تقرير: أسعار النفط والاستثمار الأجنبي تقفزان بالنمو الاقتصادي السعودي إلى 10 %

تقرير: أسعار النفط والاستثمار الأجنبي تقفزان بالنمو الاقتصادي السعودي إلى 10 %

تقرير: أسعار النفط والاستثمار الأجنبي تقفزان بالنمو الاقتصادي السعودي إلى 10 %

رجح تقرير مصرفي حديث أن يقفز النمو الاقتصادي في السعودية إلى 10 في المائة بنهاية العام الجاري, ليقترب بذلك من مستويات النمو في الصين والهند, وذلك إثر الأسعار المرتفعة للنفط والاستثمارات الهائلة التي استقطبتها السوق المحلية. وقال تقرير أصدره بنك الكويت الوطني إن الاقتصاد السعودي ازدهر مع أسعار النفط المرتفعة والمشاريع التنموية الضخمة في حين أن سوق الأسهم لا تزال تعاني النزف بسبب التضخم الكبير الذي شهدته في السنوات السابقة. إن هذه العوامل أسهمت في تعزيز أدائه ليصبح أحد أسرع الاقتصادات نموا في المنطقة.
ولم تنحصر هذه العوامل فقط بانتعاش أسعار النفط التي أسهمت بدورها في تحقيق السعودية أفضل أداء لها منذ عقدين بحكم كونها أكبر مصدر للنفط في العالم، فقد سجل الناتج المحلي الإجمالي وفقا لمعيار القيمة المضافة بالأسعار الثابتة نموا بلغ متوسطه 6 في المائة للسنوات الأربع الماضية، وذلك مقارنة بنمو لم يتجاوز متوسطه 1.4 في المائة خلال السنوات العشر السابقة.
ووصل الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية إلى 311 مليار دولار في عام 2006، وقد تأتى هذا النمو بشكل رئيسي من تنامي الصادرات مما مكن السعودية من زيادة احتياطياتها الأجنبية بنحو 200 مليار دولار خلال السنوات الأربع الماضية، إلى جانب تخفيض حجم الدين العام، وتمويلها فورة استثمارية ضخمة لم تشهدها المملكة منذ ثلاثة عقود.

في مايلي مزيداً من التفاصيل:

