"قطار الحجاز" يتحرًك بعد توقفه مع اندلاع الحرب العالمية الأولى

"قطار الحجاز" يتحرًك بعد توقفه مع اندلاع الحرب العالمية الأولى

تحركت في المدينة المنورة عجلات القطار الذي توقف عن العمل منذ نحو قرن، وكان يصل المدينة المنورة بمدن الشام وتركيا عبر سكة حديد شيدت قبل ذلك بعقدين ليتوقف القطار كليا عن العمل مع اندلاع الحرب العالمية الأولى ويغفو في محطة الحجاز المجاورة للحرم النبوي في إحدى الورش المعدة للصيانة في المحطة.
وخطت عجلات القطار خطواتها الأولى البارحة الأولى في مشهد حضرته حشود إعلامية وفعاليات ثقافية تقدمتها الهيئة العليا للسياحة مع عشرات الأسر التي قضت أمسية جميلة على وقع العجلات في المحطة المخصصة للفعاليات الثقافية من مهرجان صيف طيبة 28 .
كانت خطوات القطار البارحة الأولى قصيرة إذ لم يبرح المحطة التي تحولت إلى حديقة، غير أنها مع دخانه الذي ظل ينفثه حتى بعد وقت طويل من تحركه, أعادت إلى الأذهان صورة عملاق جاثم ينتظر الحركة بعد أعوام من الإعاقة لتغدوا خطوته القصيرة مسافات شاسعة تذكًر بتلك التي كان يقطعها ذلك العملاق جيئة وذهابا بين إسطنبول والمدينة المنورة مرورا بسورية والأردن حاملا الرغيف ساخنا في جانب والزوًار في جانب آخر.
القطار الذي أطلق صافرته في المحطة التي جثم فيها أعوامآ مديدة، أعلن انطلاق أولى رحلة له داخل محطة سكة حديد الحجاز أو "الاستسيون" كما عُرف شعبيا في المدينة المنورة, وذلك بعد أن تم تأهيل عدد من قاطراته ميكانيكيا ضمن مرافق المحطة ليعود في شكله القديم وطريقه الجديد ذات القطار الذي يستلهم الفحم كطاقة حرارية يحولها إلى حركية ويطلق الأدخنة ذاتها التي يطلقها قطار من العصر الفيكتوري.
ويعد القطار ومحطته المجاورة للجانب الغربي من الحرم النبوي معلما سياحيا بارزا من ضمن 100 موقع سياحي يجري تطويرها, ومتحف المدينة المنورة الإسلامي الذي يشغل محطة سكة حديد الحجاز (الاستسيون) تمت إزاحة الستار عنه في صورته الجديدة كأول موقع ضمن برنامج إعادة تأهيل وتطوير 100 موقع سياحي حددتها الهيئة العليا للسياحة في منطقة المدينة المنورة وشمل برنامج تأهيل موقع المحطة التي تعد نهاية خط سكة حديد الحجاز، لنفض غبار الزمن وترميم ذاكرة النسيان التي نالها بعد نحو 85 عاماً منذ أن توقف آخر قطار دلف إلى حرم أسوارها.
ويهدف البرنامج إلى إبراز محطة سكة حديد الحجاز التاريخية كأثر إسلامي ومعلم سياحي وتاريخي من خلال موقعها المميز الذي أقيم على بعد كيلو متر واحد عن المسجد النبوي الشريف (غربا) خارج أسوار المدينة المنورة آنذاك، وتطل الآن على ميدان العنبرية. والمحطة وملحقاتها مقامة على مساحة تقدر بنحو 90 ألف متر مربع وتم فتح أبواب مقر المحطة ذي الطابع الإسلامي أخيرا لأهالي المدينة المنورة وزوُارها، بعد أن بات المقر يضم مساحات خضراء ونوافير وطرقات للمشي ومقاعد استراحة تتوزع بين مبان حجرية وقببية وعربات قطار تعود إلى أكثر من 100 عام,  إضافة للحركة السياحية في المدينة المنورة. وكانت وكالة الآثار والمتاحف قد أبرمت عقدا، منتصف عام 2000م، بنحو 22 مليون ريال لتحويل المحطة إلى متحف إسلامي، شمل ترميمات واسعة لموجودات المحطة التي تعرضت للإهمال.

الأكثر قراءة