حراس المنشآت التجارية ..بعضهم يسرق!!
حراس المنشآت التجارية ..بعضهم يسرق!!
ليس مستغربا أن يساند حراس المنشآت التجارية قوات الشرطة والأمن .. لكن الغريب هو أن يصبح بعض هؤلاء حملا ثقيلا على الأمن ورجاله.
فقد سجلت شرطة جدة أخيرا عددا من حالات سرقات الأموال من قبل أفراد شركات الحراسات الأمنية، الذين يفترض بهم أن يكونوا في مواجهة أي مخاطر محتملة يمكن أن تهدد الجهات التي يعملون على حمايتها سواء كانت بنوكا أو محال صرافة أو غيرها من المصالح الحيوية التي يعملون فيها .. وفي حين أنه لا يوجد سلوك السرقة أو النصب والاحتيال، لهؤلاء وغيرهم إلا أن بحث هذه السابقة كشف عن أوضاع متردية للغاية تعانيها هذه الفئة !!. تستوجب التوقف والمعالجة بأسرع وقت.
"الاقتصادية" .. كشفت شيئا من ملابسات " القضية " ووقفت على بعض خيوطها واستوقفتها هموم ومشكلات الحراس الشباب فالتقت بمختصين وتنفيذيين ناقشوا الأوضاع الإدارية والاجتماعية " المتردية للعاملين في هذه الوظيفة الحساسة وساقت بعض الحلول .. وإليكم التفاصيل :
سجلت شرطة جدة عددا من حالات سرقات الأموال من قبل أفراد الحراسات الأمنية الذين يباشرون العمل في المواقع المالية مثل البنوك ومحال الصرافة وتشير المعلومات إلى أن نسبة كبيرة من العاملين في الشركات الأمنية لديهم سوابق مسجلة في مواقع أعمالهم الرسمية، كانت السبب وراء فصلهم من العمل , حيث وجدوا فرصة للعمل وبشكل سريع في الشركات الأمنية دون الرجوع إلى لائحة السوابق الخاصة بهم وهو ما يشير إلى سابقة خطيرة تسجل ضد العملية الأمنية بأسرها.يقول الخبير الأمني اللواء متقاعد يحيى سرور الزايدي بضرورة التأكد من خلو صحيفة السوابق للمتقدمين لوظائف الحراسات الأمنية من أي قضايا جنائية, مطالبا بعملية تدوير وتنقلات لهم بحيث لا يتجاوز بقاء الحارس في الموقع الواحد أكثر من 15 يوما للحد من تورطه في علاقات مع أطراف أخرى قد تستفيد من طول مدة بقائه. خبراء أمنيون آخرون طالبوا بالإسراع في إقامة مشروع أمني مشترك يضم في عضويته شرط المناطق لإعطاء توصية للمتقدمين لهذه الوظائف .
قاعدة معلومات موحدة: فيما أكد العقيد إبراهيم سعيد نصار المدير الإقليمي لشركة أمنكو في المنطقة الغربية أهمية إيجاد قاعدة معلومات تضم كل المعلومات عن الحراس الأمنيين للرجوع إليها عند توظيفه أو إسناد المهام الحساسة لهم، إضافة إلى التأكد من خلو السيرة من السوابق ,وتحديد كفيل غارم في حال حدوث أي قضية اختلاس للأموال مشيرا إلى أنهم يلجأون إلى كبار السن من المتقاعدين لأنهم يتمتعون بمصداقية كبيرة في تحمل مسؤولية الأموال في حين أن هناك شركات تشترط عليهم أن يكون أفرادها من ذوي البنية الجسمانية واللياقة البدنية العالية بينما تشترط الفنادق والمستشفيات أن يتميز حراسها بالوسامة وحسن التعامل.
25% من الأفراد ينسحبون سنويا
ويمثل التسرب الكبير للكوادر أبرز أسباب تردي الخدمات الأمنية الخاصة يقول المهندس أمل منصور عبد الغفار المدير التنفيذي لشركة المجال سيرفس ماستر إن من أكبر الصعوبات التي تواجه شركات الخدمات الأمنية هي عمليات انسحاب الموظفين وانتقالهم إلى جهات أخرى حيث تشكل نسبة الانسحاب 25 في المائة سنويا من إجمالي العاملين ويعود ذلك إلى انخفاض الرواتب والحوافز. ويجمع تنفيذيون في شركات الخدمات الأمنية أن سوق الخدمات الأمنية تعاني أسبابا أخرى بالغة الأهمية تتمثل في عدم التخطيط المتكامل إضافة إلى عدم توافر ظروف المناخ السلمي، فكثير من الجهات الربحية تعتمد كلياً على حماية الدولة لها ولم تفكر في وضع حد معين للحماية لمساندة حماية الدولة, في حين أنه من المفترض دخول نوعية جديدة من الموظفين في مجال الحراسات الأمنية وقد يكون من بينهم حملة الشهادات العليا وهم الفئة القادرة على استيعاب تكنولوجيا المعلومات والتي سيضطر رجل الأمن إلى التعامل معها للارتقاء بمستوى الخدمة المقدمة ما يؤدي إلى زيادة تكلفة الخدمة المقدمة بسبب زيادة بند الرواتب والمبالغ المدفوعة في عملية التطوير والمتعلقة بالأجهزة أو العنصر البشري وهذا يتطلب وجود وعي من قبل العملاء وضرورة المشاركة في دفع جزء من تلك الخدمة الجيدة.
وهل تبرر المعاناة .. السرقة؟
عدد من الحراس تحدثوا لـ" الاقتصادية " مؤكدين أن ضعف الرواتب يعد أكبر سبب يدفع البعض منهم إلى ارتكاب جرائم سلب الأموال التي أوتمنوا عليها, فراتب الموظف لايتجاوز 1500 ريال وهو لايكفي لسد حاجة الموظف .يقول سعود الزهراني وفايز احمد 20 عاما ( أفراد حراسة خاصة ) إنهما يتقاضيان راتبا ضعيفا مقابل 12 ساعة عمل يومية دون السماح بوقت للراحة أو الأكل أو إجازة أسبوعية محددة, ويعول كل منمها أسرة مكونة من أمه وأخواته ويقولان بألم " لم نحصل على زيادة منذ سنوات طويلة ".
احمد عسيري شاب آخر يعمل في الحراسات الأمنية يطالب المسؤولين في وزارة العمل التدخل لتعديل وضع العاملين في الحراسات الأمنية , " إنها وظيفة حساسة وليس فيها أي ميزات جراء المخاطر المتحملة " مشيرا إلى انه لا ذنب للحارس لأن يتحمل فشل الشركة في توفير العدد الكافي من العاملين.
توحيد الجهود
وختاما فإن مسؤلو الشركات الأمنية وخبراء الأمن أجمعوا أن قطاع الحراسات الخاص قطاع حيوي , يقدم خدمات تساهم في الأمن الداخلي ويؤازر أجهزة وزارة الداخلية , لذلك فان القطاع يحتاج إلى إعادة تهيئة ورسم ملامح نظام واضح يكفل حقوق العاملين فيه وكذلك الشركات , لخلق جو من الانسجام بين الشركات والعاملين فيها , وذلك بتضافر الجهود والتحرك لتحسين وضع هذه الفئة الحساسة في العملية الأمنية الوطنية , إضافة إلى إعدادهم على نحو يمكنهم من تقديم خدمة منافسة بعيدا عن العمل التقليدي لحراس الأمن في الوقت الراهن.