واصل الاقتصاد السعودي ازدهاره مع أسعار النفط المرتفعة والمشاريع التنموية الضخمة في حين أن سوق الأسهم لا تزال تعاني من النزف بسبب التضخم الكبير الذي شهدته في السنوات السابقة. إن هذه العوامل أسهمت في تعزيز أدائه ليصبح أحد أسرع الاقتصادات نموا في المنطقة.
ولم تنحصر هذه العوامل فقط في انتعاش أسعار النفط التي أسهمت بدورها في تحقيق السعودية أفضل أداء لها منذ عقدين بحكم كونها أكبر مصدر للنفط في العالم فقد سجل الناتج المحلي الإجمالي وفقا لمعيار القيمة المضافة بالأسعار الثابتة نموا بلغ متوسطه ستة في المائة للسنوات الأربع الماضية، وذلك مقارنة بنمو لم يتجاوز متوسطة 1.4 في المائة خلال السنوات العشر السابقة.
ووصل الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية إلى 311 مليار دولار في عام 2006، وقد تأتي هذا النمو بشكل رئيسي من تنامي الصادرات مما مكن السعودية من زيادة احتياطياتها الأجنبية بنحو 200 مليار دولار خلال السنوات الأربعة الماضية، إلى جانب تخفيض حجم الدين العام، وتمويلها فورة استثمارية ضخمة لم تشهدها المملكة منذ ثلاثة عقود. وبناء على طبيعة المشاريع الاستثمارية التي تراوح بين مشاريع صناعية إلى مدن صناعية كاملة، من المتوقع أن تسهم هذه المشاريع في تعزيز القدرة الاستيعابية للاقتصاد السعودي، على خلاف ما حدث في الوفرات النفطية السابقة.
وجاء عام 2006 ليشهد تباطؤ في النمو الاقتصادي عند مستوى 3.4 في المائة في ضوء الزيادة الطفيفة في أسعار النفط وكميات إنتاجه. كما يرجح أن يعود جزء من معدل التراجع في معدل إنفاق القطاع الخاص بشقيه الاستهلاكي والاستثماري إلى الآثار السلبية على الثروات الخاصة بفعل فقدان السوق السعودية نحو 60 في المائة من قيمته خلال الفترة الممتدة ما بين شهري شباط (فبراير) وكانون الأول (ديسمبر) 2006. ومع ذلك، فإن ارتفاع معدل الاستهلاك والاستثمار الحكومي في قطاع الهيدروكربون، والذي تزامن مع زيادة ملحوظة في أعداد العاملين من المواطنين والوافدين، قد حدت نسبياً من تبعات تراجع السوق المالية. فقد نما نشاط القطاع الخاص خارج القطاع النفطي بمعدل 6.9 في المائة بالأسعار الجارية، وهو قريب من متوسطة للفترة بين 2003 و2005 ويعادل أكثر من ضعف معدل النمو المحقق خلال السنوات العشر السابقة. إضافة إلى ذلك، حافظ إسهام القطاع الخاص ضمن القطاع غير النفطي. إلا أن الارتفاع الملحوظ في قيمة الناتج النفطي قد خفض من نسبة مساهمة القطاع الخاص في إجمالي الناتج المحلي الإجمالي من 41 في المائة في عام 2002 إلى ما دون مستوى 30 في المائة.

مواصلة النمو

ويرى "الوطني" أن السعودية لديها من المقومات ما يؤهلها لمواصلة النمو الاقتصادي القوي مستقبلاً، وخاصة عند الأخذ بعين الاعتبار تنامي الطلب العالمي على الطاقة، والزيادة الملحوظة في حجم الاستثمار بشقيه العام والخاص، والتحسن في بيئة الأعمال الناجم عن عمليات الانفتاح ومبادرات التخصيص، هذا إلى جانب النمو الملحوظ في عدد السكان والدخل الفردي. وباستثناء حدوث نزاع رئيسي في المنطقة يهدد ديناميكية النمو الاقتصادي، يتوقع الوطني أن يبلغ معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية نحو 10 في المائة، وما قدره 4 في المائة وفقاً لمعيار القيمة المضافة بالأسعار الثابتة، في حين سيصل معدل نمو النشاط الاقتصادي للقطاع الخاص نحو 6 في المائة بالأسعار الثابتة.
وفي جانب النشاط الاستثماري، يقدر "الوطني" قيمة المشاريع الاستثمارية المتوقع تنفيذها خلال السنوات الخمس المقبلة بما يزيد على 300 مليار دولار. وسيشمل الاستثمار مشاريع في قطاع النفط والغاز، والطاقة والبنية التحتية، والعقار، إلى جانب ما قدره 80 مليار دولار سيتم استثمارها في ست مدن اقتصادية جديدة على امتداد المملكة. وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة قد أعلنت عزمها على إنفاق 33.7 مليار دولار أو ما يعادل ثلث حجم موازنتها لعام 2007 على مشاريع جديدة وقائمة. وبالنتيجة، فإن الاقتصاد السعودي ما زال يحظى بجاذبية لدى فئات عديدة من المستثمرين، سواء في مجال الاستثمارات المباشرة أو في ميدان محافظ الأوراق المالية. ومن المؤكد أن استمرار الإصلاحات التشريعية والتنظيمية سيكون عاملاً مهما في جذب هذه الاستثمارات إلى المملكة.

