حوادث الطريق في التأمينات
حوادث الطريق في التأمينات
بعد أن تحدثنا عن حادث العمل في المقال السابق، سنتحدث في هذا المقال عن حادث الطريق حيث يقصد بحادث الطريق "الإصابة التي تحدث للعامل المؤمن عليه خلال فترة ذهابه مباشرة للعمل وعودته منه، بشرط أن يكون الذهاب أو الإياب دون توقف أو تخلف أو انحراف من الطريق الطبيعي وهو الطريق المألوف الذي يسلكه الإنسان العادي وغالباً ما يكون هو الطريق الأسهل والأقصر بين محل إقامة العامل المؤمن عليه ومحل عمله" وفي الواقع إن حوادث الطريق تعتبر حادث عمل من وقت خروج العامل المؤمن عليه متجهاً إلى عمله من باب الشقة التي يسكنها وبالتالي فالحادث الذي يصيبه من جراء تزحلق على السلم يعتبر بحكم النظام حادث عمل وإذا كان العامل يسكن في فيلا ، فالحادث الذي يصيبه في حديقة الفيلا أثناء خروجه يأخذ حكم إصابة العمل وكذلك أثناء رجوعه من عمله إلى أن يصل إلى منزله، وعليه نجد نظام التأمينات الاجتماعية السعودية قد أشار إلى حوادث الطريق ووضع لها الشروط التي يجب توافرها حتى تعتبر الإصابة التي تقع للعامل المؤمن عليه حادث طريق ويتضح من ذلك أن ليس كل إصابة تقع للعامل المؤمن عليه أثناء الطريق إصابة عمل إلا وفقاً للشروط التي حددها النظام ويعود السبب في وضع تلك الشروط إلى غياب الرقابة على العامل المؤمن عليه من جانب ومن جانب آخر هو الحفاظ على حقوق العامل المؤمن عليه وحقوق الجهة المسؤولة عن تعويض العامل في حالة تعرضه لأي إصابة أثناء الطريق ذهاباً أو إيابا.
ولتوضيح ما تقدم لابد من التطرق إلى تعريف وشروط حوادث الطريق، وفقا لما يلي: أولا- تعريف حوادث الطريق: لم يتناول النظام نصاً صريحا لتعريف حوادث الطريق ولكن يمكن أن نستخلص تعريف حوادث الطريق من النصوص القانونية الواردة في النظام كما يلي: "هو كل حادث يقع للمشترك أثناء طريقه من مسكنه إلى محل عمله وبالعكس أو أثناء طريقه من محل عمله إلى المكان الذي يتناول فيه عادة طعامه أو تأدية صلاته وبالعكس. دون انحراف أو توقف أو تخلف دون سبب جوهري"، ثانيا - شروط حوادث الطريق: بناء على التعريف السابق لحوادث الطريق يمكن استخلاص شروط حوادث الطريق منها، التي يجب توافرها لأنه في حالة عدم توافر تلك الشروط أو حدوث أي إخلال بها فإن حادث الطريق لا يعتبر حادث عمل. بناءً على ذلك فإن شروط حوادث الطريق كما يلي:
الشرط الأول: أن تكون الإصابة ناتجة عن حادث: "لقد سبق وأن تطرقنا لتعريف الحادث وشروطه بشكل مفصل في المقال السابق ولا يحتاج إلى إعادة تكراره"، الشرط الثاني: أن يقع الحادث في طريق العمل: ويقصد بذلك أن يقع الحادث أثناء سلوك العامل لطريق العمل ذهاباً أو إياباً. وعليه يجب أن يقع الحادث في الطريق، أما الحادث الذي يقع للعامل وهو لا يزال في منزله لم يغادره فلا يعتبر حادث طريق حتى ولو وقع أثناء الاستعداد للذهاب لمباشرة عمله، كذلك فإن الحادث الذي يقع للعامل داخل مكان العمل لا يعتبر حادث طريق بل يعد حادث عمل أثناء العمل. وفي الواقع إن حوادث الطريق تعتبر حادثة عمل من وقت خروج العامل متجهاً إلى عمله من باب المنزل أو باب الشقة التي يسكنها. ولا يشترط أن يكون الطريق الذي وقع فيه الحادث عاماً مفتوحاً لكل الناس بل يعد الحادث حادث طريق إذا وقع في طريق خاص ,فالعامل يعتبر على الطريق بمجرد مغادرته باب مسكنه ولو لم يغادر المبني الذي يقع فيه مسكنه كأن يسكن في شقة في عمارة سكنية، ومن ثم فالحادث الذي يقع في الممر المؤدي إلى السلم أو المصعد يعتبر من حوادث الطريق ويعد أيضاً حادث طريق الحادث الذي يقع عند مدخل مكان العمل قبل أن يتم اجتيازه.
ويشترط حتى يعد الحادث قد وقع في طريق العمل، أن يكون اجتياز الطريق قد تم في وقت يتفق مع بدء العمل أو انتهائه وبعبارة أخرى يجب أن يتناسب وقوع الإصابة من حيث الزمن مع موعد بدء العمل أو نهايته ويتحدد الزمن العادي للذهاب أو الإياب حسب ظروف مكان العمل والمكان الذي يتوجه منه أو يتجه إليه العامل المؤمن عليه حسب وسيلة الانتقال التي يستخدمها كخروج العامل المؤمن عليه مبكراً من منزله ليتجنب ازدحام السيارات في الطريق أو كان سبب خروجه متأخراً من أجل إنجاز بعض الأعمال المتعلقة بالعمل. الشرط الثالث: أن يقع الحادث على الطريق من السكن إلى العمل أو العكس: من شروط حادث الطريق أن يقع الحادث على الطريق وذلك من نقطة الانطلاق من السكن إلى نقطة انتهاء مكان العمل وكذلك العكس، فإذا وقعت إصابة للعامل المؤمن عليه أثناء ذلك فإنها تعتبر حادث طريق، ومفهوم السكن الوارد في النظام. نجد التعاميم الفنية لنظام التأمينات الاجتماعية السعودي أشارت إلى أنه يدخل في مفهوم لفظ السكن الوارد النظام الأمور التالية:
1- المسكن المعتاد للمشترك ولو كان متعدداً (أكثر من مسكن).
