إلغاء الحدود السعرية
سؤال يطرح نفسه دائما لماذا نسبة 10 في المائة؟ أو لماذا تفرض أية نسبة على التداول؟ الإجابات المعلنة كثير منها لحماية صغار المستثمرين، إحداها لمنع التقلبات الشديدة في الأسعار، والأخرى لتضييق التذبذبات .
كان من الأفضل ولابد أن يكون من الأفضل أن يتم دراسة سياسات إدارة السوق قبل الإعلان عنها أو تفعيلها، أولى خطوات الدراسة أن نتجه إلى الأسس العلمية والدراسات التي تمت في أسواق مالية سبقتنا بعشرات السنين حتى نبدأ من حيث انتهوا، تذكر الأسس والدراسات والخبرات العالمية كافة أن المستثمر لا يقبل المباراة العادلة المغلقة، يعني عندما تشجع المستثمر على الاستثمار وتذكر له أنه بإمكانه كسب 10 في المائة، يسألك وفي حالة الخسارة كم أخسر، إذا قلت له تخسر 10 في المائة سرعان ما تتجه ذاكرة المستثمر إلى أنك فرضت أو اقترحت عليه نسبة متساوية في حالة المكسب وفي حالة الخسارة وهو ما يسمى المباراة العادلة المغلقة، هذه لا يقبلها المستثمر أصلاً.
نقطه أخرى ومهمة هي أن الأسواق الناشئة عموما ومنها كل الأسواق العربية أحجامها مهما بلغت متواضعة يعني ذلك أن قيم تداول الأسهم النشطة هي قيم متواضعة مقارنة بالأسواق العالمية، في ظل هذا الوضع من الممكن أن يجتمع اثنان أو ثلاثة من كبار المستثمرين والمضاربين ويتحكموا في أسعار الأسهم كيفما شاءوا وإلى ما شاءوا، من خلال شراء معظم عروض البيع في ثلاثة أيام متتالية وإيهام السوق أن هذا السهم يتخذ الاتجاه الصاعد. في ظل غياب الوعي الاستثماري في السوق فإن اتجاه السهم إلى الارتفاع من خلال قيام هؤلاء بغلق الطريق وقفل النسبة بـ 10 في المائة يومياً فان هناك وهم نعم وهم الارتفاع، يسيطر على السوق سياسة القطيع لذا يتجه معظم المضاربين الصغار إلى وضع طلبات كثيرة على الأسهم في الأيام التالية لأيام شراء الهوامير، وفي هذه الحالة يتحكم الهوامير في الاتجاه بتأكيد سلوك القطيع وقيامهم بالشراء معهم لإيهامهم أن هذا السهم لديه اتجاه قوي ناحية الصعود، أو يقوم الهوامير بالبيع البطيء للسهم وتحقيق مكاسب لا تقل عن 30 في المائة خلال أسبوع تداول على الأقل، ولكل مجموعة من الهوامير استراتيجياتهم، البعض يفضل إصابة السوق في هذا السهم بالجنون وتدعيم الاتجاه الصاعد، والبعض يفضل الشراء ودعم السوق بسعر أقل والبيع بسعر أعلى من أجل تخفيض تكاليف أسهمهم، والبعض يفضل البيع من أجل تحقيق الأرباح، أو المزج بين كل الأساليب السابقة.
في ظل غياب منع الاحتكار يتأكد هذا السلوك الذي سمح به نسبة 10 في المائة، تخيلوا لو أن النسبة غير موجودة أصلا لن يستطيع الهوامير إغلاق طريق السهم عند 10 في المائة وقفل النسبة، الطريق سيظل مفتوحا أمام السوق سيقابل اتجاه الهوامير بالشراء باتجاه السوق بالبيع إذا تخطت الأسعار مستويات جذابة مثل 11 في المائة لأن المستثمر بالسوق أو السوق عموما يحمد ربه على مكسب أكثر من 10 في المائة يوميا .
في بعض الأسواق القليلة جدا في العالم، التي تضع حدودا سعرية مثل المملكة العربية السعودية، يقابل الهوامير بمجموعة من القوانين والتشريعات التي تمنعهم أن يشتروا أكثر من ربع السوق أحياناً، ويقابل من يفعل ذلك بعقوبات تصل إلى 15 عاما بالسجن .
تعالوا أخيراً نذكر أن 2 في المائة من بورصات العالم هي التي تحدد نسب تداول وجميعها أسواق ناشئة، ما يعنى أن فرض نسبة ليس إلا استثناء من القاعدة، تقتضي حالة تطوير السوق أن يتم فتح النسبة، أعتقد أن الاستمرار في فرض النسبة ضرب من ضروب الحكم على السوق بالاحتكار وإعطاء الفرصة للكبار بأن يتحكموا في السوق، هو نوع من مخالفة القواعد والدراسات العلمية، والارتهان إلى سياسة التجربة والخطأ، لا أدري لماذا الإصرار على هذه السياسة ولمصلحة من.