جملة من التحديات

ومع ذلك، تبقى السعودية عرضة لمجموعة من التحديات كتركيبات الديموغرافية، حيث أن نسبة المواطنين الذين تقل أعمارهم عن 20 عاماً يتجاوز 40 في المائة من عدد المواطنين، وبالتالي فإن الدولة تواجه تحدياً على غرار الدول الأخرى في مجلس التعاون الخليجي والمتمثل في توفير وظائف كافية لشبابها بما يسهم في الحد من مشكلة البطالة بين المواطنين والمقدرة بنحو 15 في المائة على الأقل. وإذا ما أخذ في الحسبان أن العمالة الكلية قد نمت بمعدل 14 في المائة في عام 2005، فهذا يعني بالضرورة أن المشكلة لا تكمن بشكل رئيسي في جانب الطلب، وإنما في مقدرة السعودية على تطوير مواردها البشرية للدرجة التي تضمن نوعا من التطابق بين مهارات وتوقعات المواطنين من جهة، ومتطلبات الوظائف الجديدة من جهة ثانية.
ويرى "الوطني" أن الضغوط التضخمية قد بدأت بالظهور، حيث ارتفع الرقم القياسي العام للأسعار بنحو 2.2 في المائة في عام 2006، مسجلاً بذلك أعلى ارتفاع له منذ عام 2000. ومن المتوقع أن يواصل معدل التضخم ارتفاعه في عام 2007 ليصل إلى نحو 3 في المائة وذلك في ضوء تواصل وتيرة النمو الاقتصادي المرتفع، إضافة إلى التزايد المتسارع في أسعار المواد الغذائية ومعدل الإيجارات. ومع ذلك، وعند المقارنة بمعدلات التضخم بالقيمة المطلقة في بقية دول مجلس التعاون الخليجي، فإن السعودية ما زالت تتمتع بتدني معدل التضخم. إلا أن التصدي للتنامي الواضح في التضخم في السعودية، وفي دول الخليج بشكل عام، قد حث على المزيد من التنسيق ما بين مؤسسة النقد العربي السعودي ووزارة المالية.
وتشكل المخاطر الجيوسياسية تحدياً آخر رغم تباين درجة تشخيصها بين المنظورين المحلي والخارجي. فدرجة الاستقرار والأمن في المنطقة، إلى جانب المواجهة القائمة بين المجتمع الدولي وإيران حول الملف النووي كفيلة ببقاء حالة التوتر مرتفعة في المنطقة. ومع ذلك، وطالما لم تتأثر حركة ناقلات النفط من الخليج، وبقيت منشآت النفط السعودية في منأى عن أي خطر يهدد أنشطتها، فإنه من غير المرجح أن تتغير حيوية الاقتصاد الكلي في السعودية حتى في حال اندلاع المواجهة بين الطرف الإيراني والأمريكي، بل على الأغلب أن تشهد أسعار النفط قفزة ملحوظة مع حدة التوتر، تؤدي إلى تنام في إيرادات النفط يسهم بدوره في مساندة النمو الاقتصادي.
هذا وعكس أداء القطاع غير النفطي نجاحاً نسبياً لجهود الحكومة في ميدان تنويع مصادر الدخل. مما لا شك فيه أن الإجراءات المتبناة في سبيل تحرير الاقتصاد وتوفير التمويل الميسر وسيايات دعم الصادرات قد أسهمت جميعها في تسجيل القطاع النفطي لنمو حقيقي قياسي بلغ 6.8 في المائة في عام 2005. فقطاع الاتصالات على سبيل المثال كان الأسرع نمواً في السعودية، وما زال هذا القطاع مرشحاً قوياً لمزيد من التوسع ولمشاركة القطاع الخاص في ضوء تدني نسبة السكان التي تستخدم خدمة الهاتف النقال. كذلك الحال، يتوقع للنمو في قطاع النقل أن يتسارع في عام 2006 وما بعدها في ظل تنامي حركة الاستثمار في هذا القطاع التي تتضمن على سبيل المثال إنشاء أول سكة حديد أخرى والتي ستوفر نحو 3900 كيلو متر إلى الشبكة القائمة. وعلى الصعيد نفسه، شهدت قطاعات البنوك والتأمين نمواً ملحوظاً، ويتوقع لتزايد درجة الانفتاح وتحسن الإطار التشغيلي في هذه القطاعات أن تؤدي إلى مزيد من المكاسب في جانب الفاعلية الاقتصادية، وفق ما ورد في تقرير الوطني.

