القطاعات العشوائية الكاملة RCBD بثلاثة مكررات (بواقع ثلاث فسائل) لكل صنف حيث تضمنت الدراسة تسعة أصناف شائعة (برحي، أبو معان، خضراوي، لولو، ديري، حياني، خصاب، دجلة نور، وهلالي) تم أخذها من أمهات من أصل نسيجي شملت الدراسات معدل وزن وحجم وطول وعرض الثمرة، حساب معامل الطول/العرض، وزن وحجم البذور، تقدير نسبة الجزء الشحمي وتقدير النسبة المئوية للعقد ونسبة الرطوبة ونسبة المواد الصلبة الذائبة.
وأشارت النتائج إلى عدم وجود فروقات إحصائية معنوية لكل الدراسات بين الأمهات والجيل الثاني على الرغم من التفوق الظاهري لبعض الصفات تارة الأمهات وأخرى للجيل الثاني، وتأكيداً على هذه النتائج أوضحت النتائج لثمار بعض الأصناف (برحي، خضراوي، أبو معان، ولولو) عدم وجود فروقات ظاهرية للصفات المرفولوجية، ومن هذا تؤكد نتائج الدراسة سلامة تقنية إكثار النخيل نسيجياً للأصناف المدروسة، حيث لم تظهر فروقات بين الأمهات من أصل نسيجي والفسائل الأبناء (الجيل الثاني).