الضيف الغريب يسرق الأضواء والثقة!

الضيف الغريب يسرق الأضواء والثقة!

تبدو ضيفة من خارج الحدود، لكن مجلة نيوزويك العربية، التي صدرت هذا الأسبوع بعنوان لافت زين غلافها الجاد والبسيط هو: "الشرق الأوسط الجديد، النهوض الباهر لبلدان الخليج قد يغير المنطقة والعالم"، حصدت اهتماماً استثنائياً من القراء والمعلنين على حد سواء، فتح من جديد ملف الإعلام المترجم وجدارته بالثقة، أو ما كان يسميه بعض الإعلاميين "إعلاما وافدا". أو "صحافة من خارج الحدود".

في السنوات الأخيرة فقط، عرفت بعض مؤسسات الإعلام العربي "موضة" ترجمة الإصدارات الدولية من كبريات الصحف والمجلات العالمية. الأمر الذي كان سائداً قبل ذلك في العالم مع مجلات عامة ومتخصصة وصحف ذات اهتمام دولي، في إطار فرضته ظروف العولمة وانفتاح ثقافات العالم بعضها على بعض. حيث يصبح معرفة ما كتبه كل طرف من العالم عن طرفه الآخر أكثر من ترف إعلامي، بل ربما ضرورة إنسانية!
وفي عدد "نيوزويك باللغة العربية" الآنف الذكر يلفت النظر تقرير لافت عن حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، إلى جانب تقارير عن نمو إمارتي الخليج الشهيرتين: أبو ظبي ودبي، كل هذا في سياق محور العدد الذي سمته "النهوض الباهر لبلدان الخليج" وهو المحور الذي حصد اهتماماً جعل العدد، على غير عادته، يزدحم بالإعلانات ويقطع تقاريره بها، على غير العادة. إلى جانب اهتمام قرائي غير مسبوق.

نجاح الغريب.. الأسرار والتكهنات!
نجاح المجلة "المعربة" فتح الكثير من التساؤلات حول ما يمكن أن تقدمه صحافة العالم المعربة للقارئ العربي، بعد أن ظلت لفترة طويلة أسيرة لنظرة نخبوية ظنت أن جمهورها لن يخرج عن المتخصصين، أو قليل من الباحثين عن رؤية العالم بمرآة مختلفة. لكن حقيقة إقبال القارئ من مختلف الفئات عليها، والتعقيبات المرسلة أحياناً إلى المجلة الأم حول موضوعات وتقارير نشرت في النسخ العربية لهذه المجلات، هذه الحقيقة وضعت المؤسسات الإعلامية العربية أمام الواقع الجديد الذي يقول: القارئ مهتم بالعالم أكثر مما نتصور.
الحقيقة الأخرى، الأكثر مرارة بالنسبة إلى عموم الإعلاميين. أن ثقة القارئ بالصحف والمجلات الناطقة بلغته تتراجع، أو أن هذه الصحف، ببساطة، لا تكفيه. في هذا الصدد يشير كثير من الصحافيين إلى اتجاههم إلى صحف العالم مثل واشنطن بوست أو اللوموند، كمصادر لاطلاعهم على جديد المهنة والعالم، بعد أن كانت صحف عربية كبرى تحتل هذه المكانة "الفخمة"، لكن الانفتاح الذي قادته الانترنت وترجمة الصحف الأجنبية يبدو أنه أزاحها نهائياً.
ويعتبر الكثير من المنتسبين للوسط الإعلامي العربي وجود حركة تعريب تجارية ومستمرة لصحف ومجلات العالم أمراً ضرورياً يعلمهم احترام احترافية ومهنية المهنة. يحدث هذا في الوقت الذي ما زالت المجتمعات العربية لا ترى في الصحافي أكثر من مزعج يتحدث عن كونه صوتاً للشارع دون أن يعرف ما يحدث للعالم. يبدو أن صحف ومجلات العالم تتعلم نمطاً جديداً، حيث يصبح المحرر الصحافي هادئاً وعقلانيا ومثقفاً أكثر، ومعلوماته، بالضرورة، قيمة أكثر.

الغرباء الآخرون.. أعضاء المجتمع
يتضمن مجتمع الصحف والمجلات العالمية المترجمة للعربية عناوين قليلة نسبية قياساً بلغات أخرى لها أعداد متحدثين أقل. فبالإضافة إلى "نيوزيوك" و"بزنس ويك" تحوي القائمة أسماء إعلامية شهيرة مثل مجلات "فورن بوليسي" و"فوربيس". إلى جانب مختارات تصدرها صحف ومجلات عربية داخل نطاق أعدادها الأساسية، حيث تصدر مجلة المجلة مختارات من مجلة "ذي ايكونوميست"، وتصدر جريدة "الرياض" مقتطفات شهرية من "لوموند ديبلوماتيك" الفرنسية، ولن ننسى بالطبع الإشارة إلى الصفحات التي بدأت "الاقتصادية" بنشرها مبكراً وبانتظام بالتعاون مع صحيفة "فايننشيال تايمز" الأمريكية الشهيرة، و"فرانكفورتر الجماينه" وغيرها.
ورغم أن تواجد هذه الأسماء في الأوساط الإعلامية يتم بشكل منفرد وبرعاية مؤسسات إعلامية لها ثقلها النوعي، إلا أن مجلات أخرى ما زالت على طابور الاهتمام العربية. فمجلة "ناشيونال جيوغرافيك" الشهيرة عالمياً والمختصة بالطبيعة يترجم عددها الشهري إلى عشرين لغة ليس من بينها العربية. فيما لم تشفع شهرة مجلة "تايم" الأمريكية الشهيرة لها الدخول إلى مجال الاهتمام العربي. الوقت كفيل بالتحول جدياً إلى القارئ المتطلع إلى العالم. ونقل عناوين أجنبية جديدة يصحبها قراء ومعلنون مختلفون إلى الواجهات الصحافية العربية، منافسة وتكاملاً في الوقت نفسه.

الأكثر قراءة