قطاعا العقارات والبناء

ومن القطاعات الأخرى التي شهدت نمواً قوياً قطاعا العقارات والتشييد والبناء التي استفادت من تزايد حجم المصروفات الحكومية على المشاريع الجديدة، والنمو السكاني، إلى جانب قانون العقار لعام 2000 الذي أفسح المجال أمام الملكية الأجنبية. ومع ذلك فإن الطفرة التي يشهدها قطاع المساكن لم تتمكن من التغلب على النقص القائم في عدد الوحدات السكنية نتيجة لتجاوز الطلب عليها للكميات المعروضة منها. كذلك الحال، جاء أداء قطاع تجارة الجملة والتجزئة قوياً منذ انتهاء الحرب في العراق في عام 2003، وما أعقبها من ازدهار في حركة التجارة بين البلدين.
وقد أسهمت الوفرة النفطية في تحسن ملموس في ميزانية الدولة وفي ميزان معاملاتها مع العالم الخارجي. فقد سجلت الميزانية فائضاً للعام الرابع على التوالي رغم التزايد السريع في حجم المصروفات. وتشير تقديرات وزارة المالية إلى بلوغ فائض الميزانية في عام 2006 نحو 70.7 مليار دولار أو ما يعادل 20 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك مقابل فائض بلغ 58 مليار دولار في العام السابق. وقد تم توظيف هذه الفوائض في تخفيض الدين العام، وبناء الاحتياطيات الحكومية، إلى جانب تمويل الاستثمارات في المجالات ذات الأولوية كالبنية التحتية وتطوير الموارد البشرية. حيث تراجع حجم الدين العام كنسبة للناتج من 92 في المائة لعام 2003 إلى 30 في المائة مع نهاية عام 2006، وارتفع صافي الموجودات الأجنبية لمؤسسة النقد العربي السعودي خلال الأعوام الأربعة الماضية بنحو أربعة أضعاف ليصل إلى 221 مليار دولار مع نهاية عام 2006، أو ما يعادل 64 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. أما بخصوص عام 2007، فمن المتوقع أن يتجاوز فائض الميزانية مستواه المحقق في عام 2006، وذلك لأن تزايد تكلفة المشاريع على ما يبدو قد يؤدي إلى تأخير وضع بعض هذه المشاريع حيز التنفيذ.
وورد في تقرير الوطني أن ميزان المعاملات مع العالم الخارجي قد شهد أيضاً تطورات إيجابية. فقد تضاعف فائض الحساب الجاري بأكثر من ثلاثة أضعاف خلال السنوات الأربع الماضية، وتجاوز مستواه المحقق في عام 2001 بما يزيد على عشرة أضعافـ حيث قفز هذا الفائض من 28.1 مليار دولار أو ما نسبته 13 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2003 إلى 95.4 مليار دولار أو ما يعادل 28 في المائة من الناتج. وجاء هذا الأداء المتميز مدفوعاًُ بالتزايد القياسي في حجم الصادرات السلعية التي نمت بمعدل 31 في المائة سنوياً خلال الأعوام الأربعة الماضية، في حين سجلت المستوردات نمواً بنحو 19 في المائة سنوياً خلال الفترة نفسها، وفي ضوء هذه التطورات، قامت وكالة التصنيف الدولية موديز برفع درجة تصنيفها السيادي للمملكة من Baa2 إلى A3 وأعادت رفعه مرة ثانية في شهر أكتوبر إلى A2، في حين رفعت ستانداردز آند بور تصنيفها من A إلى A+.

