توم هانكس.. أسطورة التلقائية
Thomas J. Hanks هو الاسم الكامل للأسطورة "توم هانكس" الذي ولد في كونكورد كاليفورنيا 9 من تموز (يوليو) 1956م، ونشأ في ما يصفها هو بـ "العائلة المشتتة"، إذ انفصل والداه حين كان طفلاً، وبسبب ذلك أصبح من الرواد في تطوير قانون حل الزواج في كاليفورنيا. توم وشقيقان الأكبر منه سناً ساندرا ولاري انتقلوا مع والدهم بينما جيم الأخ الأصغر لتوم بقي مع والدته جانيت. انتقل توم كثيرا في حياته فقد انتقل إلى خمس مدارس ثانوية وعشرة منازل في السنة نفسها. لم يستطع الاستقرار في عائلة واحدة. كان بعيداً عن المشاكل وكان حسن التصرف. منذ طفولته كان بعيدا عن الكحول، ولم يقع في إدمان الكحول قط، فقط عانى طفولة مشوشة. في ثانوية سكايلاين بدأ اهتمام توم في التمثيل. وكان معجباً بدور يؤديه أحد أصدقائه لدراكولا، بعد ذلك تمكن من الحصول على دور مدير خشبة المسرح في My Fair Lady بعد ذلك حصل على دور آخر في Night Of The Iguana بينما كان دوره الأخير في تلك الثانوية Twelfth Night and South Pacific مكنه من الحصول على جائزة أفضل ممثل في تلك المدرسة.
بعد التخرج التحق بكلية شابوت، وفي هذه الكلية أثبت توم وجوده وقدرته على التمثيل، حيث كان يتميز بأسلوب التمثيل التلقائي، كانت هذه الميزة في ذلك الوقت نادرة، ولكن لم تكن لديه خبرة كافية في التمثيل على مسرح الكلية، ولم يحصل على أي دور في إحدى المسرحيات. بعد ذلك ذهب إلى مركز المدينة ليختبر في مسرحية "مسرح المجتمع"، بعد ذلك تزوج من Samantha Lewes. دعاه مخرج تلك المسرحية للذهاب إلى كليفلاند، حصل على دوره في Two Gentlemen Of Verona وربح جائزة أفضل ممثل في مهرجان دائرة نقاد كليفلاند، توم أذهل النقاد حين كان في عمر 22 عاما، وكان يحصل على جوائز رئيسية. انتقل إلى نيويورك مع زوجته سامنثا، وبقي طويلاً بلا عمل بسبب إنجاب زوجته طفله الأول كولين.
بعدها عاد توم للعمل في مسرح شكسبير، قاده ذلك إلى دور الشاشة الأول، بعد ذلك تمكن من الحصول على دوره في فيلم splsh حيث وقع في غرام حورية البحر. صنع داري هانا من توم نجماً بسيطاً في منتصف الثمانينيات. ثم أتى النجاح التجاري قام بدور الغبي في كوميديا مضحكة في Bachelor Party فصنعت منه نجماً للشاشة ، ثم تبعه "المتطوعون" حين لعب دور المستهتر المثقل بالديون الذي انضم إلى كتائب السلام في تايلاند بمشاركة النجمة ريتا ويلسون بعد ذلك أتىThe Man With One Red Shoe حين ظهر فيه توم كعازف كمان غبي، ثم عاد ليلعب دوراً رئيساً في The Money Pit حين كان هو وشيلي يرممون منزلهم لمدة طويلة فصعقوا لرؤيتهم منزلهم ينهار أمام أعينهم أيضا شارك في Nothing In Common حيث لعب دور الرجل الذي كان يعتني بأبيه المريض Every Time We Say Goodbye أثبت توم في هذا الفيلم أنه يستطيع التقدم في أدائه بالأدوار الرومانسية، أيضا هذا العمل الناجح أكسبه أول صفقة رابحة بمبلغ مليون دولار، لكن حين أصبحت أعمال توم في تقدم مستمر بدت علاقته الزوجية على محك الانفصال، لم يرد توم أن يعاني أبناؤه ما عناه حين كان طفلاً، توقف عام 1985م عن التمثيل وبدأ بالإنتاج والإخراج مع زوجته سامانثا. ولم ينجح مشروعهما، وفي نهاية السنة أعلن توم وسمانثا انفصالهما.
