"داو جونز" يُسجل أسوأ هبوط له منذ مارس 2003.. ومُشكلة قطاع المساكن والقروض تُقلق المُستثمرين
هكذا دفعت أسواق الأسهم الأمريكية ضريبة ارتفاعها وهبطت خلال الأسبوع الماضي هذا الارتفاع الذي بدأ منتصف آذار (مارس) الماضي وكسب فيه مؤشر ناسداك على سبيل المثال قرابة 400 نقطة مُحققاً ارتفاع بنسبة 17 في المائة ولكن للأسف خسر ناسداك نصف هذا الارتفاع خلال الأسبوع الماضي بشكل سريع، هذه سُنة وطباع أسواق الأسهم في كل أنحاء العالم ما إن ترتفع بقوة إلا ويعقبها هبوط أقوى على شكل جنيّ للأرباح ومع كل هبوط يبحث المُستثمرون عن سبب يزيد من خوفهم ليلجأوا لعمليات البيع، ولله الحمد إننا في تقرير الأسبوع الماضي أشرنا بشكل واضح إلى أن المؤشرات الفنية تُنبئ بهذا الهبوط وحذرنا.
أغلق مؤشر "داو جونز" عند مستوى 13265.47 نقطة خاسراً 600 نقطة أي ما نسبته 4.2 في المائة يليه انخفاض مؤشر "ناسداك" 4.7 في المائة وأكثرهما هبوطا هو مؤشر S&P 500 الذي أغلق عند 1458.95 نقطة منخفضاً بنسبة 4.9 في المائة لكن يزيد عنه في الهبوط مؤشر Russell 2000 الخاص بأسهم الشركات الصغيرة الواعدة ولا تُسمى أسهم "خشاش" لأنها صغيرة كما هو دارج عندنا في سوق الأسهم السعودية حيث هبطت هذه الأسهم بنسبة 7 في المائة جدير بالذكر أنه هذا المؤشر خسر منذ بداية العام قرابة 1.2 في المائة.
المُستثمرون وتحديداً المُضاربون كانوا حساسين جداً لأي خبر سلبي يدفعهم نحو القيام بجنيّ الأرباح وقد وجدوا في بعض أخبار الأسبوع الماضي أسباباً وجيهة ليقوموا بحماية محافظهم ويجنون أرباحهم، وعلى رأس هذه الأسباب صدور مؤشرات اقتصادية تتحدث عن ضعف في سوق المساكن أعلنته الهيئة الأمريكية وهو انخفاض مؤشر المساكن المُستخدمة بنسبة 3.8 في المائة في حزيران (يونيو) ليصل عدد المساكن المُستخدمة المُباعة إلى 5.75 مليون وحدة سكنية، أما مبيعات المساكن الجديدة فهبط بنسبة 6.6 في المائة في يونيو إضافة إلى الخوف المتكرر من مشكلة القروض ذات المخاطر العالية التي قد يمتد أثرها السلبي إلى سوق الرهن العقاري وتتأثر أرباح شركات القطاع المصرفي والشركات المعتمدة في أرباحها على الإقراض.
وأسهم إعلان بعض كبرى الشركات عن نتائج مخيبة في تعميق الخوف في السوق ومن هذه الشركات التي أعلنت نتائجها شركة "إكسون موبيل" وDuPont التي أثرت في شركات أخرى تعمل في قطاع تصنيع وبيع المواد الخام التي كان أدائها ضعيفا وتبعتها شركات قطاع الخدمات والقطاع المصرفي، وعلى العكس جاء أداء شركات التكنولوجيا جيداً وقطاع الاتصالات كما سجلت شركات مثل "أمازون" وAT & T و"ميرك" نتائج جيدة.
من المؤشرات الاقتصادية الإيجابية التي صدرت معدل الناتج المحلي GDP للربع الثاني والذي صدر يوم الجمعة الماضي بأفضل من التوقعات ولكن أثرها على سوق الأسهم كان بسيطاً أو لنقل لحظياً كون المُستثمرين مُنشغلين أكثر بالقلاقل التي أصابت قطاع المساكن ولا ننسى تحذير محافظ البنك المركزي الفيدرالي الذي حذر قبل أسبوعين في شهادته النصف سنوية أمام مجلس الشيوخ الأمريكي من الأثر السلبي لنشاط قطاع المساكن على بقية القطاعات الاقتصادية.
الأسبوع الحالي
سيمتد خوف وقلق المُستثمرين من مشكلة القروض إلى هذا الأسبوع وسيضطر بعضهم إلى البيع تخوفاً من خسائر أكبر والبعض الآخر لن يقوم بالشراء منتظرا هبوط أسعار الأسهم أكثر حتى يجد الفرصة المناسبة ولكن على الجانب الآخر ينتظر المُستثمرون الإعلان عن صفقات اندماج واستحواذ بين الشركات مما يساعد على رفع همة السوق لو جزئياً.
