الفاو تحذر: العالم لا يسعه تحمل تبعات 843 مليون جائع
حثّت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) التي تتخذ من العاصمة الإيطالية، روما مقراً لها، الحكومات ومؤسسات القطاع الخاص على تمويل الأعمال والمبادرات بصورة مناسبة لاسيما تلك التي تقلل من ظاهرة الجوع، وذلك من خلال التنمية الريفية والحد من ظاهرة الفقر في الريف. كما دعت المنظمة إلى تعزيز فرص الحصول على الغذاء بصورة مباشرة من جانب الفئات الأكثر تعرضاً للمخاطر.
وفي وثيقة حول حشد الموارد للحد من الجوع أصدرتها لقمة الأمم المتحدة حذرت المنظمة قائلة "إن بقاء 843 مليون إنسان جائع في البلدان النامية والبلدان التي تمر بمرحلة انتقالية أمرٌ غير مقبول"، مشيرة الى أن ما يزيد على مليار إنسان يعيش حالياً بأقل من دولار واحد في اليوم. وجاء في الوثيقة أن الوتيرة الحالية لمعدل الحد من ظاهرة الجوع هي لسوء الحظ وتيرة بطيئة، وهي أبطأ مما هو مطلوب لتحقيق الهدف الذي وضعه مؤتمر القمة العالمي للأغذية ، وخاصة ما يتعلق بإفريقيا.
ومما يُذكر أن قادة 186 بلداً كانوا قد تعهدوا أثناء القمة العالمية للأغذية التي عقدت في روما عام 1996 بخفض عدد الجياع في العالم إلى النصف خلال فترة أقصاها عام 2015 .
ولغرض الحد من الجوع، استناداً إلى الوثيقة المذكورة، من الضروري أن تكون هناك مشاركة أكبر مما كانت عليه في العقود السابقة، لتمويل عمليات إنمائية جديدة تُرصد لقطاعي الزراعة والتنمية الريفية، لا سيما أن الأغلبية الواسعة من الفقراء في العالم تعيش في المناطق الريفية، وأن الأبحاث قد أظهرت أن النمو الزراعي إذا ما تركز بشكل خاص على صغار المزارعين، فأنه يمثل أهم محرك لخلق فرص العمل وموارد الدخل للفقراء.
وورد في الوثيقة أيضاً أن انخفاض مستوى الإنفاق العام في إطار الموازنات القطرية وإنحدارالمساعدات التنموية الرسمية في المدى البعيد لقطاعي الزراعة والتنمية الريفية في البلدان النامية لا ينسجمان تماماً مع أهمية قطاع الزراعة في الإقتصادات القطرية وخاصة في البلدان الأشد فقراً التي تعتمد على الزراعة.
إن استثمارات القطاع الخاص حسب رأي المنظمة، تشكل المفتاح لتكوين رأسمال تام في قطاع الزراعة، وإن الحكومات تتحمل مسؤولية تحقيق ذلك عن طريق البحوث وتنظيم الاستثمارات العامة والمبادرات المالية وبناء القدرات، لأن المزارعين هم الذين يمارسون الزراعة وليست الحكومات. فقد أدى التمويل العام غير المناسب في مجال المصالح العامة الضرورية، مثل البنية التحتية والبحوث وبناء القدرات والإرشاد وتنمية الأسواق إلى عدم تحفيز النشاطات الخاصة بالقطاع الخاص واستثماراته.
بيد أن الصورة ليست كلها قاتمة فعلى الرغم من الأداء المخيب للآمال في تخفيض أعداد الجياع في العالم، إلا أن النسبة التي تعاني نقص التغذية في البلدان النامية انخفضت الآن مقارنة بالفترة 1990 ـ 1992 فقد أصبحت 17 في المائة مقابل 20 في المائة. إضافة إلى ذلك تشير توقعات منظمة الأغذية والزراعة إلى أن نسبة الجياع في البلدان النامية في عام 2015 يمكن أن تنخفض إلى نصف ما كانت عليه قي 1990 ـ 1992 وهو انخفاض من 20 إلى 10 في المائة. وهذا يعني أن العالم يمضي نحو تحقيق أحد الأهداف الإنمائية للألفية وهو تخفيض الجوع.
كما تشير التوقعات نفسها إلى احتمال فقدان هدف مؤتمر القمة العالمي للأغذية حيث سيظل هناك نحو 582 مليون شخص يعانون نقص التغذية في عام 2015 في مقابل 412 مليونا إذ ما تحقق هدف مؤتمر القمة العالمي للأغذية.
وفي ما بين الأقاليم النامية، يتمثل التحدي الأكبر الآن في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ففي الأقاليم توجد أعلى نسبة لانتشار نقص التغذية، حيث إن واحداً من كل ثلاثة أفراد لا يستطيع الحصول على القدر الكافي من الغذاء وتشير توقعات المنظمة إلى أن معدل انتشار الجوع في هذا الإقليم سينخفض بحلول 2015 ولكن عدد الجوعى لن ينخفض عما كان عليه قي 1990 -1992 وفي ذلك الحين ستكون إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى مأوى لنحو 30 في المائة ممن يعانون نقص التغذية في العالم النامي. مقارنة بنسبة 20 في المائة في 1990 ـ 1992.
والبلدان التي تعاني نكسات في مجال تخفيض الجوع هي التي تبتلي بالمنازعات أو أشكال أخرى من الكوارث إلا أن التوقعات توضح أن هناك عملا جادا ينتظر البلدان التي لا توجد بها منازعات. ولكنها تعتمد على قاعدة هزيلة من الموارد الزراعية ولا تحقق إلا القليل من التنمية الاقتصادية والمؤسسية الشاملة على الرغم من زيادة معدلات النمو السكاني.
وفي الوقت الذي تركز فيه الجوع في المناطق الريفية إلا انه ليس بالإمكان تحقيق تخفيض مستمر للجوع دون توجيه اهتمام خاص بالتنمية الزراعية والريفية، ففي البلدان والأقاليم التي ينتشر فيها الجوع على نطاق واسع، حيث تعتبر الزراعة هي مفتاح التقدم الاقتصادي وتخفيض حالة نقص التغذية بصورة مطردة.