2- ثانيا مسكن العائلة (الأب أو الأم أو الإخوة أو الأخوات ممن لهم صلة قرابة أو نسب مع المشترك)، سواء كان هذا السكن داخل المدينة أو خارجها من مقر عمله.
في غير الحالتين المذكورتين يتم إعلام المركز الرئيسي للمؤسسة للنظر في مدى إمكانية قبول الإصابة كإصابة عمل من عدمه. وبناء على ذلك فإنه إذا كان انطلاق العامل من مسكنه المعتاد أو أكثر من مسكن كأن يكون لديه زوجتان ولكل زوجه سكن خاص أو كان انطلاقه من سكن الأب أو الأم أو الإخوة والأخوات أو أقاربه أو أنسبائه ووقع له حادث فإن هذا الحادث يعتبر حادث طريق سواء كان ذهاباً أو إياباً ومع ذلك إذا كان انطلاقه من مسكن آخر غير المساكن التي أوردها التعميم الفني السابق ووقع له حادث فإنه يتم رفع هذا الأمر إلى المركز الرئيس للنظر في مدى قبول هذا الحادث واعتباره حادث عمل أولا. كأن يكون انطلاق العامل المؤمن عليه من فندق قضى ليلته فيه لوجود تصليحات في المنزل أو لأي سبب أخر ووقع له حادث فإنه لا يتم رفض هذا الحادث وعدم اعتباره حادث طريق بل لا بد من رفع هذا الموضوع إلى المركز الرئيسي للنظر في ذلك ومدى اعتبار هذا الحادث حادث طريق أم لا.
الشرط الرابع: عدم انحراف أو توقف أو تخلف العامل المؤمن عليه عن الطريق الطبيعي المعتاد من السكن إلى العمل والعكس: يشترط لكي يعتبر الحادث حادث طريق أن يسلك العامل المؤمن عليه الطريق الطبيعي والمعتاد، المتخذ أساساً للتحديد فيما إذا كانت الإصابة الحاصلة إصابه عمل أم لا، هو ذلك الطريق المألوف الذي يسلكه الإنسان العادي وبعبارة أخرى هو الطريق الأسهل والأقصر بين محل إقامة العامل المؤمن عليه وبين مكان عمله. وهذا الطريق الطبيعي وضعت عليه بعض القيود التي يتعين على العامل المؤمن عليه اتخاذها وهي كما يلي:
1- الانحراف: لقد أشارت التعاميم الفنية من نظام التأمينات الاجتماعية السعودي, ألاّ ينحرف المشترك أثناء طريقه المعتاد لسبب لا علاقة له بالعمل إلا إذا كان هذا الانحراف لقضاء حاجة من الحاجات الضرورية للإنسان كالأكل وخلافه وفي غير هذه الحالة يتم الرفع عن الواقعة الإصابية التي تقع للعامل أثناء انحرافه إلى المركز الرئيسي للمؤسسة للنظر في مدى قبولها واعتبارها إصابة عمل أم لا ... ويتبين أن النظام اشترط عدم الانحراف إلا إذا كان هناك سبب رئيسي وجوهري. أما إذا كان انحراف العامل دون أسباب جوهرية ورئيسية كالذهاب مثلاً إلى أحد المقاهي أثناء خروجه من العمل، ووقع له حادث أثناء هذا الانحراف فإن هذا الحادث لا يعتبر حادث طريق.
2- التوقف: لقد أشارت التعاميم الفنية لنظام التأمينات الاجتماعية, إلى أنه يتعين أن يصل العامل المشترك إلى العمل في الوقت المناسب الذي يتطلبه الشخص العادي عامة إلا إذا كان توقفه بسبب قهري كتعطل وسيلة النقل أو وقع حادث له.
3- التخلف : لقد أشارت التعاميم الفنية لنظام التأمينات الاجتماعية السعودي إلى أنه يتعين أن تكون أوقات الذهاب إلى العمل متناسبة مع مواعيد العمل ذاته بداية ونهاية فإذا وقع الحادث للمشترك قبل بدء العمل بوقت طويل لا يحتاج إليه الشخص العادي عامة للوصول إلى مكان العمل أو وقع الحادث له بعد انتهاء العمل بوقت طويل يزيد عن الوقت المعتاد فإن الحادث لا يعتبر إصابة عمل.
وبناء على ذلك إذا كان التباعد كبيراً بين بدء العمل أو انتهائه واجتياز الطريق ذهاباً أو إيابا وليس هناك ما يبرر مثل هذا التباعد فإن الحادث لا يعد حادث طريق ولكن لو كان هناك تكليف من قبل صاحب العمل للعامل المؤمن عليه بإنجاز بعض الأعمال مما ترتب عليه خروج العامل المؤمن عليه متأخراً ووقع له حادث فإن هذا الحادث يعد حادث طريق.
وفى الختام نود التنويه أنه سوف نتحدث عن أخر الإصابات المهنية التي يغطيها نظام التأمينات الاجتماعية وهى الأمراض المهنية في المقال القادم بإذن الله تعالى.
وتقبلوا منا وافر الاحترام والتقدير
المستشار القانوني/ إدارة الأخطار المهنية