الشركات الصغيرة والتي يُمثلها مؤشر Russell 2000 هبطت بقوة ولن يكون مُستغربا أن تشهد هي أولى جولات المضاربة هذا الأسبوع ومعها أسهم شركات قطاع بناء المساكن والقطاع المصرفي وستضغط أسهم هذه الشركات على السوق أكثر وسنرى المضاربين يقومون بعمليات بيع وشراء سريعة ومعها عمليات بيع بالآجل.
من البيانات الاقتصادية التي ستصدر مؤشر دخل الفرد وإنفاقه لشهر حزيران (يونيو) حيث يتوقع ارتفاع دخل الفرد بنسبة 0.5 في المائة وارتفاع إنفاقه بنسبة 0.1 في المائة أي أقل مما أنفقه في أيار (مايو) وكان مرتفعاً 0.5 في المائة، أما مؤشر الإنفاق على أعمال البناء فيُتوقع ارتفاعه 0.3 في المائة في حزيران (يونيو) وهو أقل مما أنفقه في أيار (مايو) وكان مرتفعاً بنسبة 0.9 في المائة وثقة المُستهلك أحد المؤشرات المهمة في هذه الأيام تحديداً حيث يُتوقع ارتفاع مؤشرها ليصل إلى 105 في تموز (يوليو) أي أكثر بقليل مما حققه في حزيران (يونيو) الماضي وهو 103.9 نقطة.
أما على صعيد المؤشرات الاقتصادية ذات العلاقة بالقطاع الصناعي فإن مبيعات السيارات يتوقع أن ترتفع لتُحقق بيع 5.5 مليون سيارة في تموز (يوليو) ومبيعات الشاحنات سترتفع إلى سبعة ملايين شاحنة في تموز (يوليو) بعد أن وصلت إلى 6.5 مليون شاحنة في حزيران (يونيو) الماضي، ويُتوقع أن يُُسجل حجم الطلبيات الواصلة إلى المصانع 1.3 في المائة في حزيران (يونيو) بعد أن كانت منخفضة في أيار (مايو) بنسبة 0.5 في المائة.
أهم تقرير اقتصادي سيصدر هذا الأسبوع هو تقرير عدد الوظائف الجديدة لشهر تموز (يوليو) الذي سيصدر يوم الجمعة ويُتوقع وصول عدد الوظائف 135 ألف وظيفة جديدة في تموز (يوليو) وهي أكثر بقليل مما أضافه الاقتصاد من وظائف في حزيران (يونيو) حيث بلغت آنذاك 132 ألف وظيفة جديدة ونسبة البطالة يُتوقع ثباتها عند معدلها السابق وهو 4.5 في المائة، وسيستمر إعلان نتائج الشركات ومن ضمنها شركة "ماستر كارد" وشركة "تايم وارنر" و"ستار بكس" و"إكسبيديا".
التحليل الفني
في تحليل الأسبوع الماضي أكدت على أن مؤشر الماكد MACD السريع كان يومئ برأسه نحو الأسفل ليُقطع مؤشر الماكد البطيء كإشارة واضحة إلى قرب هبوط السوق وهذا ما حدث بالفعل ومن أقبل على الشراء في الأسبوع الماضي دخل مغامرة واضحة حيث المُستثمرون الفطنون يلتزمون البقاء خارج السوق حتى تهدأ هذه الزوبعة وأما المُضارب فله حق المغامرة ولا غبار عليه إن ركب الصعاب لكن بجزء من السيولة.
في مثل هذه الأوقات العصيبة من الأولى أن نتحدث عن مستويات الدعم وأقربها المنطقة المُتواجدة بين 2560 و2530 نقطة وجدير بالذكر أن ناسداك هبط تحت متوسط 50 يوم الخميس الماضي وما زال لدينا المزيد والمزيد من الهبوط حتى مستوى متوسط حركة 200 يوم عند 2486 نقطة والذي أثبت في منتصف آذار (مارس) أنه مستوى دعم قوي وقد يُكررها ويدعم ناسداك ويمنعه من الاستمرار في الهبوط ومن هنا يتبين أن المنطقة بين 2500 و2480 نقطة هي منطقة دعم.
إن مؤشر "البولينجر باند" فتح ذراعية لهبوط قوي كما فعل وفتح ذراعية في السابق لارتفاع قوي أواخر حزيران (يونيو) الماضي وهذا الهبوط القوي سيعقبه ارتفاع قوي مماثل يُعوض الخسائر وكما كنا نقول من قبل إن الارتفاع القوي الذي يُصاحبه انفراج قوي في مؤشر "البولينجر باند" سيعقبه هبوط قوي وهذا ما حدث وقد يتكرر السيناريو نفسه ولكنه في الاتجاه المُعاكس.