على الرغم من الاستراحة والانفصال والظروف التي مر بها هانكس في ذلك الوقت، لم يدع لليأس أبوابا في حياته، فقد عاد بدور ستيفن جولد الكوميدي الغاضب المتعجرف الذي يحاول مساعدة السيدة سالي، بعد ذلك أتت الضربة القوية في فيلمه big الذي أدخله إلى عالم السينما من أوسع أبوابها، بإدارة المخرج اللامع Penny Marshall، لعب دور جوش باسكين الطفل المحصور في جسم رجل يعمل لدى شركة ألعاب حين استولى على قلب السيدة إليزابيث، هانكس تميز بالنشاط الشديد والإبداع اللافت "كما وصفه النقاد". رشح للأوسكار للمرة الأولى عن هذا الفيلم حينها انهالت عليه عروض مع أهرامات السينما مثل دي نيرو وهاريسن فورد، وكانت أرباح الفيلم قد وصلت إلى 100 مليون دولار. ارتفعت طموحات حياته إلى السحب ثم قبل العرض للتمثيل في فيلم The Burb لعب دور فتى الضواحي المرتاب بعد ذلك قام بأداء دور رائع في Turner And Hooch كشرطي مع شريكه الكلب، حينها سيطر توم على سحوبات شباك التذاكر بقوة، أيضا لعب الدور الشاب الأحمق الذي كان أمامه مشوار قصير للحياة، حين طلب من رجل ثري دفعه إلى بركان ثائر في Joe Versus The Volcano وفي فيلمBonfire Of The Vanities أحبط هانكس بسبب شعوره بالتهديد لضعف الفيلم.
بعد ذلك اكتشف توم أن الإخفاق والفشل طريق النجاح، ولحسن الحظ عادت حياته الشخصية إلى وضعها الطبيعي بزواجه من الممثلة "ريتا ويلسون"، فأنجبا طفلهما الأول "شاستر" عام 1990م، وتبعه ابنهما الثاني ترومان، حيث تعلم هانكس من هذه التجربة أن العمل الصعب والتحمل والوقوف أمام عقبات الحياة يؤدي إلى علاقة رائعة وجيدة. عاد للاستراحة عدة سنوات مع عائلته الجديدة مع الانتظار لضربة قوية تعيده إلى قلوب العالم عرض عليه صفقة موفقة في سيناريو ناجح فيLeague Of Their Own اضطر هانكس إلى زيادة وزنه ليقوم بدور شخصية غير محتملة حين قام بدور جيمي دوجان نجم البيسبول السابق الذي فقد وظيفته بسبب إدمانه الكحول. بعد ذلك لعب دوره الأول مع ميج رايان في ضربة قويه أخرى للفيلم الرومانسي الكوميدي Sleepless In Seattle تميز توم بأدائه المحبب في هذا الفيلم، حين لعب دور الرجل الأرمل اللطيف الذي لم يستطع إيجاد امرأة تحل مكان زوجته الراحلة، مصادفة أتاحت الفرصة لابنه الصغير المشاركة في أحد برامج الراديو، فتكلم توم عن الحب على الهواء مباشرة بينما كانت ميج الفتاة الرومانسية المشوشة تستمع للبرنامج انجذبت لكلام هانكس، وسط فوضى الصدف والعلاقات الوشيكة أصبحا عاشقين.