السياسة النقدية

وبشكل عام، فإن السياسة النقدية للمملكة ما زالت تهدف إلى مساندة النمو الاقتصادي وسياسة ربط سعر صرف الريال السعودي بالدولار الأمريكي، إلى جانب استقرار الأسعار. فعرض النقد في عام 2006 قد سجل أعلى نمو له في عقود بلغ 19.3 في المائة عاكساً بذلك سياسة نقدية مساندة للنشاط الاقتصادي والتي سمحت للمصارف أن توفر السيولة المطلوبة لمؤازرة التوسع الملحوظ في هذا النشاط. وقد نجم نمو السيولة بشكل رئيسي عن زيادة صافي الموجودات الأجنبية في ظل تحويل جزء من الإيرادات النفطية الحكومية إلى العملة المحلية. حيث ارتفع صافي الموجودات الأجنبية بنسبة 53 في المائة في عام 2006 وذلك بعد نموه بمتوسط سنوي بلغ 30 في المائة منذ عام 2002. ويتركز معظم هذه الموجودات لدى مؤسسة النقد العربي السعودي في صورة أوراق مالية أجنبية وودائع في الخارج. أما صافي الموجودات المحلية، فقد شهد انخفاضاً للعام الثاني على التوالي. وجاء هذا التراجع بشكل رئيسي نتيجة لتزايد ودائع الحكومة من جهة وتراجع حيازة البنوك من السندات الحكومية من جهة ثانية.
وفي المقابل فقد أدى تشدد التعليمات على القروض الاستهلاكية التي دخلت حيز التنفيذ منذ تشرين الثاني (نوفمبر) لعام 2005، وحركة التصحيح الحادة التي شهدها السوق المالي خلال عام 2006 إلى تباطؤ النمو في حجم الإقراض للقطاع الخاص إلى نحو 9.8 في المائة في عام 2006، وذلك في أعقاب زيادات بلغت 39 في المائة و37 في المائة في العامين السابقين. حيث دفعت الحصة المرتفعة للقروض الاستهلاكية والتمويل بالهامش ضمن مستويات الإقراض الجديدة السلطات النقدية إلى تبني سياسة أكثر تشدداً سببت بدورها أيضاً زيادة في أسعار الفائدة المحلية واتساعاً في هامش سعر الفائدة بين الودائع بالريال ومثيلتها بالدولار (لصالح الريال) إلى نحو 50 نقطة أساس، وذلك في الوقت الذي سبق مباشرة موجة التصحيح في السوق المالي.
إلا أن هذه التطورات بدأت تأخذ مساراً معاكساً خلال الربع الثاني من العام، حيث أسهمت وفرة السيولة إلى جانب عد قيام مؤسسة النقد العربي السعودي برفع سعر الفائدة في شهري آذار (مارس) وآيار (مايو) من عام 2006 رغم ارتفاع أسعار الفائدة. ويعزي البعض عدم تحرك مؤسسة النقد حينها إلى حالة الحذر الناجمة بعد بداية مرحلة الصعود للأسعار في السوق المالية. وقد يكون السماح لهامش سعر الفائدة أن ينقلب لصالح الدولار السبب وراء ضعف التكهنات باحتمالية رفع سعر صرف الريال السعودي مقارنة بعملات بعض الدول الخليجية الأخرى. وتاريخياً، فإن أسعار الفائدة في المملكة كانت تسير جنباً إلى جنب مع مثيلاتها على الدولار الأمريكي بحكم سياسة ربط سعر الصرف بالدولار. فعلى سبيل المثال، شهدت أسعار الفائدة على الريال السعودي نمطاً صعودياً منذ عام 2003، وجاءت أسعار الفائدة على الودائع في عام 2006 لتتجاوز مثيلاتها في العام السابق بمتوسط راوح بين 1 في المائة و1.25 في المائة.
وكما ورد سابقاً، فإن التباطؤ في حجم نمو القروض قد ارتبط في جانب منه بتطورات سوق الأوراق المالية المحلي الذي انهار في أواخر شباط (فبراير) من عام 2006 بعد أن سجل نمواً قياسياً خلال الفترة من 2003 إلى 2005 وبنحو 500 في المائة، وأدى ذلك إلى مبالغة حادة في قيمة الأسهم السعودية. ومع نهاية عام 2006، كان السوق قد خسر ما يقارب 60 في المائة من أعلى قيمة له، وواصل مسيرة انخفاضه ليخسر بشكل إضافي نحو 8 في المائة خلال النصف الأول من عام 2007 كما يعكسه الرقم القياسي لمؤشر مورجان ستانلي MSCI للسوق المالية السعودية. فالتسعير بأقل من القيمة العادلة لطروحات الاكتتاب العام، ووفرة التمويل المصرفي، وتصاعد أرباح الشركات، إلى جانب الانطباع الإيجابي حول أداء الاقتصاد الكلي قد أسهمت جميعها في رفد ثقة المستثمرين بالسوق ورفعت من الأسعار إلى مستويات عالية مع نهاية عام 2005.

