مفهوم التسويق الفيروسي بين النظرية والتطبيق

مفهوم التسويق الفيروسي بين النظرية والتطبيق

أحدث التسويق الفيروسي الكثير من الإثارة في الآونة الأخيرة، جزء من ذلك يعود إلى أنه يبدو وكأنه مجاني، حيث يمكنك اختيار عدد قليل من الأشخاص لبذر فكرتك، أو منتجك، أو رسالتك، وجعلها فيروسية؛ ومن ثم مشاهدتها تنتشر دون أي جهد لتصل إلى الملايين. ولسوء الحظ، وبالنسبة لكل مثال رفيع المستوى لمنتجات فيروسية ناجحة، مثل فلاش موبس، أو ذا ستار وارز كيدز، أو جيب جاب 2004، كان هناك العديد من المحاولات التي فشلت.
ويظهر أن تصميم رسائل يمكن الاعتماد عليها لعرض الخصائص الفيروسية صعب للغاية، كما هو حال توقع من هم الأفراد المعينون الذين سيكونون مسؤولين عن نشرها. ولحسن الحظ، من المحتمل للشركات أن تستفيد من نفاذ بصيرة التسويق الفيروسي بينما تتفادى معظم زلاتها الخطيرة. ونحن نقترح مدخلاً يسمى تسويق البذرة الكبرى، الذي يضم جميع أدوات التسويق الفيروسي مع وسائل إعلام قديمة الطراز بطريقة تنتج نتائج يمكن توقعها بصورة إضافية من المداخل الفيروسية " التامة" مثل التسويق الذي يتم تناقله بصورة شفوية بين الناس.
ويبنى نموذج التسويق الفيروسي المعياري على تشابه جزئي مع انتشار الأمراض المعدية. حيث يفترض أن يبدأ ببذرة واحدة من الأفراد الذين ينشرون رسالة من خلال نقل العدوى لأصدقائهم، حيث يسمى العدد المتوقع للأشخاص الجدد المصابين بالعدوى الناتجة من فيروس واحدة " معدل إعادة الإنتاج" أو آر، حيث إن (آر) أكبر من 1، حيث يعمل كل شخص، في المعدل، يقوم بتسلم الرسالة، على نشرها لأكثر من شخص تقليدي، يقوم بدوره بنقل العدوى، وهكذا، مما يؤدي إلى نمو أسي في عدد الأشخاص المتلقين للعدوى... وبالتالي حدوث وباء.
وفي المقابل، فإن الرسائل الفيروسية التي تحتوي على (آر) أقل من 1 تعتبر رسائل فاشلة في العادة. ويعود ذلك لأن الحملات الفيروسية المحضة، مثل انتشار المرض، يبدأ في العادة مع عدد صغير من حالات البذور وسرعان ما تتوقف عندما يتجاوز معدل إعادة إنتاجها حد الوباء، أو نقطة الحسم 1.
ومع ذلك، فهناك تدفق مهم في التشابه الجزئي للوباء، حيث يمكن للشركات، على خلاف الأمراض، أن تستخدم طرق الإعلان التقليدية لإنشاء بذور كثيرة محتملة.
وإذا كانت البذرة المبدئية كبيرة بما يكفي، حينها إذا كانت (آر) أقل من 1، فإن عملية التوقف ستتواصل لأجيال عديدة، وبالتالي فإنها ستصل إلى العديد من الأشخاص الإضافيين. وإضافة إلى ذلك، ومن خلال التزويد بأدوات المشاركة الجماعية السهلة الاستخدام، يمكن للمسوقين زيادة معدل إعادة إنتاج رسالتهم بدرجة يعتمد عليها، وهي نقطة مهمة، حيث إن الزيادات الصغيرة في (آر) يمكن أن تزيد وبصورة كبيرة من عدد الحالات الإضافية.
وتخيل على سبيل المثال أن تقوم شركة إعلانات تنتج إعلاناً تقليدياً بشراء شبكة إلكترونية، أو توجيه مشاهدي التلفزيون إلى موقع إلكتروني أو استخدام قائمة بريد إلكتروني للاتصال بمستهلكين محتملين مباشرة. وبغض النظر عن الطريقة المستخدمة، فإن الحملة ستنتج عدداً كبيراً من المحادثات، المسماة "إن"، وهم الأشخاص المهتمون بشكل كاف للنقر على إعلان عبر الشبكة أو رابط مدمج. وفي العادة، فإن هذا كل ما سيكون متوقعاً إنجازه، ولكن تخيل الآن أن يصبح بإمكان هؤلاء المشاهدين " إن" أن يشتركوا في الإعلان بسهولة مع شخص آخر. وبكلمات أخرى، ما كان في الماضي، الجمهور الكامل للرسالة أصبح كذلك البذرة الكبرى للحملة الفيروسية التي يمكن من خلالها للأشخاص الذين تمت إضافتهم حديثاً أن يرسلوا الرسالة إلى أصدقائهم، الذين يمكن أن يرسلوها بدورهم إلى أصدقائهم، وهكذا.