في سنة 1993م قام توم بتغيير جريء وسريع فأصبح عام النجاح الهائل لهانكس، حين قام ببطولة فيلم Philadelphia، في هذا الفيلم لعب هانكس دور المحامي الذي طرد من وظيفته بسبب إصابته بالإيدز فقد طلب من المحامي المشهور دينزل واشنطن لكي يتولى قضيته ضد شركته السابقة التي ظلمت حقوقه الإنسانية، واستحق توم الأوسكار عن هذا الدور. أما في عام 1994م أتت الضربة القوية التي تحدثنا عنها طويلا في الفيلم الذي غير نظرة هوليوود والعالم أجمع لهذا الممثل الذي تربع على عرش النجومية في جيله Forrest Gump، حيث جاء هذا الفيلم بالدعم الكامل لنجومية هانكس كرجل بريء يسابق المسافات ويقطع المحيطات على قدميه، الشاب الأبله الذي شارك في حرب فيتنام ووقع في حب صديقته منذ الصغر، كان ينثر على ذلك العالم كلمات من ذهب، حكمة وإنسانية، ليبرهن صدق حبه وطهارة قلبه حين قال I KNOW I AM STUPID ،BUT I KNOW WHAT IS THE LOVE (أعرف أنني غبي، ولكني أعرف ما هو الحب)، 1994م استحق هانكس بجدارة وبلا منازع عن هذا الفيلم ثاني أوسكار على التوالي،سواء كان يلعب دور طفل بعمر الـ 35 عاما، أو البسيط من ولاية ألاباما أو الجندي خفيف العقل أو محام يعاني الإيدز، إلا أن الجمهور أطلق عليه: "الرجل الذي يمتلك سحراً نادراً وبعينيه يشرق جمال اللطف".
أصر هانكس على أن يضع ذلك السحر في الاختبار، نجح في ذلك الاختبار وحمل وزناً ثقيلا من حب الجماهير حول العالم، فعاد هانكس مجدداً ولكن بدور جديد حين قام بأداء صوت Sheriff Woody لفيلم الرسوم المتحركة "توي ستوري" كما عرف عن هانكس أنه مهووس بالفضاء، فقد عاد في العام نفسه مع رون هاورد لأداء دور جيم لوفيل في "أبولو 13" خلال سنتين بين فورست وأبولو استطاع توم أن يجمع ما يقارب 500 مليون دولار ثبتت قدمه على بوابة السينما، ليصنع نفسه بنفسه حين رفض دوره في جيري ماجواير في عام 1996م، صنع خطوته الأولى خلف أضواء الكاميرا حيث قام بإخراج وكتابة فيلم That Thing You Do. لم يبتعد كثيراً عن أضواء الكاميرا فقد فعلها وعاد إلى أدوار الرومانسية مرة أخرى مع ميج رايان في فيلم You've Got Mail ثم قام بأداء فيلم بدور رئيسي من أحداث حقيقية مع المخرج المبدع ستيفن سبيلبرج في فيلم Saving Private Ryan في هذا الفيلم لعب هانكس دور الكابتن جون ميللر الذي يقود فرقة صغيرة من الجنود للبحث عن الجندي مات دامون في ضواحي فرنسا المحتلة، ترشح توم للأوسكار مرة أخرى. واستلم من قبل الحكومة الأمريكية جائزة الخدمة الحكومية الذي تمنحه القوات البحرية الأمريكية للمدنيين بعد نجاح سبيلبرج وهانكس في "إنقاذ الجندي برايان" قرروا أن يعاودوا الكرة معاً في سلسلة Band Of Brothers بعد ذلك قام هانكس بتسجيل صوته لفيلم الرسوم المتحركة Toy Story 2 وأيضا لعب دوره في أحد أشهر روايات ستيفن كينج The Green Mile نرى توم في هذا الفيلم حارس الإعدام العطوف بول الذي أدرك أن المتهم مايكل كلارك دونكان شخص يعالج البشر بطريقة غامضة، الذي أراد أن يوصل رسالته إلى العالم أن ما يراه من أمور كل يوم في هذا العالم البغيض يجعل العقل يذهب جنونا.