المؤسسات الاستثمارية

ويرى الوطني أن غياب المساهمة الحقيقية للمؤسسات الاستثمارية في السوق السعودية والتي تضطلع بالعادة بدور صانع السوق يعني هيمنة الأفراد على تداولات السوق، مما يجعل السوق عرضة لتذبذبات واضحة وتباطؤ في عملية التصحيح. ولا تزال السوق السعودية تنزف فيما استقرت الأسواق الخليجية الأخرى في العام الحالي. إلا أن نشاط التداول بقي مندفعاً، فيما تعد قيم الأسهم مرتفعة مقارنة بمثيلاتها في الدول الخليجية الأخرى ولو أنها أصبحت أكثر واقعية اليوم. ومع أن أسهم بعض الشركات بدأت تبدو مغرية استناداً إلى التقييم إلا أن تذبذبات السوق المرتفعة قد حيدت المستثمرين طويلي الأمد الذين يعتمدون التقييم في قراراتهم الاستثمارية. وبالمقابل، فمن المتوقع لحزمة الإصلاحات التي تم تبنيها منذ منتصف عام 2006 بهدف إعادة الثقة إلى السوق أن تؤدي إلى زيادة درجة النضج والفاعلية في الأجل الطويل. ومع ذلك فإن نجاح هذه الجهود سيتوقف في جانب منه على ضرورة السماح للمستثمرين من غير السعوديين من أفراد ومؤسسات بولوج السوق.
وباستثناء عدد محدود من الحركات الكبرى في قطاعات البتروكيماويات والاتصالات، فإن معظم الشركات المدرجة في السوق المالية كانت عرضة لتقلبات السوق بسبب محافظها الاستثمارية. لذا نرى أنها قد شهدت تباطؤاً في معدل نمو أرباحها إلى نحو 13 في المائة في عام 2006، وذلك مقابل متوسط نمو سنوي بلغ 52 في المائة للسنوات الثلاث السابقة. أما البنوك التي تحصلت على جزء كبير من إيراداتها التشغيلية من خلال الأنشطة المرتبطة بالتداول كالتمويل بالهامش وخدمات الوساطة، فقد ظهر تأثرها بتطورات السوق بشكل واضح خلال الربع الأول من عام 2007. وتشير النتائج إلى تراجع في صافي الأرباح لدى ثمانية بنوك سعودية ريادية بما نسبته 21 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي. أما الأثر في النشاط الاقتصادي الحقيقي لحركة التصحيح في السوق المالي، فمن الظاهر أنه كان محدوداً، وخاصة عند الأخذ بعين الاعتبار زخم النمو الاقتصادي الملحوظ.

الأكثر قراءة