إن السماح لهذه العملية أن تتقدم بصورة غير محدودة، وافتراض معدل إعادة إنتاج ثابت أقل من 1، فإن بعض العمليات الحسابية البسيطة تكشف عن أن العدد النهائي الذي تم الوصول إليه سيكون تقريباً إن (1 – آر). وهكذا، فإن أظهرت حملة على سبيل المثال معدل إعادة إنتاج يبلغ 0.5، فإن هذا يعني أن كل جيل يبلغ نصف حجم الجيل الذي سبقه، وحينها فإن البذرة المبدئية المكونة من عشرة آلاف شخص ستمر إلى خمسة آلاف متلق جديد، وهؤلاء الآلاف الخمسة سيمررونها إلى 2500 شخص إضافي، وهكذا، وفي النهاية، فإن المجموع النهائي سيبلغ 20 ألف شخص، وهو ضعف العدد الذي بلغته الحملة التقليدية.
وفي العامين الماضيين، قام عدد من المنظمات بتطبيق حملات البذرة الكبرى بفعالية، مستخدمين برنامج المصدر المفتوح الذي يسمى "فوروارد تراك"، الذي قام بتطويره مايكل فرومين من مؤسسة أيبيم غير الربحية لفنون الإعلام، وتم تصميمه لتشجيع الناس على إرسال الرسائل لأصدقائهم. ولكن لم تنجح أي من الحملات التي استخدمت برنامج فوروارد تراك في الحسم، لأنه عرض بصورة ثابتة، معدل إعادة إنتاج أكبر من 1، ولكن من خلال البدء بقوائم بريدية، وصلت جميع الحملات إلى عدد مؤثر من الأشخاص الإضافيين.
وعلى سبيل المثال، أظهرت حملة تسمى (التماس توم)، وهي التماس للحد من استعمال الأسلحة أطلقته عام 2004 حملة (ستوب ذا إن آر إيه) و(ذا برادي كامبين)، معدل إعادة إنتاج بلغ 0.58، مما يعني أن (فوروارد تراك) بلغت ضعفي حجم بذرة عدد الأعضاء الأولين الذين يبلغ عددهم 22582.
وبتحفيز من نجاح التماس توم، قامت شركة بروكتر آند جامبل فيما بعد بدمج برنامج فوروارد تراك في حملة فيروسية للإعلان عن (تايد كولد واتر) كبديل لتوفير الطاقة من المنظفات العادية. وسجلت هذه الحملة معدل إنتاج أقل بكثير يبلغ 0.041 ولكن تم البدء به بمثل هذه البذرة الكبرى، ما يزيد على 900 ألف، بحيث أنها وصلت إلى 40 ألف فرد إضافي مما كانت ستصل إليه دون القدرة على الإرسال. وفي حملة أدارتها (أوكسجين نتورك)، وافقت فيه أوكسجين على التبرع بدولار لكل مشارك ( بلغ 25 ألف دولار) للتبرع في إعصار كاترينا، أعلى معدل إعادة إنتاج حتى الآن، وهو 0.769، بلغ 23544 مشاركا إضافيا تجاوز البذرة الأولية التي تبلغ 7.064.
وعلى الرغم من أن فكرتنا عن تسويق البذرة الكبرى يفتقر إلى غموض التسويق الفيروسي الفعلي، إلا أن تطبيقه يتم بصورة مباشرة ويمكن أن يحسن مردودات الإعلان بدرجة يعتمد عليها وبتكلفة منخفضة. وبالأهمية نفسها، ولأن تسويق البذرة الكبرى يستخدم قوة الأعداد الكبرى للأشخاص العاديين، فإن نجاحه لا يعتمد على الأشخاص المؤثرين أو أي أشخاص آخرين خاصين، وبالتالي، فإن بإمكان المديرين التوزيع من خلال التمرين غير المثمر المتعلق بالتوقع، أو من خلال، فكرة من الأفكار المعدية التي ستحظى بالانتشار.

الأكثر قراءة