بعد سنة أتى فيلم Cast Away مرة أخرى مع المخرج الأسطورة روبيرت زيميكس الذي أخرج فوريست سابقاً، حين قام بدور تشوك نولد عامل توزيع في شركة فيديكس الذي وجد نفسه على جزيرة منعزلة بعد تحطم الطائرة العنيف، وكما شاهدنا في هذا الفيلم أن توم قام بأداء معظم أجزاء الفيلم لوحده، لوحده أيضا يصارع للبقاء على قيد الحياة، افتقدنا في هذا الفيلم للحديث والكلمات، فمعظم أحداث الفيلم تعود إلى محاولة الاستمرار على قيد الحياة من أجل حبيبته والتحدث مع ويلسون قليلاً عن كرة الطائرة التي صنعها على شكل رأس بشري، ليستطيع التحدث معه متجنبا الوحدة بهذه الطريقة. فاستحق ترشيحه للأوسكار الخامس، إلا أن توم لم يستطع التخلي عن هوسه بالفضاء، ولم ينتظر استحقاق جوائزه وترشيحاته من أجل أدائه الساحر في التمثيل، فقد أراد أن يقوم بشيء آخر يستحق عنه جائزة أو ترشيحاً أو على الأقل الثناء من قبل نقاد السينما المخيفين. نعود إلى عام 98 لكي نوضح لكم ما أراد أن يفعله توم لكي يجعله يستحق عنه شيئاً، فقد عاد إلى الكتابة والإخراج إضافة إلى الإنتاج في From The Earth To The Moon، وهو من أشهر المسلسلات الوثائقية القصيرة التي صنعت على الإطلاق، برنامج وثائقي درامي يغطي برامج وأبحاث منظمة الناسا في الستينيات والسبعينيات.
ها قد حقق مطلبه وفعلها وربح جائزة إيمي لأفضل سلسلة بارزة، فقد قام بكتابة أربع حلقات من ضمن 12 حلقة جعلته يستحق الفوز بعدة جوائز إيمي، أيضا ترشح للإخراج البارز عدة مرات، في عام 2002 أتت سنة متوحشة أخرى لتوم افتتحها مع سام مينديس في Road To Perdition هنا لعب توم دور مايكل سوليفان قاتل يعمل لحساب الرجل البغيض البارد والعديم الرحمة بول نيومان، مايكل أجبر على القتل في إحدى المرات حين شاهده ابنه الصغير فجأة يقوم بالجريمة، لذلك بالتأكيد يجب أن يقوموا بقتل ابن مايكل لمنع ذلك، قام مايكل باصطحاب ابنه بعيدا عنهم إلى "جود لو" القاتل المتصلب ليبقيه بعيداً عنهم. بعد ذلك لم يبتعد سبيلبرج كثيراً عن هانكس فقد عاد ومعه موهبة شابة مخادعة في Catch Me If You Can مع دي كابريو، فقد لعب هانكس دور عميل "الإف بي آي" كارل هانراتي الذي يتعقب دي كابريو "فرانك أباقنالا" الرجل الأكثر احتيالاً في العالم وسيد الخداع الأعظم. في عام 2003م توقف توم ولكن بعدها عاد بسنة رائعة وعاد تعاونه مرة أخرى مع ستيفن سبيلبرج في فيلم The Terminal وفي السنة نفسها سجل صوته في فيلم الرسوم المتحركةThe Polar Express ثم توقف عام 2005م وعاد في العام الذي يليه بفيلمه المثير للجدل The Da Vinci Code. وأخيرا نجومية هانكس لم تكن طبيعية، قام بإثبات نفسه وزخرف أبواب السينما بأنامله الساحرة يصنع البسمة على وجوهنا أحيانا ويبكينا أحيانا، يبرهن لنا كم هي الحياة جميلة وتتطلب الصراع ويظهر لنا ثمرة النوايا الحسنة وأن الغباء رائع أحيانا في عينيه، رأينا كم هو الظلم بغيض وكم هو الحب جميل.. "أين جمال الشمس بدون الإشراق، وأين جمال السينما من دون هانكس؟!".